الجمعة، 5 يناير 2024

قصائد من الشاعرة البولونية فيسوافا شيمبورسكا

 


ولدت الشاعرة البولونية،فيسوافا شيمبوريسكا، الحائزة على جائزة نوبل للآداب ،  في بلدة بنين، شرق بولونيا، في عام 1923 . درست في كلية الآداب والفلسفة جاغييون في كراصوفيا، ثم عاشت في هذه المدينة التاريخية حتى آخر يوم في حياتها . دخلت عالم الشعر في عام ،1945 من خلال نصها أبحث عن كلمة في الملحق الأسبوعي لصحيفة دتسينيك بولسكاي .


عملت لبعض الوقت في الصحافة وأخذت تكتب تحت باب قراءة غير إجبارية في مجلة الحياة الأدبية . وتتناول موضوعات في السياحة، المطبخ، البستنة أو الشعوذة . ترجمت إلى البولونية عدداً لا بأس به من قصائد الشعر الباروكي الفرنسي، بادئة بآغريبا دوبينييه وتيوفيل دو فيو .


فيسوافا شيمبوريسكا غير ملتزمة سياسيا، عاصرت الحرب العالمية الثانية، وبولونيا الشيوعية والعبور إلى الليبرالية . . . غير أنها اهتمت بالجانب الروحي في الحياة، قبل أي شيء آخر .


في تقديمها لجائزة نوبل، قالت بريغيتا تروتسيغ، عضوة الأكاديمية السويدية عن فيسوافيا: بالنسبة إلى شيمبوريسكا، كما بالنسبة إلى كثير من الشعراء البولونيين، نقطة الانطلاق هي الكارثة، الأرض التي تنهار أسفلها، الانهيار الكامل للعقيدة، كتبت ذات يوم .


أؤمن باليد المعلقة،


أؤمن بالإنجاز المحطم


خلال سنوات من العمل لأجل لا شيء .


أؤمن بالسر المحمول في قبر .


هذه الكلمات تحوم أعلى الصيغ .


لا تبحث عن سند من أي مثال كان .


إيماني عميق، أعمى، وبلا أي أساس .


محطة القطار


لا قدومي إلى المدينة (ن)


جرى في الوقت الدقيق


*


أعلنت عنه


في رسالة غير مرسلة


*


لديك كل الوقت


لئلا تصل في الموعد


*


بلغ القطار الرصيف الثالث


هبطت موجة من الركاب


*


حمل الحشد في خروجه


غيابي


*


تهرول نسوة


كي تحتل مكاني وسط الحشد


*


أحد ما لا أعرفه


ركض نحو إحداهن


عرفته على الفور


*


تبادلا القبلات


لم تكن على الشفاه


*


وقتذاك اختفت حقيبة


ليست حقيبتي


*


محطة قطار المدينة (ن) عاشت


تجربة وجودها الموضوعي


*


كل شيء في مكانه بالضبط


وكل تفصيلة تتقدم


على قضبان موضوعة بدقة .


*


حتى اللقاء كان له مكان .


*


ولكن من دون وجودنا .


في جنة الاحتمال


المفقودة


*


في مكان آخر


في مكان آخر .


كثيرة الكلمات التي ترن


فيتنام


امرأة، ما اسمك؟ - لا أعرف .


أين ومتى ولدت؟ - لا أعرف .


لماذا حفرت هذه الحفرة؟ - لا أعرف .


كم من الوقت اختبأت؟ - لا أعرف .


لماذا عضضت اليد التي مددتها لك؟ - لا أعرف .


هل تعرفين أننا هنا لمساعدتك؟ - لا أعرف .


في أي جانب أنت؟ - لا أعرف .


في الحرب، من اللازم أن تكوني إلى هذا الجانب أو ذاك . لا أعرف .


هل ما زالت قريتك موجودة؟ - لا أعرف .


هل لديك أطفال؟ - نعم .


العميان


شاعر يقرأ قصائد لعميان .


لم يفكر في أن الأمر صعب للغاية .


صوته يضطرب .


يداه ترتجفان .


*


يشعر بأن كل بيت


خاضع لاختبار الظلمات .


يجب أن تتبدى القصيدة بمفردها،


بلا أنوار ولا ألوان .


*


تجربة خطرة لنجوم القصيدة،


الفجر، قوس قزح، رخاوة السحب،


أضواء النيون، وضوح القمر


لمعان الأسماك الفضي في المياه .


الطيران الصامت لنسر في الأعالي .


*


الشاعر يقرأ . . الوقت متأخر لئلا يقرأ


طفل ذو كنزة صفراء في البراري الخضراء،


الأسقف الحمراء الكثيرة أسفل الوادي


إعصار الأرقام على رداء اللاعبين


امرأة عارية من خلال ثقب الباب .


*


حقا كان يريد أن يصمت، ولكن كان هذا مستحيلاً


القديسون المصطفون على رواق الكاتدرائية،


إشارات الوداع المتبادلة عبر نافذة القطار،


عدسة المجهر، لمعان خاتم


السينما، المرايا، البورتريهات في الألبوم .


*


لكن كان للعميان الكثير من الطيبة،


من الذوق والحلم .


يسمعون مبتسمين ومصفقين .


*


حتى إن أحدهم اقترب من الشاعر


وكتاب مفتوح بالعكس في يده


طالباً منه توقيعاً غير منظور .


محادثة مع الحجر


أدق على الباب الحجري


أنا ذا، اتركني أدخل .


قدمت لأراك، لزيارتك .


أشعر بأنفاسك .


*


اذهبي، قال الحجر،


أنا مغلق بالمفتاح .


حتى وان كنت مهشماً إلى قطع


سوف أبقى مغلقاً،


حتى وان تحولت إلى رمال


لن أترك أحداً يدخل .


*


أدق على الباب الحجري .


أنا ذا، دعني أدخل .


قدمت بشيء من الفضول


والحياة فرصة فريدة .


أود التنزه في قصرك


قبل أن أزور ورقة الشجرة وقطرة المياه .


ليس لدي الكثير من الوقت


لأن ليس إلا حياة واحدة .


*


أنا مصنوع من الحجر، قال الحجر .


يجب أن أظل جاداً، هيا اذهبي،


هكذا ترين أنني لا أملك عضلات الضحك .


*


أدق على الباب الحجري .


أنا ذا، دعني أدخل .


يقال إن لديك قاعات كبيرة خاوية


كبيرة ومن دون ضجة


لم يرها أحد أبدا .


اعترف أنك أيضاً لم تعرفها .


*


قاعات كبيرة خاوية، صحيح،


ولكن ليس هناك مكان، قال الحجر .


جميلة، ربما،


ولكن ليس بالجمال الذي تدركه حواسك .


تستطيعين أن تريني، ولكن ليس أن تعرفيني .


تريني ظاهريا، ولكن ليس من جوهري .


*


أدق على الباب الحجري


أنا ذا، دعني أدخل .


أعدك ألا أبقى طويلا لديك


ولا أعتصم في داخلك


لست تعسة ولدي مسكن .


ولكن العالم يستحق أن نرجع إليه .


سوف أدخل لديك وأخرج بيدين خاليتين


من دون أن ألمس شيئا .


كدليل على زيارتي


سوف أكتب القليل من الكلمات


ومن جهة أخرى لن يصدقني أحد .


*


لن تدخلي، قال الحجر .


ليس لديك روح التوزيع


ولا شيء يستطيع أن يحل محلك


حتى بصيرة الما وراء .


لن تدخلي،


لا تعرفين التوزيع،


ليس لديك إلا صورة بعيدة .


*


أدق على الباب الحجري


أنا ذا، دعني أدخل .


لا أستطيع أن أنتظر قرنين من الزمان


حتى آتي اليك .


*


إذا لم تصدقيني، قال الحجر


قولي لورقة الشجر، ستقول لك الشيء نفسه


وقطرة المياه ستقول ما قالته ورقة الشجر .


تستطيعين أن تسألي شعرة من رأسك، إذا وددت،


تضحكيني . بضحكة كبيرة


كأنني تعلمت الضحك .


*


أدق على الباب الحجري


أنا ذا، دعني أدخل .


*


ليس لدي باب، قال الحجر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق