الأربعاء، 28 يناير 2015

تحولات السينما في ليبيا

 محمد عبيدو

تعرف المشاهد الليبي على السينما منذ وقت مبكر من بدايات القرن المنصرم، حيث توالت العروض بعد عام (1911) من اشرطة صامتة الى ناطقة تبعاً للمنعطفات التاريخية التي مرت البلاد بها من احتلال عثماني الى ايطالي الى انكلو امريكي، ففي ديسمبر 1951 استقلت ليبيا عن إيطاليا، ومع ذلك ظل سوق العروض السينمائية فيها تابعاً لإيطاليا على نحو لا نجد له مثيلاً إلا في الدول الواقعة تحت الحكم الاستعماري. ففي كل عام كانت دور العرض التي يبلغ عددها حوالي ثلاثين داراً، تعرض حوالي خمسين فيلماً مصرياً وأربعين فيلماً إيطالياً، وعشرة أفلام أو أكثر من الأفلام الأمريكية، وغيرها من أفلام الدول الغربية. وكانت الأفلام الإيطالية تعرض باللغة الإيطالية دون ترجمة عربية، وفي دور عرض مخصصة للأجانب فقط. كما فرض آنذاك على جميع دور العرض أن تعرض يوم الأحد أفلاماً إيطالية. ولم يساعد المستعمر -بطبيعة الحال- الفنانين الليبيين على النهوض ببدايات وطنية للسينما، لانها " سلاح فكري وثقافي واعلامي خطير، وهي اداة فعالة للتوعية (...) لها تأثيرها العميق على الشعوب"، هذا ما اكده واحد من المبدعين السينمائيين الليبين وهو المخرج (محمد علي الفرجاني) بعد ان صرح رئيس مجلس اول مؤسسة عامة للسينما بقوله: " لقد غيبنا دور السينما في حياتنا الفنية والثقافية واعطيناها ظهورنا"، استشعر الفنان الليبي اهمية الفيلم منذ زمن " فؤاد الكعبازي" أي في عام (1947) فخاض تجربة فيلمية صور فيها مع صديقه (انريكو) نشاط الزاوية الاسمرية في زمن اتخذت فيه الاشرطة الاخبارية والتسجيلية والروائية (الاجنبية) من الاراضي الليبية ساحة مكشوفة لمخططاتها السياسية والثقافية والاجتماعية، كالشركات السينمائية الانكليزية والامريكية والفرنسية، و قبل هذه وتلك (الايطالية) التي انتجت في العام (1954) اربعة افلام؛ (طرابلس عروس البحر)، (غدامس درة الصحراء)، (حياة في الصحراء)، (واحات من رخام). يستدل من طبيعة العقلية (التسجيلية) لصانعي هذه الافلام انهم قد ادركوا تماماً الظروف المواتية والطبيعة الخلابة من بحر وصحراء وآثار واعتدال جو للتصوير السينمائي الامر الذي جذب مخرجاً امريكياً يدعى (هاثوي) لتصوير فيلمه الروائي (تنبكتو) في ليبيا ليصبح تقليداً لشركات اجنبية اخرى، وكان الامريكان قد انشأوا مركزين للوسائل (السمعبصرية) للتغلغل في (محيط التعليم ونشر الهيمنة الثقافية الامريكية).
منذ الستينيات تشكلت خلايا السينما التقنية عبر (الجريدة الاخبارية) التي انتجتها (وزارة الاعلام والارشاد)، وتمثلت في التصوير والتوليف والصوت على مقاس (16 ملم) و (35ملم). وفي سياق التفتح السينمائي هذا نذكر محاولة المخرج المسرحي (عبد الحميد المجراب) توظيف شرائح فيلمية في مسرحيته: (ظلام في الظهيرة في عام (1964).
اما في عام (1967) فنحزن على ضياع جهود المخرج والمصور (محمد الفرجاني) حينما تعرض فيلمه الروائي القصير (صائد الحوت) للتلف، وتم في عام (1970)  تأسيس (ادارة الانتاج السينمائي) التابعة لـ (امانة الاعلام) وظهرت مكتبة للاشرطة والتسجيلات الصوتية. و تم صدور قانون انشاء (مؤسسة عامة للخيالة) عام (1973). وبين عامي 1974 و1979 تم انتج حوالي 134 فيلما تسجيليا منوعا , الى جانب بعض اعداد من مجلة الخيالة المصورة تضمنت اعدادا خاصة على مستوى التوزيع العالمي . وظهرت افلام ليبية-عربية او عالمية مشتركة او افلام بملاكات ليبية وطنية مثل: (معركة تاقرفت) المنتج عام 1979 من اخراج خالد مصطفى خشيم ومحمود عياد دريترة ، الذي يتحدث عن معركة تاقرفت الشهيرة التي يكبد فيها المجاهدون الليبيون الخسائر الجسيمة لقوات الاحتلال الايطالية  و فيلم(عندما يقسو القدر) للمخرج عبدالله الاورق ، و فيلم (الضوء الاخضر) للمخرج عبد الله المصباحي ، وفيلم  (الشظية) 1984 قصة إبراهيم الكونى للمخرج محمد علي الفرجاني ، و فيلم (مزووفة المطر) 1992 للمخرج عبد الله الزورق، و فيلمي (الرسالة)، (عمر المختار). للمخرج السوري مصطفى العقاد .
نشاطات سينمائية بعد الثورة :
فازت المخرجة الليبية، نزيهة العريبي، بجائز أفضل فيلم في مهرجان السينما الليبي الأول، والذي يعد أول مهرجان سينمائي في ليبية بعد الثورة الليبية، لصنّاع الأفلام الليبيين الصاعدين . ويهدف إلى تحفيز وتشجيع صناعة السينما الليبية وبناء مجتمع من صانعي الأفلام، بالأضافة إلى المساعدة في إكتشاف مواهب جديدة. حيث يعتبر هذا حدث مهماً لكونه يوفر مساحة لتبادل الأفكار حول المواضيع الإجتماعية ذات العلاقة بالوضع الليبي بعد الثورة. . وقد حظيت المخرجة العريبي بالجائزة عن فلمها "بين الحبال".وتقول العريبي عن العمل في السينما الان في ليبيا : " نحن الآن في البداية.... الجمهور مهتم بالسينما، ولكن المؤهلات غير متوفرة، ولا يوجد قطّاع صناعي ليقدّم الدعم اللازم. لذلك، فمن المهم أن تقوم وزارة الثقافة بدعم صنّاع الأفلام الشباب، ومساعدتهم، عن طريق إقامة المؤسسات التخصصية، ودور السينما. ولكن يتوجب علينا، نحن صنّاع الأفلام الليبيون، أن نساعد بعضنا البعض أيضاً. يجب علينا أن نتعلم أن نتعاون مع بعضنا، للبحث عن الفرص، وليس الجلوس بانتظارها. ولكن هذه البداية فقط، فمعظم الليبيين لا يعلم إلا القليل عن هذا المجال الواسع. "
اما الفيلم التسجيلي "يوميات من الثورة" للمخرج نظام نجار فهو يرصد الفيلم يوميات من الثورة اليبية، من بداية اندلاع الثورة إلى قتل القذافى، على يد حلف الناتو، ويكشف الفيلم عن معرفة أفكار وأحلام الذين يناضلون لإنهاء النظام الفاسد من وجهة نظرهم.
وجرت الدورة الأولى لمهرجان أفلام حقوق الإنسان الأول بعد عهد القذافي بنجاح  ملفت. وعرض فيها على الجمهور الليبي أفلاماً روائية ووثائقية من حول العالم.
كما نظم بمدينة بنغازي "مهرجان الشاشة العربية المستقلة" للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الثالثة . الجديد هذه الدورة قال مؤسس ومدير عام المهرجان محمد مخلوف: "الجديد هو إقامة مهرجان سينمائي في مدينة بنغازي، وإتاحة الفرصة لشباب المدينة بل ولشباب ليبيا لعرض أفلامهم وأحلامهم وهواجسهم وإحباطاتهم وهمومهم لأول مرة .
وانتهى المخرج خالد الشيخى ؛ من فيلمه السينمائي ” خارطة غريق “،. وقال ” الشيخى ” إن الفيلم يطرح من خلال مساحته الزمنية التي تجاوزت الساعة رؤية نقدية على شكل ” فانتازيا ” لمستقبل ليبيا في ظل فوضى انتشار السلاح والفساد وغياب هيبة الدولة. وأضاف أن الفيلم سيقدم صورتين إحداهما إيجابية تتمثل في تكاتف جهود الليبيين ووقوفهم صفاً واحداً للبدء في بناء الدولة وتكوين مؤسساتها والمضي قدما في عمليات التنمية والإنتاج، أما الصورة السلبية فتتمثل في استمرار فوضى انتشار السلاح وتعثر مسيرة بناء الدولة ودخول الليبيين في صراعات جهوية وقبلية تؤدي بالبلاد إلى نفق مظلم.
نشرت في الجزائر نيوز



       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق