محمد عبيدو : غادرنا الصديق الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور، بعد معاناة طويلة مع المرض، إثر إصابته بفشل كلوي. امضينا اياما سوية بالمغرب عندما كانت الرباط عاصمة الثقافة العربية ثم تباعدت اللقاءات بيننا بمناسبات ثقافية في مخيم فلسطين واليرموك
بدمشق هو أحد أعمدة الثقافة الفلسطينية، ولد في حيفا عام 1946 ونشأ ودرس في مخيم حمص للاجئين الفلسطينيين في مدينة حمص بعد أن هاجرت عائلته إلى لبنان عام 1948 ثم إلى سورية , يقول عن شقاء الهجرة : لم يشعل لي أهلي شمعتين احتفاءً بعيد ميلادي الثاني، إنما حملوني وهاجروا بي في المنافي.. وعاش في صعبة يصف حياته بمخيمات اللجوء: "كان لوالدي الشيخ مهنة غريبة، فقد كان يغسل الأموات ويقدمهم للدفن، وكان يسحر في رمضان، ويقرأ القرآن على القبور، وكان هذا يعطي انطباعا في المخيم إننا أسرة على علاقة وطيدة بالموت، وكنا فقراء إلى حد يصعب وصفه، ويمكن القول اننا كنا أفقر أسرة في المخيم" ويتابع: "كنا أسرة كبيرة العدد، ولم يتوفر لنا إلا غرفة واحدة، حتى أن اخي الكبير عندما تزوج اضطر الى وضع ساتر قماشي بيننا وبينه هو وعروسه في الغرفة نفسها"لم يتلق دحبور تعليما أساسيا كافياً لكنه قارئاً نهماً وتواقاً للمعرفة فصقل موهبته الشعرية بقراءة عيون الشعر العربي قديمة وحديثة كرس للتعبير عن التجربة الفلسطينية المريرة. كتب أحمد دحبور الشعر مبكراً ونشر بواكير قصائده وهو في السادسة عشرة من عمره في مجلة «الآداب» اللبنانية، و أصدر مجموعته الشعرية الأولى"الضواري وعيون الأطفال" التي تنضح بالهموم الشعرية الإنسانية عمل مديراً لتحرير مجلة "لوتس" حتى عام 1988 ومديراً عاماً لدائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس تحرير مجلة "بيادر" التي كانت تصدرها الدائرة. وعضو في اتحاد الكتّأب والصحفيين الفلسطينيين حين عاد للوطن، بعد 48 عاما من التهجير عاشها في حمص، قرر دحبور أن يدخل حيفا يوم 21-4- 1996، زار بيته ووجد قاطنيه من العرب، فاطمئن. حيفا هي خلاصة روحه، عرفها من أمه وجدته، كان يساوره قلق: هل حيفا بهذا الجمال فلعا، أم أنها من نسج خيال أمه؟ وحين زارها كانت حيفا كانت أكثر جمالا وبهاء من وصف أمه. حاز على جائزة توفيق زياد في الشعر عام 1998. كتب العديد من أشعار فرقة أغاني العاشقين منها : اشهد يا عالم علينا وع بيروت/ والله لازرعك بالدار يا عود اللوز الاخضر/ جمع الاسرى/ دوس م انت دايس عالزناد... كأنّ الشاعر يتكلم عن نفسه بقوله إن القصيدة الأقل صراخاً لا تعني أنها أقل ألماً وجراحاً . عن هاجسه الشعري يقول : " لا أظنّ، وإنْ كان التزيين تهمةً لا تؤرقني، إلا أن ما أرّقني طويلاً هو وصول القصيدة العربية المعاصرة إلى ما يمكن أن نسميها التقليدية الجديدة... فنحن غالباً ما نقرأ الكتب نفسها، ونجري الحوارات نفسها، ونعاني الهموم (الوطنية والاجتماعية خصوصاً) نفسها، وإذا ما حملنا هذا كله إلى أوعية القصيدة الحديثة ذات التفعيلة، وجدنا أننا نسبح في بضعة بحور شعرية محدّدة، الأمر الذي يساعد، ضمن عوامل أخرى، على كتابة قصيدة موحّدة، بحيث كاد التمايز بين شاعر وآخر يقتصر على الدرجة في الطاقة الشعرية، لا على النوع الشعري. من حقِّ أي شاعرٍ أن يبحث عن الحياة بأدواته الخاصة، وأن يبحث عن أدواته في الحياة."
نعت وزارة الثقافة الفلسطينية، الشاعر الكبير أحمد دحبور، في بيان لها: معتبرة رحيله خسارة كبيرة على المستويات الوطنية، والثقافية الإبداعية، والإنسانية. وشددت الوزارة على أنه برحيل دحبور تفقد فلسطين ليس فقط واحداً من عمالقة الأدب والإبداع الفلسطيني، بل بوصلة كانت حتى اللحظات الأخيرة تؤشر إلى فلسطين، وأيقونة لطالما كانت ملهمة للكثير من أبناء شعبنا في مختلف أماكن إقامتهم، وفي مختلف المفاصل التاريخية الوطنية، هو الذي كان بكلمات أشعاره يعكس العنفوان والكبرياء الفلسطيني، خاصة في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وبقي حتى رحيله المفجع.
أعماله الشعرية : الضواري وعيون الأطفال - شعر- حمص 19644. حكاية الولد الفلسطيني - شعر- بيروت 1971. طائر الوحدات - شعر- بيروت 1973. بغير هذا جئت - شعر - بيروت 1977. اختلاط الليل والنهار- شعر- بيروت 1979. واحد وعشرون بحراً- شعر - بيروت 1981. شهادة بالأصابع الخمس - شعر- بيروت 1983. ديوان أحمد دحبور- شعر - بيروت 1983. الكسور العشرية - شعر1992 - هنا.. هناك 1997 - جبل الذبيحة 1999.
يقول في احدى قصائده «ويا جَمل المَحامل دربنا رملٌ وأنت المبحر العدّاءْ/ تهجيناك في كتب القراءة في طفولتنا/ فكنت سفينة الصحراءْ/ ويوم على شفير اليأس كنا، جئت تصطكُّ/ فيا جمل المحامل سرْ بنا/ وبإذن حب الأرض لن نشكو/ سيسقط بعضنا والشوك محتشدٌ/ سيُحرق بعضنا والشمس حاميةٌ/ ولكنا... متى حان الوصول وعرّشت حيفا على الأجفانْ/ سنحضر جوعنا الدهري للدمع الحبيس ونفْلت الأحزان»
بدمشق هو أحد أعمدة الثقافة الفلسطينية، ولد في حيفا عام 1946 ونشأ ودرس في مخيم حمص للاجئين الفلسطينيين في مدينة حمص بعد أن هاجرت عائلته إلى لبنان عام 1948 ثم إلى سورية , يقول عن شقاء الهجرة : لم يشعل لي أهلي شمعتين احتفاءً بعيد ميلادي الثاني، إنما حملوني وهاجروا بي في المنافي.. وعاش في صعبة يصف حياته بمخيمات اللجوء: "كان لوالدي الشيخ مهنة غريبة، فقد كان يغسل الأموات ويقدمهم للدفن، وكان يسحر في رمضان، ويقرأ القرآن على القبور، وكان هذا يعطي انطباعا في المخيم إننا أسرة على علاقة وطيدة بالموت، وكنا فقراء إلى حد يصعب وصفه، ويمكن القول اننا كنا أفقر أسرة في المخيم" ويتابع: "كنا أسرة كبيرة العدد، ولم يتوفر لنا إلا غرفة واحدة، حتى أن اخي الكبير عندما تزوج اضطر الى وضع ساتر قماشي بيننا وبينه هو وعروسه في الغرفة نفسها"لم يتلق دحبور تعليما أساسيا كافياً لكنه قارئاً نهماً وتواقاً للمعرفة فصقل موهبته الشعرية بقراءة عيون الشعر العربي قديمة وحديثة كرس للتعبير عن التجربة الفلسطينية المريرة. كتب أحمد دحبور الشعر مبكراً ونشر بواكير قصائده وهو في السادسة عشرة من عمره في مجلة «الآداب» اللبنانية، و أصدر مجموعته الشعرية الأولى"الضواري وعيون الأطفال" التي تنضح بالهموم الشعرية الإنسانية عمل مديراً لتحرير مجلة "لوتس" حتى عام 1988 ومديراً عاماً لدائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس تحرير مجلة "بيادر" التي كانت تصدرها الدائرة. وعضو في اتحاد الكتّأب والصحفيين الفلسطينيين حين عاد للوطن، بعد 48 عاما من التهجير عاشها في حمص، قرر دحبور أن يدخل حيفا يوم 21-4- 1996، زار بيته ووجد قاطنيه من العرب، فاطمئن. حيفا هي خلاصة روحه، عرفها من أمه وجدته، كان يساوره قلق: هل حيفا بهذا الجمال فلعا، أم أنها من نسج خيال أمه؟ وحين زارها كانت حيفا كانت أكثر جمالا وبهاء من وصف أمه. حاز على جائزة توفيق زياد في الشعر عام 1998. كتب العديد من أشعار فرقة أغاني العاشقين منها : اشهد يا عالم علينا وع بيروت/ والله لازرعك بالدار يا عود اللوز الاخضر/ جمع الاسرى/ دوس م انت دايس عالزناد... كأنّ الشاعر يتكلم عن نفسه بقوله إن القصيدة الأقل صراخاً لا تعني أنها أقل ألماً وجراحاً . عن هاجسه الشعري يقول : " لا أظنّ، وإنْ كان التزيين تهمةً لا تؤرقني، إلا أن ما أرّقني طويلاً هو وصول القصيدة العربية المعاصرة إلى ما يمكن أن نسميها التقليدية الجديدة... فنحن غالباً ما نقرأ الكتب نفسها، ونجري الحوارات نفسها، ونعاني الهموم (الوطنية والاجتماعية خصوصاً) نفسها، وإذا ما حملنا هذا كله إلى أوعية القصيدة الحديثة ذات التفعيلة، وجدنا أننا نسبح في بضعة بحور شعرية محدّدة، الأمر الذي يساعد، ضمن عوامل أخرى، على كتابة قصيدة موحّدة، بحيث كاد التمايز بين شاعر وآخر يقتصر على الدرجة في الطاقة الشعرية، لا على النوع الشعري. من حقِّ أي شاعرٍ أن يبحث عن الحياة بأدواته الخاصة، وأن يبحث عن أدواته في الحياة."
نعت وزارة الثقافة الفلسطينية، الشاعر الكبير أحمد دحبور، في بيان لها: معتبرة رحيله خسارة كبيرة على المستويات الوطنية، والثقافية الإبداعية، والإنسانية. وشددت الوزارة على أنه برحيل دحبور تفقد فلسطين ليس فقط واحداً من عمالقة الأدب والإبداع الفلسطيني، بل بوصلة كانت حتى اللحظات الأخيرة تؤشر إلى فلسطين، وأيقونة لطالما كانت ملهمة للكثير من أبناء شعبنا في مختلف أماكن إقامتهم، وفي مختلف المفاصل التاريخية الوطنية، هو الذي كان بكلمات أشعاره يعكس العنفوان والكبرياء الفلسطيني، خاصة في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وبقي حتى رحيله المفجع.
أعماله الشعرية : الضواري وعيون الأطفال - شعر- حمص 19644. حكاية الولد الفلسطيني - شعر- بيروت 1971. طائر الوحدات - شعر- بيروت 1973. بغير هذا جئت - شعر - بيروت 1977. اختلاط الليل والنهار- شعر- بيروت 1979. واحد وعشرون بحراً- شعر - بيروت 1981. شهادة بالأصابع الخمس - شعر- بيروت 1983. ديوان أحمد دحبور- شعر - بيروت 1983. الكسور العشرية - شعر1992 - هنا.. هناك 1997 - جبل الذبيحة 1999.
يقول في احدى قصائده «ويا جَمل المَحامل دربنا رملٌ وأنت المبحر العدّاءْ/ تهجيناك في كتب القراءة في طفولتنا/ فكنت سفينة الصحراءْ/ ويوم على شفير اليأس كنا، جئت تصطكُّ/ فيا جمل المحامل سرْ بنا/ وبإذن حب الأرض لن نشكو/ سيسقط بعضنا والشوك محتشدٌ/ سيُحرق بعضنا والشمس حاميةٌ/ ولكنا... متى حان الوصول وعرّشت حيفا على الأجفانْ/ سنحضر جوعنا الدهري للدمع الحبيس ونفْلت الأحزان»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق