الخميس، 11 ديسمبر 2014

ملصقات الأفلام السورية

محمد عبيدو
الملصق الإعلاني أو كما هو معروف بالإنكليزية– البوستر– وفي الفرنسية– الأفيش– هو عمل فني بحد ذاته, وفي الوقت نفسه أداة اتصال مرسومة , ويساهم الملصق الإعلاني في تقريب الفنون التشكيلية إلى جماهير واسعة من المتلقين قبل كل شيء آخر.....

على الفنان المصمم أن يحمل في لوحة غير متحركة عدداً لا يحصى من الأحداث المسجلة على مئات الأمتار من الشريط السينمائي للفيلم سابقا, وبهذا تعتمد مهمة الفنان مصمم الملصق الإعلاني على تقديم معلومات عن الممثلين والمخرج وغيرهم.. أما اليوم فإن طموح الفنانين هو تقريب جو الفيلم العام الذي سيراه المشاهد آجلا أم عاجلا.

إن قدرة التعبير والطرافة والاستعارة وعمليات الكولاج أو العناصر الأخرى المستخدمة يجب أن تكون مؤثرة لدرجة أن تلفت نظر الشخص المار وتثير لديه الاهتمام .

والألوان أيضا تتحكم في صنع الملصق وجذب المشاهد فالألوان والرسوم يجب أن تكون مرتبطة بالكلام وترتيب الأسماء المحببة للجمهور وخصوصا النجوم, ومن عوالم جذب الجمهور مكان وضع الملصق في الشارع,

وعليه اسم الفيلم الذي يجذب الناس أو ينفرهم .

إن الملصق الإعلاني السينمائي الناجح هو أهم وسائل الدعاية الفيلمية وأقربها إلى الجمهور قبل مشاهدة الفيلم, والملصق يمكن أن يعطينا الفكرة العامة للفيلم والمعلومات الأخرى، كأسماء الممثلين والمخرج والمنتج وجنسية الفيلم وتاريخ إنتاجه, فالملصق السينمائي إغواء للمشاهد من خلال لمسة جمالية تحاول جذبه ضمن الترتيب التشكيلي لعنوان الفيلم وأسماء الفنانين النجوم في لوحة تشكيلية كاملة .

وتعكس الملصقات السينمائية غالبا صورة الخلاف بين المنتج في التصميم, فبعض المنتجين يلجؤون إلى جذب الجمهور بطريقة تعتمد على مخاطبة البواطن الغريزية لدى عامة المشاهدين, كما نلاحظ في أفلام القطاع الخاص والتي تمتد في بعض الأحيان لتشمل أفلاما أنتجتها المؤسسة العامة للسينما في سوريا, وهي القطاع العام المعني بالسينما على الصعيد الرسمي كما في ملصق فيلم "المطلوب رجل واحد " إخراج جورج نصر أو في ملصق "الفهد" لنبيل المالح ..أما في الأفلام التي أنتجتها المؤسسة منذ بداية الثمانينات فتغلب عليها الأناقة البعيدة عن الابتذال والسخف, بحيث يمكن القول: إن العنصر الأهم الذي ساعد على تطور تجربة الملصق السينمائي في سوريا, هو وجود المؤسسة العامة للسينما التي أتاحت للمخرجين أن يجربوا في إبداعاتهم السينمائية, مثلما أتاحت لهم تعاونا حرَّا مع المصممين, في سبيل تقديم "ملصق " خارج الاعتبارات التجارية التسويقية السائدة، بعض الملصقات السينمائية لهذه الأفلام رسمها فنانون تشكيليون مقتدرون مثل: إحسان عنتابي وأحمد معلا وموفق قات وغيرهم، وبعضها تميز بتصميم قوي، لا يعتمد فحسب علي جمال رسم الوجوه أو فتنة الجسد.. بل يقوم علي ابتكار التصميم وتفرده وسط مئات الأشكال المتشابهة.

فيلاحظ في سورية اهتمام متميز بالملصق الإعلاني السينمائي كنوع مهم من الإبداع الفني, وتشهد الأعمال المنتجة على غنى الشخصية الفنية لمؤلفها, وتتمثل بالاستخدام البارع للتكوينات التشكيلية والتي تمزج بين الرمز والإشارة البصرية. وكثيرا ما يعتمد الملصق السينمائي على لقطة فوتوغرافية تتضمن عناصر الحدث والإثارة, وذلك بما تحمله من شحنة عالية من الانفعالات والدلالات, وأذكر مثلا من ملصقات الأفلام السورية صورة العائلة مجتمعة في ملصق "نجوم النهار"، وصورة الطفل العاري المتربع على سقيفة الخشب ونظرته التائهة نحو الأعلى في ملصق "صندوق الدنيا " لأسامة محمد. وتمازج صورتين أحداهما متوسطة و الأخرى مقربة لبطلي فيلم "كومبارس " لنبيل المالح, وهما في حالة الدفء. والبوابة التاريخية التي يعبر منها أبطال الفيلم في ملصق "الطحين الأسود " لغسان شميط .

وقد يعتمد على اللوحة التشكيلية وقدرتها على التعبير والخيال كما في ملصق فيلم "أحلام المدينة " لمحمد ملص الذي ضم لوحة لصورة الطفل برأسه المدمى ويشف جسده عن صورة أمه وظلال المدينة مع طيور في بدء تحليقها. وصورة الكواكبي يحمل الفانوس, وخلفه قضبان تعبر عن الواقع المظلم في ملصق فيلم "تراب الغرباء" لسمير ذكرى. والوردة المعبرة عن شفافية العشق والضائعة في دوائر القهر الموارة في ملصق فيلم "نسيم الروح" لعبد اللطيف عبد الحميد .

أما ملصق فيلم "الليل " لمحمد ملص فهو عبارة عن لوحة لسكين تقطر دما في صحن ضمن خلفية بالغة السواد , وتختزل تعبيرا عن ليل الانكسارات الطويل الذي يحكي عنه الفيلم .

وفيلم "رسائل شفهية " لعبد اللطيف عبد الحميد ضم "بورتريه" لبطل الفيلم بأنفه الطويل ونظراته البلهاء والمستغربة ليعبر عن السخرية والفكاهة الموجودة في الفيلم, كما حوى ملصق فيلم "حادثة النصف متر" لسمير ذكرى بورتريه عبارة عن تمثال نصفي لبطل الفيلم .

وقد يعتمد الملصق على التزاوج بين اللوحة والصورة الفوتوغرافية كما في "وقائع العام المقبل " لسمير ذكرى، و"الاتجاه المعاكس " لمروان حداد، و"القلعة الخامسة " لبلال الصابوني، و"صهيل الجهات" لماهر كدو، و"شيء ما يحترق" لغسان شميط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق