محمد عبيدو
"اوتاج بييوند " فيلم يأخذنا الى عالم الرجال بين مافيا و شرطة . يسود العنف في كثير من لقطات الفيلم على المستويين النفسي و الجسدي .
و قد أعلن "تاكاشي كيتانو " عن مواصلة أحداث القصة من خلال سيناريو ثالث
من ممثل كوميدي الى مخرج عالمي
كانت مسيرة كيتانو تاكاشي أهم رموز السينما اليابانية المستقلة الذي يشكل
بمفرده مؤسسة مستقلة (مخرج - كاتب - ممثل - مونتير - منتج) ويعبر بأفكاره
بصوت عالٍ عما يقوله الآخرون بصوت مكتوم…
كانت بداية معرفة الجمهور خارج اليابان بكيتانو عندما لعب دور ضابط ياباني في فيلم "عيد ميلاد سعيد مستر لورانس" (1983) للمخرج نانجيزا اوشيما. ثم بعد تمثيله أعمالاً عدة ناجحة وعلى اثر اعتذار احد المخرجين عن عدم اخراج احد الافلام يتولى كيتانو المهمة بدلاً منه, فيجري تعديلاً على السيناريو ويخرج اول افلامه السينمائية عام 1989: "الشرطي القاسي". ثم يكتب فيلم "درجة الغليان" ويقوم بالتمثيل فيه واخراجه وبعده فيلم "مشهد في البحر" عام 1993. ويصاب بعد بحادث مريع يؤدي الى فقدانه السيطرة على اعصاب وجهه فتصبح جامدة شديدة الصرامة خالية من اي تعبير. لكنه لا يتوقف عن العمل فهو كما يقول عن نفسه مثل الدراجة: "اذا توقفت عن السير تسقط على الارض". ويقدم عام 1995 فيلمه الرائع "سوناتين" الذي عرف به العالم الغربي مخرجاً على مستوى عال وكرمز من رموز السينما اليابانية الجديدة والمختلفة. ويمكن تصنيف الفيلم ضمن افلام الجريمة لكنه ليس من افلام الجريمة التي تعتمد على الحركة والعنف بل يركز على طاقة العنف الكامنة في الانسان… ثم يخرج فيلميه "يحصل على" و"عودة الاطفال" عام 1996.
وفي مهرجان فينيسيا عام 1997 اعلنت لجنة التحكيم عن فوز فيلم كيتانو " هانا - بي" بجائزة الاسد الذهبي ويحكي الفيلم عن نظام الانتاج السائد في اليابان الذي تحتكره الشركات الكبرى حيث نغوص معه كمشاهدين داخل عوالم اليابان الاخرى اي يابان الازمة والانهيار. نيشي، البطل الرئيسي في فيلم «هانا.بي» شرطي إنسان قليل الكلام متجهم. ومنذ بداية الفيلم نعرف أن ابنته الصغيرة قد توفيت منذ زمن، وإن زوجته تقيم في المستشفى نتيجة مرض خطير يهدد حياتها.
وأثناء تجواله في سيارة الشرطة يقترح أحد زملائه عليه، وهو شريكه هوريبي، أن يذهب لزيارة زوجته في المستشفى. وحين يكون في المستشفى يقتل شرطي أثناء اشتباك فيما يصاب زميله هوريبي بجروح تتسبب في شلله مدى الحياة.
لا يطلعنا الفيلم على ما حدث فورا بل بالتدريج بحيث يحيط الغموض بمصدر الرصاص وأسبابه، وهذا الغموض وعدم التركيز على السرد يشكل أسلوبية خاصة للفيلم، ذلك أن الفيلم لا يسعى لتقليد أفلام الحركة بل لأن يعرفنا على المشاعر و الحالة الذهنية لبطله. الذي سرعان ما سيقدم استقالته من عمله.. ولا يهتم المخرج بتوضيح كيف حصل ذلك ولماذا، كما هو الحال في الأفلام البوليسية التقليدية. بعد ذلك سنعرف أن نيشي غارق في الديون لصالح إحدى عصابات الياكوزا و يصور المخرج مشهدا سريعا لبطل الفيلم حين يحضر اثنان من أفراد العصابة لتحصيل الدين منه فيما هو جالس في أحد المقاهي، فيبادرهما بالهجوم ويفقع عين أحدهما و يطيح بالثاني. وهذا واحد من المشاهد الدموية القليلة في الفيلم ولكن التي تكشف آلية العنف التي تتجذر في سلوكيات رجل البوليس.
هكذا تتوازى في الفيلم حكاية رجلي شرطة مأزومين، أولهما نيشي الغارق في الديون والذي يعاني بسبب مرض زوجته التي يحبها، وثانيهما، هوريبي الذي أصبح مقعدا وفشل في محاولته الانتحار، فكان عليه بعد فشله أن يبحث عن مسار جديد لحياته.
وفي حين يسير نيشي نحو قدره المحتوم إذ يستقيل من عمله ومن ثم يقوم بسرقة أحد المصارف كي يتمكن من سد ديونه للعصابة التي قام بقتل معظم زعمائها لاحقا، وكي يتمكن من الاعتناء بزوجته، فينتهي به المطاف إلى إطلاق الرصاص عليها ثم على نفسه، فإن هوريبي المشلول يقاوم عجزه ويستعيد علاقته بالحياة من خلال تعلم وممارسة الرسم على الرغم من أنه يدرك أن موهبته محدودة.
ورغم الحزن القاتم الذي ميز عموما مشاهد الفيلم فالمخرج لم يغيب ألوان الضوء الذي يسبق النهاية والتي تجلت في لوحات الرسم التي أنجزها المقعد والمستوحاة مواضيعها وألوانها من مختلف أنواع الزهور والخضرة والثلج والأنوار.
يتضمن الفيلم مشاهد قليلة فيها الكثير من العنف. لكن هذه المشاهد تمر على الشاشة بسرعة خاطفة وكأنها مصاغة بلغة برقية شديدة الإيجاز. أما غالبية المشاهد التي يتكون منها الفيلم فتنحو نحو متابعة المشاعر الداخلية لبطلي الفيلم الرئيسيين والانفعالات التي تنتج عن ما يحصل معهما من أحداث.
اعتبر الكثير من النقاد الذين كتبوا عن الفيلم أنه يرقى بالفيلم البوليسي إلى درجة الفيلم الشعري. وبالفعل يحتوي الفيلم على العديد من المشاهد التي ترقى إلى مستوى الشعر ومنها المشهد الأخير في الفيلم والذي ينحفر عميقا في ذاكرة المتفرجين لجمالياته البصرية ونفسه الشعري وتأثيره النفسي القوي.
ويخرج كيتانو عام 1999 فيلمه "كيكو جيرو" ثم عام 2000 بفيلميه "اخ" و"المشاجرة الجماعية".
فيلم كيتانو تاكاشي "الدمى" (2003) اخذ صياغته السينمائية عن مسرحية "رسول الجحيم" لتشيكا ماتسو مونزايمون. ويصور الرحلة الكئيبة لشاب وفتاة يرتبطان ببعضهما بعضاً بحبل احمر, وتتداخل قصتهما بقصتي حب أخريين لدميتين.
ماتسموتو وسواكو يعملان معاً في قسم الاعلان في شركة وقد اتفقا على الزواج وأعلنا الخبر على اصدقائهما. ماتسموتو يتلقى اقتراحاً للزواج من ابنة رئيس الشركة… تنكسر روح سوكو. وبعد محاولة انتحار فاشلة تصبح مجنونة وتفقد كل ذكريات الماضي. في يوم مراسم العرس يعلم ماتسموتو بهذا, يتسلل من الاحتفال ويأخذ سواكو بعيداً من المشفى. بحبل احمر مثل حبل السرة يربط نفسه بسواكو التي تحب ان تمضي بعيداً على غير هدى. ويشتغل المخرج على تفاصيل خاصة للعلاقة بين الاثنين. حالات الالم والانكسار, هذيانات الطفولة والبكاء اليأس.
يترك الاثنان سيارتهما ويبدآن المشي ولكن ليس الى أي مكان, يمران بكل انواع البشر وكل الطرقات وكل الازمنة بينما تتغير الفصول الاربعة الى ان يصلا الى الشتاء, وفي النهاية يتدحرجان من اعلى جبل مغطى بالثلج ويعلقان بالحبل الذي يربطهما من شجرة مدلاة على هاوية.
تتقاطع مع قصة الحب هذه حكاية اخرى لقاتل محترف يترك فتاته التي كان يلتقيها على مقعد في الحديقة لاستحالة تواصلهما معاً بعد ان اختار مهنته المميتة, يعود بعد عقود الى المقعد نفسه في الحديقة ويراها جالسة بانتظارها الابدي… لا تعرفه وقد اثرت السنوات في ملامحه, لكنهما يجلسان معاً ويتناولان وجبة الطعام التي يحبها والتي دأبت على جلبها معها للحديقة, يعيشان لحظة فرح مسروقة من زمن قاسٍ, وفي النهاية يودعها على ان يأتي اليها في الغد… وهو ماضٍ بفرح الى سيارته يأتي قاتل آخر من خلفه ليقتله برصاصة… وتعود فتاته لانتظارها الابدي على المقعد.
قصة ثالثة تدخل مونتاجياً بالأحداث عن مطربة شابة مشهورة ينتظرها المعجبون لرؤيتها وأخذ تواقيعها. بين صف المعجبين هناك شاب يحبها من بعد… تفقد المطربة نظرها نتيجة حادث سيارة مؤلم. يكون وقع الصدمة مروعاً على الشاب الذي يفقأ عينيه بموسى ويأتي للقاء محبوبته المغنية العمياء, ويمضيان معاً ينشدان احدى اغانيها.
تاكاشي له طريقة عمل خاصة وجملة اسلوبية واحدة للعمل من بداية الفيلم الى نهايته… مشاهد طويلة من دون قطع. مشاهد صامتة تظهر الانفعال الداخلي للشخصيات متداخلاً مع التشكيل الخارجي المبدع للصورة. في الفيلم مسحات للصمت… الصمت الذي يصاحب الانتظار وله دوي الرعد او الرصاص او البكاء اليائس نفسه… هنا يتساوى الموت والحياة. بل ان الموت يفوق الحياة قيمة… فهم يعيشون اصلاً في عزلتهم في انتظار الموت فالعيش في حياة تنتظر فيها الموت اشد ألماً من الذهاب الى لقاء الموت باختيارك
ثم يقدم افلامه(تاكيشي) – 2005 (فليحيا صانع الأفلام!) - 2007 (يوم واحد رائع) – 2007 و(أخيل والسلحفاة) - 2008 . يتناول قصة فنان يسعى جاهداً لبيع أعماله الفنية. نتابع نشأة هذا الفنان حيت أتيحت له الفرصة كي يرسم بحرية وعلى هواه دون قيود في صباه، ثم تحلّ بحياته مأساة عندما ينتهي به الأمر بين يدي عمته وعمه ورغبتهما في أن يوجه اهتمامه إلى العمل بدلاً من الرسم قبل إرساله إلى عهدة أسرة بديلة أخرى. تتوالى أحداث الفيلم ضمن ثلاث مراحل زمنية وتبين لنا هذه الأحداث أنه كي يتمكن من بيع لوحاته لابد له من دراسة سلوك وطبيعة الآخرين بمعزل عن موهبته الفنية المتأصلة في أعماقه، ما ينتج عن إنجازه أعمالاً فنية دون المستوى المطلوب، وبالتالي يعجز عن بيعها. يحاول المخرج تاكيشي السخرية من هذا الفنان وخصوصاً عندما يظهر بنفسه بشخصية الفنان ذاته عندما يبلغ خريف العمر. كما يسخر الفيلم من عالم الفن بطريقة لطيفة وينشئ حالة تكاد تكون مناقضة لما شاهدناه عن روبرت بابكن في فيلم (ملك الكوميديا) حيث يحاول الفنان شق طريقه عنوة للوصول إلى القمة المطلقة، بينما يقوم الفنان في (أخيل والسلحفاة) بالانسلاخ عن نفسه وعن عائلته كي يصل إلى الدرجة السفلى بدلاً من القمة. ولعل هذا الأسلوب الذي يتبعه المخرج تاكيشي ينطوي على متعة معينة مع أن النهاية لا تكون مرضية.
وبعد سنتين من تصوير فيلم "اوتراج"اي سنة الفين و عشرة عن حرب عصابة"يوكازاك". يعود المخرج بفيلم جديد و يدعى بكل بساطة " اوتراج بييوند"و هو عبارة عن بقية لاحداث فيلمه الاول عن عالم المافيا "بييوند" . و يقول المخرج كيتانو:
" من المفروض ان يكون الفيلم ممتع لذلك عندما صورت الفيلم عن حياة "اوساكا" تحدثت عن العلاقة الطيبة التي تجمه بالشرطة . و أظن ان مثل هذه العلاقة موجودة في جميع انحاء العالم ."
تتطور الاحداث خلال الفيلم فعائلة "سانو" المجرمة اصبحت أكبر و أعضاء جدد أمسكو بزمام الامور و تناسو من كانوا قبلهم .
كانت بداية معرفة الجمهور خارج اليابان بكيتانو عندما لعب دور ضابط ياباني في فيلم "عيد ميلاد سعيد مستر لورانس" (1983) للمخرج نانجيزا اوشيما. ثم بعد تمثيله أعمالاً عدة ناجحة وعلى اثر اعتذار احد المخرجين عن عدم اخراج احد الافلام يتولى كيتانو المهمة بدلاً منه, فيجري تعديلاً على السيناريو ويخرج اول افلامه السينمائية عام 1989: "الشرطي القاسي". ثم يكتب فيلم "درجة الغليان" ويقوم بالتمثيل فيه واخراجه وبعده فيلم "مشهد في البحر" عام 1993. ويصاب بعد بحادث مريع يؤدي الى فقدانه السيطرة على اعصاب وجهه فتصبح جامدة شديدة الصرامة خالية من اي تعبير. لكنه لا يتوقف عن العمل فهو كما يقول عن نفسه مثل الدراجة: "اذا توقفت عن السير تسقط على الارض". ويقدم عام 1995 فيلمه الرائع "سوناتين" الذي عرف به العالم الغربي مخرجاً على مستوى عال وكرمز من رموز السينما اليابانية الجديدة والمختلفة. ويمكن تصنيف الفيلم ضمن افلام الجريمة لكنه ليس من افلام الجريمة التي تعتمد على الحركة والعنف بل يركز على طاقة العنف الكامنة في الانسان… ثم يخرج فيلميه "يحصل على" و"عودة الاطفال" عام 1996.
وفي مهرجان فينيسيا عام 1997 اعلنت لجنة التحكيم عن فوز فيلم كيتانو " هانا - بي" بجائزة الاسد الذهبي ويحكي الفيلم عن نظام الانتاج السائد في اليابان الذي تحتكره الشركات الكبرى حيث نغوص معه كمشاهدين داخل عوالم اليابان الاخرى اي يابان الازمة والانهيار. نيشي، البطل الرئيسي في فيلم «هانا.بي» شرطي إنسان قليل الكلام متجهم. ومنذ بداية الفيلم نعرف أن ابنته الصغيرة قد توفيت منذ زمن، وإن زوجته تقيم في المستشفى نتيجة مرض خطير يهدد حياتها.
وأثناء تجواله في سيارة الشرطة يقترح أحد زملائه عليه، وهو شريكه هوريبي، أن يذهب لزيارة زوجته في المستشفى. وحين يكون في المستشفى يقتل شرطي أثناء اشتباك فيما يصاب زميله هوريبي بجروح تتسبب في شلله مدى الحياة.
لا يطلعنا الفيلم على ما حدث فورا بل بالتدريج بحيث يحيط الغموض بمصدر الرصاص وأسبابه، وهذا الغموض وعدم التركيز على السرد يشكل أسلوبية خاصة للفيلم، ذلك أن الفيلم لا يسعى لتقليد أفلام الحركة بل لأن يعرفنا على المشاعر و الحالة الذهنية لبطله. الذي سرعان ما سيقدم استقالته من عمله.. ولا يهتم المخرج بتوضيح كيف حصل ذلك ولماذا، كما هو الحال في الأفلام البوليسية التقليدية. بعد ذلك سنعرف أن نيشي غارق في الديون لصالح إحدى عصابات الياكوزا و يصور المخرج مشهدا سريعا لبطل الفيلم حين يحضر اثنان من أفراد العصابة لتحصيل الدين منه فيما هو جالس في أحد المقاهي، فيبادرهما بالهجوم ويفقع عين أحدهما و يطيح بالثاني. وهذا واحد من المشاهد الدموية القليلة في الفيلم ولكن التي تكشف آلية العنف التي تتجذر في سلوكيات رجل البوليس.
هكذا تتوازى في الفيلم حكاية رجلي شرطة مأزومين، أولهما نيشي الغارق في الديون والذي يعاني بسبب مرض زوجته التي يحبها، وثانيهما، هوريبي الذي أصبح مقعدا وفشل في محاولته الانتحار، فكان عليه بعد فشله أن يبحث عن مسار جديد لحياته.
وفي حين يسير نيشي نحو قدره المحتوم إذ يستقيل من عمله ومن ثم يقوم بسرقة أحد المصارف كي يتمكن من سد ديونه للعصابة التي قام بقتل معظم زعمائها لاحقا، وكي يتمكن من الاعتناء بزوجته، فينتهي به المطاف إلى إطلاق الرصاص عليها ثم على نفسه، فإن هوريبي المشلول يقاوم عجزه ويستعيد علاقته بالحياة من خلال تعلم وممارسة الرسم على الرغم من أنه يدرك أن موهبته محدودة.
ورغم الحزن القاتم الذي ميز عموما مشاهد الفيلم فالمخرج لم يغيب ألوان الضوء الذي يسبق النهاية والتي تجلت في لوحات الرسم التي أنجزها المقعد والمستوحاة مواضيعها وألوانها من مختلف أنواع الزهور والخضرة والثلج والأنوار.
يتضمن الفيلم مشاهد قليلة فيها الكثير من العنف. لكن هذه المشاهد تمر على الشاشة بسرعة خاطفة وكأنها مصاغة بلغة برقية شديدة الإيجاز. أما غالبية المشاهد التي يتكون منها الفيلم فتنحو نحو متابعة المشاعر الداخلية لبطلي الفيلم الرئيسيين والانفعالات التي تنتج عن ما يحصل معهما من أحداث.
اعتبر الكثير من النقاد الذين كتبوا عن الفيلم أنه يرقى بالفيلم البوليسي إلى درجة الفيلم الشعري. وبالفعل يحتوي الفيلم على العديد من المشاهد التي ترقى إلى مستوى الشعر ومنها المشهد الأخير في الفيلم والذي ينحفر عميقا في ذاكرة المتفرجين لجمالياته البصرية ونفسه الشعري وتأثيره النفسي القوي.
ويخرج كيتانو عام 1999 فيلمه "كيكو جيرو" ثم عام 2000 بفيلميه "اخ" و"المشاجرة الجماعية".
فيلم كيتانو تاكاشي "الدمى" (2003) اخذ صياغته السينمائية عن مسرحية "رسول الجحيم" لتشيكا ماتسو مونزايمون. ويصور الرحلة الكئيبة لشاب وفتاة يرتبطان ببعضهما بعضاً بحبل احمر, وتتداخل قصتهما بقصتي حب أخريين لدميتين.
ماتسموتو وسواكو يعملان معاً في قسم الاعلان في شركة وقد اتفقا على الزواج وأعلنا الخبر على اصدقائهما. ماتسموتو يتلقى اقتراحاً للزواج من ابنة رئيس الشركة… تنكسر روح سوكو. وبعد محاولة انتحار فاشلة تصبح مجنونة وتفقد كل ذكريات الماضي. في يوم مراسم العرس يعلم ماتسموتو بهذا, يتسلل من الاحتفال ويأخذ سواكو بعيداً من المشفى. بحبل احمر مثل حبل السرة يربط نفسه بسواكو التي تحب ان تمضي بعيداً على غير هدى. ويشتغل المخرج على تفاصيل خاصة للعلاقة بين الاثنين. حالات الالم والانكسار, هذيانات الطفولة والبكاء اليأس.
يترك الاثنان سيارتهما ويبدآن المشي ولكن ليس الى أي مكان, يمران بكل انواع البشر وكل الطرقات وكل الازمنة بينما تتغير الفصول الاربعة الى ان يصلا الى الشتاء, وفي النهاية يتدحرجان من اعلى جبل مغطى بالثلج ويعلقان بالحبل الذي يربطهما من شجرة مدلاة على هاوية.
تتقاطع مع قصة الحب هذه حكاية اخرى لقاتل محترف يترك فتاته التي كان يلتقيها على مقعد في الحديقة لاستحالة تواصلهما معاً بعد ان اختار مهنته المميتة, يعود بعد عقود الى المقعد نفسه في الحديقة ويراها جالسة بانتظارها الابدي… لا تعرفه وقد اثرت السنوات في ملامحه, لكنهما يجلسان معاً ويتناولان وجبة الطعام التي يحبها والتي دأبت على جلبها معها للحديقة, يعيشان لحظة فرح مسروقة من زمن قاسٍ, وفي النهاية يودعها على ان يأتي اليها في الغد… وهو ماضٍ بفرح الى سيارته يأتي قاتل آخر من خلفه ليقتله برصاصة… وتعود فتاته لانتظارها الابدي على المقعد.
قصة ثالثة تدخل مونتاجياً بالأحداث عن مطربة شابة مشهورة ينتظرها المعجبون لرؤيتها وأخذ تواقيعها. بين صف المعجبين هناك شاب يحبها من بعد… تفقد المطربة نظرها نتيجة حادث سيارة مؤلم. يكون وقع الصدمة مروعاً على الشاب الذي يفقأ عينيه بموسى ويأتي للقاء محبوبته المغنية العمياء, ويمضيان معاً ينشدان احدى اغانيها.
تاكاشي له طريقة عمل خاصة وجملة اسلوبية واحدة للعمل من بداية الفيلم الى نهايته… مشاهد طويلة من دون قطع. مشاهد صامتة تظهر الانفعال الداخلي للشخصيات متداخلاً مع التشكيل الخارجي المبدع للصورة. في الفيلم مسحات للصمت… الصمت الذي يصاحب الانتظار وله دوي الرعد او الرصاص او البكاء اليائس نفسه… هنا يتساوى الموت والحياة. بل ان الموت يفوق الحياة قيمة… فهم يعيشون اصلاً في عزلتهم في انتظار الموت فالعيش في حياة تنتظر فيها الموت اشد ألماً من الذهاب الى لقاء الموت باختيارك
ثم يقدم افلامه(تاكيشي) – 2005 (فليحيا صانع الأفلام!) - 2007 (يوم واحد رائع) – 2007 و(أخيل والسلحفاة) - 2008 . يتناول قصة فنان يسعى جاهداً لبيع أعماله الفنية. نتابع نشأة هذا الفنان حيت أتيحت له الفرصة كي يرسم بحرية وعلى هواه دون قيود في صباه، ثم تحلّ بحياته مأساة عندما ينتهي به الأمر بين يدي عمته وعمه ورغبتهما في أن يوجه اهتمامه إلى العمل بدلاً من الرسم قبل إرساله إلى عهدة أسرة بديلة أخرى. تتوالى أحداث الفيلم ضمن ثلاث مراحل زمنية وتبين لنا هذه الأحداث أنه كي يتمكن من بيع لوحاته لابد له من دراسة سلوك وطبيعة الآخرين بمعزل عن موهبته الفنية المتأصلة في أعماقه، ما ينتج عن إنجازه أعمالاً فنية دون المستوى المطلوب، وبالتالي يعجز عن بيعها. يحاول المخرج تاكيشي السخرية من هذا الفنان وخصوصاً عندما يظهر بنفسه بشخصية الفنان ذاته عندما يبلغ خريف العمر. كما يسخر الفيلم من عالم الفن بطريقة لطيفة وينشئ حالة تكاد تكون مناقضة لما شاهدناه عن روبرت بابكن في فيلم (ملك الكوميديا) حيث يحاول الفنان شق طريقه عنوة للوصول إلى القمة المطلقة، بينما يقوم الفنان في (أخيل والسلحفاة) بالانسلاخ عن نفسه وعن عائلته كي يصل إلى الدرجة السفلى بدلاً من القمة. ولعل هذا الأسلوب الذي يتبعه المخرج تاكيشي ينطوي على متعة معينة مع أن النهاية لا تكون مرضية.
وبعد سنتين من تصوير فيلم "اوتراج"اي سنة الفين و عشرة عن حرب عصابة"يوكازاك". يعود المخرج بفيلم جديد و يدعى بكل بساطة " اوتراج بييوند"و هو عبارة عن بقية لاحداث فيلمه الاول عن عالم المافيا "بييوند" . و يقول المخرج كيتانو:
" من المفروض ان يكون الفيلم ممتع لذلك عندما صورت الفيلم عن حياة "اوساكا" تحدثت عن العلاقة الطيبة التي تجمه بالشرطة . و أظن ان مثل هذه العلاقة موجودة في جميع انحاء العالم ."
تتطور الاحداث خلال الفيلم فعائلة "سانو" المجرمة اصبحت أكبر و أعضاء جدد أمسكو بزمام الامور و تناسو من كانوا قبلهم .
"اوتاج بييوند " فيلم يأخذنا الى عالم الرجال بين مافيا و شرطة . يسود العنف في كثير من لقطات الفيلم على المستويين النفسي و الجسدي .
و قد أعلن "تاكاشي كيتانو " عن مواصلة أحداث القصة من خلال سيناريو ثالث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق