الثلاثاء، 21 أبريل 2015

أربعة من أفلام "سند" تعرض في مهرجان "تورونتو" السينمائي الدولي


أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة:
أعلن مهرجان أبوظبي السينمائي أن أربعة من الأفلام العربية التي استفادت من منح صندوق "سند" ، قد تم اختيارها للعرض في الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان تورونتو السينمائي الدولي، التي تقام في الفترة ما بين 4-14 سبتمبر المقبل.
وتمثل هذه السنة الخامسة على التوالي التي سيتم خلالها عرض أفلام ممولة من صندوق "سند" في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، وتشمل الأفلام التي تم اختيارها لدورة هذا العام فيلمين روائيين هما "الوادي" إخراج غسان سلهب ، و"ذيب" إخراج ناجي أبو نوار. بالإضافة إلى عرض فيلمين وثائقيين آخرين ضمن فئة "وثائقيات المهرجان" (تف دوكس) هما "ألاوديسا العراقية" للمخرج العراقي السويسري سمير، و"المطلوبون الـ18"، من إخراج  الفلسطيني عامر الشوملي والكندي بول كوان.
وأوضح علي الجابري، مدير مهرجان أبوظبي السينمائي أن اختيار هذه الأفلام يعد إنجازاً هاماً يسجل لصالح صندوق "سند"، ودليلاً على نجاح مهرجان أبوظبي السينمائي في دعم وتطوير أفلام عربية تضاهي بجودتها أفلام السينما العالمية، وكذلك دعمه لصناع السينما من المبدعين على مستوى المنطقة.

وأضاف الجابري، بأن صندوق "سند" هو البوصلة التي يتم وفقها تمييز المشاريع الجديرة بالاهتمام ودعمها، لذلك فنحن واثقون من أن هذه الأفلام تحمل ابتكاراً ومستوى فنياً رفيعاً لافتاً يضمن تمثيلاً ذو تأثير أكبر للسينما العربية في مختلف المحافل العالمية.

من جهة ثانية فقد تم اختيار فيلم "ذيب" للمخرج الأردني ناجي أبو نوّار مؤخراً، للمشاركة في مسابقة آفاق (أوريزونتي) في مهرجان فينيسيا السينمائي، وهو الفيلم العربي الطويل الوحيد الذي سيكون ضمن عروض البرنامج الرسمي لهذا العام. ويروي الفيلم الذي يعرض ضمن فئة "اكتشافات" في مهرجان تورونتو السينمائي، حكاية غير تقليدية تدور أحداثها عام 1916 في شبه الجزيرة العربية حيث يعيش الفتى "ذيب" مع قبيلته في زاوية منسيّة من الإمبراطورية العثمانية. بعد وفاة والده، يتولى أخوه "حسين" مسؤولية تعليمه مبادىء الحياة البدوية. وحين يقوم ضابطٌ بريطاني ودليل له بزيارة القبيلة في مهمة غامضة، يوافق حسين


على مرافقتهما، وخوفاً من فقدان شقيقه، يلحق ذيب بالمجموعة ليقبل على رحلة محفوفة بالمخاطر عبر الصحراء العربية.
ويعود المخرج غسان سلهب إلى مهرجان تورونتو من جديد بعد مشاركته الأولى في العام 2011 بفيلم "الجبل". وتعرض دورة هذا العام فيلمه الأخير "الوادي" ضمن فئة "سينما معاصرة من العالم"، وتدور الحكاية حول رجل ينجو من حادث سير في وادي البقاع بفقدان ذاكرته، ليقع رهينة مجموعة أشخاص يقيمون في مزرعة نائية يستغلونها لتصنيع المخدّرات.. ويضم الفيلم أبرز الوجوه التمثيلية التي سبق لسلهب التعاون معها في أفلامه السابقة مثل كارلوس شاهين، فادي أبي سمرا، كارول عبود، عوني قوّاص بالإضافة إلى الوجهين الشابين منذر بعلبكي ورودريغ سليمان.

وفي فئة "وثائقيات المهرجان"، يُعرض "ألاوديسا العراقية" للمخرج العراقي السويسري سمير الذي عرفه الجمهور العربي من خلال فيلمه "إنس بغداد" عام 2002 بعد مسيرة طويلة في الإخراج والإنتاج في أوروبا وتحديدا سويسرا حيث نشأ ويقيم حتى يومنا هذا. تجربة سمير الجديدة، "ألاوديسا العراقية"، هي مغامرة مصورة بصيغة الأبعاد الثلاث، يتناول من خلالها هجرات أفراد عائلته على مدى نصف قرن، مستعيداً من خلالهم أحلاماً خُنقت بفعل أهوال الديكتاتورية والحرب والإحتلال، وراسماً "بورتريه" للطبقة الوسطى في عراق الخمسينيات والستينيات.
في الفئة عينها، يقدم المخرج الفلسطيني عامر الشوملي، بمشاركة إخراجية للكندي بول كُوان، الوثائقي التحريكي "المطلوبون الـ18" في عرضه العالمي الأول. بأسلوب ساخر ومرح، يستعيد الفيلم أحداث حقيقية من "الإنتفاضة الأولى": ملاحقة الجيش الإسرائيلي لثماني عشرة بقرة، اعتُبر إنتاجها للحليب واستثماره من قبل تعاونية أهليّة مستقلة "تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي"!
ويُحسب لصندوق "سند" اكتشافه للعديد من الأفلام التي تأخذ طريقها للعرض العالمي الأول في العديد من المهرجانات السينمائية الكبرى مثل كان وفينيسيا وبرلين ، ويتم تسليط الضوء عليها في بعض الأحيان في المراحل المبكرة وهي لا تزال على الورق، مواصلاً دعمها حتى وصولها إلى الشاشة، كما هي الحال مع ثلاثة من العناوين المعروضة في تورنتو: "ذيب"، "ألاوديسا العراقية"، و"المطلوبون الـ 18" التي حازت على منحتي التطوير ومراحل بعد الانتاج من صندوق "سند".

كما يتم وباستمرار عرض الأفلام المدعومة من صندوق "سند" في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، حيث سبق وأن حصلت على تقدير واعتراف دولييين من خلال الفوز بالعديد من الجوائز والأوسمة. وشملت قائمة الأفلام التي عرضت في مهرجان تورونتو على مدى السنوات الأربع الماضية، أفلاماً عديدة منها "بيع الموت" للمخرج فوزي بن سعيدي، و"في أحضان أمي" لعطية ومحمد جبارة الدراجي، و"لما شفتك" للمخرجة آن ماري جاسر.


وتفتتح الدورة التاسعة والثلاثين من مهرجان تورونتو يوم 4 سبتمبر المقبل، ويعرض المهرجان أكثر من 300 فيلماً على مدى 10 أيام. ويعتبر "تورنتو السينمائي" واحداً من أعرق المهرجانات العالمية، وقاعدة لانطلاق أحدث الأفلام، وبوابة إلى الأسواق الأمريكية والكندية لكثير من صناع السينما المستقلة من خارج أمريكا الشمالية.

الجمعة، 17 أبريل 2015

غادرنا عميد السينمائيين في العالم البرتغالي مانويل دي اوليفيرا

محمد عبيدو
توفي السينمائي البرتغالي مانويل دي اوليفيرا عن 106 اعوام،.ويعتبر اوليفيرا عميد السينمائيين في العالم. ومنذ عرض اول فيلم له سنة 1931 في زمن السينما الصامتة، صور السينمائي البرتغالي اكثر من 50 فيلما روائيا طويلا ووثائقيا.
ولد  أوليفيرا 11 ديسمبر 1908. وبدأ صنع أول أفلامه في عام 1927، عندما كان مع بعض الأصدقاء يحاولون تقديم فيلم عن الحرب العالمية الأولى. في عام 1931 أكمل فيلمه الأول، دورو مشروع نهري، وهو وثائقي عن مدينته بورتو سيدوفيتا، ليتوقف بعده. من بين العوامل العديدة التي حالت دون أن يصنع أوليفيرا المزيد من الأفلام خلال هذه الفترة الزمنية كانت الأوضاع السياسية في البرتغال، والالتزامات العائلية والمالية.
بعد خمسة عشر عاما من محاولته الأولى، قدم أوليفيرا فيلمه الروائي الطويل”أنيكي بوبو” عام 1942. هو صورة عن أطفال الشوارع في بورتو، مبني على قصة قصيرة كتبها رودريغو دي فريتاس. يركز أوليفيرا القصة حول اثنين من الصبية الصغار الذين يتنافسون للفت انتباه فتاة صغيرة. واحد من الأولاد فتي ومنفتح على الخارج، في حين أن الآخر خجول وبريء.
في عام 1971 قدم أوليفيرا “الولايه الثانية” وهو فيلم روائي يتضمن هجاء اجتماعيا عبر سرد بين الماضي والحاضر، وفيه حدد معايير لمشواره السينمائي القادم، وحصل عبره على اعتراف في مجتمع السينما العالمي. واصل صنع الأفلام عبر طموح إبداعي متصاعد ومن عام 1970م إلى عام 1980م، كسب إشادة من النقاد والعديد من الجوائز بجميع أنحاء العالم. منذ أواخر 1980 صار واحدا من أغزر المخرجين عملا وواصل تقديم ما معدله فيلم واحد بالعام وبعد تجاوزه سن المائة في مارس 2008 صار أقدم المخرجين نشاطا في العالم، وربما هو ثالث أقدم مخرج في كل الأزمنة بعد جورج ابوت، الذي عاش لعمر 107، والمخرج السينمائي الإسباني ميغيل مورايتا، الذي توفي عن عمر 105، وهو أيضا المخرج الوحيد الذي بقي نشطا بمهنته وقد امتد من عصر الفيلم الصامت إلى العصر الرقمي.
ومنذ فيلمه الأول في العام 1931، صوّر دي أوليفيرا أكثر من خمسين فيلمًا طويلاً روائيًا ووثائقيًا مُنجزًا الجزء الأكبر من أعماله بعد سن الستين.
في عام 1990 قدم أوليفيرا “المجد الباطل”، بطولة لويس ميغيل سينترا، ديوغو دوريا ويونور سيلفيرا. الفيلم يصور التاريخ العسكري في البرتغال، مع التركيز على هزائمه أكثر من انتصاراته. العمل التاريخي يشمل اغتيال فيرياذوس، ومعركة تورو، وحرب المستعمرات البرتغالية. والاستثناء الوحيد في سير الأحداث هو تركيزه تصويره على جزيرة أسطورية فيها يحتفل المستكشفون البرتغاليين بالحب، وليس على الشخصيات العسكرية.
بدأت أصداء سينما أوليفيرا تتخطى حدودها في مطلع التسعينيات من القرن الماضي مع تلوين طاقم ممثليه البرتغالي الصرف بأسماء من عالم السينما العالمية الفنية بشكل خاص من أمثال مارتشيللو ماستروياني وكاترين دونوف وميشال بيكولي وجون مالكوفيتش. ولكن أفلامه المتجذّرة في التاريخ والفلسفة والدين وحول التراث وثقافة البرتغاليين لم تتنازل مرة لحسابات السوق. بالنسبة إلى الجمهور، تتأتى صعوبة أوليفيرا من تمحور عمله السينمائي عموماً. بعض أفلامه مستقى من مصادر أدبية عالمية: بعض مراجعه الأدبية تشمل فلوبير ويونيسكو وبيكيت ودوستويفسكي. فيلمه الوثائقي-الدرامي “يوم اليأس” (1992) عن حياة الكاتب كاميلو كاستيللو برانكو الذي عاش في القرن التاسع عشر وأعماله. وفي عام 2000 قدم أوليفيرا الفيلم كلمة ويوتوبيا، وهو سيرة البرتغالي الكاهن اليسوعي بادري أنطونيو فييرا بناء على الرسائل والخطب التي كتبها الكاهن بين 1626 و1695.
«العاشق المحبط” أول فيلم لأوليفيرا من رباعية الحب المكبوت. تبعه بأفلام العذراء الأم، الحب منكوب، وفرانسيسكا. كل من هذه الأفلام تشترك في موضوع الحب الذي لم يتحقق، على خلفية مجتمع قمعي، وتشكل بداية نمط سينمائية فريد من نوعه خاص به. ويتأمل فيلمه “صورة متكلّمة” 2003 في مصير الثقافة الغربية بعد 11 (سبتمبر) ويتضمن حوارات بالفرنسية والإنكليزية والإيطالية واليونانية والبرتغالية. وهو من بطولة ليونور سيلفيرا، فيليبا دي ألميدا، كاترين دونوف، جون مالكوفيتش، ايرين باباس. في الفيلم سيلفيرا يأخذ ابنته الصغيرة (الميدا) على متن سفينة سياحية إلى بومباي تلبية لطلب عائلة والدتها، ويحدثها عن تاريخ الأماكن التي يمران بها طول الطريق. وتشمل هذه المشاهد أماكن مثل سبتة، مرسيليا، أثينا، نابولي وبومباي. كما يلتقيان ويتعرفان على ثلاث نساء ناجحات ويجريان محادثات طويلة مع قبطان السفينة (مالكوفيتش)، تتضمن في كثير من الأحيان إشكاليات الصراعات بين المسيحية والإسلام. ويسجّل دي أوليفييرا في”من المرئي إلى اللامرئي” عام 2008 التغريب الذي مارسه التطور العلمي والحضاري على البشر، إذ تحول التكنولوجيا الحديثة، دون التواصل، حيث بدلاً من التقريب بين الناس تُباعد التكنولوجيا في ما بينهم. وعلى هذا النحو نشاهد كيف يضطر حصار الهواتف النقّالة صديقين من فئتين عمريتين مختلفتين إلى استخدام الهاتف النقّال للتحدث، فيما يقفان في الشارع أحدهما بمواجهة الآخر. إنهما ينظران إلى بعضهما بعضاً، لكن من دون أن يتمكّن أحدهما من رؤية الآخر. لقد انتقلنا من عالم المرئي إلى اللامرئي.
و قدم فيلمه “جيبو والظل”، يقتبس مانويل دي أوليفيرا، في فيلمه الـ 59 هذا مسرحية راؤول برانداو عن مسنّ فرنسي يضحي بنفسه لحماية ابنه اللص.. وعنه يقول: “أتعرفون لماذا صنعت هذا الفيلم؟ صنعته لأنني قابلت شخصاً قال لي إنه يحب أفلامي وسألني لماذا لم أصنع فيلما عن الفقر والفقراء. قلت لنفسي إن هذا ليس سهلاً. إن كان فيلما وثائقيا فإنه سيكون أسهل لأننا نستطيع اختيار حالة معينة. لكن تذكرت من بعد كتاب الكاتب راؤول برانداو الذي يتحدث عن رجل عاش ومات فقيراً ولكن بكرامة. هذا هو الفيلم. إنه فيلم لجميع الأزمان، لليوم والأمس.”
واصل أوليفيرا إنتاج الأفلام وآخر أفلامه الطويلة “حالة انجليك الغريبة” عرض في مهرجان “كانّ” السينمائي. وهو يفكر بقضايا العالم، ولكنّ أفلامه بعيدة من التداول، وتكاد فرص مشاهدتها خارج المهرجانات تكون مستحيلة.

وفي نهاية 2014، حرص السينمائي البرتغالي لمناسبة احتفاله بعيد ميلاده السادس بعد المئة على اللقاء مجددا مع جمهوره وذلك تزامنا مع بدء عرض فيلمه الاخير في البرتغال "او فيليو دي ريستيلو"، وهو فيلم قصير صوره رغم وضعه الصحي السيئ.


روسل كراو ينتقل من أمام الكاميرا إلى ورائها

الممثل روسل كراو ينتقل من أمام الكاميرا إلى ورائها. من ممثل إلى مخرج أول فيلم روائي طويل له بعنوان «وعد حياة»، الذي يمثل فيه أيضاً ككثير من المخرجين الذين لعبوا في أفلامهم: أورسون ويلز، كلينت إيستوود، وودي ألن، وقبلهم شارلي شابلن..
يقول روسل كراو «أثناء التصوير أمضيت 90 في المئة من وقتي في الاهتمام بالآخرين، حتى أن بن ستيلر قال لي عليّ أن لا أنسى تصوير مشاهدي». ويقول «أتمتع بخبرة في سينما الحركة، وقد استفدت منها».
في 1982 حاول روسل أن يمارس الموسيقى تحت اسم مستعار «روس لوكوكو» بأغنيته: Just Wanna be Like Marlon Brando. و»الكوك» صار كراو، لكن ما زالت متبقية فيه روح نجم الروك، وهو مكبوت، يصعد إلى الخشبة أحياناً. أما ألبومه «ألبروز روك آزير ويز أوف سبيكينغ» فهو لم يلق نجاحاً.
وانتقاله من ممثل إلى مخرج كان طبيعياً، كما يقول كراو، الذي يحاول فيه إثبات قدرته؛ الفيلم «وعد حياة» هو ثمرة عمله مع كبار المخرجين (ريدلي سكوت، بيتر وير ومايكل مان)
والنتيجة أن كراو لم يجد أي صعوبة بإدارة روسل.

الاثنين، 6 أبريل 2015

2 - محطات في تاريخ السينما الجزائرية

اعداد محمد عبيدو
كان فيلم " نوبة نساء جبل شنوة " 1977 الوثائقي لأسيا جبار , الذي يشكل انفرادا متميزا في العلاقة بين الروائي والسينمائي في الجزائر , كون أن أسيا جبار هي في الأساس كاتبة وجامعية خاضت هذه التجربة الوثائقية والتسجيلية انطلاقا من المعايشة الشخصية للكاتبة – المخرجة والرصيد الشعري الكامن لدى نساء الجزائر وبالخصوص في جبل شنوة { قرب ولاية تيبازة مسقط رأس المخرجة } وهنا نشأت علاقة حميمة بين نساء جبل شنوة ورؤية مخرجة تحمل في داخلها حسا نسائيا متقدما أرادت ان تكثفه في عمل قريب وواقعي . الوثائقية والتسجيلية وسيلة لسرد البعد الشاعري لهؤلاء النسوة في محيطهم الطبيعي .
ويخرج سيد علي مازيف فيلمه (( ليلى والأخريات )) 1977 عام: ليلى العاملة في مصنع ومريم تجدان نفسيهما بمواجهة الصعوبات والأحكام المسبقة المتأصلة في المجتمع العربي ، والتي تحرص على إبقاء المرأة في وضعية الخضوع وتمنعها من الحصول على حريتها ، مريم مخطوبة لرجلٍ لا تعرفه جيداً ، وهو يفرض شروطاً غير مقبولة عليها ، في النهاية تقرر رفض هذا الزواج المدبر ضد إرادتها وتتحدى الجميع .
من جهة أخرى تعاني ليلى وزميلاتها في المصنع من المعاملة السيئة لرئيس المصنع لهن ، ومن المواقف الأبوية لبعض العمال الرجال ، ويطالبن بالحصول على حقوقهن بالمعاملة الحسنة وبتحمل المسؤوليات ، فهل تستطيع النساء اليوم مواجهة كل التحديات المفروضة عليهن سواء في الشارع أو في الحياة العائلية والمهنية لتغيير واقعهن وظروفهن في الحياة
((الشيخ بوعمامة)) لبن عمر بختي الذي يقدم أول عمل طويل له .. وهو ، في عمله الروائي الأول ، يثبت جدارة حقيقية ، سواء على المستوى الفكري ، أو على صعيد اللغة السينمائية ، ففيلمه يسير وفق منطق ملحمي ، الصراع فيه جماعي ، يدور بين القبائل العربية ، الجزائرية ، من ناحية ، والقوات الفرنسية الغازية ، من ناحية أخرى ، والشيخ بوعمامة نفسه ، بجسمه الرقيق وضياء روحه الشفافة وإرادته القوية وحكمته وتواضعه ، يقدم صورة مناقضة تماماً لقواد الغرب ، بهيلمانهم ، وعظمتهم ، أمثال : بونابرت وريتشارد ونلسون .. وإذا كان الفيلم يؤكد أن ثورة (( بوعمامة )) التي حررت الكثير من الأراضي الجزائرية ، كانت حلقة في سلسلة النضال ضد الاستعمار ، فإن الفيلم أيضاً يقدم وجهة نظر في الحاضر ، فدرس الماضي يقول : إن لم تتحد القبائل العربية المتناحرة ، فإن النصر الحاسم ، لن يكتب لها .
-ويخرج عمار العسكري فيلمه(( المفيد )) عام 1978 ، وفي احداثه بعثة سينمائية تقوم بالتعرف إلى إحدى القرى التي يجري بها تطبيق الثورة الزراعية ، يصاحب البعثة ( المتقي ) وهو محارب قديم من أبناء القرية ويقوم بدور الدليل ، تلتقي البعثة رئيس مجلس البلدية ، ويصبح من الصعب عليهم إيجاد مكان مناسب للإقامة في القرية إلا عند سيد القرية القديم .
تجد البعثة نفسها بمواجهة المشكلات والصراعات التي أفرزتها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في هذا العالم الصغير المبني على مجموعة من الأعراف والتقاليد الموروثة . ثم تشاء الظروف أن يلتقيا بالمتطوعين إلى الثورة الفلاحية التي ينظمها عدد من الفلاحين المضطهدين من قبل زعماء القرية . تتوضح الاختلافات والتناقضات في هذا المجتمع أكثر فأكثر مع مرور الزمن ، وهناك معالم مجتمع جديد تبدأ بالتوضيح
الفيلم يسعى لأن يبرز الديناميكية التي تميز المضمون الاجتماعي والسياسي للثورة

غير أن كل هذه الأفلام وكل هذه المواقف ظلت واقفة عند حدود زمن الثورة، سلباً أو إيجاباً، فما الذي حصل بعد الاستقلال؟ لقد كان ذلك بدوره، سؤال شائك أما الجواب فكان مرزاق علواش أول من جرؤ على الاتيان به، في فيلمه الرائع (عمر قتلته الرجولة).
حيث الحديث عن الواقع اليومي: الحياة الصعبة، البطالة، أزمة السكن، العلاقة بين الجنسين، قصة الفيلم عن شاب جزائري يعيش وسط عائلته التي تسكن منزلاً ضيقاً مزدحماً بأخوته أو الشارع الذي يسكن فيه، وعالمه الخاص المحصور بينهما، يفتقد عمر إلى شريط ويعاني الوحدة، يحاول أن يقيم علاقة مع فتاة سمع صوتها ذات مرة مليء بالشجن، ولكنه لا يدري كيف يتم التواصل معها. يعمل موظفاً في مكتب صغير، يقضي أوقاته في الشوارع لاهياً، يراقب النساء، أو في مشاهدة الأفلام، تعترضه عصابة وتسرق نقوده، وتترك جرحاً في وجهه، يلجأ إلى صديق مهرب لشراء مسجل يعثر على شريط كاسيت بصوت فتاة، يرتبط بها بعد معاناة، إنها ضائعة مثله، لكنه لا يستطيع التواصل معها، ويعود إلى سابق عهده.
فيلم مرزاق علواش غاص في العمق تتنبأ بأيام قادمة يعيشها هؤلاء الشباب الموضوعين على الهامش في الجزائر.
وتابع مرزاق علواش مسيرته، في أفلام لافتة تصور مختلف مراحل تطور الذهنية الاجتماعية الجزائرية.
فيقدم (مغامرات بطل) 1978 وأحداثه: في إحدى القبائل الصحراوية، ينتظرون البطل الذي سيدافع عن الفقراء، ويحقق العدالة ينتظر أحد العجائز الموقف، فيقوم بوضع علامة البطل على ابنه، كي يضمن له المستقبل السعيد، تفرح القبيلة، بمولد المخلص، ويقدمون له القرابين، تمر السنون، ويكبر الطفل، وعليه أن يصبح بالفعل بطلاً عندما يصير شاباً، يتلقى تعليمه، ويحاط بهالة من القدسية، رغم أنه ليس أكثر من بطل مزيف، يجوب البلاد ليتعرض لمجموعة مغامرات مصاغة بخيال جامح ومفعمة بروح السخرية. وعبر هذه المغامرات والمشاهد الفانتازية. يطرح المخرج تأملاته في قضايا العصر ومشاكل المجتمع الجزائري. 
ثم يقدم عواش فيلمه (رجل ونوافذ) عام 1982 ويدور حول رجل ينقل من عمله الأصلي , كأمين في المكتبة الوطنية الى ناظر في مكتبة دار السينما الجزائرية , هو انسان مثالي في عمله , ولكن هذا يولد الغيرة في قلوب الآخرين منه , يسعى الى العودة الوظيفية القديمة , ويتقدم بشكوى الى مكتب الوزير , يتم تجاهل سكوته , وبعد العدير من المحاولات يعود الى وظيفته في المكتبة الوطنية . ليهاجر علواش بعد الفيلم إلى باريس ويعمل هناك فيقدم (حب في باريس) 1987، و (باب الواد الحوم) 1994، و (الجزائر بيروت للذاكرة) 1998، و (سلاما ابن العم) 1996 الذي يتعرض لوضع الجزائريين في الجزائر وفرنسا.
أما المبدع الآخر الذي ينتمي إلى جيل علواش نفسه، أي فاروق بلومة، فقد اختار طريقاً أكثر مواربة، فهو في فيلمه الوحيد الكبير الذي حققه (نهلة) 1979 اختار أن يقول أزمة الهوية والمجتمع الجزائريين ولكن من خلال الحرب اللبنانية. وتحديداً من خلال صحافي جزائري يجد نفسه أمام أسئلته الخاصة أمام هذه الحرب التي وجد نفسه يتورط فيها.
وإخرج إبراهيم تساكي فيلمه (( أطفال الريح )) عام 1980 ويتضمن ثلاث قصص هي (( علبة في الصحراء )) حول أطفال سيدي يعقوب الذين يجمعون النفايات القصديرية لصنع آلات مجهرية ، ثم (( جمال في بلاد الصور )) حول مغامرات طفل مطرود من المدرسة يبيع ورد الرمال ، ثم (( بيض مسلوق )) حول طفل يبيع بيضاً مسلوقاً في الحانات ، ويلقي الأضواء على خيبة أمله إزاء أبيه بائع الألعاب ، ثم الممثل الذي أصبح نجمه المفضل وبطل أحلامه ، ويصدم فيه الطفل حين يقابله في حانة فيراه عربيداً ، غارقاً في طوفان الحياة . و الصورة الجميلة تتحطم حين يلتقيه في حانة بإحدى الأمسيات ويكتشف وجهه الحقيقي وما يعانيه من تمزق وتشتت. 
الفيلم نظرة قاسية لواقع الصبي بمواجهة الناس والأحداث في الحياة، وهو ينتهي بانهياره حين رؤيته لأبيه وهو يلهو بطريقة طفولية بالدمى التي لها شكل الفئرانوبعد تجربة طويلة ومميزة في التمثيل السينمائي والمسرحي يخرج محمد شويخ فيلمه الأول " الانقطاع " 1982 وفيه يلتقي رجل وامرأة, قبل ان تندلع الحرب التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي . يحس كل منهما ان وراءه ميراث وواجب وطني , وعليهما معا مواجهة المتاعب التي تقابلهما , من تقاليد قديمة بالية . وتندلع الثورة , ويحس الرجل ان وراءه مهمة ومسئولية
و أنجزت الروائية والمخرجة اسيا جبار عام 1982"زردة أو أغاني النسيان".ويتمحور الفيلم حول موضوع المرأة . والمرأة هنا تكشف عن قدرتها على التعبير عن نفسها بجرأة وعلى اجتراح ولادة جديدة.
يتبع

الأحد، 5 أبريل 2015

رجيل الفنان القدير سيد علي كويرات

 ‏



محمد عبيدو
غادرنا مساء اليوم الأحد الفنان الجزائري القدير سيد علي كويرات عن عمر يناهز 82 سنة بعد معاناة مع المرض ، الفنان توفي بمستشفى عين النعجة العسكري بعد أزمة قلبية ،. وكان الفقيد قد أدخل المستشفى منذ بداية شهر مارس المنصرم أين أجريت له عدة عمليات جراحية. الفقيد من مواليد 7 سبتمبر 1933 بالعاصمة, ترك بصماته في عالم المسرح و السينما الجزائرية. إلتحق سنة 1950 بالمسرح الوطني الجزائري ليبدأ التمثيل الى جانب فنانين كبار أمثال مصطفى كاتب و محي الدين بشطارزي و غيرهم ،، وفي عام 1951 توجه إلى برلين مع فرقة «المسرح الجزائري» ثم إلى باريس سنة 1952 أين كان يؤدي نشيد «من جبالنا « في مقاهي الجزائريين.
وسافر إلى بوخاريست في 1953 للمشاركة في المهرجان الثاني للشباب والطلبة من أجل السلام. وفي نفس العام أصبح محترفا والتحق بالفرقة البلدية للجزائر العاصمة التي كان يشرف عليها محيي الدين بشطارزي. وتوجه إلى مرسيليا في 1955 ثم إلى باريس حيث التقى بمحمد بودية وحاج عمر وميسوم و نورالدين بوحيرد.

كما كان عضوا في الفرقة الفنية التي أسستها جبهة التحرير الوطني بهدف تحسيس الرأي العام الدولي. وبعد الاستقلال التحق بالمسرح الوطني الجزائري وبدأ منذ 1963 مسيرة فنية سينمائية حافلة.تألق سنة 1963 مع أول فيلم له مقتبس من مسرحية "أبناء القصبة" مع المخرج "مصطفى بديع" ... أنتج سيد علي كويرات العديد من الأعمال المسرحية و السينمائية فتحصل إثرها على العديد من الجوائز الوطنية و الأجنبية و على رأسها جائزة "السعفة الذهبية" التي حصدها عن إنتاجه لفيلم " وقائع سنوات الجمر " الذي دخل باب المنافسة الدولية في "مهرجان كان الدولي " وكذا حصوله على جائزة الفنك الذهبي لأحسن أداء رجالي على أحد اعماله المنجزة حديثا و لهذا يمكن لنا إعتباره عميد الممثلين الجزائريين وضمن قائمة الافلام التي شارك بها نجد "وقائع سنوات الجمر" سنة 1974 . "هروب حسان طيرو" سنة 1974"عودة الأبن الضال " سنة 1976 "الشبكة رايحة وين " سنة 1976 و»الأقدار الدامية» 1980"الضحايا" سنة 1982 "صحراء بلوز " سنة 1991 "المهاجر " سنة 1994 "المشتبه فيهم " سنة 2004 "خالي وتيلغراف" سنة 2007 "الاجنحة المنكسرة " سنة 2009 .

محطات في تاريخ السينما الجزائرية

اعداد محمد عبيدو
قال أحد نقاد السينما الأمريكيين (إنها دون شك السينما الأكثر ثراء وإبداعاً في العالم العربي. لقد حازت على شهرة عالمية. وهي المنافس الوحيد للسينما المصرية).
الشهادة لصحفي من بلد هو أكبر منتج ومستهلك للسينما، عن رصيد يبدو متواضعاً من حيث عدد العناوين خلال عمر هو أقل من نصف قرن بقليل.. عن سينما كانت ولادتها أشبه بالولادة القيصرية، وتدرجها مكابدة ونضال، ومكاسبها المعنوية تألقاً عالمياً.
الواقع أنه لم يكن للسينما الجزائرية أن تنشأ وتتطور في مسار خطي مستقيم ومنتظم، فشأنها شأن المجتمع الجزائري ومؤسساته الناشئة، عرفت في مسار تاريخها القصير فترات للتألق وأخرى للأفول.
كان هناك تاريخ للسينما الجزائرية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي، ولكن لم يكن هناك سينما جزائرية بالمعنى المفهوم حيث كان إسهام الجزائيين أنفسهم في السينما قليلاً جداً. فعلى سبيل المثال، عندما نالت الجزائر استقلالها، كان هناك ما يقرب من 300 دار عرض سينمائية في البلاد جميعها يعمل بنظام 35 ملليمتر. وكان أغلب هذه الدور في الجزائر العاصمة، ووهران اللتان يتمركز فيهما الأوربيون، وكان اهتمامها الأساسي ينصب على تلبية رغبات واحتياجات هذه الجالية التي كان معظمها من الفرنسيين فمن بين 1400 فيلم روائي طويل قامت بتوزيعها شركات جزائرية، كان هناك فقط 70 فيلماً مصرياً، وتعرضت هذه الأفلام أيضاً لضرائب أعلى من تلك المفروضة على الأفلام الأوربية أو الأمريكية.
وقبيل نهاية القرن التاسع عشر، كان الفرنسي (الجزائري المولد) فيليكس ميسجيش قد قام بتصوير عدد من المشاهد في شوارع الجزائر العاصمة، ومدينة تلمسان لصالح الفرنسي الشهير لوميير لعرضها على الجالية الأوروبية العاصمة ووهران في خريف 1886، وخلال الفترة التي تفصل الحرب العالمية الأولى عن حرب التحرير الجزائرية، تم تصوير ما يزيد على 50 فيلماً جزائرياً عن طريق شركات أجنبية، معظمها فرنسي. ولم يشترك في هذه الأفلام سوى عدد قليل جداً من الممثلين الجزائريين وفي أدوار ثانوية. وأثناء الحرب العالمية الثانية بدأت السلطات الفرنسية في إنشاء جهاز لتوزيع الأفلام السينمائية في الجزائر وخاصة المناطق الريفية التي يسكنها الجزائريون لأغراض دعائية، كما أنشأت جهازاً موازياً للإنتاج السينمائي لنفس الغرض. بدأت الخطوات الأولى للسينما الجزائرية مع انطلاقة الثورة الجزائرية، ولعبت دوراً هاماً في النضال الذي خاضه الشعب من أجل تحرير الجزائر. وقد أسس جيش التحرير الجزائري أول مدرسة للتكوين السينمائي للثورة الجزائرية (بالأوراس) بالشرق الجزائري في 1957، تحت إشراف المخرج الفرنسي، وأحد أنصار جبهة التحرير الجزائرية بنفس الوقت، رينيه فوتييه، والذي أخرج في تلك الفترة فيلمه الشهير (الجزائر تحترق) عام 1959. وقد صرح روني فةتيه في كثير من المناسبات ان التحاقه بالمجاهدين على أرض المعركة نابع من إيمانه بعدالة قضيتهم من جهة و ضرورة تصوير الوجه الآخر لفرنسا الإستعمارية من جهة أخرى وقد ساهمت هذه المدرسة في إنجاز عدة أفلام وثائقية ". كما عرفت هذه الفترة إنجاز أول فيلم جزائري يصور بأرض المعركة بعنوان " الجزائر تلتهب " يتحدث عن العمليات العسكرية و حياة المجاهدين . وتمكنت السينما التحريرية من القيام بدور فعال في الثورة و ذلك بتقديم صور حية وواقعية عن أرض المعركة تؤكد ما يجري في الجزائر حيث يتعلق الأمر بمصير شعب يخوض حربا تحريرية من أجل استقلاله و كرامته . كما مكنت أيضا من إظهار الوجه الحقيقي للمستعمر الذي كان على عكس إدعاءاته يشن حربا إستنزافية حقيقية ضد الجزائريين.
إن لتزامن بداية الإنتاج السينمائي الجزائري مع ثورة شعبها على الاحتلال الفرنسي (1954 – 1962) دوراً كبيراً في صياغة توجهه نحو تصدير حقائق الواقع المعاش وتسجيل الأحداث التاريخية، خاصة المتصلة منها بالثورة الجزائرية، حيث نجد أن الثورة عملت منذ البداية على تجنيد كل ما أتيح لها من الوسائل السمعية البصرية والكفاءات لتوثيق كفاح الشعب الجزائري في أفلام مادتها الأولى من نسج الواقع اليومي للثورة مثلما سجلت نشأة متميزة لـ (فن سينمائي) يرتبط ارتباطاً مباشراً بالواقع النضالي، فلم يكن للأعمال المنجزة حينذ، إلا أن تساير تاريخ الأمة بانتصاراته وتشكل جزء من ذاكرتها الجماعية.
وتشكلت النواة الأولى لمدرسة سينمائية لجيش جبهة التحرير الوطني من خلال لجنة السينما التي أنشأتها الحكومة الجزائرية المؤقتة، وتم إنتاج العديد من الأعمال الوثائقية خلال الفترة بين 1956- 1961 مثل: (اللاجئون) 1956 إخراج سييل كوجي، (هجومات منجم الونزة) 1957، (ساقية سيدي يوسف) 1958 إخراج بيا كلمو، (جزائرنا) إخراج جمال سندرلي ولخضر حامينا. كما يعتبر فيلم (ياسمينة) أول عمل للمخرج السينمائي لخضر حامينا ومن إنتاج لجنة السينما التابعة للحكومة الجزائرية المؤقتة. ثم تتالت بعده جملة من الأفلام القصيرة مثل (صوت الشعب) و (بنادق الحرية).
أولت الجزائر المستقلة اهتماماً كبيراً للفن السينمائي وركزت لأجل ذلك على عملية تكوين الفنيين والتقنيين في هذا المجال، وكان عدد قاعات السينما 400 قاعة تحت سيطرة الدولة. وتحديداً البلديات. وانطلاقاً من سنة 1964 تم تأسيس المركز الوطني للسينما (CNC) والمعهد الوطني للسينما (INC). وفي 18 أثار من نفس السنة أنشىء (السينماتيك) الجزائري. لتأتي سنة 1967 ويتم حل المؤسستين المذكورتين. فتعوضان بالمركز الجزائري للسينما (CAC) والديوان الوطني للتجارة والتوزيع السينمائي (ONCIC) الذي احتكر استيراد وتوزيع الأفلام وكان يشرف أيضاً على إنتاج الأفلام المشتركة مع الدول الأجنبية والعربية.
ومع تواجد هذه الهياكل السمعية البصرية أنتجت الجزائر خلال هذه الفترة العديد من الأفلام التي سيطر عليها الخطاب السياسي والثوري التحرري. وكان من أبرز مخرجيها لخضر حامينه، أحمد راشدي، مصطفى بديع، عمار العسكري. في فيلم " فجر المعذبين " (1965 ) مثلاً ، يعتمد أحمد راشدي على مادة أرشيفية بالغة الغنى ، وتأملات لبعض المفكرين ، تتعرض ، مع الوثائق التسجيلية ، إلى الماضي الاستعماري ، وترنو إلى المستقبل الثوري للقارة الأفريقية كما تميزت هذه المرحلة بإنتاج العديد من الأفلام المشتركة خاصة مع إيطاليا من خلال فيلم (معركة الجزائر) 1966 للمخرج جيليو بونتيكورفو الذي حصل على جائزة الأسد الذهبي لمهرجان البندقية ,عن نص هو سيرة ذاتية للمجاهد والممثل ياسيف سعدي , الذي عايش معركة الجزائر ووقائع محاصرة السلطة العسكرية الاحتلالية للفدائيين الجزائريين في قلب العاصمة الجزائر طيلة أسابيع , ليأتي الفيلم مفعما بالحرارة الدرامية والمقاربة الواقعية للأحداث . وتميز بصياغة بصرية ودرامية عالية وأضفى عليه الأسود والأبيض واقعية لصيقة بالراهن المعاش في تلك الفترة . كما تضاعف الإنتاج المشترك مع فرنسا ومصر . فنشطت حركة الإنتاج السينمائي حتى بلغ عدد الأفلام الجزائرية خلال 1966- 1974 (24) فيلماً. أبرزها:
(ريح – الأوراس) لمحمد لخضر حامينة 1966، أحد أهم أفلام تلك الفترة وأقواها تعبيراً عن الإنسان العربي بالجزائر. عبر لغته السينمائية الشفافة والشاعرية، يحكي الفيلم عن أم فلاحة اعتقل الفرنسيون ابنها فراحت تبحث عنه يبن معسكرات الاعتقال حتى تجده في إحداها فتكتفي بمتابعته بنظراتها كل يوم من خلف الأسلاك الشائكة، ولكنه عندما يختفي مرة أخرى تفقد وعيها وتلقي بنفسها على الأسلاك الشائكة التي تصقعها. هذا الفيلم حائز على: 
- جائزة العمل الأول من مهرجان كان لعام 1966 - جائزة أفضل سيناريو وجائزة الكتاب السوفيت الكبرى للسيناريو في موسكو 1967 - جائزة الغزال الذهبي من مهرجان طنجة (المغرب) لعام 1968
و (الليل يخاف من الشمس) لمصطفى بديع 1966 الذي يروي مسيرة ونهاية حرب التحرير في أربع لوحات تحمل كل منها عنواناً.. كما ان العمل الدرامي المؤثر والشاعري الذي قدمه حامينا في أول أفلامه الروائية لم يمنعه عام 1968 من ان يقدم فيلما كوميديا بارزا بعنوان " حسن الطيرو " وفيه يقدم حامينا صورة مؤثرة وباطار كوميدي عن كيف تؤدي ظروف الوطن الصعبة ابان الاستعمار بموظف بسيط الى أن يصبح ثائرا على الاستعمار ودون أن يدري . و وقدم أحمد راشدي فيلم (الأفيون والعصا) 1970، الذي يعرض قصة قرية جزائرية في جميع مظاهرها أثناء المقاومة. إنها المقاومة كما يراها الذين عاشوها وتجاوبوا معها وتحملوها. يهجر الدكتور بشير الحياة المترفة إلى الجبل ، حيث مسقط رأسه ، قرية تاله التي دخلت مجال المقاومة ، تدور حلقات اللعبة القاسية والحادة التي تؤدي بسكان القرية إلى رفض نقطة من الحقيقة العميقة ، ينضم شقيق بشير أيضاً إلى المقاومة ، ويجابهان قوت الاحتلال ، يحاول ضباط الوحدات الإدارية إقامة منظماتهم بأشخاص يسيرون على هديهم .
وفي " الأفيون والعصا " يفند أحمد راشدي الفكرة الاستعمارية القائلة بأنه " إذا أردت أن تحكم شعباً فاستعمل العصا ، فإذا لم تنفع فاستعمل " الأفيون والعصا " ، فهو يقدم تجربة قرية جزائرية في جميع مظاهرها أثناء المقاومة تتعاطف مع الثوار ، وتحاول السلطات الاستعمارية أن تروضها ، لكن عبثاً ، وعندما تنسف القرية كاملة ، نشهد مسيرة أهلها نحو أعالي الجبال حيث الثوار . إنها المقاومة كما يراها الذين عاشوها وتجاوبوا معها وتحملوها وسواء في " فجر المعذبين " أو " الأفيون والعصا " ، يتمتع راشدي بحس سينمائي مرهف ، فضلاً عن أن الفيلمين يقدمان وجهات نظر وطنية لا خلاف حولها ، خاصة وأنها تتعرض للماضي أكثر من تعرضها للحاضروعندما تنطلق الملحمة تكوّن السلوك اليومي للحياة، من تصادم الإرادات المتعارضة.وقدم المخرج والممثل الراحل محمد زينات فيلمه " تحيا يا ديدو عام1971 الذي استند فيه الى نصوص شعرية بالعامية الجزائرية كتبها الممثل والشاعر الشعبي حيمود اباهيم حيث تتقاطع في ثنايا الفيلم الكثير من المقاطع الشعرية . وشاعرية اللغة السينمائية وظفها زينات بكثير من الحميمية والصدق الذي لا يخفي الكير من النقد والمراجعة للتاريخ " 
و (دورية نحو الشرق) 1971 لعمار العسكري، و (عرق أسود) 1972 لسيد علي مازيف، و (منطقة محرمة) لأحمد علام 1972. و " سنعود " لسليم رياض 1972 ..
عام 1972 كان عاما متميزا للممثل الجزائري " سيد علي كويرات " الذي شاهدناه في فيلم " عودة الابن الضال " ليوسف ساهين .. في هذا العام كان كويرات قد اختير من قبل حامينا ليلعب دور البطولة في فيلمه " ديسمبر" وهو دور أحد رجالات المقاومة الجزائرية الذي يعذب بوحشية من قبل سلطات الاستعمار بغية انتزاع معلومات منه عن خطط المقاومة .. هذا التعذيب الذي يؤدي في النهاية الى بقظة الضمير لدى أحد ضباط العدو ويجعله يعي مدى وحشية الاستعمار واستهتاره بكافة القيم الانسانية .
والسينما الجزائرية التي ابتدأت من التعبير عن (القضية) إبان الثورة ثم بعد الاستقلال، وقدمت نتاجات هامة، سرعان ما انطلقت إلى مرحلة تالية ابتدأت خلالها بطرح أسئلتها على الثورة نفسها. ولن يكون من المغالاة هنا القول أن (الاحتلال) الافتتاحي لمثل هذه النظرة أتى على الأقل عبر فيلمين أساسيين من المؤسف أنهما يكادان أن يكونا منسيين اليوم (نوة) 1972 لعبد العزيز طولبي الذي اقتبس عن مجموعة قصصية للروائي الطاهر وطار . و (الفحام) 1972 لمحمد بو عماري , و في فيلم (الفحام) نرى : بلقاسم، الفحام رجل في أوج قوته وشبابه، يشن كل يوم صراعاً دون هوادة على الطبيعة ومكوناتها فمهنته التي لا يعرف غيرها في الحياة تتمثل بتحويل الخشب إلى فحم لبيعه في السوق الكبير وتأمين العيش لأسرته الصغيرة المكونة من زوجة وولدين. يقرر بلقاسم بسبب ظروفه الحياتية الصعبة أن يهجر قريته ليجرب حظه في المدينة. 
بعد أن ينتقل من فشل لآخر، يقرر العودة إلى القرية ويمضي ليلته الأخيرة في المدينة في حمام السوق. 
هناك يلتقي بزعيم (الجماعة) في قريته السي قدور الذي ينقل له خبراً غير متوقع: إن زوجته تعمل في مصنع القرية. بعد أن تثور ثائرته ويخرج عن طوره، يقرر العودة مسرعاً إلى قريته، وفي غياب زوجته عن المنزل يخبر والدتها بأنه لن يسمح لابنتها بالعودة إلى منزل الزوجية ولن يتراجع عن قراره ويرحل بعد أن يصطحب أبناءه معه. 
تتوالى الأحداث بعد عودة زوجة بلقاسم من مصنع النسيج، حيث تعمل، لملاقاة أبنائها حاز الفيلم : 
- التانيت الفضي في مهرجان قرطاج لعام 1972. - جائزة النقاد السينمائيين الدولية في مهرجان أوغادوغو لعام 1973- شارك في مسابقة جورج سادول لعام 1973. - جائزة المكتب الكاثوليكي في برلين لعام 1974.)
وهذان الفلمان(نوة) و (الفحام) ، ومنذ النصف الأول من سبعينات القرن الماضي آثرا، وكل على طريقته، التخلي عن سهولة الموجود، للوصول إلى صعوبة طرح الأسئلة.. ولم يقابلا طبعاً بعين راضية، إذ أن المخضرمين انتصبوا دفاعاً عن المجد والتاريخ ضد الواقع الراهن الذي جعل الثورة غير قادرة على الوفاء بكل وعودها. لماذا ؟ سؤال حاول الإجابة عنه محمد لخضر حامينا في (وقائع سنوات الجمر) 1974 فتشتت الإجابات لكن الفيلم لقى صدى كبيراً، إضافة أنه نال عام 1975، أكبر جائزة ينالها فيلم عربي حتى اليوم: (السعفة الذهبية) لمهرجان كان، في هذا الفيلم كان الواضح من جواب حامينا أن الثورة إنما كان لها هذا المصير لأن الخلل يكمن في جذورها الاجتماعية. وهذا الكلام أثار الحفائظ، ولكن اليوم، ألا يمكننا أن نرى في ما حصل في الجزائر تحققاً لـ (نبوءة) حامينا، وكذلك تحققا لمواقف طولبي وبوعماري. ثم أفلا يتطابق مصير المرأة الجزائرية (التي ساهمت مساهمة أساسية في الثورة) مع ما تقوله آسيا جبار، المنتقدة هي الأخرى لضحية الثورة في فيلمها الوحيد والرائع (نوبة نساء جبل شنوة)؟.
يقتحم محمد سليم رياض ، في فيلمه (( ريح الجنوب )) المنتج عام 1975 بجرأة ، منطقة خطرة ، مزروعة بالألغام ، هي منطقة القيم المتخلفة التي لا تزال مهيمنة على قطاع لا يستهان به من الناس ، تحرروا من الاستعمار ، لكنهم ، لم يتحرروا بعد ، من الأوهام ... 
والفيلم ، شأنه شأن العديد من الأفلام الجزائرية ، يهتم بالخاص بقدر اهتمامه بالعام ، فإحدى عينيه ترقب ما يدور داخل روح بطلته ، والتي ترفض الرضوخ لأوامر عائلتها المتعلقة بمنعها من مواصلة تعليمها ، بينما العين الأخرى ترصد ما يدور خارج دارها حيث البلادة والسأم والاهتمامات الصغيرة ، البائسة ، وفي موقف / من المواقف القوية ، يتوغل (( ريح الجنوب )) في نقده الشجاع داخل منطقة القيم السلبية الموروثة ، والتي تتمثل في تلك الطقوس الطويلة ، اللامجدية ، التي تعقب دفن إحدى عجائز القرية ، والتي تمتد إلى عدة أيام ، ثم يتطرق إلى ذلك الحديث السقيم الذي يلقيه (( علامة جاهل )) ، بصوت عميق ، عن نار الجحيم ، والمكان الذي تبدأ منه عندما تلتهم أجساد الأشرار : من أخمص القدم إلى أعلى أم من شعر الرأس إلى أسفل ! ويعلق أحد فرسان النضال من أجل الاستقلال تعليقاً مفعماً بالضيق والمرارة .واخرج الأمين مرباح فيلمه " بني هندل" عام 1976 : قرية بني هندل، يتم نزع أملاك الفلاحين، وطرق الاستغلال البشعة، مما يدفع بالكثير منهم إلى الهجرة خارج وطنهم ومدنهم، يضطر البعض إلى بيع أرض الأجداد ثم يزحفون على المدينة، حيث يعيشون حياة جديدة بحثاً عن لقمة العيش، فمنهم من يجد عملاً كشيال، إما ماسح أحذية، أو حداد، أو في أعمال وضيعة لدى القوادين والساقطات، يقرر ابن القرية محمد إطلاق النيران على المستعمرين الذين كانوا يحتفلون بزواج بين عائلتين.
واقتبس المخرج محمد نذير عزيزي احداث فيلمه " زيتونة بوهليلات " 1977 عن قصة كتبها الشاعر والاديب الراحل مالك حداد للاذاعة ويقدم ازمة عميقة تعرض لها بطل الفيلم المتقلب بين حياته العاطفية وخدمة الأرض التي دفعت بالكثير الى التوجه نحو المدينة . لينتهي الفيلم بحالة من الجنون والتيه في فيافي تلك القرية المعزولة عن العالم .يتبع