الاثنين، 12 يناير 2015

“الأرض الصفراء”


صدر مؤخرا كتاب “الأرض الصفراء” ضمن منشورات وزارة الثقافة -المؤسسة العامة للسينما في دمشق- من تأليف: بوني إس. ماكدوغال، ترجمة: محمـد عـلاّم خضـر.
يحظى فيلم “الأرض الصفراء” بمكانة خاصة في الفن السابع نظراً للبصمة الخالدة التي تركها في تاريخ سينما القرن العشرين. وقد ساهمت المحاولات الرامية إلى حظر الفيلم وتشويه سمعته من جانب الهيئات الرسمية الصينية المعنية بالسينما في تسليط الضوء على “الأرض الصفراء”، وكشفت بذلك أنه أعظم فيلم ظهر في الصين منذ ستينيات (أو حتى أربعينيات) القرن العشرين.
كما أجمع جمهور ونقاد السينما داخل الصين وخارجها على وصف هذا الفيلم بأنه شكّل قصيدة بصرية مشحونة بالعواطف تتناول في موضوعها “كرامة الإنسان” بطريقة لم يسبق لها مثيل. ولم يقتصر هذا الرأي على فئة محددة ضليعة بآداب الصين وفنونها وتاريخها وثقافتها فحسب، وإنما عبّرت عنه أيضاً الأوساط السينمائية والفنية الدولية وجمهور المشاهدين على المستوى العالمي. أما بالنسبة لأولئك المتعمقين بالثقافة والأدب الصيني، فيتمتع فيلم “الأرض الصفراء” بأهمية أكبر باعتباره من أول وأبرز الأعمال الفنية السينمائية التي ساهمت في تعزيز مرحلة النهضة القصيرة التي شهدها الأدب والفن في الصين خلال الثورة الثقافية الممتدة بين عامي 1966 و1976. ومع أن هذه النهضة لم يتسن لها الازدهار إلا بعد وفاة الزعيم (ماوتسي تونغ) ورحيل أنصاره عن سدة الحكم، إلا أن باكورة إنتاجات هذه النهضة الثقافية تعود إلى أوائل سبعينيات القرن العشرين. ولأسباب واضحة فإن السينما كانت آخر المجالات التي ظهرت فيها روح “الموجة الجديدة”. والدراسة التالية عن فيلم “الأرض الصفراء” هي في الأساس دراسة عن الفيلم في سياق الحركة الجديدة المعروفة باسم “الموجة الجديدة” التي شهدتها الفنون عموماً.
يبحث الفصل الأول من هذا الكتاب في المعاني المتعددة التي ينطوي عليها الفيلم استناداً إلى المقالات النقدية الصادرة في الصحافة الصينية والأجنبية وغيرها من المصادر المنشورة من عام 1984 إلى بداية 1987. ويسرد الفصل الثاني تاريخ تصوير الفيلم، ويقارن نوايا صانعي الفيلم قبل بدء مشروع إنتاجه مع نسخته المنجزة. أما الفصل الثالث والرابع والسادس والثامن فتبين بمجموعها الاستقبال الذي لاقاه الفيلم في الصين، في حين يتطرق الفصل الخامس والسابع إلى كيفية استقباله خارج الصين. لكنني لم ألجأ إلى تحليل الجانب الفني للفيلم، ولم أحاول ترتيبه في سياق السينما الصينية المعاصرة إلا بصورة عابرة، ولم أركز على النقد الذي عبّر عنه السينمائيون أو النقاد المحترفون أو غيرهم من بيروقراطيي الثقافة في الصين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق