الأحد، 30 أبريل 2023

مناقشة وإثراء قانون الصّناعة السّينماتوغرافية..مولوجي: الدّولة مُلتزمــة بحمايـة السيـنما الجزائـريــة

 


افتتحت أمس بمركز المؤتمرات عبد اللطيف رحال بالجزائر العاصمة، أشغال الجلسات الوطنية حول سياسة الصناعة السينماتوغرافية في الجزائر، الهادفة إلى مناقشة وإثراء قانون الصناعة السينماتوغرافية.

حضر افتتاح الجلسات، التي تنظّمها وزارة الثقافة والفنون على مدار يومين، العديد من أعضاء الحكومة ومستشارا رئيس الجمهورية، المكلف بالسينما والسمعي البصري أحمد راشدي، والمكلف بشؤون التربية الوطنية والتعليم العالي نور الدين غوالي، وممثل للوزير الأول بالإضافة إلى منتجين ومخرجين ومهنيّين، وخبراء وباحثين وحاملي مشاريع وممثلي هيئات ومؤسسات رسمية.

وقالت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، إنّ هذه الجلسات الوطنية تأتي «تبعا لتوجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بمجلس الوزراء» المنعقد شهر فبراير الماضي، حيث الهدف منها «مناقشة وإثراء قانون الصناعة السينماتوغرافية من جهة، ومن جهة أخرى وضع المعالم الرئيسية للإستراتيجية الاستشرافية لقطاع السينما في الجزائر».

وأضافت مولوجي أنّ هذه الجلسات سبقتها «لقاءات باشرتها وزارة الثقافة والفنون منذ شهور من خلال ورشات العمل التحضيرية التي كانت استشارية بامتياز، وذلك من أجل الإصغاء إلى أكبر قدر ممكن من الانشغالات والاقتراحات..».

وأكّدت الوزيرة أنّ من مهام قطاعها «مرافقة وتعزيز الثقافة والفن والفنانين، وهي تلتزم أيضا بدعم صانعي الأفلام في سعيهم لتحقيق النجاح، وكذا ضمان حرية الإبداع في إطار قوانين الجمهورية، كما أنّ الدولة الجزائرية ملتزمة بحماية السينما الجزائرية ودعمها وفق توجيهات رئيس الجمهورية».

ولفتت إلى أنّ «هناك تنسيق دؤوب مع مختلف القطاعات الوزارية المعنية بمسألة الاستثمار في المجال السينمائي كوزارة المالية من خلال مراجعة الإجراءات الجبائية وخلق آليات جديدة للدعم والتمويل، وكذلك وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية التي أبانت عن تعاون غير مشروط في تخصيص أراضي وعقارات ثقافية على المستوى الوطني، وهي العملية التي ستسمح لنا برسم كارتوغرافيا وطنية للاستثمار السينماتوغرافي في الجزائر، خاصة بعدما تعزّزت الترسانة القانونية للجزائر بقانون الاستثمار».

وأوضحت الوزيرة أنّه سيتم «تعديل وإثراء قانون الصناعة السينماتوغرافية في ظل الاقتراحات النهائية ومخرجات هذه الجلسات الوطنية»، مشيرة إلى أنّ «انشغالات المهنيين ستتم معالجتها وفق الرؤى المقترحة».    

وختمت مولوجي بالقول إنّه «ومن خلال الورشات الخمس المبرمجة في هذه الجلسات سيتاح لنا الخروج بأجندة زمنية واقتراحات عملية وفعلية لوضع ميكانيزمات حقيقية، لصناعة سينماتوغرافية عصرية ومحترفة».

وستعرف هذه الجلسات إقامة العديد من الورشات بمشاركة منتجين وفنيين ومخرجين، وكتاب سيناريو وممثلين لمدارس التكوين وحاملي مشاريع ومستثمرين وصناعيين وموزعين ومسوقين، وبحضور أيضا ممثلين لعدة قطاعات وزارية، وكذا وكالات وهيئات وطنية.

وتبرز في هذا الإطار الورشة حول آليات دعم وتمويل السينما والورشة حول التكوين والمهن السينمائية، وكذا الورشة حول الاستثمار وصناعة السينما والورشة حول الإبداع السينمائي والجمهور، بالإضافة إلى الورشة حول الاستغلال والتوزيع السينمائي.

وكان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قد أمر شهر فيفري الماضي لدى ترؤّسه اجتماعا لمجلس الوزراء، بعقد جلسات خاصة بقطاع السينما بإشراك الفاعلين ومهنيي القطاع، وضبط آليات واضحة لتمويل المشاريع السينمائية، بهدف إثراء مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية.

وأوضح بيان لرئاسة الجمهورية آنذاك عقب اجتماع مجلس الوزراء، أنّه تقرّر تأجيل مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية لإثرائه، مع الأخذ بعين الاعتبار خمسة توجيهات، أولها عقد جلسات خاصة بقطاع السينما بإشراك الفاعلين ومهنيي القطاع الجزائريين داخل الوطن وخارجه. وأسدى رئيس الجمهورية في هذا الإطار توجيهات بأن يكون القانون محفّزا ومشجعا حقيقيا للرغبة، ويعطي القدرة على الإنتاج السينمائي وفق نظرة إبداعية تعيد للجزائر بريقها بهذا النشاط الحيوي داخل المجتمع.

كما وجّه السيد الرئيس بأن يراعي القانون مختلف التحولات والتطورات في مجال العمل السينمائي، بما يتجاوب مع تطلعات الشباب الراغبين في التخصص بهذا المجال، وقد أسدى أيضا توجيهات بضبط آليات واضحة لتمويل المشاريع السينمائية بما يتوافق وقوانين الجمهورية.



بروفايل: “الغوتي بن ددوش” ابداع رائد بين أفلام ثورية وكوميدية



المخرج السينمائي الغوتي بن ددوش من رواد السينما الجزائرية . ولد عام 1939 بتلمسان، كانت بداياته الفنية سنة 1949 إلى غاية 1954 كممثل بالإذاعة الجزائرية  وهو في الثانوي، عام 1936 درس فن السينماتوغرافيا وتخرّج من المعهد العالي للفنون السينمائية في باريس، وبعد الاستقلال أعتبر من مؤسسي المركز الوطني للسينما الجزائرية، عمل كمساعد مخرج مع الراحل مصطفى بديع في فيلم “الحريق” وكان أول فيلم له عام  1965″الليل يخاف من الشمس”، في حين كانت سنة 1973 السنة الشاهدة على أعماله الوثائقية مع مؤسسة “أوانسيك” وكانت له عدة أفلام قصيرة على غرار “ألوان الجزائر”، “الجزائر”، “مناضل الأوراس”، و”أرض الشجاعة” إلى جانب الأفلام الروائية “البحر”، “جهنم في عشر سنوات”، ”العرق الأسود” 1970 و “الشبكة رايحة وين” عام 1976 بطولة حسن الحسني وسيد علي كويرات وفاطمة بلحاج  وتدور احداثه حول شخص اسمه معمر وزوجته الشابة يعمل ضمن عشرات العمال من أهل القرية لدى رجل مستغل يملك أسطولًا للصيد ومصنعًا لحفظ الأسماك، ينقذ معمر فتاة من حادث تكاد أن تموت فيه، وتتولد بينهما علاقة، ويقارن بينهما وبين زوجته المتخلفة، يتعلق بها، ويهجر زوجته من أجل البحث عنها.

الغوتي بن ددوش مع يوسف شاهين ومحمد عبيدو

 

 ثم فيلمه ”الحصاد المر” 1982 ، و” الهدية الأخيرة ” 1982. و فيلمه المميز ” حسان النية “. من بطولة رويشد و كلثوم وسيد علي كويرات و عبد القادر علولة و مصطفى كاتب و محمد فلاق ورشيد فارس و صيراط بومدين و مدير التصوير علال يحياوي والموسيقى التصويرية لأحمد مالك، وتم تصوير الفيلم عام 1989 في كل من الجزائر العاصمة وغليزان وتلمسان . وعام 2002 قدم فيلمه الروائي الكوميدي الطويل” الجارة ” من بطولة بيونة وبهية راشدي، وعن تجربة عمله في” الجارة ” يقول بن ددوش: لقد عايشت لأكثر من 65 عاماً كفاح ونهضة السينما الجزائرية، ولن أرضي بأن يموت هذا الكائن الذي غذيناه بأرواحنا -وأقصد هنا السينما- وأنا وزملائي لن نركع ولن نخضع للواقع القهري؛ بل سنستمر في مواصلة العطاء تحت كل الظروف ولقد تحديت بتجربة جديدة هذا الواقع المرير عبر إخراجي لفيلم (الجارة) الذي أخذ مني جهد ثلاث سنوات متواصلة، وفي هذا الفيلم الذي يواجه مشكلة التوزيع بعد أن ذاق مرارة ظروف الإنتاج الصعبة؛ أحاول مخاطبة الشعب الجزائري وإعادته لنفسه وأننا نعيش حياة واحدة وما يصيب أحدنا من سوء فإنه يصيب المجتمع كله، وعن قصة فيلمه يقول بن ددوش: إنها تعالج قصة شابة تنتقل للسكن مع والدتها في أحد الأحياء الشعبية، حيث تلفت الأنظار إليها في ذلك الحي وينبهر بجمالها الشباب ويحاولون التقرب منها، وفي بيت مجاور لبيت هذه الشابة تتفاعل قصة أخري لزوجة تحب زوجها إلى حد الجنون بينما تجذب الشابة الجارة انتباهه ويحاول أن يقيم معها علاقة عاطفية وتستمر الشابة في إبعاده عنها دون جدوي؛ فلقد وقع في حبها وأهمل زوجته المخلصة وهنا يخلق صراع اجتماعي وإنساني يولد فيما بعد فكرة لهذه الجارة لجمع الزوج بزوجته بدافع منها للحفاظ على رباطهما المقدس وعدم تدمير حياتهما الزوجية وأرادت من خلال فكرتها أن تعطي درساً لهذا الزوج في الوفاء ونبذ الخيانة، وكان لها ما أرادت حين هيأت لهذا الزوج موعداً عاطفياً كان من المفترض أن يجمعهما معاً؛ ويفاجأ الزوج بأن زوجته هي التي تكون في انتظاره بدل الجارة الشابة التي أنقذت الاثنين بذلك من الضياع، وأردت أن أقول للجميع من خلال الفيلم بإننا نفرح ونحب ونعشق رغم دوامة العنف التي لن تمنع الحياة مهما طالت؛ وإنه قد ظلَ لدي الشعب الجزائري قطعة من السماء الزرقاء وكمية من الأحلام و”أرخبيل الصحراء”، الذي عاد فيه السيناريو لمراد بريون الذي يروي صفحة من صفحات الاستعمار على مدى ساعة ونصف من الزمن وتحديدا بأولاد ناصر ببسكرة، يتناول قصة الرسّام الفرنسي جون بيرتيي الذي يفضّل الحياة المدنية على الأكاديمية العسكرية لسان سير، فبعد أن يملّ حياة حيث الفراغ الروحي وفقدانه لابنه الوحيد وهجر زوجته له يقرّر الهروب نحو الشرق، ولأنّ الشرق في نظره هو الجنوب الجزائري، يحطّ الرحال في بسكرة حاملا معه توصية من عمه السياسي الباريسي صاحب النفوذ.

وهو ينزل بأولاد ناصر عند تلاقي التل بالعرق الغربي الكبير، يتعرّض للسرقة ليلتقي في هذه الأحداث مع ”قاسم” -شيخ إحدى الطرق الصوفية- الذي أدى دوره الممثل الراحل حميد رماس، الذي ينقذ حياته، كما يلتقي الضابط الفرنسي العنيف والفاسد ”العقيد لاسال” الذي يشرف على واحة أولاد ناصر وهو ما جعله يرفض البقاء في الحامية ويتّجه إلى قرية الأهالي، وهناك يتعلّم تقاليد أهل الجنوب والقواعد الروحية للتصوّف.


محمد عبيدو

السبت، 29 أبريل 2023

فيلم «الصيد».. تحفة دنماركية تستحق المشاهدة



فيصل علوش

في مجتمع الصيادين إما أن تكون صيادا أو طريدة. وقد تكون أنت نفسك صياداً في لحظة، وفريسة في أخرى. فيلم «The Hunt»، وعنوانه بالإنجليزية يعني الصيد والمطاردة معاً، يترك المشاهد فريسة لسؤال مؤرق لا ينفك يلاحقه؛ إلى أيّ مدى علينا أن نصدّق الأطفال؟ وكيف بوسعنا حمايتهم من دون إجحاف بحق من هم حولهم، أو يقومون برعايتهم؟ 

لوكاس مدرس أربعيني يعيش في بلدة صغيرة، وهو عضو فاعل يحظى بمحبة واحترام مجتمعه القروي المترابط. نراه منذ اللحظات الأولى للفيلم يتصرف بنبل وشهامة مع الآخرين؛ ينزل في جو بارد جداً إلى البحيرة لإنقاذ صديقه، يتعامل برضا ومرح مع الأطفال في دار الحضانة التي يعمل بها، وبعد طلاقه، يودّ ابنه أن يعيش معه، بدلاً من أمه التي نستنتج بأنها «عدوانية»، بالنظر إلى هياج الكلبة كلما ذكر اسمها أمامها. 

لكن، وعلى رغم الصفات النبيلة التي يتمتع بها، يحدث له ما ينزع عنه كل احترام أو تقدير، وذلك إثر اتهامه زوراً بالتحرش من قبل ابنة صديقه المُقرب ثيو، الطفلة كلارا التي يعاملها لوكاس بطيبة ولطف أبوي، ويمشي معها حتى يوصلها إلى منزل أسرتها حين يتأخر والداها عن الحضور لاصطحابها، ولم يخطر بباله يوماً أنّ كذبة منها ستؤدي إلى تدمير حياته وسمعته!.

أسرة كلارا تتنازعها المشاكل وتعيش وسط حالة من الفوضى، (والدها مدمن على الكحول، وأخوها الأكبر تورستن المراهق يعرض عليها، باستهتار، مشهد قضيب منتصب على هاتفه المحمول)، وتبدو الطفلة محبطة جرّاء هذه الحال. ولكنها علاوة على ذلك، تعاني مما يسمّى «اضطراب الوسواس القهري»، (لا يمكنها أن تطأ الخطوط الفاصلة على الأرض، وعندما تخرج من المنزل فإنها لا تستطيع العودة إليه مجددا). 

وقد تمكّن المخرج توماس فينتربيرغ، بعد بحث، من إيجاد الشخصية الملائمة لتأدية دور الطفلة، بنظراتها التي تجمع بين براءة الأطفال وألاعيب الكبار، وبين العبث الطفولي والتخطيط المسبق لتحقيق مأرب لها. 

وقد وجدت كلارا في أستاذها وصديق العائلة لوكاس «تعويضاً» عن عدم قيام والدها بدوره الأبوي المفترض تجاهها. ولكن هذا التعويض يعبّر عن نفسه بطريقة خاطئة، إذ أنها تعلقت به كحبيب مفترض وليس كأب فقط. وعندما لا يتجاوب مع ميلها العاطفي هذا، تحنق عليه وتفكر بالانتقام منه، فتعلن أولاً أنها تكرهه، ثم تلفق الاتهام الظالم بحقه، «مُثرثرةً» أمام مديرة الروضة بأنه «كشف لها عن قضيبه المنتصب»، خالطة بين ما رأته على هاتف أخيها وبين تهيؤاتها التخيلية المتعلقة به. 

وقد أوّلت المديرة حديث كلارا على أنه تحرش. ومع أنّها أكدت في البداية أن «الفتاة لديها خيال خصب»، وذكرت بأنها «لا تريد القفز إلى استنتاجات»، لكنها ومن منطلق حرصها على أطفال الروضة تسارع لاستدعاء طبيب نفسي للأطفال، يطرح بدوره على الطفلة، أو بالأحرى يحاصرها بحزمة من «الأسئلة الإرشادية» المحدّدة، اكتفت غالباً بهزّ رأسها كجواب عليها. هذه الأسئلة ساهمت بنسج حكاية التحرش، كما افترضها الطبيب وتخيلها الكبار وليس الطفلة، قبل أن يجري تبليغ الشرطة. 

«كذبة صغيرة»!

لم تدرك كلارا أو تتخيل ما سيترتب على كذبتها (تهمتها)، التي رمتها جزافا، من انعكاسات وتداعيات. ولقد كانت على وشك نسيان ما قالته تقريبا، وحاولت غير مرة سحب أقوالها، لكن المجتمع المحيط صدقها، وبدا كأنه يرفض تراجعها عن اتهامها، مما دفعها إلى المضيّ فيه. 

تُسرُّ لأمها قائلة: «لقد قلت شيئاً سخيفاً (بحق لوكاس). الآن كلّ الصبية يتحدثون».                     وبعد غمغمتها ببضع كلمات تجيب الأم: 

«عقلك يفضّل ألا يتذكر ما حدث»، (مع أنّ العكس هو الصحيح. فلو حدث اعتداء جنسي عليها، لما استطاعت نسيانه أو تجاهله، حتى لو حاولت ذلك!). ثم تضيف: «إنه أمر بغيض التفكير في ذلك. لكنه حدث، أليس كذلك كلارا؟».. فيكون جواب الطفلة هو الصمت فحسب!

ولم يقتصر الأمر على كلارا، بل لقد حذا بقية الأطفال حذوها، وسردوا قصصاً مشابهة عن تحرش لوكاس بهم. وهكذا اتسعت دائرة الاتهام أكثر فأكثر، وأخذت الكذبة تنتشر وتتدحرج لتكبر مثل كرة الثلج المندفعة على منحدر، جارفةً معها لوكاس وسمعته إلى الحضيض في عالم القرية الضيق والمحدود، وذلك في ظلّ اقتناع الآباء بأن لوكاس تحرش بأطفالهم، واعتقادهم الراسخ بأن «الأطفال لا يكذبون»، وما يقولونه هو الحقيقة. 

«محكمة الشعب» غير العادلة!

وهكذا ينجرف أهالي البلدة مع سيل الـ«هستيريا» العاصف الذي سيطر عليهم، ويتحَوّل الرجل البريء اللطيف المحبوب الذي يفيض نُبلا وشهامة، فجأة، إلى «رجل شرير» يُهدّد المجتمع ويستوجب عزله ونبذه ومحاربته، كأنه فيروس مُعدٍ يجب تحاشيه والتخلص منه؛ يُطرد من عمله، ويُطعن في كبريائه وكرامته ونزاهته، ويُطلب حتى من ابنه عدم التحدث إليه، وترفض المحلات التعامل معه، ويضربه الجزار بعنف ووحشية، وتُرمى الحجارة على نافذته، وتُقتل كلبته.. الخ.

وفي سياق الموقف «القطيعي» هذا، المنفلت من أية ضوابط منطقية وعقلية، يرفض الأهالي الحكم القاضي بعدم توجيه أي اتهام إلى لوكاس؛ نظراً إلى عدم وجود سندٍ قانوني من جهة، ولتناقض حديث الأطفال مع الوقائع، من جهة ثانية، إذ تحدثوا عن أن لوكاس كان يصطحبهم إلى قبو منزله، وأجمعوا على وصف موحد للقبو؛ «ورق الجدران، لون الأريكة.. الخ»، ليتبيّن بعدها أن لا وجود أصلا لهذا القبو المزعوم!. 

هنا يجدر التوقف لنقول أن ثيو كان لاحظ أن «عيني لوكاس ترتعشان عندما يكذب»، وذلك عندما سأله في بداية الفيلم عن ابنه وزوجته السابقة، ويكتفى لوكاس بالقول: «كل شيء على ما يرام». ولكن ثيو لا يلجأ إلى خبرته هذه في اختبار صديقه ومعرفة صدقه من كذبه؟ ويستمر على موقفه حتى الدقائق الأخيرة من الفيلم، عندما يسمع ابنته تعتذر عما حصل، في وقت كانت تخلد فيه إلى النوم، وفي ظنّها أنها تخاطب لوكاس وليس والدها، خالطة مرة أخرى بينهما. وعندما يُنبهها والدها إلى وجوده، تخبره بأنّ «لوكاس لم يفعل أيّ شيء»، فيتأكد ثيو من براءة صديقه، ويقوم بزيارته في منزله آملاً أن يسامحه ويصفح عنه.

وقبل ذلك بقليل، كان لوكاس واجه ثيو في الكنيسة، (عشية عيد الميلاد، وبعد الصلاة ومناجاة الرب بأن يفتح لهم قلبه، ليتعلموا الندم على خطاياهم والإيمان بالمسيح.. )، على مرأى ومسمع من الجميع، صابّاً جام غضبه عليه، فشتمه وضربه وطالبه بأن ينظر ملياً في عينيه ليرى إن كان فيهما شيء مما يُتهم به؟

بعد مرور سنة على الحادثة، يتهيأ لنا أنّ الأمور قد عادت إلى طبيعتها، إذ يتم قبول ابن لوكاس في مجتمع الصيادين، وتعود روابط الصداقة التي تجمعه مع بعض أبناء البلدة، كما يعاود ممارسة الصيد من جديد مع رفاقه. ولكنه يتعرض فجأة إلى طلق ناري يوشك أن يصيبه ويقتله، في رسالة مؤداها أنّ هناك من يتربص به، وبأنّ «الوصمة الاجتماعية» ما زالت تلاحقه ولن تمّحي بسهولة، بل وقد يدفع حياته في أية لحظة ثمناً لها! 

هذه باختصار قصة فيلم «الصيد» والقضية التي يطرحها. فماذا يريد صنّاعه من خلالها أن يقولوه لنا؟ لا ريب أنّ أولى العبر التي نستخلصها، هي أنّ الأطفال ليسوا دائما أبرياء وصادقين؟ قد يقول الأطفال الحقيقة في غالب الأحيان، ولكن ليس دائما! فعندما اتفق الأطفال جميعهم على قول الأشياء ذاتها، هل كان هذا من محض خيالهم؟ أم أنهم كانوا يتناقلون ما يتداوله الكبار في شأن لوكاس؟ 

في الماضي كان يقال بأن الطفل يمكن أن يسرق أو يكذب، إلا أنّ الطروحات المعاصرة، (في ضوء انتشار الحركات والجمعيات الحقوقية المدافعة عن حقوق الأطفال وغيرهم)، تطرّفت في دفاعها عن الطفولة وتنزيهها لها، وباتت تنظر إليها على أنها «نقاءٌ خالص»، وغدت حتى الكلمات والمصطلحات المستخدمة تنفي الصفات غير الحميدة عن الأطفال، فتشير، مثلاً، إلى كون «الأطفال يتخيلون ولا يكذبون»، وذلك منعا لصبغ الطفولة بأية صفات مذمومة أو شريرة. 

وإلى ذلك، يريد صنّاع الفيلم أن يقولوا لنا أيضاً أنّ المجتمع منافق ومزيف، يمكنه أن يؤخذ بالأوهام والشائعات والأحكام المسبقة؟ ويمكن لمواقفه وقناعاته ومشاعره أن تنقلب وتتحول بلمح البصر إلى النقيض؛ من العطف والمحبة والثقة التي كان يحظى بها لوكاس، مثلاً، إلى الكراهية والحقد والعداء! وبأنّ وحدة الجماعة ضد فرد ما، بدعوى إزالة الشر، قد تفضي إلى شر أعظم وأشدّ ظلما ومرارة!!

................................................................................................

«الصيد»: إخراج توماس فينتربيرغ، وتأليف مشترك بين توبياس ليندهولم وفينتربيرغ. بطولة مادس ميكلسن وتوماس بو لارسن، والطفلة أنيكا ويديركوب.

أداء ميكلسن المميز في الفيلم كان وراء حصوله على جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي لعام 2012. ورشّح الفيلم لجائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل الأوسكار الـ86. كما رُشّح لنفس الجائزة في دورة الغولدن غلوب لعام 2013.

“طوبة لهن” فيلم يجسد معاناة النساء في دارفور



استحوذ فيلم “طوبة لهن” للمخرجة السودانية رزان محمد عبد الرحمن والذي عرض بمهرجان مدينة الأقصر المصرية للسينما الإفريقية  على اهتمام كبير من قبل النقاد والمراقبين نظرا لتناوله قضية المرأة في منطقة دارفور بغرب السودان والتي أخذت اهتماما عالميا كبيرا خلال الحرب الأهلية المستمرة هناك منذ العام 2003.

يلخص الفيلم السوداني الوثائقي حياة 5 نساء بأحد مخيمات النازحين في دارفور يعملن في صناعة طوب البناء الأحمر في بيئة شاقة جدا، مما يعرضهن أحيانا لمخاطر أمنية وجسدية ونفسية بالغة.

وأدت الحرب الأهلية في إقليم دارفور إلى مقتل نحو 300 ألف شخص ونزوح أكثر من مليونين بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

وتنتشر في السودان ما يعرف شعبيا بـ “كمائن الطوب” لصناعة “الطوب الأحمر” الذي يستخدم في تشييد المنازل، لكن هذه المهنة الشاقة ظلت لزمن طويل حكرا على الرجال.

وجرى تصوير فيلم “طوبة لهن” بمخيم يأوي أكثر من مائة ألف نازح قرب مدينة الفاشر التي تعرضت إلى ضغط سكاني كبير واضطرابات أمنية ألقت بظلالها سلبا على النساء والأطفال.

“السلطانة غير المنسية”.. فيلم يحتفي بفاطمة المرنيسي



يسلط الشريط السينمائي “فاطمة.. السلطانة غير المنسية” للمخرج محمد عبد الرحمان التازي الضوء على إسهامات عالمة الاجتماع المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي (1940 – 2015)، ومقاربتها لمكانة المرأة ووظيفتها من خلال نقد الأدبيات الفقهية، وتوظيف أبحاثها الفكرية والاجتماعية لخدمة قضية تحرير المرأة.

كما يرصد هذا العمل أزمنة مختلفة من القرن الماضي، صورتها عدسات الكاميرا بين دروب المدينة العتيقة في فاس والرباط ومدينة زاكورة، لتبعث من جديد روح المرنيسي بعد 6 سنوات من رحيلها.

ويوثق الفيلم الأعمال التي قامت بها الكاتبة والباحثة الاجتماعية، لا سيما أن التازي يسعى إلى البحث في التراث والشخصيات المغربية، سواء في الميدان السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي.

ويضم فيلم “فاطمة.. السلطانة غير المنسية”، إلى جانب مريم الزعيمي التي تجسد شخصية الراحلة فاطمة المرنيسي، أجيالاً مختلفة من الممثلين، لا سيما أنه يتناول جوانب متعددة من حياة العالمة المغربية، ويسلط الضوء على هذه الشخصية العلمية التي بصمت الساحة الثقافية المغربية والعربية بأعمال قيمة. وكشف المخرج أن كتابة هذا العمل تطلبت سنة ونيف.

يذكر أن كتابات فاطمة المرنيسي اهتمت بالمرأة وحقوق النساء، وتصدت للقضايا الفكرية والسوسيولوجية المتصلة بهذه المواضيع.

الجمعة، 28 أبريل 2023

فيلم لاتيني يفوز بالجائزة الكبرى في "مهرجان موسكو السينمائي"

 


نال فيلم "الأشقاء الثلاثة"، وهو إنتاج أرجنتيني تشيلي مشترك، من إخراج فرانسيسكو باباريلي، جائزة "القديس جاورجيوس الذهبي"، وهي الجائزة الكبرى في "مهرجان موسكو السينمائي الدولي"، في دورته الـ45، وفق ما أعلن، أمس الخميس، رئيس لجنة التحكيم في المهرجان، المخرج والممثل الهندي راهول راويل.

وقال راويل إن الفيلم "يتميز بالبطولة الرائعة والسيناريو الجذاب"، وهو يروي قصة 3 أشقاء يعملون صيادين ويعيشون في منطقة باتاغونيا، وهو من بطولة أندي غوروستياغو، أمانو آليش، أوليتس يانسون.

كما حصلت المخرجة الروسية، سفيتلانا ساموشينا، على جائزة "القديس جاورجيوس الفضي"، عن إخراجها لفيلم "طرف القمر المكسور". ومُنح فيلم "في  1.618" الخيالي، الذي أخرجه البلغاري ثيودور أوشيف، جائزة خاصة للمهرجان.

وعلى صعيد الممثلين، مُنِحت الممثلة اليابانية، كاخو سيتو، جائزة أفضل دور نسائي في فيلم "الزهور المهشمة في تدفق الأيام". أما الممثل البوليفي فرناندو أرسي، فنال جائزة أفضل دور رجالي.

وخلال حفل اختتام المهرجان، تمّ تكريم المخرج الروسي المعروف كارين شاه نزاروف بجائزة فخرية، لقاء دوره الكبير في تطوير السينما العالمية.

يُذكر أن أعمال الدورة الـ45 من المهرجان بدأت في الـ20 من نيسان/أبريل الجاري، واستمرت على مدى أسبوع بمشاركة دول عدة أبرزها الهند والصين والأرجنتين وبلدان شرق أوسطية.

الاثنين، 24 أبريل 2023

مهرجان هوليوود للفيلم العربي يكرم ظافر العابدين

 


وكالات

الدورة الثانية من مهرجان هوليوود للفيلم العربي والتي تقام بين 26 و29 نيسان/ أبريل الجاري، في لوس أنجلوس تكرم النجم ظافر العابدين تقديراً لثراء مشواره بأعمال عربية وأجنبية.

"يستحق ظافر العابدين التقدير عن جدارة، نظراً لثراء مشواره الفني بالعديد من الأعمال العربية والأجنبية التي نالت إشادات واسعة من الجمهور. وهو لم يتوان عن السعي والإجتهاد لتحقيق حلمه، وهو ما يجعله قدوةً لشباب السينمائيين الصاعدين".. هذا ما قاله رئيس مهرجان هوليوود للفيلم العربي مايكل ناخوم، الذي تنطلق فعاليات دورته الثانية في 26 نيسان/أبريل الجاري وتستمر 4 أيام.

الدورة الثانية التي تحمل إسم المخرج الراحل محمد خان، سبق وأعلنت عن تكريم المخرج خيري بشارة" في "سيتي ووك هوليوود"، وهي تظاهرة تقام سنوياً خلال الإحتفال بشهر التراث العربي في مدينة هوليوود – بسينما يونيفرسال - بهدف إيجاد مساحة جديدة لصناع الأفلام من المنطقة العربية، وشمال أفريقيا للإلتقاء والحوار والإبداع إلى جانب تعريف صناع السينما العالمية على صنّاع السينما العربية.

 الدورة الثانية من مهرجان هوليوود للفيلم العربي والتي تقام بين 26 و29 نيسان/ أبريل الجاري، في لوس أنجلوس تكرم النجم ظافر العابدين تقديراً لثراء مشواره بأعمال عربية وأجنبية.

"يستحق ظافر العابدين التقدير عن جدارة، نظراً لثراء مشواره الفني بالعديد من الأعمال العربية والأجنبية التي نالت إشادات واسعة من الجمهور. وهو لم يتوان عن السعي والإجتهاد لتحقيق حلمه، وهو ما يجعله قدوةً لشباب السينمائيين الصاعدين".. هذا ما قاله رئيس مهرجان هوليوود للفيلم العربي مايكل ناخوم، الذي تنطلق فعاليات دورته الثانية في 26 نيسان/أبريل الجاري وتستمر 4 أيام.



الدورة الثانية التي تحمل إسم المخرج الراحل محمد خان، سبق وأعلنت عن تكريم المخرج خيري بشارة" في "سيتي ووك هوليوود"، وهي تظاهرة تقام سنوياً خلال الإحتفال بشهر التراث العربي في مدينة هوليوود – بسينما يونيفرسال - بهدف إيجاد مساحة جديدة لصناع الأفلام من المنطقة العربية، وشمال أفريقيا للإلتقاء والحوار والإبداع إلى جانب تعريف صناع السينما العالمية على صنّاع السينما العربية.


وسيعرض في ختام هذه الدورة شريط بعنوان "ساعة إجابة"، للمخرج مصطفى أبوسيف، عن فكرة لـ أحمد شيكو، صاغ لها السيناريو فريق ورشة: ورق عنب، لكتابة السبناريو. الفيلم يتحدث عن طفل في الثامنة من عمره تصادفه ظروف مختلفة مع عدة عائلات. أمام الكاميرا: الطفل سليم مصطفى، سوسن بدر، غادة عادل، نجلاء بدر، فيدرا، والمغني الشعبي عمر كمال.

وسيعرض في ختام هذه الدورة شريط بعنوان "ساعة إجابة"، للمخرج مصطفى أبوسيف، عن فكرة لـ أحمد شيكو، صاغ لها السيناريو فريق ورشة: ورق عنب، لكتابة السبناريو. الفيلم يتحدث عن طفل في الثامنة من عمره تصادفه ظروف مختلفة مع عدة عائلات. أمام الكاميرا: الطفل سليم مصطفى، سوسن بدر، غادة عادل، نجلاء بدر، فيدرا، والمغني الشعبي عمر كمال.

قصبة الجزائر مصدر إلهام للسينما


 

محمد عبيدو

لا توجد مدينة أو حي آخر بالجزائر، يسهل تمييزه على شاشة السينما العالمية أو الجزائرية، بقدر حي القصبة، وهو الذي تحفل فضاءاته، ومعالمه بعشرات المئات من الأفلام، منذ دخول الفن السابع أرض الجزائر المستعمرة إلى اليوم .

شكلت قصبة الجزائر، منذ عشرينيات القرن الماضي، مادة دسمة للسينما الكلونيالية، إما بوصفها حيزا جغرافيا وطبوغرافيا شرقية بمنظور استشراقي، وإما سياقا زمكانيا لأحداث الفيلم.

في عام 1922 اتخذ المخرج "لوي ميركانتون" مدينة الجزائر وميناءها فضاء لفيلم “المرعب ساراتي” المقتبس عن رواية لـ “جان فينون”، وهو الفيلم الذي أعاد إخراجه، في 1937، مخرج فرنسي مولود بالجزائر هو “أندري هوغون”، لكنه صور معظم مشاهده في الاستديوهات الباريسية.

وفي 1934 زار المخرج الفرنسي "جوليان دو فيفيي" الجزائر العاصمة على رأس كوكبة من الممثلين المعروفين (جان غابان، هاري بور، إدويغ فويير)، ومعه إمكانيات ضخمة لتصوير فيلم "غولغوتا"، واتخذ من القصبة ديكورا لبيت المقدس لتصوير فيلم عن جزء من حياة المسيح. وأوحى حي القصبة لجوليان دو فيفيي بفيلم ستدور كل أحداثه داخل حي القصبة هو فيلم “بي. بي الموكو”.


معركة الجزائر يتناول الصراع من اجل السيطرة على القصبة


السينمائي الايطالي جيلو بونتيكورفو الذي أمضى حياته في تحقيق أفلام لا تخلو من البُعد "السياسي النضالي"، الذي غلّفه بجانب إنساني بحت. ذلك أن اختياره المواضيع يمزج، برهافة بصرية وحساسية فنية واضحتين، البؤس الفردي بالمناخات السياسية والاجتماعية التي أفضت إلى هذا البؤس. و سوف يظل خالدا في تاريخ السينما العالمية بفضل فيلمه "معركة الجزائر" الذي ظل عرضه محظورا في فرنسا قرابة الابعين عاما بسبب ما اثاره من جدل. عُرف "جيلو بونتيكورفو" كواحد من اكبر المخرجين الايطاليين لفترة ما بعد الحرب.

فكر جيلو بونتيكورفو الذي تأثر بحرب الجزائر ايما تأثر ، في ان يخرج فيلما مطولا عن الصراع ، لكن هذا الفيلم لم ير النور الا بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء الحرب عندما اقترح عليه ياسف سعدي احد القادة العسكريين في جبهة التحرير الوطني بالجزائر العاصمة ، فكرة انجاز فيلم عن معركة الجزائر استوحى احداثها من ذكرياته الخاصة عن المعارك.

معركة الجزائر" هذا الفيلم الذي صوره المخرج بممثلين غير محترفين (باستثناء "جون مارتين" ، في دور "ماثيو" على رأس المظليين الفرنسيين) يتناول مسألة الصراع من اجل السيطرة على حي القصبة العتيق في قلب الجزائر العاصمة ، العام 1957 ، ما بين المظليين الفرنسيين ورجال جبهة التحرير الوطني ، مع استعمال التعذيب من جهة ، والعمليات العسكرية العمياء من جهة اخرى. وليس في الفيلم قصة مخترعة أو مؤلفة من الخيال. وإنما يصوغ السيناريو - في أسلوب نصف تسجيلي - تلك الأحداث الحقيقية للثورة الجزائرية الشاملة على الاستعمار الفرنسي, الذي تمكن من البلاد قرابة مائة وثلاثين عاما (1830 - 1961) حتى تمكن الشعب - بقيادة جبهة التحرير الوطني - من طرده واقتلاع جذوره من أرض الوطن. وقد وضعت الدولة تحت إمرة المخرج مدينة الجزائر كلها - بأحيائها وشوارعها وميادينها - لكي تكون مسرحا لما يخرجه من أحداث يعيد بها بناء التاريخ القريب للثورة الجزائرية.. فجاء الفيلم قطعة فنية رائعة, ووثيقة تسجيلية من صلب الواقع… هذا الفيلم الذي مُنع في فرنسا في البداية عُرض في النهاية العام 1971 ،. لم يعد للظهور من جديد في فرنسا الا العام 2004 اي بعد مرور اربعين عاما على اخراجه.

ويعود المخرج مالك بن اسماعيل من جانبه من خلال فيلم وثائقي بعنوان "معركة  الجزائر فيلم في التاريخ" حول فيلم المخرج الايطالي جيلو بونتيكورفو. و من قصبة الجزائر الى روما و من باريس الى الولايات المتحدة اعتمادا على عديد الشهادات و الوثائق الارشيفية يعود بنا الفيلم الجديد لمالك بن اسماعيل  بعد 60 سنة الى ماضي ممتع حول فيلم جمع بين التاريخ و الاسطورة للمخرج الايطالي.

يتناول الفيلم الوثائقي "ثوار القصبة"، انتاج عام 2017، ظروف مقتل أربعة محاربين جزائريين داخل منزل بحي القصبة بالعاصمة الجزائر، إبّان الثورة التحريرية ضد المستعمر الفرنسي (1954-1962). ويرصد العمل الذي أخرجه مراد أوزناجي، (52 دقيقة) ظروف مقتل أربعة ثوار بعد تفجير الجيش الفرنسي لمنزلهم وهم: علي لابوانت (ولد في 14 مايو 1930)، محمود بوحاميدي، وعمر ياسف، المدعو عمر الصغير (ولد بالقصبة بالعاصمة الجزائر عام 1945)، وحسيبة بن بوعلي (ولدت في 18 جانفي بولاية الشلف غرب البلاد). وفجر الجيش الفرنسي منزل الفدائيين الأربعة في 8 أكتوبر عام 1957، بالمنزل رقم 5 شارع كانون بالقصبة. واستغرق إنجاز الفيلم سنتين ونصف السنة، جرى خلالها تسجيل 18 شهادة مع أفراد من عائلات الشهداء الضحايا، ومتخصصين ومؤرخين وإعلاميين. وانطلق تصوير الفيلم من الطفل عمر الصغير، لإبراز العلاقة بين الطفل والثورة، لكن صعوبات واجهت المخرج في تسجيل الشهادات المتعلقة به اضطرته لتحويل الموضوع من الحديث عن شهيد إلى الحديث عن الشهداء الأربعة. ويسلط المخرج كاميراته على كل واحد من الأبطال الأربعة بداية من بوحاميدي الذي احتضن منزله الأبطال الأربعة لمدة ستة أشهر دون أن يصل إليهم الفرنسيون، وحسيبة بن بوعلي رمز لنضال المرأة الجزائرية، وعلي لابوانت، الشاب الذي قاوم الاستعمار بشدّة، حيث رفض تسليم نفسه للمستعمر، وكذلك عمر الصغير (عمره 13 سنة وقتها) صاحب الدور الكبير في نقل المعلومات إلى الثوار.

وحضرت احياء القصبة بفيلم المخرج الجزائرى موسى حداد، «أبناء نوفمبر»، والذى يحكى عن العمليات البطولية التى قام بها المجاهدون الجزائريون، والتى أثمرت عن ثورة التحرير الوطنى الجزائرى التى اندلعت فى الفاتح نوفمبر 1954 ، وحاولت حكومة "منداز فرانس" سجن كثير من أبطالها فى محاولة فاشلة لإحباطها. ولعل ما يُميز هذا الفيلم عن غيره من الأفلام التى وثقت للثورة الجزائرية، أن بطله المجاهد الذى وقف صلبًا أمام جنود الاحتلال كان طفلًا لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره إلا أنه ضرب مثلا يحتذى به فى التضحية للدفاع عن بلاده، ومحاولة تطهيرها من عُهر الاحتلال، وهو عن قصة حقيقية للمجاهد «مراد بن صافى»، والذى كان واحدًا من فتيان الجزائر الذين انضموا لصفوف المقاومة وهم فى سن صغيرة، وجسد دوره الفنان الراحل "عبدالقادر حمدي". 

تدور أحداث الفيلم منذ البداية حول الفتى الصغير "مراد" الذى يعانى من مرض بالصدر، إلا أنه ورغم مرضه يعمل بائعًا للجرائد فى شوارع وطرقات القصبة العتيقة بالجزائر العاصمة، ليعيل والده المريض وأمه المتقدمة بالعمر، فتى مغمور كتب له أن يُسطر اسمه بين العظماء بحروف من ذهب، وأن يُصبح حديث العاصمة فى طرفة عين، بسبب حصوله على أوراق مهمة تخص المجاهدين، ومطلوبة لدى البوليس السرى الفرنسي. فيتحول مراد من مجرد طفل صغير يبيع الجرائد، لمجرم مطلوب لدى البوليس السري، ولفدائى وبطل كبير لدى أبناء الجزائر، فبينما يطوف مراد شوارع العاصمة بحثًا عما يعيل به أسرته جراء بيعه للجرائد، يُكسر نعل حذائه البالى فيذهب إلى «عم العربي» الإسكافى لإصلاحه، وبينما يجلس مع العربى يدور بينهما حديث مقتضب عن أسرة «مراد» ومرض والده ومن ثم يتطرق الحوار للسياسة فيقول له مراد: «هذه الجرائد لا تخصنا، ولا تخض أحوالنا وأحوال بلادنا، وإنما هى للفرنسيين يكتبونها لأنفسهم، ويكتبون بها ما يحلو لهم "ماهياش مخدومة لينا"، وكأن الطفل الصغير كان يعلم أنه على موعد مع القدر ليكون واحدًا من أبطال المقاومة. يشكر "مراد" عمه "العربي" لإصلاح حذائه.

قبل أن ينطلق ليواصل سعيه فى شوارع القصبة العتيقة يقول له "العربي": "مراد يا وليدى كون راجل"، وفى هذه الأثناء وبينما يجتمع رجال المقاومة ليتحدثوا عن الأوراق التى بحوزة زميلهم المجاهد "العربي" وما لها من أهمية، والتى سيسلمها إلى "الطباخ"، ومن ثم سيذهب له أحد رجال المقاومة ليستلمها منه؛ يغلق العربى محله من الداخل ويستخرج الأوراق المهمة ويخفيها بين طيات ملابسه، ويختبر سلاحه قبل أن يخرج من المحل متجهًا إلى "الطباخ"، إلا أن أحد الخونة والذى يُدعى "مروان" ويعمل بأحد الحانات كان قد وردت إليه معلومات بخصوص الأوراق المهمة وقام بإبلاغ البوليس السرى الذى داهم "العربي" لحظة خروجه من محله، ولتبدأ المطاردة المسلحة فى شوارع وطرقات القصبة العتيقة، فيصاب العربى بطلقة نارية فى قدمه. يسمع "مراد" صوت الرصاص فيتوقف وهو فى حالة خوف، إلا أن فضوله يدفعه ليعرف من المُطارد، وفجأة يكتشف أنه "العربي"، فيقترب منه وهو يصيح بصوت خافت "عمى العربي"، ويساعده على الحركة تحت أمطار الرصاص الفرنسي، وبعدما يتأكد "العربي" أنه غير قادر على الحركة تمامًا يستخرج الأوراق ويوصى "مراد" أن يصل بها إلى "الطباخ" ويسلمها له يدًا بيد، ثم يُسلم نفسه للبوليس السرى الفرنسى بعد أن آمن هروب المجاهد الصغير الذى تحول فى لحظة من مجرد طفل إلى بطل فى صفوف المقاومة. 

يفتح الفيلم الوثائقي الطويل (71 دقيقةً)،قصبة الجزائر: "البهجة" 2004 للمخرج الجزائري المقيم في فرنسا (نصر الدين بن عالية).‏ نافذةً عريضة ومتنوّعة على هذا الحي العريق المصنف ضمن التراث العالمي، وذلك من خلال أعين عشاقه ومحبيه والعارفين بقيمته المعمارية والحضارية.‏ 

ويعرض الكثير من المواقع والأزقة والثكنات، التي ترمز إلى الطابع المعماري المتميّز للقصبة، كما يتطرق إلى التاريخ العريق للقصبة، وكل المراحل التاريخية التي عرفتها، وكذا وضعيتها إبّان الاحتلال ومقاومة سكانها، وذلك من خلال شهادات مختصين بالتراث والتاريخ، وأعضاء جمعيات ومؤسسات حماية القصبة وأصدقائها، وأيضاً شهادات بعض سكانها الأصلاء الذين ما زالوا يقيمون فيها.‏ 

ويُسلّط المخرج الأضواء على الوضعية المأساوية التي آل إليها هذا المعْلَم، وكل الأخطار التي تحدق به، وذلك من خلال تقديم صور عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمساكن، التي انهار الكثير منها جراء الإهمال، وسوء التسيير، وانعكاسات العوامل المناخية والزمنية.‏

فيلم "قوسطو" لصافيناز بوصبيعة، إنتاج خاص، بتمويل ايرلندي ـ فرنسي، ويتحدث عن مسار أغنية الشعبي في حي القصبة، منذ نشأتها إلى بداية الثورة ثم بعد الاستقلال، ويتطرق على مدار ساعة و28 دقيقة إلى التلاقي بعد طول غياب دام حوالي خمسين عاما- بين موسيقيين من الجزائرالعاصمة يهود ومسلمين كانوا فيما مضى تلاميذ لعميد الأغنية الشعبية الشيخ امحمد العنقى. وكان لقاء هؤلاء الفنانين في 2006 قد أعطى فيلم “الغوسطو” الذي يعد جوقا من 42 موسيقيا تم جمعهم على خشبة المسرح الوطني الجزائري بالجزائر العاصمة من أجل معايشة أجواء موسيقى الشعبي التي ظهرت بقصبة الجزائر في أواسط العشرينيات من القرن الماضي حيث انطلقت المخرجة من تصوير أول مجموعة موسيقية أسسها المرحوم الحاج محمد العنقى في القصبة، التي تضم إلى جانب الجزائريين يهودا.

وتتطرق فيه صافيناز إلى مسار حياة أعضاء هذه الفرقة وبعض جوانب تاريخ الجزائر بداية من انطلاق أول شرارة لحرب التحرير، وتأثيرها على فناني أغنية شعبي ومجموعة العنقى التي انفصلت عن بعضها.


السبت، 22 أبريل 2023

الشعر والصورة السينمائية




محمد عبيدو

 

كثير من الشعراء المشتغلين بالسينما عندما يكتبون القصيدة يشعرون أن هناك تشكيلاً بصرياً يتكون.. وعند إنجاز النص السينمائي نرى لديهم أن هناك تحولاً جديداً إلى مشهد بصري آخر فيه شيء من إحساسهم الذي اعتبره رابطا بين هذا المنجز وبين القصيدة الشعرية.


إن الشعر والفنون البصرية يلتقيان في منطقة التعبير، وخلق فضاء يلامس الشاعر والفنان تجاه العالم والأشياء، ها هو بول كلي يقول: «الآن بدأت الأشياء تراني» وينخرط كاندينسكي في البحث عن الروحي في الفن ليقترب من ملامسة الشعر، على أن الحركات السوريالية والدادائية، قبل ذلك ستمزج عناصر كل من الشعر والرسم والسينما والتصوير والكولاج في عملية تركيب وتوليف وصلت إلى حدود اللعب، كما نرى في أفلام لويس بونويل مثل فيلم (كلبٌ أندلسيّ) المشترك بين بونويل وسلفادور دالي. إن هذا التداخل المخصّب بين الكتابة الشعرية والفنون البصرية دفع مفهوم العلامة أو الأثر إلى الظهور بقوة، ونحن نعرف أن كثيراً من الشعراء والفنانين قاموا بالمزاوجة بين هذين النشاطين الإبداعيين، لنرى يوماً بعد يوم نوعاً من التشارك الخلاق بين عناصر هذين الفضائين عبر رغبة الشعراء والفنانين لدفع التجربة إلى مدى أوسع . فالشعراء الحداثيون أدركوا دور المعطيات البصرية، والإمكانات الخطية في بناء هيكل القصيدة فدافعوا بالحرف إلى أن يغادر موقعه الطبيعي ومحله الشرعي، كأداة لفظية لتركيب كلمات ذات مدلول خاص أو حدس معين، ليلج عالماً مغايراً من مجال التعبير الشكلي، حيث التجريد يبحث عن الغنائية البصرية المفتوحة. النص البصري لا يخلو من غنائيته وتجريده الخاص، والنص المكتوب ليس بعيدا عن الصورة، تماهى مع المكتوب والمسموع والمتخيل والسينما، وما يشابهها من أشكال إبداعية تمازج بين عناصر فنية ونصية مختلفة، تثري علاقة التساكن والتجاور هذه، وتعمل على إغنائها.


من هنا تطرح كذلك أمام الباحث والمتتبع لمسار التجربتين الشعرية والبصرية المعاصرة هذه العلاقة المثيرة التي أصبحت تجمع الإبداع الأدبي، في بعض أجناسه وأشكاله، بالإبداع البصري سواء كان نحتا أم تصويرا فوتوغرافيا أم سينما، عبر العديد من التجارب والتدوينات الجمالية الأدبية للكتابة الشعرية الجديدة. ويحفل تاريخ الفن والأدب بالعديد من التقاطعات المثمرة والملغزة بين الشعري والبصري، سواء على مستوى الممارسة الإبداعية : كتشكيل القصيدة بصريا أو تكليم البصري بالشعر، أو على مستوى محاورات الأدباء للأعمال الفنية و مدلولاتها الجمالية والتعبيرية. كما ان الشعر والسّينما باحتكاكهما بالواقع يعيدان الحلم إلى قلب الحضارة من خلال الإيهام بالواقع وواقع الإيهام.. إنّهما تاريخ المخيّلة في عبورها من المحسوس إلى الرّوحيّ، من الملموس إلى المتخيّل عبر الإيقاع والصورة.. إنّ القصيدة تتصل بفنّ السّينما من حيث اعتمادها على فنّ الصّورة؛ ولعلّ تحويل القصيدة إلى فيلم عملٌ يثري الإبداع الفنّيّ، إذا نجح المخرج في قراءة الصّور الجماليّة الشّعريّة، وأتقن استخدام الأدوات الفنيّة السّينمائيّة الملائمة للمعادَلة الفنّيّة . يبدو أن السينما من وجهة نظر مارسيل مارتن وحدها هي التي في وسعها أن تنجز هذه المحاولة اليائسة للشعر الحديث، لأن في الصورة يكون الأشخاص والأشياء ذاتها هي التي تظهر في تعقدها وصيرورتها . السينما الشعرية هذا المصطلح الصعب الذي أطلقه المخرج الإيطالي بازوليني وتحدث عنه المخرج الفرنسي جون كوكتو. بازولينى يؤكد أن السينما أداة للتعبير ويعتبر السينما لغة تعبير قادرة علي إيصال الأفكار والأحاسيس ويعتبر أن السينما الشعرية سينما تتعمق في الوضع الاجتماعي بطريقة تحليلية فلسفية نقدية وقد يثير هذا التحليل الكثير من النقد وأكثر السينمائيين الشعراء يمزجون بين أفكارهم الشخصية الذاتية وفلسفتهم الخاصة وأحاسيسهم مع الفلسفات والأساطير أى أن الفيلم الشعري لا يعتمد على قواعد مكتوبة في الإخراج السينمائي فهذا الاتجاه أثار الكثير من الاضطراب وخلط العديد من الأوراق. يطرح بازوليني في الجزء الثاني من نظريته سؤالاً بسيطاً في ظاهره لكنه عميق في معناه: «كيف يمكن للغة الشعر أن تتحقق في السينما؟ وهل حقاً هذه اللغة ممكنة في السينما؟ وهل يمكن لأسلوب «الخطاب الحر غير المباشر» والذي طالما ميز الشعر أن يجد طريقه للصورة السينمائية؟».



فن قصيدة «الهايكو»

فالسينما ليست مجرد حرفة وصناعة إنها فن ساحر كما يقول جون كوكتو السينما تصنع الجمال ففيلمه كمثال «دم شاعر» أثار الكثير من القلق ويقول انه لم يفكر أبداً بصناعة فيلم كان يود تصوير قصيدة بصرية يقول بونويل « يبدو لي أن سبب اختراع السينما هو للتعبير عن حياة ما تحت سطح الوعي، التي جذورها تتغلغل بشكل عميق جداً في الشعر، لكن لم يتم استغلالها على الإطلاق لتحقيق هذه الغاية. يستند أندريه تاركوفسكي في فهمه للشعر حين يعرفه على أنه الوعي بالعالم، ومن ثم للتأكيد على أن الشعر في السينما هو اقرب إلى آليات اشتغال فن قصيدة الهايكو، ذلك الأسلوب الشعري الياباني القديم والمميز، حيث يقارب «تاركوفسكي» بين قدرة قصيدة الهايكو على الرصد المباشر وبلغة صافية ودقيقة للظواهر الحياتية التي تمر عبر الزمن، وبين إمكانيات السينما الهائلة في الرصد الغير متكلف وبلغة جمالية صافية هي الأخرى في مواجهة الحياة كد أهمية تضمين العمل السينمائي الروح الشعرية، فقد أضفى على أفلامه لمسة شاعرية، إيماناً بسطوة الشعر على كل مظاهر الوجود، للتأكيد على وجوده كركيزة في كل الفنون، فنمط الحياة شعري أصلاً، في تصوره، أكثر مما هو ممثل أو مصور. من كون اللغة السينمائية، تعتمد بدورها صفات قد نجدها في اللغة عامة وفي اللغة الشعرية بخاصة، ومنها: الاقتصاد، الكثافة، الإيحاء، الانزياح، وهذا ما يوحد بين أفق التفكير في السينما في علاقتها بالشعر والعكس وارد أيضا. غير أن هذا وحده غير كاف وليس المجال الوحيد الذي تتقاطع فيه آليات التفكير والتنظير الخاصة بالسينما والشعر، ففي عملية التلقي المركبة والمتراكبة التي تمارس تجاه أي متن سينمائي، تجاه أي فيلم بالتحديد، بغض النظر عن نوعه ونمطه، تبرز عدة قضايا تقربنا ليس فقط في السينما والشعر، بل تتجاوز ذلك إلى اعتبار عدة أفلام بمثابة إنجازات شعرية، الأمر يتعلق، إذن، بظاهرة محددة هي ظاهرة الكتابة السينمائية باعتبارها كتابة لها بناء و«نحو» وتركيب وأسلوبية وبلاغة وتلفظ، وفي هذا تقترب هذه الكتابة، من خلال نظامها اللغوي التعبيري وسائر أنظمتها الإشارية، من اللغة الشعرية، حيث تحول الشعرية إلى سمة أسلوبية إنجازية من خلال ما توفره الكتابة السينمائية تقنيا في التصوير أو التوليف الفيلمي بعد ذلك باعتباره التوليف بدوره كتابة أو إعادة كتابة، على أساس أن هاتين الشعريتين قد تتفاعلان فيما بينهما عند ممارسة تحليل الخطاب السينمائي ومقاربته.. بهذا تكون السينما قريبة من الشعر، لكنها تخلق شعريتها الخاصة، مما يؤكد أن العديد من الأفلام التي عبرت التاريخ الثقافي الطويل للإنسانية تتخذ صفة قصائد بصرية يمكن مشاهدتها وقراءتها وكأنها قصائد تمتلك إيقاعها من خلال قصتها وأحداثها وبنائها.


بروفايل:المخرج السينمائي الجزائري فاروق بولوفة



الجزائر -محمد عبيدو
فجع الوسط السينمائي الجزائري برحيل المخرج الجزائري المميز فاروق بلوفة، بصمت بعيداً عن بلاده في باريس. في فيلمه الوحيد الكبير الذي حققه ويعتبر من علامات السينما الجزائرية المميزة "نهلة" (1979)، اختار أن يتناول أزمة الهوية والمجتمع الجزائريين، ولكن من خلال الحرب اللبنانية، وتحديداً من خلال صحافي جزائري (يوسف صياح) يجد نفسه أمام أسئلته الخاصة تجاه هذه الحرب التي تورط فيها.

تدور أحداث الفيلم في الأشهر القليلة التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، وما بعدها. وتدور الأحداث حول شخصيتين رئيسيّتين، تشكّلان سوياً مسارين متوازيين يتطوّران طوال مدّة الفيلم، هما: نهلة (ياسمين خلاط)، المغنية الصاعدة بقوّة، والتي نتابع تطوّر حالتها النفسية وأزمتها، التّي أدّت بها إلى فقدان صوتها. والعربي، من خلال الصحافي الجزائري الآتي لتغطية الأحداث الجارية في لبنان، والذي يراقب كمشاهد محايد نسبياً كيفية اشتعال الحرب. الصحافي لم يكن معتادا على واقع الشرق الأوسط، ولم يكن يدري أن هناك تعقيدات كبيرة من الصعوبة بمكان استيعابها بسهولة، فراح يكتشف بعض تشابكاتها. ثمّ بعد تعرّفه على المطربة ما يلبث أن تبدأ قصة حب بينهما. 

تخرّج فاروق بلوفة، المولود في عام 1947 في وادي فضة بالقرب من الشلف (الجزائر)، من المعهد التطبيقي للدراسات العليا في باريس بأطروحة عن "نظرية السينما"، تحت إشراف رولان بارت (1970). عند عودته إلى الجزائر، تم منع أول إنتاج رئيسي له، "التمرد" (1973). وخاض أولى تجاربه في مجال السينما الروائية كمساعد ليوسف شاهين في "عودة الابن الضال" (1976).

لكنّه، في عمله الروائي الأول "نهلة"، الذي كتب السيناريو له مع رشيد بو جدرة ،اختار قطيعة جذرية مع الأشكال السردية السائدة في السينما العربية. واستعار من "الموجة الجديدة" الفرنسية روحها المتمردة التي حولت السيناريو المكتوب لحساب أسلوب بصري مبتكر يسعى إلى الإمساك باللحظة الراهنة. عاش فاروق بلوفة بعزلته في باريس لمدة ثلاثين سنة حتى وافته المنية.
نقلا عن "العربي الجديد"


 

الجمعة، 21 أبريل 2023

بورتريه : الممثل والمخرج الفرنسي جاك بيرين

 

غيب الموت يوم 21/04/2022 الممثل والمخرج الفرنسي، جاك بيرين، عن عمر 80 عاماً في العاصمة الفرنسية، بعدما لعب دور البطولة في عشرات الأفلام أبرزها “سينما باراديسو” Cinema Paradiso و”شابات روشفور” The Young Girls of Rochefort، وشارك في إخراج فيلم “هجرة مجنحة” Winged Migration. وتحت إدارة مخرجين مهمين مثل كوستا غافراس، فيتوريو دي سيتا، جاك ديمي، بيير شويندورفر، جوزيبي تورناتوري وأغنيس فاردا .

وقال نجله ماتيو سيموني، في بيان لوكالة فرانس برس: “الأسرة تشعر بحزن شديد لإبلاغكم بوفاة صانع الأفلام جاك بيرين في 21 إبريل في باريس. لقد رحل بسلام”.

ولد بيرين في باريس، في 13 يوليو عام 1941، بدأ مشواره الفني في أواخر خمسينات القرن الماضي، ، وكان منغمسا في عالم المسرح منذ صغره، قبل شروعه في مهنة السينما ذات الأدوار الصغيرة في أفلام ”مارسيل كارنيه“. حيث شارك في العديد من الأعمال الفنية والتي وصل عددها إلى ما يزيد عن 130 عملا تنوعوا ما بين السينما والمسرح والتلفزيون ، من بينها أكثر من 70 فيلماً خلال مسيرته الطويلة. وحصل على دور البطولة للمرة الأولى عام 1961، أمام الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي، في فيلم ” فتاة مع حقيبة.” Girl with a Suitcase. كما لعب دور البطولة أمام الممثلة الفرنسية كاترين دونوف، في فيلمي “شابات روشفور” The Young Girls of Rochefort و”دونكي سكين” Donkey Skin.

ومن بين أشهر أدواره ذلك الذي أداه في فيلم “سينما باراديسو” Cinema Paradiso عام 1988 الذي حاز على العديد من الجوائز المهمة منها : جائزة لجنة التحكيم بمهرجان كان و جائزة الاوسكار لأفضل فيلم اجنبي . الفيلم تحية مبتكرة من مخرجه للسينما والناس وسنوات الطفولة والشباب . و فيلم “السنونوات لا تموت في القدس” (1994) للمخرج التونسي رضا الباهي الذي تناول القضية الفلسطينية . و “أخُوّة الذئب” Brotherhood of the Wolf (2001) تدور قصته عن حكاية فرنسية تتحدث عن مخلوق غامض يعيش كالحيوانات المفترسة في الغابة ويتعرض لأهالي الريف ناشراً الذعر بينهم، وتدور الأحداث في القرن الثامن عشر الميلادي؛ مما يجعل البطل الفرنسي يتعاون مع أصدقاء الأمريكيين بعد موت العديدين، للتحقيق في هذا الأمر ومواجهة الأسطورة والوحش القاتل.

شارك بيرين أيضاً في إنتاج 15 فيلماً، بينها “زِد” Z عام 1969 الذي فاز بجائزتي “أوسكار” عن فئتي أفضل فيلم أجنبي وأفضل مونتاج، و”الجوقة “عام 2004 من إخراج نجل أخيه كريستوف باراتييه. وهذا الفيلم الأخير حقق نجاحاً واسعاً في فرنساً، حيث باع 8.6 ملايين تذكرة في شباك التذاكر، وعكس دوره السينمائي الأخير في فيلم الإثارة البيئية “غولياث” Goliath، الصادر في مارس الماضي، اهتمامه العميق بالعالم الطبيعي. وشارك في إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية، بينها “القرد” The Monkey Folk و”عالم مصغر “” Microcosmos في عام 1997 فاز بجائزة ”سيزار“ لأفضل فيلم وثائقي و”هيمالايا” Himalaya.

شارك لاحقاً في إخراج أفلام أخرى، بينها “هجرة مجنحة” Winged Migration الذي رشح لنيل جائزة “أوسكار” عام 2001، و”أوشنز” Oceans الذي فاز بجائزة “سيزار” لأفضل فيلم وثائقي في 2011.

كان جاك بيرين أبًا لثلاثة أطفال، ماتيو سيمونيه، المولود في عام 1975، وماكسينس بيرين، المولود في عام 1995، ولانسلوت بيرين، المولود في عام 1999

الخميس، 20 أبريل 2023

رئيس لجنة تحكيم «كان السينمائي الـ 76» .. روبن أوستلوند : فرص الفوز متساوية للمخرجين الكبار والمهرجان ليس وفياً لأي شخص



أكّد رئيس لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي المُخرج السويدي روبن أوستلوند، أن فرص الفوز ستكون متساوية بين أفلام المخرجين الكبار وتلك التي تحمل توقيع أسماء جديدة، واعداً بالنزاهة، حتى لو كانت نتيجة ذلك انتزاع البريطاني كِن لوتش منه حلمه بأن يكون أول من يفوز بثلاث سعف ذهبية.

ولاحظ المخرج البالغ 49 عاماً في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس، أول أمس الثلاثاء، في حديقة منزله في كامبوس بجزيرة مايوركا الإسبانية، أنّ "ثمة دوراً بلا شك للمال" في مهرجان كان، لكنّه "من ساحات التنافس النادرة التي يشعر فيها المرء بأن من غير الممكن شراء أيّ كان ترتيبه في المسابقة". 

وقال المخرج الفائز مرتين بالسعفة الذهبية، أولاهما عام 2017 عن "The Square" والثانية في 2022 عن "Triangle of Sadness" في الحديث الذي أدلى به قبل 4 أسابيع من افتتاح المهرجان المرموق، إن "فيلماً إيرانياً صغيراً مثلاً، من إخراج شاب في التاسعة عشرة، ومصوَّراً بكاميرا فيديو رقمية، يمكن أن يكون (في مسابقة المهرجان) إلى جانب أفلام ذات موازنة كبيرة جداً، ويُفترض تقويم هذين الفيلمين بالطريقة نفسها عندما نشاهدهما". 

وفيما يبدو مستقبل السينما غامضاً في ظل بروز منصات البث التدفقي كنتفليكس وسواها، يستبعد أوستلوند إمكان توليه إخراج فيلم لإحدى هذه المنصات بدافع عشقه الفن السابع وولائه لموزعيه.

وذكّر الذي شارفَ الخمسين بأن "السينما هي اليوم واحدة من الصالات النادرة التي نشاهد فيها الأشياء معاً".

وشرح أن "أهمية مشاهدة الأشياء معاً في الصالة نفسها تكمن في أننا بهذه الطريقة نبدأ بالتفكير في المحتوى بطريقة مختلفة تماماً، ولهذا السبب تظل السينما فريدة من نوعها".

ويتولى أوستلوند رئاسة لجنة التحكيم في مهرجان كان بعد عام من فوزه به، وبعد نصف قرن بالضبط على إسنادها إلى مواطنته الممثلة الشهيرة إنجريد برجمان.

ورفض المخرج السويدي المعروف بأفلامه الكوميدية اللاذعة التي تعرّي المجتمعات الغربية أية أحكام مسبقة، لا في شأن الأفلام التسعة عشر التي سبق الإعلان عن اختيارها للمسابقة، ولا في ما يتعلق بمخرجيها الذين يتنافس كبار بينهم على نحو كِن لوتش، والإيطالي ناني موريتي، مع مبتدئين مغمورين كالسنغالية راماتا-تولاي سي.

وأكّد أوستلوند من منزله الريفي ذي المصاريع الخضراء، الذي يبدو عادياً من الخارج رغم كون داخله فخماً، أن التعامل مع أفلام هؤلاء المخرجين سيكون "على قدم المساواة"، من دون إيلاء أية أهمية "للاختلافات المحددة بينهم".

وشدد على أنه سيضع جانباً اعتباراته الشخصية في حال حظي فيلم البريطاني كِن لوتش "The Old Oak" بإعجاب لجنة التحكيم، ولن يتردد في منحه سعفة ذهبية ثالثة يكون الأول في تحقيقها. 

وقال باسماً "إذا كان هذا أفضل فيلم سأعمل بالتأكيد جاهداً لتجاوز هدفي الخاص الأناني بأن أكون أول مخرج يحصل على 3 سعف ذهبية".

وأضاف "عندما يتولى المرء رئاسة لجنة التحكيم في مهرجان "كان"، عليه أن ينظر بعيداً، ولا يمكنه أن يكون شديد الفردية وأن ينظر إلى نفسه".

وأشار المخرج إلى أنه لم يقرر "مئة في المئة" أي نوع من رؤساء لجان التحكيم سيكون، لكنه أوضح أنه يحاول "دائماً اتباع مقاربة ديمقراطية جداً في الرئاسة".

ولم يعلن منظمو المهرجان بعد عن أسماء الأعضاء الآخرين الذين ستضمّهم لجنة التحكيم.

وأوضح أنه يحبّ "الاستماع إلى ما يقوله الجميع عن مختلف الأفلام"، ولا ينوي "ممارسة السلطة بأي شكل من الأشكال"، وأضاف مازحاً "بصرف النظر عن كوني أريد أن تكون الكلمة الأخيرة لي".

وينتظر أوستلوند بفارغ الصبر عيش تجربة "التوتر والضغط" في المهرجان الذي تحتضنه منطقة كوت دازور الفرنسية.

ولمهرجان جادة الكروازيت الشهيرة في مدينة كان مكانة خاصة لدى أوستلوند المعجب بالنمساوي ميكايل هانيكه، وهو مثله بين قلّة من المخرجين نالوا الجائزة الكبرى مرتين.

وروى أوستلوند: "عندما بدأت بإخراج الأفلام، أدركت، لأنني أردت أن أكون مثل أبطالي، أن مهرجان كان هو المكان المناسب ليعرض السينمائي أفلامه، إذ أنه المكان الذي يتيح له جذب الانتباه والوصول إلى أشخاص آخرين يشاهدون الأفلام بالطريقة نفسها". 

وبعد المهرجان، سيعاود أوستلوند العمل على فيلمه التالي "The Entertainment System is Down"، وهو السابع له، وتجري أحداثه في طائرة للرحلات الطويلة. 

وأمل روبن أوستلوند في أن يتيح له هذا الفيلم "كتابة التاريخ" من خلال التسبب في أكبر هجرة جماعية للمتفرجين من قصر المهرجانات.

ومصدر هذا الغضب مشهد لا يطاق مدته نحو عشر دقائق يظهر.. نفاد صبر طفل ينتظر أن يتمكن من اللعب بجهاز "آي باد".

ومن مكتبه الذي بناه قبل عامين في حديقته الإسبانية، يطمح أوستلوند إلى اختيار فيلمه هذا في مهرجان كان سعياً إلى سعفة ثالثة في أقل من عقد.

وقال "أعتقد أنهم سيحترمون فيلمي المقبل. وبالطبع أنا جزء من الهوية التي يمثلها مهرجان كان، ولكن إذا لم يكن فيلماً جيداً، فلن يكون في المسابقة".

وأضاف حامل السعفتين "لا أعتقد أن مهرجان كان وفي لأي شخص".



يعرض للمرة الأولى في «كان السينمائي الـ76» ..«قتلة زهرة القمر» ثاني أطول فيلم لسكورسيزي بعد «الأيرلندي»

 



أحدث أفلام مارتن سكورسيزي، (قتلة زهرة القمر ـ Killers of the Flower Moon)، والذي سيعرض للمرة الأولى بمهرجان كان السينمائي في فرنسا الشهر المقبل، سيكون بطول 3 ساعات و 26 دقيقة.

وتعتبر هذه المدة كافية لجعله ثاني أطول فيلم لسكورسيزي على الإطلاق، وذلك بعد فيلم (الأيرلندي ـ The Irishman)، والذي يمتد على 3 ساعات و 29 دقيقة وصدر على Netflix في عام 2019، مما يجعله أطول بثلاث دقائق فقط من Killers of the Flower Moon.

فيلم سكورسيزي Killers of the Flower Moon الذي طال انتظاره والمقتبس عن رواية تحمل العنوان نفسه للمؤلف ديفيد غران، مبني على أحداث حقيقية، وتتبع جرائم القتل المتسلسلة لأعضاء Osage Nation الغنية بالنفط في ولاية أوكلاهوما في العشرينيات من القرن الماضي. أصبحت الجرائم الوحشية تُعرف باسم "عهد الإرهاب"، مما أدى إلى تشكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي. 

يتصدر ليوناردو دي كابريو وروبرت دي نيرو طاقم الممثلين في الفيلم، والذي يضم أيضاً ليلي غلادستون وجيسي بليمونز وكارا جايد مايرز وجانا كولينز وجيليان ديون وتانتو كاردينال.

ويشتهر سكورسيزي بأنه أحد المخرجين الأوائل في أمريكا، والذي أخرج أفلاماً من أعظم ما قدمته هوليوود، بداية من Raging Bull إلى Goodfellas ووصولاً إلى Taxi Driver. كما يشتهر بأفلامه الطويلة أيضاً، حيث كان فيلمه The Wolf of Wall Street يمتد على 3 ساعات، أما Casino فكان بطول ساعتين و 58 دقيقة، في حين يبلغ طول The Aviator ساعتين و 49 دقيقة.



الأربعاء، 19 أبريل 2023

"بنات ألفة".. فيلم تونسي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان

 

وكالات:

ستشهد الدورة السادسة والسبعين من مهرجان كان السينمائي حضور أفلام عربية في المسابقة الرسمية وأبرزها فيلم "بنات ألفة" التونسي. فماذا يتناول الفيلم الجديد للمخرجة كوثر بن هنية صاحبة تحفة "الرجل الذي باع ظهره"؟

يشارك الفيلم التونسي "بنات ألفة" للمخرجة كوثر بن هنية ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي في دورته السادسة والسبعين التي تقام شهر مايو/ أيار القادم. 


الفيلم مستوحى من قصة حقيقية لسيدة اسمها ألفة لديها أربع بنات وكيف ترى المخرجة والمؤلفة حياة هذه السيدة سينمائيا بطريقة تجمع بين الوثائقي والدراما كأنه فيلم وثائقي عن الفيلم نفسه.


وكتبت بطلة الفيلم هند صبري عبر حسابها الشخصي على تويتر "فخورة وسعيدة باختيار الفيلم التونسي الذي أشارك فيه بالمسابقة الرسمية لمهرجان كان، أهم مسابقة في العالم! الفيلم إخراج كوثر بن هنية وإنتاج حبيب عطية ونديم شيخ روحه. يوم جميل ومهم في تاريخ السينما العربية".

 جدير بالذكر أن هذا هو الظهور الثاني لهند صبري في مهرجان كان بعد مشاركتها الأولى عام 1994 عبر فيلم "صمت القصور" للمخرجة الراحلة مفيدة التلاتلي والفائز بجائزة الكاميرا الذهبية عن قسم نظرة.وتوالت بعده بطولات هند صبري في السينما التونسية والمصرية والعالمية في أكثر من 31 عملا سينمائيا حصدت خلالها الكثير من جوائز التمثيل الأولى منها أفضل ممثلة في أيام قرطاج السينمائية مرتين وأفضل ممثلة في مهرجان الجونة.

أما بالنسبة للمخرجة فيها كوثر بن هنية فهذه أول مرة تنافس ضمن مسابقة مهرجان كان بعدما استطاعت تحقيق إنجاز سابق للسينما التونسية بالوصول للقائمة النهائية لترشيحات جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي بفيلم "الرجل الذي باع ظهره" عام 2021.


وفي قسم (نظرة ما) بمهرجان كان الذي يقام من 16 إلى 27 مايو/ أيار، تشارك أفلام لمخرجين عرب من السودان  والمغرب وتونس . ويشارك المخرج السوداني محمد كردفاني بفيلم "وداعا جوليا" كما تشارك المخرجة المغربية أسماء المدير بفيلم "كذب أبيض" وكذلك المخرجة الكندية من أصل تونسي منية شكري بفيلم "ببساطة مثل سيلفان".










الثلاثاء، 18 أبريل 2023

العرض العالمي الأول للفيلم الاردني إنشالله ولد في أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي الدولي



يشهد الفيلم الروائي الأردني إنشالله ولد للمخرج أمجد الرشيد عرضه العالمي الأول في الدورة الـ 76 من مهرجان كان السينمائي الدولي والتي تقام من 16 إلى 27 مايو/آيار، وينافس الفيلم في قسم أسبوع النقاد، ليكون أول فيلم أردني ينافس ي تاريخ المهرجان الفرنسي الأهم وهو الفيلم الروائي الطويل لمخرجه بعد عدة أفلام قصيرة أنجحها فيلم الببغاء الذي شارك في عشرات المهرجانات وحصد الجوائز.



إنشالله ولد يحكي قصة نوال التي يتوفى زوجها فجأة ليتحتم عليها أن تنقذ ابنتها ومنزلها من مجتمع تنقلب فيه الموازين إن كان لديها طفل ذكر وليس أنثى.

ويقول المخرج أمجد الرشيد "فخور بتواجد فيلمي الروائي الأول في أهم مهرجان عالمي، فيلم إنشالله ولد يتمحور حول العيش تحت قيود مجتمع ذكوري قمعي. يحمل هذا الفيلم مكانة شخصية وعاطفية عميقة في قلبي. ولذلك فإن إخلاصي في سرد هذه القصة يهدف لخلق روح حقيقية وواقعية في الفيلم لكي يرتبط بها المشاهد وتدفعه للتفكير".

ومن جانبها تقول المنتجة رولا ناصر "سعيدة بتتويج جهودنا في هذا الفيلم ببداية استثنائية في مهرجان كان، وفيلمنا إنشالله ولد لا يتحدث عن القوانين التي تضطهد المرأة في العالم العربي، بل عن المعتقدات المجتمعية والثقافية التي تفرض سيطرتها على حياة المرأة في المجتمع. ورسالته أن التغيير يبدأ من المجتمع قبل مؤسسات الدولة".

وعن حماسهما لتوزيع الفيلم في العالم العربي يقول ماهر دياب وعلاء كركوتي الشريكان المؤسسان لـ MAD Solutions "إنشالله ولد من الأفلام التي القادرة على إحداث فارق في المجتمعات سواء قوانينها أو طريقة التفكير فهو يبحث في جذور مشكلة عمرها عقود طويلة ويعترف بالمشكلة وهو أول طريق الحل، ويقدم كل هذا  للمتفرج بأسلوبي سرد شيق وبمواهب وطاقة هائلة من صناعه، وأيضًا عملنا من فترة مع أغلب فريق الفيلم وتجمعنا نفس الأفكار والشغف في العمل".

وتضيف المنتجة شاهيناز العقاد مؤسسة شركة Lagoonie Film Production المشاركة في توزيع الفيلم على حديث كركوتي ودياب "الطريق إلى أي تغيير مجتمعي خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة دائمًا طويل وعلى السينما جزء من عاتق تلك المهمة، قوانين الميراث حاليًا ظالمة ومُجحفة ولم تعد تصلح في العصر الحالي وتعود بالمجتمع للوراء مئات السنوات ونأمل أن يكون إنشالله ولد بداية لشرارة التغيير وإنقاذ آلاف الأسر".

ويقول إريك لاجيس المدير التنفيذي لشركة التوزيع الفرنسية Pyramide International "نشعر بالفخر للعمل في هذا الفيلم المهم، وكذلك سعداء بالعمل لأول مرة مع المنتج أمجد الرشيد والمنتجين رولا ناصر ونيكولا لوبرتر، وأن نتشارك التعاون مجددًا مع شركة MAD Solutions التي لطالما تشاركنا الحماس في العديد من الأفلام العربية.

مشروع الفيلم فاز بالعديد من الجوائز أهمها الجائزة الكبرى في مرحلة ما بعد الإنتاج (أطلس بوست برودكشن) في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وأربع جوائز من ورشة فاينال كات فينيسيا في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، وجائزة مهرجان الجونة السينمائي بقيمة 5 آلاف دولار دعم مالي، وجائزة مهرجان فرايبورغ السينمائي الدولي بسويسرا.

وحصل أيضًا على دعم من الهيئة الملكية الأردنية للأفلام في دورتين حيث حصل على دعم الإنتاج ودعم ما بعد الإنتاج، كما تم دعم الفيلم من قبل حوافز التصوير في الأردن حيث استفاد من الاستثناء الضريبي وبرنامج الحوافز الإنتاجية كما حصل على منحة تطوير من ملتقى القاهرة السينمائي، بالإضافة بالإضافة إلى دعم الإنتاج من مؤسسة الدوحة للأفلام، وقد سبق للفيلم الحصول على دعم صندوق البحر الأحمر للإنتاج أو لعمليات ما بعد الإنتاج في دورته الأولى، دعم من المركز الوطني الفرنسي للسينما المحلية والصور المتحركة (سي إن سي). 

الفيلم من إخراج أمجد الرشيد يشاركه التأليف دلفين أوغت ورولا ناصر، وبطولة منى حوا وهيثم عمري ويمنى مروان وسلوى نقارة ومحمد جيزاوي وإسلام العوضي وسيلينا ربابعة .

ويضم الفيلم أيضًا فريق عمل من أهم العاملين في الصناعة عربيًا وعالميًا وهم مدير تصوير كانيمى أونوياما (الفيلم الأوسكاري Everything Everywhere All at Once) ، والمونتير أحمد حافظ (مسلسل Moon knight) ومهندسة الصوت نورا الحلواني (فيلم Dégradé) ومصممة الملابس العالمية زينة صوفان التي شاركت في عدة أفلام عالمية أحدثها John Wick: Chapter 4 ومهندس الديكور ناصر زوبي (مسلسل Messiah) ومكياج فرح جعدان (الفيلم الأوسكاري Dune) وموسيقى جيري لين (الفيلم المرشح للأوسكار ذيب).

أمجد الرشيد مخرج أردني حاصل على درجة الماجستير في الفنون السينمائية، وبدأ في الإخراج والتأليف والإنتاج في 2005. تم اختياره في 2007 للمشاركة في ملتقى برليناله للمواهب في مهرجان برلين السينمائي الدولي. وتضم قائمة أعماله ستة أفلام قصيرة ترشحت وحصلت على الجوائز في المهرجانات السينمائية الدولية والعربية وأشهرها فيلم الببغاء مع المخرجة دارين سلام، وفي 2016 اختير أمجد ضمن قائمة "نجوم الغد العرب" بـمجلة سكرين دايلي من بين 5 مواهب أفلام ناشئة من العالم العربي.

رولا ناصر منتجة مستقلة أردنية، تمتلك خبرة في كل الجوانب الإنتاجية المتنوعة من الإعلانات التجارية والمسلسلات التلفزيونية والأفلام منخفضة الميزانية والأعمال التجارية ضخمة الميزانية. بدأت رولا مشوارها بالعمل في مشاريع قناتي BBC  وديسكفري. وعملت مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام لمدة خمس سنوات، وفي عام 2011 أسست شركة The Imaginarium Films، واختيرت أعمالها للمشاركة في العديد من المهرجانات المرموقة.


الاثنين، 17 أبريل 2023

«آلان ديلون» في كتاب عن سيرته : واصلت التمثيل من أجل النساء



أكّد الممثل الفرنسي الشهير آلان ديلون أنّه أراد أن يكون “الأفضل والأجمل والأقوى” في نظر النساء اللواتي عرفهنّ طوال حياته، وذلك في مقدّمة كتاب عن سيرته، تُصدره في 5 أيار دار “لا مارتينيير” . 

ويستعرض الكتاب الذي يحمل عنوان Alain Delon، Amours et Memoires “آلان ديلون، قصص حبّ وذكريات”، المتضمّن صوراً شخصية لم يسبق نشرها، طفولة نجم السينما الفرنسية، ومحطّات مسيرته المهنية وأفلامه.

وكتب ديلون، في مقدّمة هذا العمل، الذي أعدّته دينيتزا بانتشيفا، القريبة من النجم: “لقد دفعني الحبّ دائماً إلى تجاوز نفسي”.

وأضاف ديلون (87 عاماً): “لم أحلم يوماً بأن أكون ممثلاً. دخلت المهنة، وواصلت التمثيل من أجل النساء”، ذاكراً منهنّ الممثلات بريجيت أوبر وميشيل كوردو ورومي شنايدر وناتالي ديلون وميراي دارك وروزالي فان بريمن، والدة أنوشكا وآلان فابيان، آخر أبنائه.

وتابع النجم: “إذا كان ثمّة ما أفتخر به، فهو مسيرتي”، التي “لم تكن لتوجد لولا اللقاءات مع صانعي الأفلام الكبار”، ومنهم رينيه كليمان ولوشينو فيسكونتي وجان بيار ميلفيل وجوزف لوسي.

ويروي جان-فرنسوا ديلون، شقيق الممثّل والمخرج المساعد في أفلام، من بينها “بورسالينو”، ذكريات طفولتهما وتصوير بعض الأعمال.

ويتضمن الكتاب أيضاً شهادات للمخرج كوستا غافراس، الذي يصف ديلون بأنّه “وحش السينما الفرنسية الذي لا يستعاض عنه، ولا يمكن تقليده”، وللممثّلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي وجاين بيركن وناتالي باي.

وديلون الذي أثارت بعض مواقفه الشخصية الجدل، أهدى هذا الكتاب “للشباب ومحبّي السينما في المستقبل”.

وأكّد النجم “أنّ أيّ شيء لم يحدث على الإطلاق” بينه وبين الممثلة الفرنسية بريجيت باردو، مع أنّ ذلك “قد يبدو مفاجئًا”. وأضاف: “لدينا أفضل العلاقات الودّية منذ 65 عاماً”.



الجمعة، 14 أبريل 2023

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يبدأ استقبال أفلام دورته الـ45 ويعلن عن مسابقة جديدة للفيلم التسجيلي



 القاهرة - 

أعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فتح باب التسجيل للأفلام الراغبة بالمشاركة في فعاليات دورته الـ45 التي تقام في الفترة من من 15 إلى 24 نوفمبر المقبل بدار الأوبرا المصرية، ويبدأ فتح باب استقبال طلبات الأفلام من جميع أنحاء العالم بداية من 15 أبريل 2023 وحتى 1 أغسطس 2023 عبر الموقع الرسمي للمهرجان.

وقد صرّح الفنان حسين فهمي رئيس المهرجان "سعداء بردود أفعال الدورة الماضية من الصحافة وجمهور المهرجان وفخورون بما حققته الدورة الـ44 من إنجازات على مستوى البرمجة وضيوف الصناعة المهمّين، كما أننا نُعدّ جذب مهرجان القاهرة مخرجين بحجم "بيلا تار" و"ناعومي كاواسي" و"ماثيو كاسوفيتس"، بخلاف البرنامج الخاص بالنجم والمخرج الفرنسي الراحل "جان لوك جودار"، دلالة على المكانة العالمية التي يحتلها بتاريخه العريق، ونعد جمهور المهرجان بدورة لا تقل عن الدورة الماضية في نوعية الأفلام و مستواها و الضيوف المهمين المشاركين"

 

وأضاف المخرج أمير رمسيس مدير المهرجان "كان اختيار برنامج أفلام الدورة 44 مغامرة كبيرة مليئة بطموح جعل تلك الدورة جديرة باسم مهرجان القاهرة، وسعدنا بمشاركة جمهور المهرجان تلك المجموعة المتنوعة من الأفلام السينمائية الأميز لعام 2022، ونعد الجمهور هذا العام بعدة مفاجآت مماثلة على مستوى مسابقات الأفلام  المتنوعة، وبرامج المهرجان الخاصة، كما أننا أضفنا هذا العام مسابقة للفيلم التسجيلي كجزء من مخطط تطوير المهرجان واستيعابه لمختلف التيارات والأساليب السينمائية واحتفاءا بهذا النوع المهم في الصناعة".

وشهدت فعاليات الدورة الماضية مشاركة مجموعة كبيرة من أهم الأفلام التي عرضت بأهم المهرجانات العالمية و حصلت على إشادات نقدية مهمّة وحققت جوائز متميزة في مجال صناعة السينما، حيث شهدت الدورة عرض 108 فيلما من 53 دولة، من بينها 30 فيلمًا في عروضها العالمية والدولية الأولى، و57 فيلمًا في عروضها الأولى بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن بين هذه الأفلام Alcarràs الفائز بجائزة الدب الذهبي بمهرجان برلين السينمائي، وفيلم "عيش وملح" الحاصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمسابقة آفاق بمهرجان فينسيا السينمائي، وكذلك فيلم "EO" الذي حصد جائزتي لجنة التحكيم والموسيقي التصويرية بمهرجان كان السينمائي،  وفيلم "Saint Omer" الحاصل على جائزة لجنة التحكيم الكبرى وجائزة أسد المستقبل من مهرجان فينيسيا، وكذلك فيلم "The Banshees of Inisherin" الفائز بجائزتي أفضل ممثل وأفضل سيناريو بمهرجان فينيسيا السينمائي، وفيلم "The Fabelmans" للمخرج الكبير ستيفن سبيلبرج الذي افتتح دورة المهرجان الماضية.

كما تم ترميم فيلمين من كلاسيكيات السينما المصرية وإعادة تقديمهم للجمهور وهما "يوميات نائب في الأرياف" للمخرج توفيق صالح، و"أغنية على الممر" للمخرج علي عبد الخالق.

 

محمد زينات “الحمام المسافر” في تاريخ السينما الجزائرية


  تشكل تجربة الفنان الراحل محمد زينات محطة لامعة في تاريخ السينما الجزائرية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بمبادئ الحرية والنضال ورفعت القضية الوطنية عاليا ومكنت من بروز اسمه كممثل ومساعد مخرج وبشكل أكبر كمخرج لفيلم “تحيا يا ديدو” الذي ما زال يثير اهتمام وفضول عشاق الفن السابع.

باستحضار سيرة الفنان محمد زينات في ذكرى رحيله الـ 28، يبرز معه جيل من الفنانين الذين التحقوا بالثورة الجزائرية والتزموا بقضية تحرير الوطن من المستعمر الفرنسي ولم يترددوا في تدعيم صفوف الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني.


يصفه العارفون والمعجبون بشخصيته بالمخضرم المغامر والطموح ذو حساسية فنية عالية، “كان يشبه الحمام المسافر”، على حد قول الممثل عبد الحميد رابية، الذي يؤكد بأن زينات اكتشف ميوله إلى الفن منذ طفولته الأولى، وهو وليد حي القصبة العريق سنة 1932، أين درس الابتدائي وسرعان ما شغف بالمسرح وبدأ ينشط في صفوف حزب الشعب الجزائري حيث أسس فرقة “المنار الجزائري” وقدم بباريس مسرحية مقتبسة عن “البرجوازي النبيل” لموليير (1947)، قبل أن ينتقل إلى فرقة أخرى تحت لواء الكشافة الإسلامية الجزائرية.

وتضاعف اهتمامه بالسينما العالمية من خلال الأفلام التي كانت تعرض آنذاك إذ سنحت له فرصة مشاهدة فيلم “بي بي لو موكو” لجوليان دوفيفيه الذي ترك لديه انطباعا مناهضا للنظرة الاستعمارية اتجاه الشعب الجزائري.

ووسط هذا الغليان في الحركة الثقافية والوطنية، التحق زينات بحركة انتصار الحريات الديمقراطية، حيث برزت حياته الفنية أكثر وأدى عديد الشخصيات المسرحية وتعمقت قناعته بأهمية النضال السياسي والكفاح المسلح.

وأظهر زينات إعجابه بالأداء السينمائي لشارلي شابلين وجماليات السينما الصامتة، من خلال مسرحية ألفها سنة 1953 بعنوان “تيبلكاشوتين” والتي تعني “الرجل ذي الأغصان الصغيرة” قدمها في تونس ليعيد اقتباس الفكرة إلى السينما دون أن يتمكن من إخراجها.

لم يتردد زينات في الالتحاق الفعلي بصفوف الثورة كضابط في جيش التحرير الوطني سنة 1958، ليصاب بجروح بليغة في إحدى مهماته، وينقل إثرها إلى تونس لتلقي العلاج، وقد شكل هذا السفر الاضطراري منعرجا آخر في حياته بالتحاقه بالفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني في أفريل 1958 حيث أدى دور “لخضر” في مسرحية “الجثة المطوقة” لكاتب ياسين.

المتمعن في الخيارات الفنية لمحمد زينات يتأكد أنه مشبع بثقافة الانفتاح على الآخر وطموحه في تطوير قدراته الفنية التي ستظهر لاحقا في أعماله السينمائية سواء كمخرج أو كممثل، إذ انتقل إلى برلين في 1959 ثم إلى موينخ لتلقي تكوين في الـ”كامرسبيل” وهي حركة سينمائية ومسرحية تعتمد على الأداء الدرامي الطبيعي.

وبين ذهاب وإياب بين باريس والجزائر، اشتغل محمد زينات مع المخرج جون ماري سيرو في مسرحية “الخادمتان” بفرنسا، وفي 1964 شارك في تأسيس شركة “قصبة فيلم” بالجزائر رفقة المجاهدين ياسف سعدي وحبيب رضا، وفي 1965 تم توظيفه في الديوان الوطني للتجارة والصناعة السينماتوغرافية وكان مساعدا للمخرج عمار العسكري.

إن الرصيد الفيلمي لزينات متنوع وثري كمساعد مخرج مع إينيو لورانزيني في فيلم “أيادي طليقة” (1964) ومع جيلو بونتيكورفو في “معركة الجزائر” (1966) أو كممثل مع سارة مالدورور في فيلم “مونوغابي” (1968) و مرتين مع رونيه فوتييه في “أبناء العم الثلاثة” و “القندول” (1970)

ويظهر محمد زينات كشخص هادئ مبتسم في وجه الحياة، يشبه شخصيات مسرحية بملامح رقيقة تخفي وهن الجسد، لكنه كان دائما يصر على رفع التحدي في قبول الأدوار المقترحة عليه كما هو الحال في فيلم “البونيول” لدانيال موسمان (1974).

وتحدث زينات عن دوره في هذا الفيلم، في حوار مع المعهد الفرنسي للسمعي البصري (إينا) بالقول إنه أحب الشخصية التي تقمصها لأنه أحس أنها قريبة منه وتشبهه في بعض التفاصيل مثل كونه مهاجر اشتغل مهن كثيرة مثل بائع جرائد في البداية قبل أن يتفرغ كليا للعمل السينمائي.

“تحيا يا ديدو” .. دفتر ذكريات محمد زينات

ارتبط اسم محمد زينات بفيلمه الطويل الوحيد “تحيا يا ديدو” الذي أخرجه في 1971، إذ يمكن اعتباره المرآة العاكسة لشخصيته الفنية والعلامة المسجلة التي قدم فيها نظرته للبلاد غداة الاستقلال مستعينا بكم هائل من الشاعرية والواقعية في آن واحد.

ولعل هذه اللمسة المزدوجة بين الواقع والخيال هي خلاصة الخلفية الفنية لزينات الذي أعجب بشارلي شابلن وتعمق في التجربة الفنية الألمانية والفرنسية وتنوع أسفاره ورحلاته وسعة طموحه وأفكاره.

في هذا الفيلم، روى زينات القصبة التي عشقها ومن خلالها الجزائر الجوهرة البيضاء المتوسطية التي تسافر إليها الوفود لتتمعن في لمعانها وتتحسس التغييرات التي طرأت عليها بعد نيلها الاستقلال، وفسح المجال لصديقه الشاعر حيمود براهيمي “مومو” ليخاطب المدينة ابتداء من البحر في حوارية ما تزال الأجيال تحفظ أبياتها.

واستعان المخرج بمكونات ثقافية جزائرية، من خلال الفانتازيا والفرقة النحاسية والحايك ومظاهر الحياة في أزقة القصبة، وقام عن طريق الكاميرا بتصوير حي ليوميات الجزائريين بإظهار ذلك التحول في لغة سينمائية توثيقية أحيانا وروائية أحيانا أخرى.

ويمكن تشبيه “تحيا يا ديدو” بدفتر ذكريات زينات الذي أدى دور مجاهد يعيش الحاضر بألم الماضي من خلال الأصوات والذكريات التي تطفو على السطح لنسترجع معه جزء من مساره الثوري والنضالي في صفوف جيش التحرير الوطني والفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني ويفضح جرائم المستعمر عبر مشاهد تعذيب المناضلين.

واستطاع زينات بذكائه الفني أن يحول فكرة إنجاز فيلم ترويجي قصير عن السياحة في الجزائر إلى عمل روائي طويل توزعت فيه الأدوار واختلطت مع عامة الناس في الشوارع لتشكيل قطعة موزاييك متعددة الألوان.

وبخصوص مظاهر التمييز العنصري اتجاه المهاجرين بصفة عامة التي ميزت تلك الفترة، رد واثقا: “أقابل بعض الردود العنصرية بالابتسامة لأني أشعر بالفخر أنني جزائري لكن في نفس الوقت أتألم للآخرين حينما يتعرضون لتلك المواقف العنصرية”.


الثلاثاء، 11 أبريل 2023

نيلسون مانديلا:ثمانية أفلام حول سيرة المناضل

محمد عبيدو 

 "نيلسون مانديلا”،  الزعيم الجنوب أفريقي سياسي مناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وثوري شغل منصب رئيس جنوب أفريقيا ( 18 جويلية 1918- 5 ديسمبر 2013). وكان أول رئيس ذات بشرة سمراء لجنوب أفريقيا، انتخب في أول انتخابات متعددة وممثلة لكل الأعراق. ركزت حكومته على تفكيك إرث نظام الفصل العنصري.

وقصة حياة نلسون مانديلا من السجن الطويل/ 27 عاماً / إلى الحرية والسلطة بعد 64 عاماً من النضال، لطالما كانت ملهمة للثوار والمناضلين، وشخصيته البسيطة والآسرة سحرت صناع السينما وقدمت بأفلام عديدة نالت الاهتمام والاستحسان هنا وقفة مع ثمانية أفلام قاربت سيرته.

 “مسدس مانديلا“: يروي الفيلم الطويل، المنتج بشراكة جزائرية، بريطانية، جنوب إفريقية، أبرز المحطات التي عرفتها مسيرة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا. وفي قالب توثيقي ودرامي اعتمد المخرج جون ايرفن، عن سيناريو أوتس كيرياكيد على شهادات شخصيات عرفت الراحل مانديلا. وتدور أحداث الفيلم حول فارقة حساسة جداً في حياة الزعيم الجنوب الإفريقي وتمثل تحول القائد مانديلا من النضال السلمي إلى الكفاح المسلح.

الأحداث تعود الى عام 1961، مع بداية مانديلا نشاطه السري ليصبح قائداً في كفاحه المسلح، وقبل وقت قليل فقط من إلقاء القبض عليه سنة 1962 توجه مانديلا إلى إثيوبيا للتدريب العسكري ومنحه الإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي مسدساً من طراز مكاروف كهدية.

وخلال عودته إلى بلاده، وبينما كان مانديلا يختبئ في مطبخ بيت ريفي قرب مزرعة كانت معقلاً للمقاومين شمال جوهانسبورغ، حفر في الأرض حفرة ودفن فيها المسدس ملفوفاً ببذلته العسكرية، واعتقل مانديلا وكان يأمل أن يعود إلى المكان نفسه لاسترجاع مسدسه الذي لم يطلق منه رصاصة واحدة، لكنه لم يكن يعلم أن أسره سيستمر 27 عاماً. التصوير جرى في الجزائر، وجنوب إفريقيا، وإثيوبيا وتنزانيا. وجسد بطولة القصة كل من الممثل الجنوب إفريقي تومبسشو ماشا، الذي أدى شخصية مانديلا، والجزائري خالد بن عيسى في دور الشريف بلقاسم، وديسموند دوب تقمص شخصية جوفان مبيكي، ونايك بوران أدى شخصية سيسيل وليامز، وفرانسيس شولر تقمص دور بوب هيبال وغيرهم. والجدير بالذكر أنّ نيلسون مانديلا، الذي تلقى تدريبه العسكري في الجزائر في الستينيات، واستلهم منها الكفاح والنضال.

انفيكتوس“: كرس المخرج والممثل الأمريكي كلينت ايستوود لمانديلا فيلم “انفيكتوس”، وهو فيلم ينتمي للسينما السياسية لكنه قبل كل شيء، عمل إنساني هائل. ساعتان و15 دقيقة هي مدة فيلم “إنفكتوس” الذي يحكي عبر أحداثه قصة رائعة لتوحيد وطن ممزق عبر الرياضة، فيرسم المخرج كلينت إيستوود بورتريهاً رائعاً وإنسانياً لنيلسون مانديلا، حيث نرى مانديلا يفوز بقلوب البيض بدعمه الفريق الوطني للركبي خلال دورة كأس العالم 1995 التي فازت فيها جنوب إفريقيا. الفيلم يتحدث كثيرًا عن العلاقة بين رئيس الجمهورية وكابتن الفريق (بيينار) – الممثل مات ديمون – الذي يحاول مانديلا أن يبث فيه روح الثقة، ويخبره بقصيدة (إنفكتوس) التي جعلته يتحمل ثلاثة عقود في الزنزانة. ويصل الفيلم ذروته العاطفية عندما يزور (بيينار) الزنزانة الضيقة التي قضى فيها مانديلا أعوام سجنه، والحشية على الأرض التي كان يقضي الساعات جالسًا عليها يقرأ ويتأمل. نسمع القصيدة تتردد طيلة الوقت: “فأنا سيد قدري.. وأنا قبطان سفينة روحي”. وكانت بعض المشاهد مثل ومضات معبرة عن صفحات في ذكريات هذا الوطن، أو تأكيداً لبعض مواقف الزعيم الإفريقي في جمل سينمائية شديدة الحساسية.

مانديلا شخصية نادرة لا يجود بها الزمن إلا كل مائة عام، لكنك تدرك بوضوح أن الزنزانة كان لها فضل كبير في صياغة هذا الرجل. وينتهي الفيلم وأنت تتذكر كلمات القصيدة بصوت مورجان فريمان الرجولي المؤثر:

وأنا في مخالب الظروف المهلكة

لم أجفل أو أصرخ عاليًا..

تحت هراوات القدر

غطت الدماء رأسي..

لكنه لم ينحنِ..

«مانديلا.. مسيرة طويلة نحو الحرية» من بطولة نعومي هاريس التي لعبت دور ويني مانديلا وإدريس إلبا الذي قام بدور مانديلا. ويجسد الفيلم قصة حياة مانديلا ونضاله ضد نظام التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا، وقد تحول مانديلا بعد الإفراج عنه إلى رمز عالمي للنضال، بعد قيادة بلاده خلال مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية والمصالحة بين الأغلبية السوداء والأقلية البيضاء. وتولى مانديلا رئاسة بلاده عام 1994، بعد أربع سنوات من خروجه من السجن. وإن التضحيات التي قدمها مانديلا والشعب الجنوب إفريقي لانتزاع حريته كانت كبيرة. وقال الممثل البريطاني إدريس إلبا «هذه القصة أكبر مني بكثير، وأكبر من أي شخص، وان الجنوب إفريقيين يحبون مانديلا حباً كبيراً، ما يجعل تجسيد شخصيته مسؤولية كبيرة».

وما يميز الفيلم أنه حاول نقل صورة اصلية لكل الأحداث مرتكزا على بحث معمق في محفوظات مركز نلسون مانديلا، وانه عمد الى تصوير الحياة الشخصية والعائلية لمانديلا. وقال مخرج الفيلم، البريطاني جاستن شادويك:”لقد حاولنا ان نفهم البعد الشخصي للرجل، وليس الامور التي يعرفها كل الناس، أردنا أن يتناول الفيلم العائلة والحب والمسامحة”. وإذا كان الفيلم يؤرخ لحياة مانديلا، لكنه أيضا يلقي الضوء على مواطني جنوب إفريقيا، الذين شارك منهم عدد كبير في المشاهد التي تصور أعمال العنف إبان الصدامات العرقية في البلاد. ويقول المخرج “أردنا أن نرسم صورة شاملة حقيقية للناس الذين يظهرون في الفيلم”.

” مانديلا “من إخراج فيليب سابيل  أنتج الفيلم خلال عام 1987 أي خلال فترة سجن مانديلا، وهو من بطولة داني جلوفر، وتدور أحداث الفيلم حول مشوار نضال الزعيم نيلسون مانديلا الذي فاز بجائزة نوبل للسلام وثورته ضد العنصرية حتى وصوله لرئاسة جنوب أفريقيا.

مانديلا ودي كليرك“: قدم فيلم سنة 1997 من إخراج جوزيف سارجنت وبطولة “سيدني بواتيه” و”مايكل كين” تلك العلاقة بين رئيس جنوب أفريقيا السبق فريديريك دي كليرك ومانديلا الذي فاز بالرئاسة عام 1994 وعين خصمه السابق نائبا له. والقرار الذي اتخذه بالإفراج عن نيلسون مانديلا بعد 27 عام من فترة سجنه التي كان من المفترض أن تستمر مدى الحياة.

وداعا بافانا“: قدم المخرج الدانماركي “بيلي أوغست” بنفس العام فيلمه عن مانديلا بعنوان “وداعا بافانا” الذي يتناول حياة مانديلا من وجهة نظر سجانه الأبيض، حيث قضى الراحل أكثر من 27 سنة، سجينا وأدى شخصية مانديلا الممثل دينيس هايسبرت. وعام 2011 ظهر مانديلا أيضا في هوليوود في فيلم “ويني” الذي يتناول سيرة زوجته السابقة، منذ طفولتها مروراً بحياتها وزواجها من هذا الرجل العظيم وجسد دور مانديلا الممثل تيرانس هوارد وقامت جنيفير هادسون بدور ويني مانديلا.

 درم ” : ويحضر منديلا في فيلم ” درم ” أي طبل من إخراج زولا ماسيكو من جنوب افريقيا الذس يحكي عن صحفي اسود مناضل يدعى هنري مكسومالو حارب بكتاباته وتحقيقاته من خلال الجريدة اليومية المتعاطفة مع قضايا السود التي كان يعمل بها، وتسمى ” درم ” DRUM حارب نظام التمييز العنصري ، حتى تم اغتياله وإخراسه إلى الأبد، والفيلم يحكي بالفعل عما وقع لهذا الصحفي الأسود من جنوب إفريقيا الذي كان صديقا شخصيا لمانديلا ، ويظهر مانديلا في ذلك الفيلم الذي نعتبره من أجمل الأفلام الإفريقية القوية المبهرة ، المكتملة شكلا وموضوعا.

” فينوس أسود “: فيلم عرض في عام 2010، ويربط معاناة السود في القرن التاسع عشر بكفاح مانديلا من أجل الحرية والمساواة عبر 159 دقيقة وبطريق غير مباشر. ويسرد العمل حكاية امرأة من أفريقيا يجلبها المستعمرون البيض ويعاملونها كشخص غريب وكائن يستحق العرض والدراسة والمشاهدة من دون أي حق لها، ومن دون معاملتها كإنسانة.

الفيلم من تأليف وإخراج المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش ومن بطولة ياهيما توريس، أندري جاكوب، وأوليفر جورميه.