الجمعة، 5 ديسمبر 2014

اكتشافات سينمائية مهمة في أيام الفيلم الأردني بالجزائر في طبعته الثالثة


الطبعة الثالثة لتظاهرة “أيام الفيلم الأردني بالجزائر”، والتي تشرف عليها الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي والهيئة الملكية الأردنية للأفلام، في الفترة الممتدة من 16 إلى 18 جانفي الجاري،
تعرض خلالها أفلام أردنية حديثة حازت جوائز بمهرجانات هامة، وذلك في سينماتيك الجزائر، وتأتي في إطار التبادل الثقافي بين البلدين وتعريف الجمهور الجزائري بالثقافة والسينما الأردنية التي عرفت تطورا مميزا في الآونة الأخيرة، وأيام الفيلم الأردني هي فرصة لاكتشاف الأعمال السينمائية لهذا البلد، والتي لقيت دعم ومساندة الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، منذ تأسيسها سنة 2003، حيث تعدّ سينما فتية وناشئة يعبر من خلالها المخرجون الأردنيون الشباب عن مظاهر مجتمعهم.
الافتتاح اليوم بالفيلم الطويل “على مد البصر” للمخرج أصيل منصور، وتسرد أحداث فيلم (على مدى البصر) للمخرج الأردني أصيل منصور حكاية امرأة شابة تعمل على اختيار قرارات كانت قد توصلت إليها في ليلة تحتشد بألوان التشويق والمغامرة، ليلى في أوائل العشرينات من عمرها تجد نفسها متسرعة في ترك حبيب تعرفت عليه في الجامعة، لتتزوج من آخر خطبها. حياة ليلى الزوجية باردة ومخيبة للأمل مع زوج غائب، فعدا وحدتها وغياب زوجها المتواصل، تتراكم خيباتها، وخيالات من الماضي تلاحقها. تحاول إيقاف هذا الماضي المنسرب من بين الأصابع، ويتحتم عليها إعادة النظر في قرارات اتخذتها خلال حياتها، وفي خضم ذلك هناك من يحاول سرقة سيارتها، بينما هي وحيدة في بيتها المعزول، بعد مقابلتها للص يحاول سرقة سيارتها، وما إن تواجه اللص، حتى يتجمد الزمن وتتكثف حياتها، مقابل حياة اللص، الذي يستعيد كل ما أفضى به إلى الموقف الذي هو فيه. حياتها مقابل حياته، وكلاهما في موقف يستدعي قرارات غير عادية... وغدا، يعرض فيلم “لما ضحكت الموناليزا” لفادي حداد والذي يروي قصة حب لطيفة تدور في جو كوميدي بين الشابة الأردنية “موناليزا” الرومانسية والخجولة التي لم تبتسم يوما في حياتها، وعامل البوفيه المصري “حمدي”، وتميل للتمرد على واقع تعيشه برفقة أختها “عفاف”، اللتين تعيشان معا في منطقة شعبية وكلاهما بدون زواج وتجاوزتا الثلاثين، وتأتي في الهامش قصص أخرى وروايات جانبية تكشف جوانب عديدة من مدينة عمان في الزمن الحاضر. كما يلقي الفيلم الضوء على التعصب الاجتماعي فيما يتعلق بالهجرة وذلك عبر عدسة رومانسية، ونمضي مع تفاصيل المجتمع الأردني المعاصر ومشكلات علاقاته الاجتماعية، فسرعان ما سيواجه العاشقان واقعا مغايرا، آتٍ من وضع حمدي بوصفه وافدا إلى الأردن وسيرحل متى انتهى تصريح العمل الخاص بإقامته.. وتختتم عروض التظاهرة بعد غد السبت بالفيلمين القصيرين “الظلام في الخارج “ لدارين سلام، ويحكي عن نينا، طفلة في الثانية عشر من العمر، تعيش في مجتمع محافظ ومغلق على نفسه، خشيتها الكبرى في الحياة نابعة من خوفها من الظلام. في يوم وهي في المدرسة، تمرّ نينا بسلسة من الأحداث التي تجعلها تدرك أن الظلام الفعلي ليس ناتجاً من غياب الضوء...و”إسماعيل” لنورة الشريف، وهو مستوحى من يوم في حياة الفنان الفلسطيني الراحل إسماعيل شموط (1930- 2006)، وفيه نرى شابا فلسطينيا يكافح ليعيل أبويه بعد تهجيرهم إلى أحد مخيمات اللاجئين عام 1948 من قبل القوات الإسرائيلية. على الرغم من حياته البائسة وظروفه الصعبة، يتمسك بحلمه بالسفر إلى روما ليتعلم الرسم هناك.. كعادته يذهب ذات صباح مع أخيه الأصغر ليبيعا الحلوى في محطة القطار.. بعد خروجهما من المحطة وخلال سيرهما في الطريق يكتشفان أنهما داخل حقل للألغام...
السينما في الأردن:
عرف الأردنيون السينما منذ أواسط العشرينيات، وفي ثلاثينيات القرن الماضي بدأ بناء الصالات السينمائية التي تزايد عددها، وتاريخ السينما الأردنية، سيناريو يحمل الغرابة والتباين الزمني، فقد ولدت على أيدي هواة ومغامرين وبأدوات بدائية، كما أنها كانت متباعدة زمنياً وبمعدل فيلم واحد كل عشر سنوات، وعلى مسافة أحد عشر عاما من استقلال الأردن، أي في العام (1957)، ولد أول فيلم سينمائي روائي طويل أردني (صراع في جرش)، إخراج (واصف الشيخ ياسين)، وكان على السينما في الأردن أن تنتظر سبع سنوات أخرى (1964)، ليظهر ثاني فيلم روائي طويل (وطني حبيبي) إخراج عبدالله كعوش، ليعود المخرج “جلال طعمة” مع بداية السبعينيات بفيلمي “الأفعى” و«الابن الثاني عشر” وشهد عام 1986 فيلما روائياً قصيراً للمخرج “محمد علّوه” مأخوذ عن قصة الكاتب “محمد طميلة” بعنوان “الحذاء”. وفي عام 1991 قدم المخرج “نجدت انزور” فيلم “حكاية شرقية” وظهر فيلم “كابتن ابو رائد” للمخرج “أمين مطالقة” (إنتاج 2007)، ويروي قصة عامل بسيط في المطار يسرد لمجموعة من أطفال الحي الشعبي الذي يقطنه مغامراته كطيار سابق في أرجاء العالم، لكن أبو رائد الذي يؤدي دوره الممثل البريطاني من أصل أردني نديم صوالحة ويطلق عليه الأطفال اسم الكابتن استطاع أن يمضي في حكاياته المثيرة للأطفال والفتيان مستلهما أجواءها من تلك الكتب القديمة التي تحتل ركنا داخل بيته. ومن خلال هذه الحكايات والمغامرات، نكتشف أحلام هؤلاء الأطفال وأحلام أبو رائد، ومعاملته لجيرانه وزملائه في العمل ومساعدته لهم في حل مشاكلهم. من خلال صداقة تجمع أبو رائد مع أطفال حارته يحاول مساعدة أحدهم على عدم ترك المدرسة، كما يدافع عن مراد الطفل الذي يتعرض هو ووالدته وأخوه إلى الضرب المتكرر والمعاملة السيئة من والده. وينتهي الفيلم بموت أبو رائد دفاعاً عن هذا الطفل بعد أن يهربه مع والدته وأخيه إلى منزل صديقته الطيارة نور التي تسكن في أحد أحياء عمان الراقية، ثم ينتظر والد مراد الذي يغضب عندما يكتشف هرب عائلته ويبدأ بضرب أبو رائد حتى الموت. إن الفيلم يبين أن الإنسان مهما كان بسيطاً يستطيع التأثير في حياة الآخرين، فالناس لا تتوقع أن يكون لعامل النظافة البسيط قدرة على التأثير في حياة مجموعة من الأطفال. وأنجزت رانيه عقلة حداد عدة أفلام قصيرة: “جنون” تجريبي2007 - “اسمي محمد” روائي إخراج مشترك، شارك في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الثاني في أبوظبي2007.  محمد طفل عراقي(8سنوات) لاجئ، ظروف الحياة جعلته مسؤولا عن إعالة أختة الصغيرة ووالدته المريضة بعد وفاة أبيه، في بلاد ليست بلاده - “في المهب” إنتاج 2009، 8 دقائق هناك في وسط البلد عرفت هي لأول مرة ماذا يعني أن تعشق مكانا، وهناك أيضا تشهد الآن تحولات هذا المكان فتدونها على أوراق النعناع المجففة- “رنين” تسجيلي إنتاج 2009، 15 دقيقة: رنين طفلة في السادسة من العمر تعاني وشقيقها الصمم منذ الولادة، لكن البقايا السمعية التي تمتلكها مكنتها بمساعدة استخدام السماعات وبرنامج العلاج السمعي النطقي من إحراز تقدم في مجالي السمع والنطق، وكذلك شقيقها ابن الخمس سنوات الذي زُرعت له قوقعة في سن مبكرة، إلا أن رنين الآن مهددة بفقدان تواصلها مع العالم الصوتي من جديد، إذا لم تجد من يتبرع لها بزراعة قوقعة سريعا لتعوضها عن البقايا السمعية التي بدأت بفقدها تدريجيا، والتي بفقدها ستفقد الكثير من مهارات النطق التي اكتسبتها.
أما فيلم “بعيداً من هنا” للمخرجة ساندرا ماضي، فهو عبارة عن بورتريه للكاتب الأردني محمد طمالة الذي اشتهر بكتابة القصة القصيرة والمقال اليومي وكان يملك أسلوباً ساخراً ميزه عن مُجايليه. ووثَّق الفيلم بكل شفافية لحظات إنسانية مُعبرة مر فيها الكاتب طمالة وهو يواجه الموت، وعكس عبر تلك اللحظات النابضة الطريقة التي توخاها للمضي في الحياة على رغم انعدام الوقت المُتاح، كونه مصاباً بالسرطان وفي المرحلة المتأخرة، ما جعله يقول إنه “لا وقت للوقت”. وفي “قمر 14”، اختارت ساندرا ماضي قصّة ملاكم فلسطيني شاب يُدعى فرج درويش كي تنسج عليها فيلماً وثائقياً، تابعت ماضي تفاصيل حكاية درويش في مساراتها المؤلمة، البؤس الإنساني والشقاء الاجتماعي اللذين يعانيهما شابٌ في مقتبل العمر بات “بطلاً” في الملاكمة من دون أن يتغلّب على قسوة الحياة اليومية التي تحاصره في عيشه مع عائلته في داخل مخيّم فلسطيني في الأردن (البقعة). فالفيلم الوثائقي انعكاس لمرارة العيش، والبطل المقهور ترجمة لقهر يطال بيئة متكاملة، وملاحقة الكاميرا تفاصيل حياتية خاصّة به محاولة فنية متواضعة لتسليط ضوء على حجم المعاناة الأكبر. وفي عام 2010 قدم فيلم “الشراكسة” للمخرج “محي الدين قندور” وقد لقي ترحيباً جماهيرياً في الأردن من خلال العروض التجارية.. وشارك الفيلم الأردني “حبيبي بيستناني عند البحر” للمخرجة ميس دروزة بعرضه الأول العالمي ضمن قسم “اكتشافات جديدة” في الدورة الـ38 في مهرجان تورنتو السينمائي 2013 بكندا، وهذا الفيلم يعتبر الوثائقي الطويل الأول للمخرجة ميس دروزة، ويروي قصة المخرجة التي قامت لأول مرة برحلة العودة إلى وطنها فلسطين، غادرت واقع عزلتها، ولحقت بحبيبها حسن الذي لم تلقه أبدا. حسن، الفنان الفلسطيني الذي كشف لها النقاب عن عالم جميل. في الفيلم نسج للخيال والواقع معا بغية التساؤل عن إمكانية التملص من واقع المكان وعن الحاجة للإيمان بالأحلام، ويأتي تكريما لحسن حوراني، الفنان الفلسطيني، الذي حلق وارتقى بمخيلته فوق الاحتلال. أنجز حوراني “حسن في كل مكان”- وهو كتاب رسم وشعر للأطفال- قبيل موته المأساوي غرقا في بحر يافا الممنوع العام 2003. أما فيلم (رحلة مكان) لندى دوماني فيعالج قضية المنفى والاشتياق للعودة إلى الوطن بالنسبة لأبناء الشعب العراقي من خلال استعراض لوحات لأربعة فنانين عراقيين تتناول تاريخ العراق.
وحصد الفيلم (فيسبوك رومانس) لمخرجه محيي الدين قندور ثلاث جوائز في مهرجان موناكو السينمائي. والفيلم الذي أنتجه أيضا قندور شارك فيه فنانون من دول مختلفة، يتحدث عن عائلة أردنية تزوج ابنتها لشاب مغترب يلامس المتغيرات الحديثة التي طرأت على الأسرة خاصة مع التطور التكنولوجي وتوفر وسائل جديدة للتواصل الإنساني، كما أنه يظهر جماليات العاصمة عمان التي صور في مناطقها وأحيائها، ويحمل الفيلم الذي تدور أحداثه في إطار اجتماعي كوميدي رسالة للشباب وللعائلة التي لا تستطيع الابتعاد عن هذه الوسيلة التي فرضت وجودها على عالمهم.
إعداد:محمد عبيدو
عن " الجزائر نيوز "
الأربعاء, 15 يناير 2014