الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

نادية شربي لعبيدي.. دكتورة من السوربون وسينمائية بانتظارها ملفات ثقافية ثقيلة


غادرت خليدة تومي الحكومة بعد 12 سنة قضتها على رأس وزارة الثقافة، وخلفتها المخرجة والمنتجة والأكاديمية نادية شرابي لعبيدي التي ستكون أمام امتحان تظاهرة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015” التي ورثتها عن سابقتها، وملفات كثيرة مفتوحة ومنها المهرجانات الوطنية والدولية الثقافية والفنية البالغ عددها 164. وهي التي دافعت مرارا عن تدعيم الدولة للإنتاج الثقافي. الأكاديمية والسينمائية نادية شرابي لعبيدي خريجة جامعة الجزائر تخصص “علم اجتماع” عام 1987، وهو التخصّص الذي تقول إنه مكّنها من امتلاك “نظّارات خاصة” لرؤية المجتمع. واصلت دراساتها العليا في جامعة السوربون، من 1987-1994 حيث حصلت على شهادة دكتوراه دولة في فنون العرض تخصص “سينما”. واقتحمت المجال السمعي البصري من بوابة الأفلام الوثائقية، مجال تخصّصها الأكاديمي. واشتغلت في مديرية الإنتاج السينمائي العمومية “الكاييك” وساعدت في الإخراج قبل أن تدخل عالم الإنتاج بتأسيس “بروكوم الدولية” للإنتاج السمعي البصري سنة 1994 مع عدد من المخرجين والتي استطاعت من خلالها المساهمة في إنتاج “عائشات” لسعيد ولد خليفة وعدد من الأفلام الوثائقية مع مالك العقون على غرار “فاطمة العمارية” تعود فيه إلى مدارج صباها في الأغواط.. لتُقدّم بكثير من الحميمية؛ حكاية فاطمة، الفتاة الزنجية التي تنتمي للزاوية التيجانية بعين ماضي. هذه الزنجية المحافظة والتي تمتلك موهبة الغناء وتحلم بأن تصبح مغنية مشهورة. فيتنازعها صراع بين المحافظة والانفتاح وتحقيق الذات، و«فاطمة الحواتة” عن النساء اللواتي يمتهن الصيد في عرض البحر، فيلم “فاطمة الحواتة” يروي قصة امرأة تعاند البحر وتخوض غمار الأمواج في مهنة كانت إلى وقت قريب حكرا على الرجال. و«غريب بجاية” الذي تنفض من خلاله الغبار عن الرئيس البرتغالي الأسبق، مانويل تيخيرا غوميز، الذي تخلى عن الحكم في بلاده عام 1925 وسافر إلى بجاية عام 1931 بنيّة البقاء هناك لبضعة أيام، لكنه قرر أن يستقر فيها إلى غاية وفاته عام 1941م.. كما أنتجت برامج للأطفال منها ‘’ساهلة ماهلة’’ الذي بثّه التلفزيون الجزائري، الذي يمزج ما بين الجانبين التربوي والترفيهي، ويهدف إلى تنمية الفضول العلمي وحب الاطلاع والاكتشاف لدى الأطفال، ويدعوهم للتعرّف على ثقافتهم الوطنية وكذا ثقافة الآخر، فضلا عن ترسيخه جملة من القيم الإنسانية النبيلة. وقالت عنه شرابي إنه ‘’يجمع ما بين الأصالة والمعاصرة، ويقدّم خطابا مكمّلا للمدرسة’’.
نادية شرابي هي أيضا أستاذة في معهد علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر لطلبة ما بعد التدرج تخصص “سيميولوجيا الصورة وتحليل الأفلام”، وهي عضو هام في مجلس المنتجين الأحرار المتوسطيين ببرشلونة، وكانت من المؤسسين لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي. وكانت نادية شرابي عضوة في اللجنة الشعبية لمناصرة فلسطين ودعم المقاومة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة سنة 2009 والتي كانت ترأسها شرفيا المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد.
وسجلت حضورها في الإنتاج المشترك من خلال فيلم “النخيل الجريح” إخراج عبد اللطيف بن عمار الذي رشحه النقاد لأبرز الجوائز والمهرجانات السينمائية الدولية. أخرجت فيلما روائيا طويلا “وراء المرآة” الذي لقي صدى واسعا، لأنه تعرض لطابو “الأمهات العازبات” في الجزائر.  وفيه التفتت نادية شرابي إلى إشكالية الطفولة المحرومة وإمكانية التسامح والنظر إلى الغد الأفضل دون التشبّث بالماضي المؤلم. ‘’وراء المرآة’’ تبدأ أحداثه بوتيرة بطيئة استهلتها المخرجة بوضع المشاهد أمام قصتين مختلفتين قصة ‘’كمال’’ (رشيد فارس) الذي يعمل سائق سيارة أجرة في الليل، وقصّة ‘’سلمى’’ الفتاة التي تحمل رضيعا بين يديها وتهيم على وجهها في طرقات العاصمة بعد أن طردتها مؤجّرتها من المنزل الذي كانت تعيش فيه. تتعقّد الأمور بعد أن تقرّر الأم ‘’سلمى’’ التخلي عن رضيعها في ليلة مظلمة وتركه في المقعد الخلفي لسيارة الأجرة بعد أن توهم السائق الذي لم يكن سوى ‘’كمال’’ بأنّها تريد شراء بعض حاجياتها من كشك مجاور، وبعد انتظار طويل يكتشف  وجود الطفل فينزل للبحث عن والدته لكن دون جدوى. وأمام هذه المشكلة، يقرّر تسليم الطفل إلى الشرطة، لكن وعلى مرمى خطوات يعود أدراجه لتبدأ رحلة البحث عن هذه الأمّ اللامسؤولة، حيث يقوده العنوان الذي وجده في حقيبة الطفل إلى منزل الفتاة لكنه لا يجدها، وأمام استغرابه الكبير تطلب منه والدتها تحذير سلمى من العودة، في حين يسأله زوج والدتها (عبد الحميد رابية) إبلاغه بمكانها عندما يجدها. ويأخذ الطفل معه إلى البيت ويتركه في رعاية أمه ‘’دوجة’’، وهنا يكتشف الجمهور جزءا من الحقيقة المتعلّقة ‘’بكمال’’ بعد أن يسأل هذا الأخير مربيته ‘’الأم دوجة’’ عن السبب الذي يمكن أن يجعل أمّا تتخلّى عن طفلها الرضيع لمصير مجهول وترحل كما فعلت معه والدته، عندما تركته في رعاية ‘’سيدي عبد الرحمان’’، حيث وجدته ‘’دوجة’’ التي طلّقها زوجها لعدم الإنجاب وتولّت رعايته رفقة طفلين آخرين. وبالمقابل، تتابع كاميرا نادية شرابي مصير ‘’سلمى’’ التي تهيم في الطرقات وتنام على الأرصفة كاشفة من خلالها المعاناة التي تعيشها شريحة ‘’المشردين’’ والمحرومين الذين يفترشون الأرض ويتّخذون من السماء غطاء، كما كادت تسقط في فخ شبكة متاجرة بالنساء الهاربات، لكنها تنجو بصعوبة وتصعد سلم عمارة هاربة، فتلتقي رجلاً ‘’شهماً’’ يعيش وحده في شقة فيعطف عليها، وتعيش عنده بعض الوقت، فيعثر لها على عمل. بعدها بدأت خيوط اللغز تُفك، فيعثر ‘’كمال’’ على ‘’سلمى’’ فيعرفها بالرغم من تبدل أحوالها ويلومها على هجر طفلها ويحاكمها بقسوة، لكنها أقنعته بأنها فعلت ذلك مرغمة لـ’’حماية’’ رضيعها، واعترفت له بأنها تعرَّضت للاغتصاب على يد زوج أمها في غيابها، لكنها لم تصدِّقها ووقفت مع زوجها وطرداها إلى الشارع، فيتفهَّم ‘’كمال’’ آنذاك مأساتها ويمد لها يد المساعدة ويمكِّنها من رؤية ابنها الصغير، قبل أن تقرر ‘’سلمى’’ فجأة زيارة بيت والدتها، حيث وجدت زوج أمها وسحبت مسدساً لقتله، لكن ‘’كمال’’ يتمكن من منعها من ذلك، فتصدقها أمها آنذاك وتنتابها نوبة بكاء لصدمتها في زوجها، بينما تجلس ‘’سلمى’’ مع ‘’كمال’’ على شاطئ البحر في إشارة إلى بداية نشوء علاقة عاطفية صادقة بينهما تنتهي باحتضان الطفل.
تستعد نادية شرابي لإنتاج فيلمين الأول لمالك العقون مقتبس عن رواية الراحل عبد الحميد بن هدوقة “الجازية والدراويش” والثاني لسيدي علي مازيف لم تكشف المنتجة عن تفاصيله. وفي مجال الإخراج، كشفت شرابي أنها تشتغل على عمل حول الأطفال اللاجئين أثناء حرب التحرير.
محمد عبيدو



المخرج السينمائي سعيد ولد خليفة: ننتظر منها أن ترجع الثقافة إلى إطارها الأصلي
نادية شرابي، هي متواضعة بشكل شخصي ومهتمة ومطلعة ليس فقط على الواقع السينمائي بالجزائر، بل على كل الجوانب الأخرى في المناخ الثقافي الجزائري، وهي تتريث ولا تتسرع في القرارات التي تأخذها وهذا لمسته عندما عملنا معا. ويمكن لها أن تعطي أشياء جديدة للثقافة التي يمكن أن تبرز بشكل أفضل مع وجود مثقفة مثلها على رأس الوزارة. طبعا ننتظر منها أن ترجع الثقافة إلى إطارها الأصلي والحقيقي. عرفتها كمثقفة متفتحة ولديها إرادة قوية تعمل بالميدان وليس وراء المكاتب وتمتلك قدرات ثقافية وعملية وليس لديها خطاب ديماغوجي. المطلوب أن تبقى كما هي الآن بعد استلامها الوزارة .. نتمنى لها كل النجاح ونتمنى للمثقفين أن يرافقوها في هذا التحدي الجديد.

رئيس المجلس الأعلى للغة العربية عز الدين ميهوبي: أمام الوزيرة جملة من الورشات بحاجة إلى تعميق

معرفتي بالدكتورة نادية العبيدي أنها سيدة مثقفة أولا، وتمتلك رؤية للمشهد الثقافي بكل أبعاده. أثبتت علو كعبها في التعاطي مع المجتمع ثقافيا من خلال ما قدمته من أعمال سينمائية وما أنتجته، وهي مؤمنة بأن الجزائر تتوفر على قدرات إبداعية كفيلة بأن تضعها في الواجهة. هي أولا تتسم بالحيوية والتواضع والإنصات إلى الآخر، وتحظى بتقدير واسع في الوسط الثقافي الأكاديمي بحضورها الدائم بمختلف الفعاليات، وشخصيا استفدت من العمل الذي أنجزته حول العالم الجيولوجي الياباني”ايو كوبوري”، حيث استوحيت منه فصلا من رواية “اعترافات انسكرام”.
أمام السيدة العبيدي جملة من الورشات التي هي بحاجة الى تعميقها كالكتاب والسينما وقسنطينة عاصمة للثقافة العربية وإبراز الإبداع الجزائري على الصعيد الخارجي. أكيد أن قدرتها على الإنصات ومعرفتها بنقائص القطاع سيمكنها من تقديم القيمة المضافة وهذا لا يتم إلا بحوار وتشاور حقيقي مع الفاعلين في الوسط الثقافي.

المخرج محمد الزاوي: الاتجاه لتفعيل المبادرة الثقافية والفنية

المشهد الثقافي في الجزائر جد سيء وأتمنى شخصيا أن تقوم الوزيرة الجديدة بعمل في هذا الاتجاه لتفعيل المبادرة الثقافية والفنية وعمل المبدعين والتعاون معهم بشكل لائق وفي إطار الاحترام المتبادل... أفكر أن للوزيرة الجديدة أدوات سياستها لأنها من الميدان الحقيقي للثقافة.

عبد الرزاق بو كبة - شاعر: لها مؤهلات ستساعدها على القيام بواجبها الوزاري

هي جامعية وفنانة وازنة في ميدانها، وشبكة علاقاتها الثقافية واسعة، وتملك الرزانة الكافية في التعامل مع الآخرين، وهي كلها مؤهلات ستساعدها على القيام بواجبها الوزاري، لكنها لن تذهب بعيدا إذا لم تملك الجرأة على تنقية القطاع من الأذرع المكسورة والطفيليين والريعيين باسم الثقافة، واستبدالهم بنخبة حقيقية ذات خبرة وكفاءة ونزاهة في خدمة الثقافة الوطنية. إن هناك رهانات حقيقية تنتظر القطاع، وهي مدعوة لأن تحققها إذا أرادت أن تكون في مستوى اسمها والمنتظر منها، ومن بين هذه الرهانات التكوين.. إننا لا نملك فضاءات عرض محترفة في السينما والمسرح والتشكيل والموسيقى، ولا بد من توفير المعايير العالمية في ذلك، من حيث الفضاءات ومن حيث الكفاءات، كما نحن بحاجة إلى خلق مهرجانات جادة ومحترفة ذات سمعة عالمية في شتى الفنون، لذلك فهي مدعوة إلى توقيف هذا الركام الشعبوي من المهرجانات المستنسخة، واستبدالها بأخرى محترفة وقادرة على صناعة وعي فني وثقافي للشارع الجزائري. أما رهان الكتاب والتوثيق فهو يجب أن يتصدر قائمة الأولويات هو ورهان التسويق الثقافي.
جمعها: محمد عبيدو


الروائي والمترجم محمد ساري: يجب ان تخرج من قصر الثقافة وتختلط بأهل قطاعها

لا أعرف الشيء الكثير عن الوزيرة الجديدة، ولكن أرجو أن لا تمحي إنجازات سابقتها لتبدأ من الصفر، ما عليها إلا أن تكمل الطريق عبر الاستماع إلى قطاع الميدان الثقافي، يجب ان تخرج من قصر الثقافة وتختلط بأهل قطاعها وتسمع انشغالاتهم، وهناك يمكنها ان تقوم بحوصلة عامة حول الإنجازات، والنقائص التي يجب إتمامها. كما أن الامتحان الصعب الذي ينتظرها هو تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة لسنة 2015. نتمنى لها التوفيق في منصبها الجديد لترتقي بالثقافة وتعطيها نفسا جديدا.

عمر فطموش مخرج مسرحي ومدير المسرح الجهوي لبجاية: نحن هنا لمساعدة كل من يهدف إلى الارتقاء بميدان الثقافة

نرحب بوزيرة الثقافة الجديدة، السيدة نادية لعبيدي ونتمنى لها النجاح في عملها الجديد، كإداريين وفنانين سندعم برنامجها الجديد ونبذل ما بوسعنا لنحقق أهدافها في الجانب الثقافي، ونحن هنا لمساعدة كل من يهدف إلى الارتقاء بميدان الثقافة في الجزائر.

الناقد المسرحي مخلوف بوكروح : قطاع الثقافة يحتاج الى تنظيم وسياسة

هناك العديد من العقبات التي تنتظر وزيرة الثقافة الجديدة، أولها تقويم الوضع الثقافي في الجزائر ومعرفة حقائق الأمور. اضافة الى علاج مواطن الخلل التي ظهرت خلال إدارة خليدة تومي للقطاع الثقافي. الرهانات كبيرة فقطاع الثقافة يحتاج الى تنظيم وسياسة، صحيح ان المال متوفر ولكن نرجوها ان يعود بفائدة على القطاع ويساهم في ازدهاره. تحتاج السيدة نادية لعبيدي لسياسة ثقافية تعطي فيها لكل قطاعات الثقافة خصوصياتها، ونتمنى لها التوفيق والنجاح في مهمتها الجديدة.
جمعتها : سارة .ع
نقلا عن " الجزائر نيوز"
الثلاثاء, 06 مايو 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق