الجمعة، 23 يناير 2015

سيدني بولاك آخر كبـار مخرجي الأفـلام الرومانسية في هـوليوود


محمد عبيدو 

بعد صراع مع مرض السرطان، توفي يوم 26 مايو 2008 أحد عمالقة الإبداع السينمائي، المخرج والممثل القدير سيدني بولاك عن عمر ناهز 73 عاماً. وربما كان لرحيله وقع مختلف إذ انه بين مجايليه السينمائيين لم يُعرف مخرجاً خلف الكاميرا فقط، بل ان لوجهه حضور في الذاكرة بسبب الادوار التمثيلية الكثيرة التي جسدها. لعله لم يكن نجماً ولا ممثلاً اولاً في تلك الافلام ولكن حضوره بدا دوماً مميزاً لا يملأه سواه.

انتقل بولاك، المولود في ولاية انديانا الأميركية عام 1934 من والدين روسيين، الى مدينة نيويورك حيث درس المسرح في معهد Neighbourhood Playhouse ثم خدم في الجيش سنتين ليعود بعد ذلك الى المعهد ويعلم فن التمثيل. كذلك تزوج من تلميذته كلير غريزوولد عام 1958 ورزقا ثلاثة اولاد: ستيفان الذي لقي حتفه اثر تحطم طائرة عام 1993 وريبيكا ورايتشل.
انطلق ممثلاً سنة 1960 على شاشة إحدى حلقات “منطقة الغسق” ثم انتقل الى السينما سنة 1962 ليمثل دوراً رئيسياً في “صيد حرب”،ثم انتقل الى الإخراج في أوائل ستينيات القرن الماضي.. كانت تجربته السينمائية الأولى مع فيلم War Hunt عام 1962 الذي جمعه مع الممثل روبيرت ردفورد ونشأت بينهما صداقة أدت الى مشاركتهما في أكثر من ستة أفلام. وقدم عام 1965 “الخيط النحيف” The Slender Thread دراما انسانية تشويقية عن طبيب متمرن يتلقى اتصالاً من امرأة على شفير الانتحار. لعب بطولة الشريط سيدني بواتييه وآن بانكروفت.
تميز بولاك بإدارته لممثليه منتزعاً أفضل أداءاتهم في أفلامه مديراً ففي سيرته السينمائية نجد أن عددا كبيرا من النجوم قد حازوا على جوائز الأوسكار عن أفلام من إخراجه ، منهم جين فوندا وبول نيومان وميريل ستريب وجيسكا لانغ ودستين هوفمان وجيج يانج وسوزانا يورك وميلندا ديلون وتيري جار وهولي هنتر وكلاوس ماريا براندز .
كما نجد مجموعة رائعة من الأفلام التي تشكل علامات في تاريخ السينما العالمية ، تبرز شغفه بالأعمال الأدبية الهامة ورؤاه الفكرية الناقدة للأوضاع السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة وفضح الفساد والتضليل الذي تمارسه أجهزة متنفذة كبرى كما في فيلمه «جيرميا جونسون» (1972) الذي كان إحدى أعظم الصرخات الهوليوودية ضد الاساءة الى سمعة الهنود الحمر , وهو نوع من وسترن ثلجي وسط طبيعة قاسية لا ترحم، والويل لمن يخضع لها ويسلّم سلاحه. فالحياة مقاومة ابدية، (من بطولة روبيرت ردفورد، النجم الكبير الذي سيشاركه معظم أفلامه وأفكاره)، وفيلمه «الحياة التي عشناها» (1973) عن جيل المثقفين اليساريين الأميركيين قصة حب رومنسية بين ريدفورد وباربرا سترايسند في ظل الاختلافات السياسية وتحول الازمان والمفاهيم. ، و”ياكوزا” مع روبرت ميتشوم (1975) و( أيام الكوماندوز الثلاثة ) عام 1975 الذي كشف فيه فساد جهاز المخابرات الأمريكية وما يدور في كواليسه من مؤامرات و تصفيات داخلية حتى لأعضائه الذين يعرفون أكثر مما يجب والذي لعب بطولته روبيرت ردفورد وفاي دوناواي وكذلك فيلمه ( الفارس الكهربائي ) عام 1979 لروبيرت ردفورد وجين فوندا الذي يفضح فيه أجهزة الأعلام الأمريكية وأساليبها في تضليل الجمهور. إضافة إلى فيلمه المدهش ( انهم يقتلون الجياد .. أليس كذلك ) عام 1969 عن قصة هوراس ماكري الذي جعل من بطلته جين فوندا واحدة من أهم ممثلات العالم في حينها , كان واحدا من السيمفونيات الحزينة للحياة الإنسانية بعد الأزمة الاقتصادية التي مرت بها أوروبا في الثلاثينيات من القرن العشرين. فلقد تركت الأزمة حالة من اليأس في المجتمع الأمريكي والأوروبي.. تدور أحداثه في خيمة سيرك تجري فيها مسابقة ماراثونية للرهان على مدى أيام كانت بطلة القصة تريد الفوز بالجائزة للحصول على المال في سنوات اليأس الاجتماعية إبان الأزمة الاقتصادية لتغطي تكاليف العيش مع صديقها وزوجها وكانت حاملا. فمعاناتها خلال المسابقة وهي تركض داخل حلبة السباق بين تعب الحمل والخوف من سقوط الجنين جعلها غير قادرة على إكمال المسابقة والانسحاب منها، فتطلب من صديقها أن يطلق عليها النار حيث استدعت ذاكرتها حصانا متمردا قتله صاحبه وسقط أمام عينيها. في لحظة فشلها وانهيار حلمها في الحصول على مبلغ من المال من الركض الماراثوني أمام المراهنين تستدعي صورة الحصان الذي سقط ميتا كما في حلم. جلب الفيلم لمخرجه اول ترشيح للاوسكار من ضمن سبعة ترشيحات نالها العمل. . لمع نجم بولاك إخراجاً وتمثيلاً عام 1982 مع فيلم Tootsie الى جانب الممثل داستن هوفمان الذي رشح لعشر جوائز عالمية، كوميديا إجتماعية خفيفة تعالج قضية البطولة المتفشية في الوسط الفني ، ويعرض للمشكلة التي يتعرض لها الممثل الملتزم بالذات .
يجسد هوفمان في هذا الفيلم شخصية ممثل مسرحي يتكرر فشله في الحصول على دور في المسرح أو في التليفزيون ، والسبب ليس كونه ممثلاً رديئاً ، بل لأنه من وجهة نظر المنتجين والمخرجين ممثل مزعج وفضولي يتدخل في عمل غيره . لذلك نراه يضطر للعمل كجرسون في أحد المقاهي لكسب لقمة العيش ، مع قيامه بتدريب بعض الوافدين الجدد على التمثيل . إلا أنه ـ وبشكل مفاجىء ـ يقرر أن يتنكر بثياب إمرأة لدخول إختبار للقيام بدور إمرأة في مسلسل تليفزيوني جماهيري ، كانت صديقته قد فشلت في الحصول عليه . ولم يكن إقدامه هذا بدافع كسب العيش فحسب ، وإنما إعتبره تحدياً لإثبات قدراته التمثيلية .
ينجح هوفمان في الحصول على هذا الدور ، بل ويشتهر أيضاً بفضل أدائه الجيد في المسلسل ولكنه بالمقابل يتعرض لمواقف محرجة ومشاكل عاطفية ونفسية صعبة تدفعه للكشف عن هويته في النهاية ليعود مرة أخرى في البحث عن عمل . ثم توالت الأعمال الناجحة لا سيما (خارج أفريقيا ) Out Of Africa عام 1985 الذي جمع فيه ردفورد مع الممثلة ميريل ستريب ومهد له أبواب الشهرة حاصداً جائزتي أوسكار عن أفضل فيلم وأفضل اخراج , و حازت بطلته ميريل ستريب على الأوسكار عن دورها فيه . تبدأ أحداث الفيلم برحيل كارين (ميريل ستريب) الى أفريقيا ، لتتزوج من رجل يدعى برور (كلاوس ماريابراندو) ، تعرفت عليه في الدنمارك ويقيم في كينيا .. هي بارونة من عائلة ثرية ، وهو مغامر لايمكن الإعتماد عليه .. يتركها لوحدها لاهياً بمغامراته ورحلاته التي تستفرق شهوراً طويلة . لذا تنصرف هي بدورها ، للعمل في مزرعتها للتغلب على وحدتها . تتعرف على دينس (روبرت ريدفورد) ، وهو مغامر من نوع آخر .. صياد وطيار يسعى للإنطلاق والإستقلال ، كلاهما يندمج عاطفياً مع الآخر . وبعد أن تسوء علاقتها بزوجها ، تبدأ مباشرة بعلاقة جارفة مع دينس ، ليعيشان حالة حب جميلة وشاعرية في أحضان الطبيعة الأفريقية . فقد كانا يجدان الوقت الكافي للتنقل بين الغابات والسهول ، والتي كانت تسحرهما فيجدان فيها تلك الشاعرية التي تغمر روحيهما . وفي تلك الأجواء كانت كارين تروي حكايات من خيالها الخصب على مسمع دينس المبهور جداً بتلك الحكايات .
وبعد سنوات من الحياة المليئة بالحب والجمال الفطري ، يختفي دينس إثر سقوط طائرته ، لتعود كارين الى الدنمارك منكسرة القلب ، بعد إحتراق مزرعتها وضياع ممتلكاتها أيضاً ، ولتعيش وحيدة منصرفة الى كتابة القصص والروايات المستوحاة من حياتها في أفريقيا ، التي تركتها مكرهة .
الى فيلم ( هافانا ) لروبيرت ردفورد , ففي ما يشبه المحاكاة للفيلم الكلاسيكي الشهير Casablanca، قاد ريدفورد في دور مقامر ساخر يقع في حب زوجة أحد قادة الثورة في كوبا عام 1958.
تولّى بولاك إنتاج عدد من الأفلام الناجحة منها The Talented Mr. Ripley عام 1999 وThe Quiet American عام 2002 وCold Mountain عام 2003 ثم عاد الى الإخراج مع فيلم المترجمة The Interpreter عام 2005 من تمثيل نيكول كيدمان وشون بين. بهذا الفيلم يعود المخرج سيدني بولاك بفيلم اثارة سياسي ذكي، صور في اروقة مبنى الأمم المتحدة والمناطق المحيطة بها، ويطرح معالجة بارعة لموضوع من مواضيع الساعة "الارهاب الدولي المقترن بالتصفية العرقية في دولة افريقية افتراضية".
بطلة الفيلم سيلفا بروم (النجمة نيكول كيدمان)، أفريقية بيضاء.. جذورها أوروبية.. عاشت وتربت في دولة تسمى «ماتوبو». والاسم وهمي وإن كان يشير إلى عشرات الدول الحقيقية التي تعاني من الديكتاتورية ونظم الحكم الفاشية.. وقد عاصرت رئيس الدولة الدكتور أدموند زواني منذ أن كان مناضلا من أجل استقلال بلاده إلى أن أصبح حاكما قاسيا مستبدا.. يمارس كل أنواع القتل للتخلص من معارضيه ومنتقديه.. الحرق.. السحل.. الرمي بالرصاص.. الخنق بالغاز.. دفن الأحياء.. ضربهم بالأحذية الثقيلة.. و مجازر التصفية العرقية. لقد تحولت السلطة إلى عصابة.. وتحول الحاكم إلى قاطع طريق.. وتحول رجاله إلى لصوص وقتلة.. وتحولت المناجم ،والحقول والمراعي إلى خرائب.. وأصبحت الدولة كلها دولة سيئة السمعة مطلوبة للمحاكمة الدولية.
البطولة لبيضاء. بيضاء من ماتوبو تدافع عن الحق والعدالة وحرية الفرد وإنسانيته. فقط تصوّر كم كان الفيلم سيكون أقوى لو أن هذه المدافعة سوداء. لكن ضروريات العناصر التجارية للفيلم فرضت شخصية بيضاء كما فرضت أن تقوم بها نجمة أولى.. نيكول كيدمان هاجرت قاصدة الولايات المتحدة قبل ثلاثة سنوات وتقدمت للعمل كمترجمة في مقصورات زجاجية في الأمم المتحدة لإتقانها عدة لغات. من خلال عملها ، إنها مترجمة تجيد اللغة الخاصة بجمهورية “ماتوبو” والمستخدمة في جنوب إفريقيا كما تجيد، بطبيعة الحال، الإنكليزية وكونها درست في فرنسا فإنها تجيد الفرنسية. وهي تدرس الموسيقا وفي يوم تعود لأخذ حقيبة أدواتها التي تركتها في غرفة الترجمة لتفاجأ بأن سماعة التليفون مرفوعة.. وعندما تهم بوضعها تسمع ، بالصدفة بضع كلمات من حديث هامس بين شخصين بلغة نادرة صادف انها تعرفها وتفسرها بانها تهديد بالموت ضد اغتيال زواني رئيس جمهورية »ماتوبو« الافريقية، اثناء قيامه بالقاء خطاب في مبني الامم المتحدة امام وفود الدول الاعضاء بغرض تبرئة نفسه، من اتهامات، املاً في ان يتمكن من اقناع المجتمع الدولي بانه يحارب الارهاب في دولته وليتجنب مواجهة محاكمة دولية بصفته مجرم حرب. ، وتشعر بان حياتها هي الأخرى باتت مهددة فتذهب بما سمعته الى المخابرات الخاصة {او السرية كما اسمها الأمريكي}. يشك المسؤولون بصحة ادعاءاتها ولكنهم يقررون البحث في الأمر بكل الأحوال. .. فوضعت تحت جهاز كشف الكذب.. ولم تحسم النتيجة الأمر.. وبدأ التفتيش في ملفات المعارضة.. وكشفت الملفات عن وجود أكثر من زعيم معارض.. يعيشون في نيويورك نفسها.. ومستعدون برجالهم وأنصارهم لاستقبال حاكمهم السفاح بالمظاهرات واللافتات والشعارات ا غاضبة.
ويتولى العميل الفيدرالي توبين كيلر (شون بن) وشريكته دوت ووردز (كاترين كينر) التحقيق من صدق ادعاءاتها وتتبع خيوط المؤامرة إن وجدت لضمان سلامة الرئيس خلال زيارته. وهما يشككان في البداية برواية سيلفيا ويقتنعان في سياق التحقيق ان لها غرضا خاصا بها. كيلر وبروم شخصيتان متناقضتان، ويجدان صعوبة كبيرة في التفاهم في البداية، ويحمل كل منهما هماً ذاتياً يؤرق حياتهو ندوب جراح عاطفية، فـ"كيلر" فقد زوجته قبل ايام قليلة في حادث ويعيش حالة الم وحزن عميقين، وصراع داخلي يثقل كاهلة، فيغرق نفسه بالعمل ليتجنب البقاء وحيداً مع افكاره، بينما تبدو سيلفيا غامضة ومحاطة بالأسرار.
ويشعر هو بأنها تتلاعب بالكلمات، بينما تؤمن هي بدقة التعبير وان سوء ترجمة اي كلمة قد يؤدي الى كارثة حقيقية، وهذا الإختلاف بينهما نابع من طبيعة عمل كل منهما، وأسلوب قراءته للآخرين.
ومع تبدد الشكوك بصورة تدريجية لدى العميلين وميلهما الى ان يصدقا كل ما تقوله المترجمة تنشأ اواصر صداقة بين سيلفيا وتوبين.
وتصطدم برغماتية كيللر مع مثالية سيلفيا وطبيعته المشككة تدفع توبين الى التساؤل حول صدق واخلاص سيلفيا ويحفزه شغفها الى فتح قلبه وربما تجاهل اشارات منذرة بان سيلفيا ليست الشخص الذي تبدو في الظاهر.
إذ يجد كيلر صعوبة في تصديق قصة سيلفيا، ويفاجأ أكثر من مرة بأنها تخفي الكثير من الأمور التي تتعلق بماضيها، ونكتشف أنها ولدت وعاشت في موتوبو، وان لها هي الأخرى ماض مليء بالخسائر الذاتية، ابتداءاً من والديها وانتهاءًً بحبيب وشقيق فارقتهما لأسباب تتكشف تباعاً في سياق القصة.. فقد كشفت الملفات أيضا أن سيليلفا بروم نفسها كانت مناضلة قديمة في صفوف المعارضة المسلحة في ماتوجو قبل أن تتركها وتهاجر إلى الولايات المتحدة.. لقد قتلت أسرتها في حادث مدبر ولم يبق سوى شقيقها الذي جر هو الآخر إلى فخ لتصوير المقابر الجماعية تحت مبنى الاستاد الرياضي.. فكان مصيره القتل بإطلاق الرصاص عليه من صبي صغير ينتمي إلى ميليشيات النظام.. وتابع ما جرى وصوره من مخبأ كان فيه صحافي فرنسي نجح في الهروب والسفر إلى نيويورك حاملا أفلامه ودفاتر شقيقها التي تضم قوائم القتلى والضحايا وكيفية التخلص منهم. وكل هذه الأمور تجتمع لتجعلها طرفاً أساسياً في القضية الأمنية التي بين يديه
وتقول له في قبيلتنا الأفريقية المجهولة يقبضون على الرجل المذنب ويكتفونه ويضعونه في قارب ثم يدفعونه إلى الماء ليبقى وحيدا وسط الخطر والظلام في انتظار أن يأتي رجل آخر يمثل أصحاب الحق في الانتقام.. إما أن يجهز عليه متشفيا فيه وهو يلقى مصيره.. وإما أن يعفو عنه ويفك وثاقه ويمنحه فرصة أخرى للتوبة والحياة.
لو قتلوه.. فإن أصحاب الحق في الانتقام يعيشون في حالة حداد عليه طوال عمرهم.. ولو سامحوه.. فإنهم يستطيعون مواصلة الحياة في سلام. دون أن تسود قلوبهم بهباب الانتقام.. إن الانتقام ليس طبقا يؤكل بارداً.. بل رغيف خبز مسموم يقتل من يتناوله بالحزن ولو كان على حق.
لكن.. لو كانت المغفرة سلوكا إنسانيا يتسم بالسمو والرقي في حالات الجريمة الفردية.. الشخصية.. فهل هي كذلك في حالات الجريمة السياسية.. الجماعية؟.. هل من حق الشعوب أن تغفر لحكامها جرائم القتل والخطف والتعذيب والحرق ودفن البشر أحياء وصناعة الأحذية من جلودهم؟
كما تبرز التحقيقات مشتبهين رئيسين في القضية وهما زعيمين معارضين للرئيس زواني احدهما يدعى كومان يعيش في اميركا والاخر يعيش في موتوبو ويقود حركة مقاومة مسلحة ضد الرئيس زواني.
في مطاردات معقدة ومتشابكة لجميع الأطراف المعنية نجد أن التهديد بالقتل لا يقتصر على الرئيس المستهدف فقط بل يمتد إلى زعماء المعارضة.. والمترجمة.. أيضا.. وفي مشهد داخل حافلة عامة تلتقي المترجمة بزعماء المعارضة.
. وتفتح حواراً سياسياً معهم يكشف عن قصور المعارضة ودورها الخفي في صناعة الديكتاتورية الحاكمة.. وفور نزولها من الحافلة.. تنفجر بمن فيها، دليل إضافي على قسوة ذلك الحاكم وإصراره على الاستمرار في السلطة ولو بمزيد من الدماء وجثث الخصوم.
تتصل سيلفا بروم بالصحافي الفرنسي الذي يصل إلى نيويورك لتقابله.. تعرف منه كيف جرت عملية قتل شقيقها، وآخر من تبقى لها.. ولا تملك أن تمسك دموعها بينما الحزن يخنق ملامحها ويعصرها وهي تغادر المكان على أن يلتقيا في اليوم التالي.. لكن.. اليوم التالي لم يأت.. فقد وجد الصحافي الفرنسي مقتولاً في حمام غرفته بالفندق.
. تاركاً لها.. ما تبقى من أوراق شقيقها.. وفي حديقة عامة تقرأ تلك الأوراق.. وتراجع أسماء ضحايا النظام.. ثم تمسك بقلم وتضيف اسم شقيقها تحت قائمة القتلى رميا بالرصاص.. ثم تكتب اسمها دون أن تعرف في أي قائمة سيصنف.. وتترك رسالة لرجل المخابرات تخبره فيها بأنها ستغادر نيويورك على طائرة صباحية إلى مكان ما.. وتؤكد التحريات صدق ما قالت
وعندما يصل الرئيس الافريقي الي نيويورك ليلقي كلمته يفاجأ بمجموعة من مواطنيه يهتفون ضده مما قاسوه منه في وطنهم.
تركز الكاميرا على وجه دبلوماسي أسمر يدخل قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة وينجح في المرور من أجهزة كشف الأسلحة والمفرقعات.. وتتابعه الكاميرا وهو يدخل مكانا مجهولا يخرج منه بندقية مصنوعة من الألمنيوم ويقوم بتركيبها.. وبعد أن يصعد الرئيس الافريقي الي المنصة ينهال عليه الرصاص من جانب في القاعة.
. نكتشف بأن المستشار الأمني للرئيس أدموند زواني يقتل الديبلوماسي الاسمر وان الامر ليس سوى مسرحية مرتبة كي يوحي بأنه الرئيس سيقتل وعندما ينجو من المحاولة ترتفع شعبيته حسب الخطة استغلها البعض لتتحول من محاولة مسرحية إلى محاولة حقيقية.
ويحاول البوليس الجنائي حماية الرئيس زواني فيضعونه في حجرة محكمة الحراسة. و يجد الضابط المترجمة تمسك بمسدس في محاولة لقتل الرئيس الافريقي انتقاما منه لجرائمه البشعة في حق شعبه واسرتها.
ويحاول الضابط ان يقنعها بالعدول عن ارتكاب الجريمة.ويذكرها بالتعاليم الانسانية التي سبق ان ذكرتها له
وينهي الفيلم احداثه عندما تودع المترجمة صديقها الضابط الذي انقذها من ارتكاب جريمة لتعود الي موطنها في افريقيا.
بولاك الذي في رصيده روائع سينمائية شارك تمثيلاً أيضاً في أفلام ناجحة , أقنعه داستن هوفمان في إخراج فيلم "توتسي" والتمثيل فيه أيضا. وعن قدرة المخرج الجيد أن يكون ممثلا جيدا، يقول "أعرف مخرجين كبار لم يقفوا يوما أمام الكاميرا، لذا لا يمكن القول بأن معرفة الإخراج هي من متطلبات النجاح كممثل، لكن مقابل ذلك، أقول إن الأمر يساعد كثيرا"
عمل بإدارة وودي آلن في «أزواج وزوجات»، واشتغل ممثلا مع ستانلي كيوبريك في فيلمه الأخير «عيون مغلقة على اتّساعها».
و شارك في الإخراج والتمثيل إلى جانب الحائز على أوسكار جورج كلوني في فيلم Michael Clayton بالإضافة إلى أحدث أدواره في الفيلم الرومنسي Made of Honor حيث نجح في إضحاك عشاقه.
وقال بولاك في مقابلة مع موقع "مونسترز اند كريتيكس" على الانترنت ان "نجاح فيلمي (خارج أفريقيا ) و(وتوتسي) فاجأني".
واضاف بولاك الذي يعتبر اخر عمالقة مخرجي الافلام الرومانسية "كانا فيلمين مختلفين تماما احدهما كوميديا معاصرة في نيويورك والاخر قصة رومانسية خارجة عن عصرها".
وتابع "لكن فيلم (خارج أفريقيا ) اقرب الى الافلام التي احببتها، خلال نشأتي كانوا يصنعون مثل هذه الافلام اكثر في الماضي".
واخر افلامه كمخرج كان الوثائقي "سكيتشيز اوف فرانك غيهري" (رسومات فرانك غيهري) عام 2005 الذي يروي قصة حياة المهندس المعماري الذي صمم متحف غوغنهايم في بيلباو (اسبانيا).
واضطر بسبب مرضه للتخلي في اب 2007 عن تصوير فيلم تلفزيوني يحمل اسم (اعادة فرز) حول الانتخابات الرئاسية عام 2000 وعملية فرز الاصوات الشهيرة في فلوريدا (جنوب-شرق) - محمد عبيدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق