محمد عبيدو: الشاعر
الفرنسي الجزائري المولد الراحل جون سيناك أو كما يطلق عليه " يحي الوهراني
".قد تمت تناول سيرته في افلام سينمائية عدة منها : الفيلم الوثائقي “ سيناك شاعر
جزائري “ للمخرج إيريك سينار والذي تبلغ مدته 52 دقيقة , أراد من خلاله المخرج ، أن
يلخّص مسار مثقف، عُرف بثورته وبمواقفه المتميّزة، وكذا بتمرّده على فرنسا عندما فضّل
جزائريته .كما ان المخرج عبد الكريم بهلول اختار سنوات ما بعد تحرير بلاده، وما حملته
من تغيّرات عاصفة، مناخاً لفيلمه “اغتيال الشمس” 2003 وهو مأخوذ عن واقعة حقيقية، جرت
احداثها في الجزائر في بداية السبعينيات بطلها هو الشاعر والكاتب الجزائري الفرنسي
الاصل “جاك سيناك” الذي ولد في الجزائر لأب مولود ايضاً في الجزائر، وان كانت اصوله
فرنسية , في 29 ديسمبر 1926 في بني صاف بولاية وهران.. وكان “جاك سيناك” واحداً من
رجال المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي. و أصدر مع مجموعة من الأصدقاء مجلة Soleil
شمس، التي ظلت تصدر الى غاية سنة 1952 وكانت مجلة أدبية من الطراز
الأول، ضمت كتابات كبار كتّاب الجزائر في ما بعد: محمد ديب، كاتب ياسين، مولود فرعون،
أحمد سفريو... وغيرهم من الكتّاب الشباب في تلك الفترة، وحوت المجلة لوحات لرسامين
من أهم رسامي الجزائر أمثال: باية، بشير يَلَّسْ وعبدالقادر غرماز. وبعد الاستقلال
في سنة 1962 رفض “جاك سيناك” مغادرة الجزائر، واستقر به المقام فيها.. ليقدم برنامجاً
اذاعياً متميّزاً عن الشعر والشعراء اسمه “اشعار على كل الجبهات” كان يقرأ فيه رسائل
شعرية ترد اليه من انحاء البلاد.. وقد اثر “جاك سيناك” في الحركة الادبية والثقافية
والفنية في كل انحاء البلاد، كما كان مثلاً اعلى للشباب وأنموذجاً للمثقف الواعي، وقد
جمعت الظروف والصدف بينه وبين “حميد” الفتى ذي التسعة عشر ربيعاً، والذي يهوى كتابة
الشعر والمسرحيات.. و«بلقاسم” صديقه الذي كان يهوى التمثيل.. وذلك عندما التقيا به
للمرة الأولى في أول مهرجان مسرحي في الجزائر... وقد استبعدته السلطات المسرحية لاسباب
سياسية ...وان كانت الحجة بأنها ناطقة باللغة الفرنسية.. ولم يخفف من معاناة مجموعة
الشبان الصغار سوى انحياز “جان سيناك” لهم... وتتوالى الاحداث باغتيال “جان” بعد ان
طُرد من عمله.. واتهام”حميد” بمقتله.. وامام المتغيرات الجديدة في الجزائر يصبح هدف
بلقاسم السفر بعيداً والهروب من بلاده. و يستقل “بلقاسم” العبارة مغادراً الجزائر،
وهو يقسم الا يعود اليها مرةً اخرى بعد ان ذاق فيها هو وصاحبه الاذى... وان كان الاخير
قرر الا يهرب وان يعود الى بلدته الصغيرة بين الجبال والوديان.. بينما “ناتالي” صديقة
سيناك الممثلة تنهمر دموعها حزناً على فراق هذا البلد الذي أحبته واختارته وطناً لها..
وان كانت قد أدركت الآن انه يسير على حافة الهاوية، ومسكينة أوطاننا عندما يحاولون
اغتيال الشمس فيها.. تعمد بهلول إضفاء طابع شعري لإيقاع فيلمه، ليوصل به المناخ النفسي
للفيلم، وبمعونة مصور متميّز اخذنا الى عمق المشكلة دون حواجز، عل الرغم من دراماتيكية،
إنه فيلم آخاذ رؤية وتقنية. يمثل جون سيناك أو يحيى الوهراني كما يحب أن يطلق عليه
ظاهرة شعرية ،هكذا كانت نصوصه الشعرية بوحاً في حرقة الذات، وركضاً في كل الجهات بحثاً
عن وطن شكل حلماً أراده الشاعر أن يتحقق بتفرده في القصيدة.
عثر
عليه مقتولا بشقته بقلب العاصمة يوم 29 أوت 1973 و لم تتوصل التحريات إلى الفاعلين
إلى اليوم وما زال موته يشكل سراً غامضاً حول أسباب وخلفيات إغتياله , وكم ذكّر قتله
الوحشي بالنهاية القاسية التي واجهها الشاعر والسينمائي الإيطالي بيار باولو بازوليني
حين قتل وسُحق في ظروف غامضة جداً أيضاً.. كتب الكثيرون عنه وترجمت الكثير من قصائده
إلى العربية ، من عناوين القصائد التي كتبها سيناك «الجزائر مدينة مفتوحة» و«الأيدي
والأرجل مربوطة» و«طوفان فتى» و«أومبلا» وغيرها، وترك جون سيناك مجموعة من المؤلفات
منها “قصائد” صدر عن دار غاليمار سنة 1954 وقدم له “رينيه شار ، صباحية شعبي 1961م،
أنطولوجيا الشعر الجزائري الجديد 1971م. وآخرها كان: “الفوضى” صدر سنة قبل مقتله
1972.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق