السبت، 6 ديسمبر 2014

مختارات من كتابي الشاعر اليوناني الكبير يانيس ريتسوس (2): أغنية صغيرة من أجل الوطن الحزين

ترجمة: بول شاوول
وثماني عشرة أغنية للوطن الحزين كتبها أيضاً أثناء اعتقاله. فهو بعدما اعتقل عامي 1948 و1952، ها هو يعود الى السجن عامي 1967 و1972 في جزيرتي ليروس وساموس.

هذه النصوص من نتاج السجن والمنفى. وقد كتبت في معظمها في معسكر بارتيني، ولاروس. وأثناء وجود ريتسوس في المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية، نقل إليه سجين آخر طلباً من الموسيقي اليوناني الكبير تيودور اكيس، يتمنى فيه على ريتسوس أن يكتب له نصوصاً ليلحنها. ولبّى ريتسوس طلب صديقه. واللافت أن شاعرنا كتب هذه الأغاني (مقطوعات قصيرة) في يوم وحد، وبنفس واحد.

وقد ترجمنا كل هذه الأغاني الثماني عشرة.

[ المعمودية الجديدة

في الألم والنشيج نُعمّد كلمات فقيرة

تأتيها أجنحة، فتطير عصافير وتغني.

وهذه، كلمة السر كلمة الحرية

وبدلاً من الأجنحة، تخرج نصالاً وتخرق الهواء

[ حديث مع زهرة

بخور مريم، بخور مريم، في الصخرة المشققة،

أين استطعت ايجاد ألوان وازهرت، عنقاً وتحركت؟

في الصخرة، قطرة قطرة، قطفت الدم

وحكت به وشاحاً وأنا أحصد حالياً الشمس.

[ انتظار

وهكذا كبرت الليالي في الانتظار

حيث تجذر الغناء ونبت كشجرة

وهؤلاء، مقيدون، وآخرون بعيدون في المنفى

يصدرون نفساً مُرًّا آه! وتطير ورقة حَوْر.

[ شعب

ما من سيف ولا رصاص في معركة الشعب الصغير

من أجل الخبز لكل الناس، الضوء والغناء

تحت لسانه يمسك الشكوى والهتاف،

وإذا تظاهر بأنه يغنيها، تذوب الحجارة.

[ قداس الموتى

في زاوية، الجَّد واقف، وفي أخرى عشرة أبناء،

على الطاولة، تسع شموع غارقة في الرغيف.

تنتف النساء شعورهن، والأطفال يصمتون،

في الكوة، تسهر الحرية وتتنهد.

[ فجر

فجر ربيع صغير مليء بالشمس والنعمة،

أين هي العيون لتراك، وترحب بك؟

جمرتان في المبخرة، حبتان من البخور

وصليب من الرماد على عتبة الوطن.

[ هذا ما عاد يكفي

بتواضع وبقليل من الكلمات ينظر في الأرض

ظل عصفور صغير ويقيس ارتفاعه.

وما القول؟ وماذا ينفع؟ اللعنة ما عادت تكفي.

بكل أسف، بندقيته القديمة، معلقة في شجرة الإجاص البرية.

[ نهار أخضر

نهار أخصر مشع، منحدر جميل،

على قرع الأجراس والنعاج، بين شقائق النعمان والآس.

تحوك الفتاة مهرها، والصبي سلته

والتيوس على الشاطئ ترعى الملح الأبيض.

[ ليتورجيا

تحت أشجار الحور، عصافير وبلابل معاً

بدأت ليتورجيتها مع شهر أيار الجديد.

تلتهب الأوراق كالشموع على مساحة الوطن

ومن أعلى السماء، نسرٌ يقرأ الانجيل.

[ الماء

تحت الصخرة، قليل من الماء مبارك من الصمت،

وعبر رصد العصفور.. ظل الغار الورود.

قُطّاع الطرق يشربون منها سراً، يغسلون أعناقهم

كعصافير الدوري ويحمدون أمهم المسكينة، اليونان.

[ بخور مريم

عصفور وردي صغير مربوط بخيط

بجناحيه المتموجين يطير نحو الشمس.

إذا راقبته مرة واحدة، يمنحك بسمته.

وإذا راقبته مرتين، تبدأ بالغناء.

[ الفتيات النحيلات

فتيات نحيلات يجمعن الملح على الشاطئ

من شدة انحنائهن، وحزنهن، لا تريان البحر

وشاح، وشاح أبيض، يشير اليهما في الأزرق

وغير منظور منهن، يسود كآبة.

[ الكنيسة البيضاء

الكنيسة البيضاء ملء الشمس على المنحدر

تلتهب في نافذتها القديمة والصغيرة،

جرسها يقرع عالياً، معلقاً بشجرة الدلب

طوال الليل من أجل عيد الشعب القديس.

[ كتابة على شاهدة ضريح

سقط الـ«باليكار» ورأسه مرفوع

التراب الرطب لا يغطيه، الدود لا يلمسه.

الصليب كجناح على ظهره، ينطلق دائماً الى أعلى

ويمتزج بالنسور الكبيرة وبالملائكة المذهبة.

[ هنا الضوء

هنا، على هذا المرمر، الصدأ السيئ لا يُفلح

ولا القيود في قدم اليوناني، في قدم الريح.

هنا الضوء، هنا الشاطئ، حروف ضوء وأثير

تحفر أحرفاً على الصخور وتخرق القيود.

[ بناء

هذا البيت، كيف يُبنى، مَن سيركب الأبواب!

الأذرع الآن نادرة، وثقيلة جداً الحجارة.

أصمت: الأذرع، في العمل تقوى وتنمو

ولا تنسَ: الموتى طوال الليل يساعدوننا.

[ وعد

تصمت/ العصافير، تصمت الأجراس

ويصمت أيضاً اليوناني المجروح، وموتاه.

وحده، بلا عون، يشحذ أظافره

على حجر الصمت، ويعد بالحرية.

[ لا تبكِ ما هو يوناني

ما هو يوناني لا تبكيه عندما يكون له أن ينحني

ويصطاد الوحش بحد الشمس.
عن المستقبل
الثلاثاء 4 تشرين الثاني 2014 - العدد 5198

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق