محمد عبيدو
ازدادت اهمية " السينما الهندية الجديدة " الهندية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات. ومن دون ان تنافس جدياً السينما التجارية شقّت دربها الى الشاشات الهندية وشاركت في المهرجانات المحلية والعالمية، فتبرز اسماء : ساتياجيت راي , مرينال سين , شيام بينغال .غيريش كازارافالي، غوفيند نيهالاني، سعيد ميرزا، رابيندرا دهارماجي، غوتام غوز وآخرون.
مرينال سين مع ساتياجيت راي و ريتويك غاتيك من اهم مبدعي السينما البارعين والمعروفين في عالم السّينما البنغاليّة . وخلال عمله الممتد لخمسة عقود، اخرج سين 27 فيلمًا طويلا، 14 فيلم قصير و 4 أفلام وثائقيّة متنوعة من ناحية جمال التّصوير السّينمائيّ و المحتوًى لكنّ دائمًا عرض فكر تحليليّ عميق و أيديولوجيّة إنسانيّة بالتزام عميق نحو " زمني , فانا ببساطة لا استطيع ان اقفز عنه , وما دام الفقر والجفاف والمجاعة والظلم الاجتماعي هي حقائق سائدة في زمني , فان عملي كمنتج افلام هو ان افهم هذه الحقائق . وربما كان مرينال سين مثلا فريدا عن مخرج هندي ينمو من اخراج افلام غامضة التوجه ورمزية في البداية الى اخراج افلام تصور الواقع الهندي القاسي على نحو دقيق .
مرينال سين من مواليد 14 ايار 1923 في فريدبور، منطقة الآن في بنغلاديش الحديثة . بعد إنهاء مدرسته في فريدبور، جاء سين إلى كالكوتا لدراسة الفيزياء . في كالكوتا، كان متأثّر كثيرًا بالماركسيّة و منضمّ إلى جمعيّة مسرح الشّعب الهنديّ ( آي بي تي إيه ) - الواجهة الثّقافيّة للحزب الشيوعيّ الهندي . في نفس الوقت طوّر اهتمامه الثّابت في السّينما بعد قراءة كتاب عن علم جمال السينما .
عمل مرينال سين أوّل افلامه " نهاية ليل " عام ( 1955 )، ولم يلاقي نجاحا ثم يقدم فيلمه الثّاني " تحت السماء الزرقاء "( 1958 ) الذي اكسبه سمعته في صناعة السّينما البنغاليّة , فيلم بتأثير الواقعية الجديدة يعالج الصداقة بين ربة بيت بنغالية مستقلّة لديها ميول اليساريّة قويّة وبائع متجول صيني في كالكوتا خلال فترة الثلاثينات المضطربة سياسيا . تحت تأثير المرأة ، يطوّر البائع اهتمامه في صراعات مواطنيه البؤساء و ينضمّ إلى حركة المقاومة ضدّ القوّات اليابانيّة عند عودته إلى الصّين . الفيلم بموضوعه الماركسيّ بعلنيّة اصطدم بمشاكل مع الرّقيب و حُظِرَ لمدّة أكثر من شهرين . كان الفيلم شعبيًّا إلى حدّ ما بعد تحريره. فيلمه الثّالث " يوم الزفاف " ( 1960 ) تلقّى أيضًا التّقييم الهامّ و الشّعبيّ .الفيلم يدور في قرية بنغالية قبل و أثناء المجاعة المرعبة لعام1943 التي اودت بحياة 5 ملايين شخص . بنت عمرها 16 سنة تتزوّج رجلاً متوسّط العمر . في البداية تضيء حياته لكنّ الحرب العالميّة الثّانية و مجاعة في بنغال تؤدي بهما لليأس . الزواج يتفكّك . في النّهاية الزّوجة تشنق نفسها .
بعد " يوم الزفاف " ، اخرج سين خمسة أفلام أخرى لكنّ ايا منها لم يكن مثيرا للاهتمام فيما يخصّ الشكل و المضمون . في هذه الاثناء كان سين قد تعرف جيدا على التطورات في السينما الاوربية فراح يجرب وسائل جديدة وبستخدم لغة جديدة بنضج وتمكن عظيم وقدم عام ( 1966 ) فيلم " الاخوان " الماخوذ عن رواية شهيرة للكاتب " باينراهي " . ويلاقي سين صعوبات بالغة لإيجاد المنتجين لمشاريعه . في عام 1969، قدّم طلبًا لقرض من شركة تمويل الفيلم المشكّلة حديثًا (إن إف دي سي ) و تمكّن من الحصول على الاعتمادات لفيلمه القادم . النّتيجة كان بهفان شوم ( 1969 )، وفيه اختلاف جذريّ عن أفلام سين السابقة و السينما الهنديّة المعتادة لتلك الفترة . يخبر الفيلم قصّة بهفان شوم ( جسده بتألق أتبال دت )، عجوز بيروقراطيّ و صارم . تربى على العادات الاستعمارية , ويعتقد انه اقوم اخلاقا من الاخرين حتى انه عندما وجد ابنه قد ارتكب جنحة تافهة سرعان ما طرده كمن عمله . ودون ان يدري فان تصميمه القوي ومواقفه الرتيبة قد جردته من الصفات الانسانية .وفي النهاية , وبعد ان احس بالملل من الروتين المكتبي , قرر ان ان يخرج في اجازة قصيرة لصيد سمك البط في شاطئ بعيد في كوجارات . وهناك انفتح امامه عالم جديد , فلاحون بسطاء وعربات تجرها الثيران تصك العظام واخيرا فتاة ريفية ذات جمال ساحر اسمها غوري تتسلل الى قلبه . واكثر من ذلك , فهي زوجة رجل كان على وشك ان يصرفه من الخدمة لانه يقبض الرشاوي الصغيرة , ولكن روحها المرحة وشباها المتدفق سحراه وجعلاه يدرك ان في الحياة اشياء اخرى غير النظام القاسي . لقد قامت فتاة شابة بتدجين هذا البيروقراطي المرعب . يعالج الفيلم هذا التّحوّل خلال طريقة سّينمائيّة مبتكرة. . الفيلم هو العمل السّينمائيّ الأوّل لأميتاب باتشان .
بعد نجاح بهفان شوم، عمل مرينال سين سلسلةً من الأفلام الّتي أنشأت سمعته كمخرج أفلام سياسيّة بميول ماركسيّة : المقابلة ( 1970 ), كالكتا 71 ( 1972 ) و الفدائي ( 1973 ) الآن هب معروفة كثلاثيّة كالكوتا – نلاحظ فيهم التجريب السّينمائيّ المشبع بالأيديولوجيّة الماركسيّة . استخدام الهياكل القصصيّة الغير تقليديّة و الطّرق السّينمائيّة المتأثّرة كثيرًا بجان - لوك غودار لتصوير الأوقات العنيفة و المضطربة لكالكوتا في السّبعينيّات.في فيلم المقابلة خلق جديد ورائع للبيئة المعاصرة لكالكوتا باضطرابها وتشوشها وفوضاها وتأثير كل ذلك على حياة الفرد العادي . وفي الكورس ( 1974 ) ينقل التأثير من الفرد الى الشرط العام .
بالرّغم من أنّ أفلامه تظهر نموّ الأفكار من الماركسيّة, الوجوديّة, السّرياليّة, التّعبيريّة الألمانيّة , اللّغة الفرنسيّة الحركة الابتكاريّة و الواقعية الجديدة الإيطاليّة، في تفاصيلهم الأسلوبيّة، هذه الأفلام في كثير من الأحيان تضاهي سّينما وودي ألن. مثل سينما ألن، سينما سين بمعظمها، لا توفّر النّتيجة الحاسمة أو النّهاية السّعيدة ( بخلاف كثير من أفلام معاصر سين المعروف ساتياجيت راي). في كثير من أفلام سين اللاحقة، الجمهور يصبح مشاركًا في عمليّة تطوّر الحبكة . يدعو المخرج و يستفزّ الجمهور الى عمليّة متقاسمة لتشكيل النّتائج المتعدّدة الّتي هي في نفس الوقت فريدة و مختلفة ..
كان سين قد بدأ يلفت الانظار آنئذ , وكانت الجوائز تنهمر عليه .ان التزاماته الاجتماعية وروحه الخلاقة واستخدامه للسينما كأداة للتغيير , كل هذه الامور جرى الاعتراف بها . ومع اهتمامه الجديد في الشرط الانساني والشخصيات الحقيقية ( من لحم ودم) اصبح لديه اهتمام بالحكايات المصقولة واصبحت افلامه تحمل مواضيعه المعتادة : القمع والظلم والحرمان التي يعاني منها افراد الطبقة الوسطى والدنيا .
. عام 1977 اخرج فيلمه " حكاية قرية "وهو قصة رمزية سياسية بارعة تتعلق بوضع ولاية جنوبية هندية تروي قصة فلاح شبه مجنون يرفض الاستمرار بالعمل ويعلق " بان العمل في هذا النظام الفاسد بمثابة ان يخدم هذا النظام " , ويتزوج ابنه من فتاة شابة تعمل كعاملة ولكنها تموت وهي تضع مولودها ويتسول الاب والابن لجمع المال لاحراق جثتها لكنهما يبذرانه على الشراب . يعتبر " حكاية قرية " واحدا من اكثر افلامه نضجا , وقد عززه باسلوب بصري هائل .
دخل مرينال سين في طور الابداع الناضج في مهنته . الأفلام مثل إك دن براتيدين ( 1979 )، أكالر سانداني ( 1980 )، تشالتشيترا ( 1981 )، خاريج ( 1982 )، خانداهار ( 1983 )،الخرائب ( 1984 ), إك دن أتشاناك ( 1989 ) و ماهابريثيباي ( 1991 ) يستكشف عبرها التّوتّرات و التّناقضات المتأصّلة في وجود الطّبقة الوسطى البنغاليّة . في هذه الأفلام يتجنّب التجرييبه الطّليعيّة المبكّرة و يكيّف أسلوبًا ملتزمًا أكثر باسر أخلاقيّ، أخلاق و تناقضات الطّبقة الّتي شكّلت الواقع المدنيّ البرجوازيّ في كالكتا .
( بحثًا عن مجاعة ) عن طاقم فيلم متحرّر يساريّ يجيء الى قرية نموذجيّة لتصوير فيلم عن مجاعة بينغال عامي1942-43 و يبقى في قصر زامينداري القديم المسكون فقط بشيخ محتضر فقط و زوجته المخلصة – ادت الدور بشكل رائع بسيناتور جيتا زوجة مرينال سين باستخدام ، سن في هذا الفيلم المتعدّد الطّبقات يحقّق في سياسة المجاعة، خطّ التّقسيم المدنيّ الرّيفيّ الّذي يشكّل مواقف القرويّين المختلفين نحو وحدة الفيلم، الغموض الأخلاقيّ لليسار المتحرّر و بالطّبع السّحر و فرحة عمل الأفلام . فاز الفيلم بالجائزة القوميّة لأفضل فيلم و أيضًا جائزة أفضل مخرج . و فاز بالدّبّ الفضّيّ في مهرجان برلين السّينمائيّ 1980 . خاريج (أُغْلِقَتْ القضيّة) الشعور الكبير والعميق بالذّنب، القلق و نفاق عائلة خاصّة من الطّبقة الوسطى تتأثّر بالموت المفاجئ والغامض لخادمهم الصّغير بسبب الاختناق بغاز اكسيد الكربون الكربون الاحادي وهو محبوس ينام في مطبخ العائلة السّيّئ التّهوية . الفيلم الّذي تألّق فيه أنجان دت و ماماتا شانكار في أدوار البطولة فاز بجائزة لجنة التّحكيم في مهرجان كان السينمائي 1982 .
كثير من أفلام سن بمرحلة متأخّرة تُمَيَّز بخطّ قصصيّ قليل يتّحد شكل جملي خاص . البداية ( 1986 )، تمثيل ناسيردين شاه، أم بري و شابانا عزمي تصوير قويّ لامرأة الرجل الأبديّة و نزاع العشاق عبر المنظر الفارغ لصحاري راجاسثان . أنتارين - المنعزل ( 1993 ) ، يصف حياة رجل وامرأة وحيدين ويعيشان عزلة قاتلة يلتقيان معًا بصورة غير متعمّدة خلال مكالمة تحب المراة الاتصال في منتصف الليالي , ولم يكن ذلك الرجل غير ودي. لم يعرف ايا منهما من يكون , وتدورالايام ويزداد الكلام . وتبدا لعبة غير مألوفة هي بطيئة ولكنها محتمة , محتفظين لانفسهم بمسافة غير محدد في عاصمة غير منظمة , بنى الرجل والمرأة عالمهم الغريب .
لم يتوقّف مرينال سين عن التجريب بوسائله الخاصة. في أفلامه اللاحقة حاول التّحرّك بعيدًا عن الهيكل القصصيّ و عمل حبكات رفيعة جدًّا . بعد توقف طويل لثمانية سنوات، في سنّ الثمانين، قدم فيلمه الأخير، أمار بهبان، في عام 2002 . قصّة عائلة مزارعة مسلمة فقيرة سين يعود إلى انشغاله السّابق بالفقر و الاستغلال
تلقّى مرينال سين و أفلامه الجوائز في المهرجانات السّينمائيّة القوميّة و الدّوليّة العديدة مثل كارلوفي فاري، كان، فينيسيا، برلين , موسكو , مونتريال, شيكاغو، و القاهرة. عروض أفلامه قدمت تقريبًا في كلّ المدن الكبيرة للعالم . أيضًا قد تلقّى عدد من درجات دكتوراة فخريّة من الجامعات المختلفة، الهند و بالخارج . مرينال سين اُنْتُخِبَ أيضًا كرئيس الاتّحاد الدّوليّ لجمعيّات الفيلم .
ازدادت اهمية " السينما الهندية الجديدة " الهندية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات. ومن دون ان تنافس جدياً السينما التجارية شقّت دربها الى الشاشات الهندية وشاركت في المهرجانات المحلية والعالمية، فتبرز اسماء : ساتياجيت راي , مرينال سين , شيام بينغال .غيريش كازارافالي، غوفيند نيهالاني، سعيد ميرزا، رابيندرا دهارماجي، غوتام غوز وآخرون.
مرينال سين مع ساتياجيت راي و ريتويك غاتيك من اهم مبدعي السينما البارعين والمعروفين في عالم السّينما البنغاليّة . وخلال عمله الممتد لخمسة عقود، اخرج سين 27 فيلمًا طويلا، 14 فيلم قصير و 4 أفلام وثائقيّة متنوعة من ناحية جمال التّصوير السّينمائيّ و المحتوًى لكنّ دائمًا عرض فكر تحليليّ عميق و أيديولوجيّة إنسانيّة بالتزام عميق نحو " زمني , فانا ببساطة لا استطيع ان اقفز عنه , وما دام الفقر والجفاف والمجاعة والظلم الاجتماعي هي حقائق سائدة في زمني , فان عملي كمنتج افلام هو ان افهم هذه الحقائق . وربما كان مرينال سين مثلا فريدا عن مخرج هندي ينمو من اخراج افلام غامضة التوجه ورمزية في البداية الى اخراج افلام تصور الواقع الهندي القاسي على نحو دقيق .
مرينال سين من مواليد 14 ايار 1923 في فريدبور، منطقة الآن في بنغلاديش الحديثة . بعد إنهاء مدرسته في فريدبور، جاء سين إلى كالكوتا لدراسة الفيزياء . في كالكوتا، كان متأثّر كثيرًا بالماركسيّة و منضمّ إلى جمعيّة مسرح الشّعب الهنديّ ( آي بي تي إيه ) - الواجهة الثّقافيّة للحزب الشيوعيّ الهندي . في نفس الوقت طوّر اهتمامه الثّابت في السّينما بعد قراءة كتاب عن علم جمال السينما .
عمل مرينال سين أوّل افلامه " نهاية ليل " عام ( 1955 )، ولم يلاقي نجاحا ثم يقدم فيلمه الثّاني " تحت السماء الزرقاء "( 1958 ) الذي اكسبه سمعته في صناعة السّينما البنغاليّة , فيلم بتأثير الواقعية الجديدة يعالج الصداقة بين ربة بيت بنغالية مستقلّة لديها ميول اليساريّة قويّة وبائع متجول صيني في كالكوتا خلال فترة الثلاثينات المضطربة سياسيا . تحت تأثير المرأة ، يطوّر البائع اهتمامه في صراعات مواطنيه البؤساء و ينضمّ إلى حركة المقاومة ضدّ القوّات اليابانيّة عند عودته إلى الصّين . الفيلم بموضوعه الماركسيّ بعلنيّة اصطدم بمشاكل مع الرّقيب و حُظِرَ لمدّة أكثر من شهرين . كان الفيلم شعبيًّا إلى حدّ ما بعد تحريره. فيلمه الثّالث " يوم الزفاف " ( 1960 ) تلقّى أيضًا التّقييم الهامّ و الشّعبيّ .الفيلم يدور في قرية بنغالية قبل و أثناء المجاعة المرعبة لعام1943 التي اودت بحياة 5 ملايين شخص . بنت عمرها 16 سنة تتزوّج رجلاً متوسّط العمر . في البداية تضيء حياته لكنّ الحرب العالميّة الثّانية و مجاعة في بنغال تؤدي بهما لليأس . الزواج يتفكّك . في النّهاية الزّوجة تشنق نفسها .
بعد " يوم الزفاف " ، اخرج سين خمسة أفلام أخرى لكنّ ايا منها لم يكن مثيرا للاهتمام فيما يخصّ الشكل و المضمون . في هذه الاثناء كان سين قد تعرف جيدا على التطورات في السينما الاوربية فراح يجرب وسائل جديدة وبستخدم لغة جديدة بنضج وتمكن عظيم وقدم عام ( 1966 ) فيلم " الاخوان " الماخوذ عن رواية شهيرة للكاتب " باينراهي " . ويلاقي سين صعوبات بالغة لإيجاد المنتجين لمشاريعه . في عام 1969، قدّم طلبًا لقرض من شركة تمويل الفيلم المشكّلة حديثًا (إن إف دي سي ) و تمكّن من الحصول على الاعتمادات لفيلمه القادم . النّتيجة كان بهفان شوم ( 1969 )، وفيه اختلاف جذريّ عن أفلام سين السابقة و السينما الهنديّة المعتادة لتلك الفترة . يخبر الفيلم قصّة بهفان شوم ( جسده بتألق أتبال دت )، عجوز بيروقراطيّ و صارم . تربى على العادات الاستعمارية , ويعتقد انه اقوم اخلاقا من الاخرين حتى انه عندما وجد ابنه قد ارتكب جنحة تافهة سرعان ما طرده كمن عمله . ودون ان يدري فان تصميمه القوي ومواقفه الرتيبة قد جردته من الصفات الانسانية .وفي النهاية , وبعد ان احس بالملل من الروتين المكتبي , قرر ان ان يخرج في اجازة قصيرة لصيد سمك البط في شاطئ بعيد في كوجارات . وهناك انفتح امامه عالم جديد , فلاحون بسطاء وعربات تجرها الثيران تصك العظام واخيرا فتاة ريفية ذات جمال ساحر اسمها غوري تتسلل الى قلبه . واكثر من ذلك , فهي زوجة رجل كان على وشك ان يصرفه من الخدمة لانه يقبض الرشاوي الصغيرة , ولكن روحها المرحة وشباها المتدفق سحراه وجعلاه يدرك ان في الحياة اشياء اخرى غير النظام القاسي . لقد قامت فتاة شابة بتدجين هذا البيروقراطي المرعب . يعالج الفيلم هذا التّحوّل خلال طريقة سّينمائيّة مبتكرة. . الفيلم هو العمل السّينمائيّ الأوّل لأميتاب باتشان .
بعد نجاح بهفان شوم، عمل مرينال سين سلسلةً من الأفلام الّتي أنشأت سمعته كمخرج أفلام سياسيّة بميول ماركسيّة : المقابلة ( 1970 ), كالكتا 71 ( 1972 ) و الفدائي ( 1973 ) الآن هب معروفة كثلاثيّة كالكوتا – نلاحظ فيهم التجريب السّينمائيّ المشبع بالأيديولوجيّة الماركسيّة . استخدام الهياكل القصصيّة الغير تقليديّة و الطّرق السّينمائيّة المتأثّرة كثيرًا بجان - لوك غودار لتصوير الأوقات العنيفة و المضطربة لكالكوتا في السّبعينيّات.في فيلم المقابلة خلق جديد ورائع للبيئة المعاصرة لكالكوتا باضطرابها وتشوشها وفوضاها وتأثير كل ذلك على حياة الفرد العادي . وفي الكورس ( 1974 ) ينقل التأثير من الفرد الى الشرط العام .
بالرّغم من أنّ أفلامه تظهر نموّ الأفكار من الماركسيّة, الوجوديّة, السّرياليّة, التّعبيريّة الألمانيّة , اللّغة الفرنسيّة الحركة الابتكاريّة و الواقعية الجديدة الإيطاليّة، في تفاصيلهم الأسلوبيّة، هذه الأفلام في كثير من الأحيان تضاهي سّينما وودي ألن. مثل سينما ألن، سينما سين بمعظمها، لا توفّر النّتيجة الحاسمة أو النّهاية السّعيدة ( بخلاف كثير من أفلام معاصر سين المعروف ساتياجيت راي). في كثير من أفلام سين اللاحقة، الجمهور يصبح مشاركًا في عمليّة تطوّر الحبكة . يدعو المخرج و يستفزّ الجمهور الى عمليّة متقاسمة لتشكيل النّتائج المتعدّدة الّتي هي في نفس الوقت فريدة و مختلفة ..
كان سين قد بدأ يلفت الانظار آنئذ , وكانت الجوائز تنهمر عليه .ان التزاماته الاجتماعية وروحه الخلاقة واستخدامه للسينما كأداة للتغيير , كل هذه الامور جرى الاعتراف بها . ومع اهتمامه الجديد في الشرط الانساني والشخصيات الحقيقية ( من لحم ودم) اصبح لديه اهتمام بالحكايات المصقولة واصبحت افلامه تحمل مواضيعه المعتادة : القمع والظلم والحرمان التي يعاني منها افراد الطبقة الوسطى والدنيا .
. عام 1977 اخرج فيلمه " حكاية قرية "وهو قصة رمزية سياسية بارعة تتعلق بوضع ولاية جنوبية هندية تروي قصة فلاح شبه مجنون يرفض الاستمرار بالعمل ويعلق " بان العمل في هذا النظام الفاسد بمثابة ان يخدم هذا النظام " , ويتزوج ابنه من فتاة شابة تعمل كعاملة ولكنها تموت وهي تضع مولودها ويتسول الاب والابن لجمع المال لاحراق جثتها لكنهما يبذرانه على الشراب . يعتبر " حكاية قرية " واحدا من اكثر افلامه نضجا , وقد عززه باسلوب بصري هائل .
دخل مرينال سين في طور الابداع الناضج في مهنته . الأفلام مثل إك دن براتيدين ( 1979 )، أكالر سانداني ( 1980 )، تشالتشيترا ( 1981 )، خاريج ( 1982 )، خانداهار ( 1983 )،الخرائب ( 1984 ), إك دن أتشاناك ( 1989 ) و ماهابريثيباي ( 1991 ) يستكشف عبرها التّوتّرات و التّناقضات المتأصّلة في وجود الطّبقة الوسطى البنغاليّة . في هذه الأفلام يتجنّب التجرييبه الطّليعيّة المبكّرة و يكيّف أسلوبًا ملتزمًا أكثر باسر أخلاقيّ، أخلاق و تناقضات الطّبقة الّتي شكّلت الواقع المدنيّ البرجوازيّ في كالكتا .
( بحثًا عن مجاعة ) عن طاقم فيلم متحرّر يساريّ يجيء الى قرية نموذجيّة لتصوير فيلم عن مجاعة بينغال عامي1942-43 و يبقى في قصر زامينداري القديم المسكون فقط بشيخ محتضر فقط و زوجته المخلصة – ادت الدور بشكل رائع بسيناتور جيتا زوجة مرينال سين باستخدام ، سن في هذا الفيلم المتعدّد الطّبقات يحقّق في سياسة المجاعة، خطّ التّقسيم المدنيّ الرّيفيّ الّذي يشكّل مواقف القرويّين المختلفين نحو وحدة الفيلم، الغموض الأخلاقيّ لليسار المتحرّر و بالطّبع السّحر و فرحة عمل الأفلام . فاز الفيلم بالجائزة القوميّة لأفضل فيلم و أيضًا جائزة أفضل مخرج . و فاز بالدّبّ الفضّيّ في مهرجان برلين السّينمائيّ 1980 . خاريج (أُغْلِقَتْ القضيّة) الشعور الكبير والعميق بالذّنب، القلق و نفاق عائلة خاصّة من الطّبقة الوسطى تتأثّر بالموت المفاجئ والغامض لخادمهم الصّغير بسبب الاختناق بغاز اكسيد الكربون الكربون الاحادي وهو محبوس ينام في مطبخ العائلة السّيّئ التّهوية . الفيلم الّذي تألّق فيه أنجان دت و ماماتا شانكار في أدوار البطولة فاز بجائزة لجنة التّحكيم في مهرجان كان السينمائي 1982 .
كثير من أفلام سن بمرحلة متأخّرة تُمَيَّز بخطّ قصصيّ قليل يتّحد شكل جملي خاص . البداية ( 1986 )، تمثيل ناسيردين شاه، أم بري و شابانا عزمي تصوير قويّ لامرأة الرجل الأبديّة و نزاع العشاق عبر المنظر الفارغ لصحاري راجاسثان . أنتارين - المنعزل ( 1993 ) ، يصف حياة رجل وامرأة وحيدين ويعيشان عزلة قاتلة يلتقيان معًا بصورة غير متعمّدة خلال مكالمة تحب المراة الاتصال في منتصف الليالي , ولم يكن ذلك الرجل غير ودي. لم يعرف ايا منهما من يكون , وتدورالايام ويزداد الكلام . وتبدا لعبة غير مألوفة هي بطيئة ولكنها محتمة , محتفظين لانفسهم بمسافة غير محدد في عاصمة غير منظمة , بنى الرجل والمرأة عالمهم الغريب .
لم يتوقّف مرينال سين عن التجريب بوسائله الخاصة. في أفلامه اللاحقة حاول التّحرّك بعيدًا عن الهيكل القصصيّ و عمل حبكات رفيعة جدًّا . بعد توقف طويل لثمانية سنوات، في سنّ الثمانين، قدم فيلمه الأخير، أمار بهبان، في عام 2002 . قصّة عائلة مزارعة مسلمة فقيرة سين يعود إلى انشغاله السّابق بالفقر و الاستغلال
تلقّى مرينال سين و أفلامه الجوائز في المهرجانات السّينمائيّة القوميّة و الدّوليّة العديدة مثل كارلوفي فاري، كان، فينيسيا، برلين , موسكو , مونتريال, شيكاغو، و القاهرة. عروض أفلامه قدمت تقريبًا في كلّ المدن الكبيرة للعالم . أيضًا قد تلقّى عدد من درجات دكتوراة فخريّة من الجامعات المختلفة، الهند و بالخارج . مرينال سين اُنْتُخِبَ أيضًا كرئيس الاتّحاد الدّوليّ لجمعيّات الفيلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق