ولدت الشاعرة البولونية،فيسوافا شيمبوريسكا، الحائزة على جائزة نوبل للآداب ، في بلدة بنين، شرق بولونيا، في عام 1923 . درست في كلية الآداب والفلسفة جاغييون في كراصوفيا، ثم عاشت في هذه المدينة التاريخية حتى آخر يوم في حياتها . دخلت عالم الشعر في عام ،1945 من خلال نصها أبحث عن كلمة في الملحق الأسبوعي لصحيفة دتسينيك بولسكاي .
عملت لبعض الوقت في الصحافة وأخذت تكتب تحت باب قراءة غير إجبارية في مجلة الحياة الأدبية . وتتناول موضوعات في السياحة، المطبخ، البستنة أو الشعوذة . ترجمت إلى البولونية عدداً لا بأس به من قصائد الشعر الباروكي الفرنسي، بادئة بآغريبا دوبينييه وتيوفيل دو فيو .
فيسوافا شيمبوريسكا غير ملتزمة سياسيا، عاصرت الحرب العالمية الثانية، وبولونيا الشيوعية والعبور إلى الليبرالية . . . غير أنها اهتمت بالجانب الروحي في الحياة، قبل أي شيء آخر .
في تقديمها لجائزة نوبل، قالت بريغيتا تروتسيغ، عضوة الأكاديمية السويدية عن فيسوافيا: بالنسبة إلى شيمبوريسكا، كما بالنسبة إلى كثير من الشعراء البولونيين، نقطة الانطلاق هي الكارثة، الأرض التي تنهار أسفلها، الانهيار الكامل للعقيدة، كتبت ذات يوم .
أؤمن باليد المعلقة،
أؤمن بالإنجاز المحطم
خلال سنوات من العمل لأجل لا شيء .
أؤمن بالسر المحمول في قبر .
هذه الكلمات تحوم أعلى الصيغ .
لا تبحث عن سند من أي مثال كان .
إيماني عميق، أعمى، وبلا أي أساس .
محطة القطار
لا قدومي إلى المدينة (ن)
جرى في الوقت الدقيق
*
أعلنت عنه
في رسالة غير مرسلة
*
لديك كل الوقت
لئلا تصل في الموعد
*
بلغ القطار الرصيف الثالث
هبطت موجة من الركاب
*
حمل الحشد في خروجه
غيابي
*
تهرول نسوة
كي تحتل مكاني وسط الحشد
*
أحد ما لا أعرفه
ركض نحو إحداهن
عرفته على الفور
*
تبادلا القبلات
لم تكن على الشفاه
*
وقتذاك اختفت حقيبة
ليست حقيبتي
*
محطة قطار المدينة (ن) عاشت
تجربة وجودها الموضوعي
*
كل شيء في مكانه بالضبط
وكل تفصيلة تتقدم
على قضبان موضوعة بدقة .
*
حتى اللقاء كان له مكان .
*
ولكن من دون وجودنا .
في جنة الاحتمال
المفقودة
*
في مكان آخر
في مكان آخر .
كثيرة الكلمات التي ترن
فيتنام
امرأة، ما اسمك؟ - لا أعرف .
أين ومتى ولدت؟ - لا أعرف .
لماذا حفرت هذه الحفرة؟ - لا أعرف .
كم من الوقت اختبأت؟ - لا أعرف .
لماذا عضضت اليد التي مددتها لك؟ - لا أعرف .
هل تعرفين أننا هنا لمساعدتك؟ - لا أعرف .
في أي جانب أنت؟ - لا أعرف .
في الحرب، من اللازم أن تكوني إلى هذا الجانب أو ذاك . لا أعرف .
هل ما زالت قريتك موجودة؟ - لا أعرف .
هل لديك أطفال؟ - نعم .
العميان
شاعر يقرأ قصائد لعميان .
لم يفكر في أن الأمر صعب للغاية .
صوته يضطرب .
يداه ترتجفان .
*
يشعر بأن كل بيت
خاضع لاختبار الظلمات .
يجب أن تتبدى القصيدة بمفردها،
بلا أنوار ولا ألوان .
*
تجربة خطرة لنجوم القصيدة،
الفجر، قوس قزح، رخاوة السحب،
أضواء النيون، وضوح القمر
لمعان الأسماك الفضي في المياه .
الطيران الصامت لنسر في الأعالي .
*
الشاعر يقرأ . . الوقت متأخر لئلا يقرأ
طفل ذو كنزة صفراء في البراري الخضراء،
الأسقف الحمراء الكثيرة أسفل الوادي
إعصار الأرقام على رداء اللاعبين
امرأة عارية من خلال ثقب الباب .
*
حقا كان يريد أن يصمت، ولكن كان هذا مستحيلاً
القديسون المصطفون على رواق الكاتدرائية،
إشارات الوداع المتبادلة عبر نافذة القطار،
عدسة المجهر، لمعان خاتم
السينما، المرايا، البورتريهات في الألبوم .
*
لكن كان للعميان الكثير من الطيبة،
من الذوق والحلم .
يسمعون مبتسمين ومصفقين .
*
حتى إن أحدهم اقترب من الشاعر
وكتاب مفتوح بالعكس في يده
طالباً منه توقيعاً غير منظور .
محادثة مع الحجر
أدق على الباب الحجري
أنا ذا، اتركني أدخل .
قدمت لأراك، لزيارتك .
أشعر بأنفاسك .
*
اذهبي، قال الحجر،
أنا مغلق بالمفتاح .
حتى وان كنت مهشماً إلى قطع
سوف أبقى مغلقاً،
حتى وان تحولت إلى رمال
لن أترك أحداً يدخل .
*
أدق على الباب الحجري .
أنا ذا، دعني أدخل .
قدمت بشيء من الفضول
والحياة فرصة فريدة .
أود التنزه في قصرك
قبل أن أزور ورقة الشجرة وقطرة المياه .
ليس لدي الكثير من الوقت
لأن ليس إلا حياة واحدة .
*
أنا مصنوع من الحجر، قال الحجر .
يجب أن أظل جاداً، هيا اذهبي،
هكذا ترين أنني لا أملك عضلات الضحك .
*
أدق على الباب الحجري .
أنا ذا، دعني أدخل .
يقال إن لديك قاعات كبيرة خاوية
كبيرة ومن دون ضجة
لم يرها أحد أبدا .
اعترف أنك أيضاً لم تعرفها .
*
قاعات كبيرة خاوية، صحيح،
ولكن ليس هناك مكان، قال الحجر .
جميلة، ربما،
ولكن ليس بالجمال الذي تدركه حواسك .
تستطيعين أن تريني، ولكن ليس أن تعرفيني .
تريني ظاهريا، ولكن ليس من جوهري .
*
أدق على الباب الحجري
أنا ذا، دعني أدخل .
أعدك ألا أبقى طويلا لديك
ولا أعتصم في داخلك
لست تعسة ولدي مسكن .
ولكن العالم يستحق أن نرجع إليه .
سوف أدخل لديك وأخرج بيدين خاليتين
من دون أن ألمس شيئا .
كدليل على زيارتي
سوف أكتب القليل من الكلمات
ومن جهة أخرى لن يصدقني أحد .
*
لن تدخلي، قال الحجر .
ليس لديك روح التوزيع
ولا شيء يستطيع أن يحل محلك
حتى بصيرة الما وراء .
لن تدخلي،
لا تعرفين التوزيع،
ليس لديك إلا صورة بعيدة .
*
أدق على الباب الحجري
أنا ذا، دعني أدخل .
لا أستطيع أن أنتظر قرنين من الزمان
حتى آتي اليك .
*
إذا لم تصدقيني، قال الحجر
قولي لورقة الشجر، ستقول لك الشيء نفسه
وقطرة المياه ستقول ما قالته ورقة الشجر .
تستطيعين أن تسألي شعرة من رأسك، إذا وددت،
تضحكيني . بضحكة كبيرة
كأنني تعلمت الضحك .
*
أدق على الباب الحجري
أنا ذا، دعني أدخل .
*
ليس لدي باب، قال الحجر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق