محمد عبيدو
"تحت شمس توسكانا" الذي حاز جائزة أفضل فيلم وأفضل سيناريو وأفضل ممثلة في مهرجان سانتياغو السينمائي. الفيلم الذي اخرجته اودري ويلز ولعب دور البطولة فيه دايان لاين وراؤول بوفا، وفيه تقوم الممثلة دايان لاين بدور فرانسيس ميز البالغة من العمر 35 عاماً، وهي كاتبة من سان فرانسيسكو. ولكن تأخذ حياتها الكاملة منعطفاً غير متوقع على الاطلاق، بعدما حصلت على الطلاق من زوجها، الذي اخذ منزل الزوجية بعد ان دفع لها نصف مبلغه، حيث تجد نفسها مكتئبة وغير قادرة على الكتابة، حتى ان صديقتـها باتي ساندرا اوه باتـت تظن انها لن تعود الى طبيعتها مجدداً، فتعرض عليها بطاقة سفر بالطائرة الى ايطاليا ضمن "غروب سياحي". الفيلم يقوم على الكثير من ردود الفعل والانعطافات التي تحددها الصدف. أليست الحياة مجموعة من الصدف!
هدنة مع الذات
احدى هذه الصدف عندما تقرر فرانسيس اخذ هدنة مع نفسها، فتقوم اثناء الرحلة بشراء فيلا تدعى "يراماسول" اي "شيء يحب الشمس - في الريف التوسكاني" الايطالي، وتعمل على ترميم منزلها الجديد، وتقيم علاقات طيبة مع جيرانها، انما يبقى هنالك خوف ما في داخلها من ألا تستطيع تجاوز محنتها، الى ان تلتقي صدفة في روما رجلاً يدعى مارسلو راؤول بوفا، وتجد انها تقع في الحب من جديد، وان الحياة تهبها فرصة ثانية، وفعلاً تعيش علاقة جميلة لكن تنشغل عنها مع قدوم صديقتها الحامل باتي من سان فرانسيسكو وولادتها في توسكانا، ويأتي مارسلو وهي غائبة ويترك رسالة كتب فيها انه حلم بفستان ابيض وبعد اسابيع تشتري فرانسيس ثوباً ابيض وتذهب لملاقاة الحبيب فتجده متزوجاً.
في الفيلم الكثير من الشخصيات المرسومة ادبياً وسينمائياً في شكل أنيق مثل العجوز الذي يأتي يومياً الى مكان امام الفيلا ويضع زهوراً جديدة في المكان ويمضي وهو صامت وغامض. والمرأة التي تصادقها فرانسيس والتي سبق ان اختارها المايسترو فلليني لبطولة فيلمه "الحياة حلوة" عندما كانت في السابعة عشـرة من عمرها وبقيت تعيش على ذكراه عـلى رغم عـودتـها الى بلدها توسكانا واستمرار حياتها الريفية الرتيبة فيها. وهنـاك الدلال الذي يبيعها الفيلا والذي تنمو بينه وبين فرانسيس علاقة صداقة وأخوة وحنو، ما مكنها من اجتياز الكثير من المحن. ومن المشاهد المميزة بينهما عندما تعترف له اثناء احدى ازماتها بخوفها من مغامرة الشراء المستعجلة للفيلا في مكان لا تعرفه وعن رغـبـتـها في ان يتحقق في هذه الفيلا عرس وولادة وأسرة وقد تحقق ذلك فعلاً في ما بعد ولكن ليس معها بل عندما يتزوج بمساعدتها العامل البولوني المهاجر الذي رمم لها الفيلا بفتاة من البلدة يحبها وعندما تلد صديقتها باتي.
وكانت دايان لاين رائعة وممتعة تحت الشمس الايـطـاليـة، اما أداؤها فقد كان متميزاً. لقد حملت كل الفيلم على عاتقها وابـدعـت للغايـة في رسم خـطوط الشخصيـة، كما احـيـتـها في شكل متـقـن، لدرجة انها جعلتنا نندمج مع قصة عادية وكأننا نراها للمرة الأولى، وقد تحصل لاين على تقدير آخر من اكاديمية العلوم والفنون السينمائية، بعد ان كانت مرشحة للأوسكار عن فيلم "الخائنة".
في شكل عام، هذا فيلم رومانسي درامي كوميدي مأخوذ من مذكرات فرانسيس ميز، فيلم صادق، مؤثر جداً، يترك لمسة سحرية في نفس من يشاهده، حيث المشهدية السينمائية للمناظر والمشاهد الطبيعية الخلابة في ايطاليا، وانطلاقاً من سيناريو جميل يحاول المخرج احياء الشخصية الاساسية بطريقة تجعل المشاهد يعيش مع الدور وينسجم فيه، ويرفد ذلك الاداء اللافت والمتكامل لبقية الممثلين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق