محمد عبيدو
جاء عمل المخرج الفنلنديّ كلاوس هاروKlaus Härö "أم لي"Mother of Mine
يبدأ الفيلم مع إيرو عندما يعود رجلا عجوزا ( إسكو سالمينين ) إلى بيته الفنلنديّ من السّويد، بعد ان حضر جنازة ساين ( مارية لندكفيست )، المرأة السّويديّة الّتي كانت أمّه البديلة . يعود لبيته بمثل اضطرابه عندما كان طفلاً صغيرًا، طّلب التّحدث مع أمّه التي اصبحت هرمة الآن ( ينو-ميجا تيكانين ) ليخبرها الاحداث التي مضت مع الزمن القديم .
برقّة وبدقة ، يوجّه هارو الفيلم في الإرجاع بين الماضي و الحاضر . نبدأ رحلتنا مع إيرو في اللّيل قبل أن يمضي أبوه ( كاري-بيكا تويفونين ) إلى الحرب، يؤكّد لابنه أنه سيعود و سيكون كلّ شيء جميل . عندما يكون الكلّ ليس جميلاً و الأب يقُتِلَ، الأمّ الحزينة تتّفق، مع المقاومة الكبيرة، إلى برنامج فنلنديّ / سويديّ لتوفير الملاذ الآمن للأطفال . الا ان تأقلم الصبي أيرو لم يكن سهلاً، إذ عليه تعلم اللغة كي يتواصل مع محيطه الجديد، وعليه أيضاً قبول قواعد العائلة الصارمة التي تبنته
يهبط إيرو في مزرعة ساين و هجالمار ( مايكل نيكفيست )،. يتآلف إيرو و الزوج هجالمار بسرعة، لكنّ الزوجة تقابله ببرود لأنها عانت خسارة ابنتها الوحيدة التي غرقت بالبحر مؤخرا. جروح ساين عميقة و استياءها أعمق بسبب شعورها بالذنب لموت طفلتها نتيجة إهمالها … تمرّد إيرو ورفض الام الجديدة يؤدّي إلى مشاهد مؤلمة وقاسية، و مأساويّة . لكنّ ببطء تبدأ الام الجديدة بقبول ايرو ، الذي يشعر انه محبوب و مجاط بالاهتمام و سعيد.
مع مرور الوقت، هذه العائلة البديلة تلتئم و تلتصق مع بعضها البعض …ثمّ، تنتهي الحرب . وترسل أمّ إيرو خطابا تصرّح فيه أنها قد ألمانيًّا و تريد هروب معه . وترجو عائلته الجديدة الإبقاء عليه في السويد. رغم صغر سنه، اعتبر أيرو تلك الرسالة بمثابة تخل وخيانة لعاطفة الأم الحقيقية، فيقرر التطبيع مع والدته المتبناة. هل تعتبر هذه الرسالة إبقاء لإيرو عند هجالمار و ساين للأبد ؟
للأسف، لم يكن هذا ليتحقق . يشعر المشاهد بالكون ممزّقا عند تأمل الألم الذي شعرت به ساين عندما أدركت أنه لا شيئ هناك في العالم يمكن ان تعمله لإبقاء إيرو .
كان جميلاً رؤية تطوير الرّابطة بين ساين و إيرو، و جعل النّتيجة صعبة جدًّا للتّحمّل . وصار سهلاً أن نفهم كيف تُرِكَتْ جروحا عميقة في أرواح الأطفال الفنلنديّين الّذين أُرْسِلُوا إلى الأمان في السّويد أثناء الحرب العالميّة الثّانية .
أمّ لي فيلم محزن مأساويّ، ماجانيمي الصّغير يقدم اداء مذهلا ممتلئًا بالشّجاعة و القوّة و الهشاشة . المحاولة اليائسة لقيادة قارب صغير للعودة إلى البيت تشعر نا كم هو مدمّرا ممزقا من الحيرة و الحزن. أداء ماجانيمي هو أحد أجود رأينا حتى الان من ممثّل طفل .
نيكفيست، ممثّل دراميّ مخضرم في مثل هذه الأفلام ، رائع هنا، أيضًا . هو أب عطوف، زوج حنون، رجل قويّ .. لكنّ أقوى أداء يجيء من مارية لندكفيست في دور ساين . وهي معروفة أصلاً كممثّلة كوميديا تليفزيونة، لندكفيست تقدم عرض هنا اجود اداء درامي على الشاشة . لندكفيست تعطينا دور امرأة تحزن بشدّة لموت ابنتها المأساويّ أنّ كلّ مظاهر الجمال قد أُضْعِفَت من حياتها . بعد، حتّى في وسط هذا القبح الّذي تحسبه، لندكفيست تعطي ساين لحظات الفة قليلة و رّحمة و حنانا مما يجعلك تتألم لخسارتها أكثر . أداء لندكفيست رائع، ذكيّ و جذّاب .
السّيناريو، من قبل جيمي كارلسون و كيرسي فيكمان أسّس على كتاب من تأليف هيكي هيتاميس، مصاغ بدقة وحب للشخصيات . الحوار بسيط و قليل، يسمح بروعة هارو للّصورة البصريّة باللّمعان من جانب لآخر …
أمّ لي فاز بجوائز عدة منها اوسكار فنلندا الرّسميّ. وجائزة الهرم الذهبي وافضل ممثلة بمهرجان القاهرة ورشح لاوسكار افضل فيلم اجنبي .
جاء عمل المخرج الفنلنديّ كلاوس هاروKlaus Härö "أم لي"Mother of Mine
ليعيد صياغة واحدة من تيم الفراق واللجوء خلال الحرب العالمية الثانية. مع تيترات الشاشة الاولى نقرأ : أثناء الحرب العالمية الثانية، ثمانون ألف طفلاً أُرْسِلُوا إلى العائلات السّويديّة الّتي وافقت على حمايتهم حتّى نهاية الحرب مؤقّتًا بينما بقي آباؤهم الحقيقيّون في فنلندا للاستمرار في الحرب…
أمّ لي، الحائز على جوائز سينمائية مهمة في كل المهرجانات التي شارك بها , يخبر قصة إنسانية حقيقية مؤثرة لطفل يتعرض لتجربة لجوء سياسى فى فترة الحرب ، إيرو ( ماجانيمي )، ولد بالغ من العمر 9 سنوات يُشْحَن إلى السّويد من قبل أمّه البيولوجيّة ( مارجانا ميجالا ) بعد موت أبيه في الحرب . مضطرب من هذا التّخلي المفاجئ من قبل أمّه، لكنّ غير واثق من هذا العالم الجديد الّذي يجد نفسه فيه. ينمو حزن إيرو و حيرته وتدور أحداث الفيلم على مستويين، أولهما في الحاضر حيث أصبح هذا الطفل رجلاً يعانى من ذكريات طفولته التي قضاها لاجئاً فى السويد، والمستوى الثاني في الماضى – عن طريق الفلاش باك - حيث نذهب مع هذا الرجل فى رحلة الى ماضيه بينما كان طفلاً يعانى من مشاعر الهجر والغربة. الجيد والجديد فى الفيلم هو استخدام المخرج للأبيض والأسود لتصوير أحداث الحاضر، بينما قام بالتعبير عن أحداث الماضى بمشاهد ملونة، وهو اختيار مدهش حيث دأبت العادة على تصوير الماضى بالأبيض والأسود والحاضر بالألوان. ويكشف هذا الاختيار المتميز عن حساسية المخرج وتلمسه الابداعي الخاص لموضوع فيلمه، حيث تتحكم أحداث الماضى فى الحاضر وتخلق الصراعات النفسية فيه وتلقى بظلالها عليه. والفيلم مليء بالصراعات النفسية لأبطاله الذين يناضلون للوصول الى الحب أو ليمنحوه للآخرين.يبدأ الفيلم مع إيرو عندما يعود رجلا عجوزا ( إسكو سالمينين ) إلى بيته الفنلنديّ من السّويد، بعد ان حضر جنازة ساين ( مارية لندكفيست )، المرأة السّويديّة الّتي كانت أمّه البديلة . يعود لبيته بمثل اضطرابه عندما كان طفلاً صغيرًا، طّلب التّحدث مع أمّه التي اصبحت هرمة الآن ( ينو-ميجا تيكانين ) ليخبرها الاحداث التي مضت مع الزمن القديم .
برقّة وبدقة ، يوجّه هارو الفيلم في الإرجاع بين الماضي و الحاضر . نبدأ رحلتنا مع إيرو في اللّيل قبل أن يمضي أبوه ( كاري-بيكا تويفونين ) إلى الحرب، يؤكّد لابنه أنه سيعود و سيكون كلّ شيء جميل . عندما يكون الكلّ ليس جميلاً و الأب يقُتِلَ، الأمّ الحزينة تتّفق، مع المقاومة الكبيرة، إلى برنامج فنلنديّ / سويديّ لتوفير الملاذ الآمن للأطفال . الا ان تأقلم الصبي أيرو لم يكن سهلاً، إذ عليه تعلم اللغة كي يتواصل مع محيطه الجديد، وعليه أيضاً قبول قواعد العائلة الصارمة التي تبنته
يهبط إيرو في مزرعة ساين و هجالمار ( مايكل نيكفيست )،. يتآلف إيرو و الزوج هجالمار بسرعة، لكنّ الزوجة تقابله ببرود لأنها عانت خسارة ابنتها الوحيدة التي غرقت بالبحر مؤخرا. جروح ساين عميقة و استياءها أعمق بسبب شعورها بالذنب لموت طفلتها نتيجة إهمالها … تمرّد إيرو ورفض الام الجديدة يؤدّي إلى مشاهد مؤلمة وقاسية، و مأساويّة . لكنّ ببطء تبدأ الام الجديدة بقبول ايرو ، الذي يشعر انه محبوب و مجاط بالاهتمام و سعيد.
مع مرور الوقت، هذه العائلة البديلة تلتئم و تلتصق مع بعضها البعض …ثمّ، تنتهي الحرب . وترسل أمّ إيرو خطابا تصرّح فيه أنها قد ألمانيًّا و تريد هروب معه . وترجو عائلته الجديدة الإبقاء عليه في السويد. رغم صغر سنه، اعتبر أيرو تلك الرسالة بمثابة تخل وخيانة لعاطفة الأم الحقيقية، فيقرر التطبيع مع والدته المتبناة. هل تعتبر هذه الرسالة إبقاء لإيرو عند هجالمار و ساين للأبد ؟
للأسف، لم يكن هذا ليتحقق . يشعر المشاهد بالكون ممزّقا عند تأمل الألم الذي شعرت به ساين عندما أدركت أنه لا شيئ هناك في العالم يمكن ان تعمله لإبقاء إيرو .
كان جميلاً رؤية تطوير الرّابطة بين ساين و إيرو، و جعل النّتيجة صعبة جدًّا للتّحمّل . وصار سهلاً أن نفهم كيف تُرِكَتْ جروحا عميقة في أرواح الأطفال الفنلنديّين الّذين أُرْسِلُوا إلى الأمان في السّويد أثناء الحرب العالميّة الثّانية .
أمّ لي فيلم محزن مأساويّ، ماجانيمي الصّغير يقدم اداء مذهلا ممتلئًا بالشّجاعة و القوّة و الهشاشة . المحاولة اليائسة لقيادة قارب صغير للعودة إلى البيت تشعر نا كم هو مدمّرا ممزقا من الحيرة و الحزن. أداء ماجانيمي هو أحد أجود رأينا حتى الان من ممثّل طفل .
نيكفيست، ممثّل دراميّ مخضرم في مثل هذه الأفلام ، رائع هنا، أيضًا . هو أب عطوف، زوج حنون، رجل قويّ .. لكنّ أقوى أداء يجيء من مارية لندكفيست في دور ساين . وهي معروفة أصلاً كممثّلة كوميديا تليفزيونة، لندكفيست تقدم عرض هنا اجود اداء درامي على الشاشة . لندكفيست تعطينا دور امرأة تحزن بشدّة لموت ابنتها المأساويّ أنّ كلّ مظاهر الجمال قد أُضْعِفَت من حياتها . بعد، حتّى في وسط هذا القبح الّذي تحسبه، لندكفيست تعطي ساين لحظات الفة قليلة و رّحمة و حنانا مما يجعلك تتألم لخسارتها أكثر . أداء لندكفيست رائع، ذكيّ و جذّاب .
السّيناريو، من قبل جيمي كارلسون و كيرسي فيكمان أسّس على كتاب من تأليف هيكي هيتاميس، مصاغ بدقة وحب للشخصيات . الحوار بسيط و قليل، يسمح بروعة هارو للّصورة البصريّة باللّمعان من جانب لآخر …
أمّ لي فاز بجوائز عدة منها اوسكار فنلندا الرّسميّ. وجائزة الهرم الذهبي وافضل ممثلة بمهرجان القاهرة ورشح لاوسكار افضل فيلم اجنبي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق