السبت، 29 أبريل 2017

محمد عبيدو..الشعر عزاء روحي

الشعر هو عزاء لروحي أو ملجأ من الزمن العصيب وكتابة الغياب والبحث عن المفقود في وحشة العمر الذي نعيشه وهو حالتي الوجدانية التي ألجأ إليها عندما تضايقني الحياة.هكذا يتحول الشعر إلى محراب في حياة الشاعر والناقد السينمائي محمد عبيدو يبوح فيه قصائد تتميز بالتكثيف والدلالات والإيحاءات بعيداً عن المباشرة سعياً منه لخلق علاقة تبادلية مع القارئ تدفعه إلى البحث والتفكير إلى ما يرمي اليه.وفي حديث له الى وكالة سانا











قال عبيدو: عندما أكتب القصيدة أشعر أن هناك تشكيلاً بصرياً يتكون.. وعندما أنجز النص النقدي السينمائي أرى أن هناك تحولاً جديداً إلى مشهد بصري آخر فيه شيء من إحساسي الذي أعتبره رابطاً بين هذا المنجز وبين القصيدة الشعرية.

وأضاف عبيدو: أما بالنسبة للرمز والدلالة فهو ليس هروباً من شيء ما أو صعوبة في الكتابة إنما هو خيار إبداعي أنتقيه بإرادتي لأبحث من خلاله عن الصفاء اللغوي الذي يبعدني عن المباشرة في طرح مفرداتي الشعرية، فالشعر يفترض أن يكون لعباً بالكلمات وتعبيراً خاصاً عن الداخل يطلع من القلب إلى القلب.. وعلى قلب القارئ أن يصبر قليلاً ليكشف خفايا النص الإبداعي وماوراء حروفه فلا يستعجل القراءة لأن أهم ما يجب أن يفعله هو التعود على التعامل مع الجديد.
وأشار عبيدو إلى أن القارئ يمكن أن يتقاطع مع الدلالات والرموز بما يحتوي في داخله فيصل إلى ما يريد من خلال تعامله الصحيح مع النص، وفي النتيجة يجب أن يصل بنا الرمز إلى صوت الإنسان الذي يجب أن يصل إلينا ونصل إليه، موضحاً أن الشعر يمتلك مساحة واسعة للتعبير عن الرؤى الإنسانية فيؤدي الشاعر وظيفته الإبداعية من خلاله وهذا ما يتفوق الشعر فيه على السينما التي تعتبر فناً مؤسساتياً وجماعياً قد لا نصل خلاله إلى ما نريد برغم ما نمتلكه من متعة التواصل، أما الشعر فهو فردي قادر على الانطلاق بأي اتجاه مهما كان عصياً.
وأوضح صاحب تمارين العزلة.. بالنسبة للكتابة أنا لا أذهب إليها أبداً وقد أعيش الحالة الشعرية لعدة أيام ولا أذهب إلى الورقة لأكتب عليها.. وقد تأتي الحالة الكتابية فجأة بفعل المحرضات النفسية والداخلية التي تكون الحافز الأهم والأقدر إلى دفعي إلى كتابة النص.
وأكد صاحب ارتباكات الغيم أنه لا يكتب الشاعر قصيدته إلا بعد وصوله إلى الحالة الأكثر توتراً أو انفعالاً حينها تخرج القصيدة بما تتضمنه من مفردات وعبارات تأتي من خلال نتاج الشاعر الثقافي والحضاري والاجتماعي لأن القصيدة تطرح نفسها منفعلة بأوامر الروح والحنين والفقدان لتتعامل مع الآخر وتلامس أشياءه المفقودة.. هكذا أنا أكتب.
أما السينما متعة البصر التي أبحر خلالها لأكتشف الصورة المعبرة عن شيء ما يخصنا.. فأنا عندما أكتب عن السينما أحاول أن أبتكر نصاً نقدياً يوازي أو يقارب العمل السينمائي الإبداعي فأنا أحسب أن العلاقة بيني وبين السينما هي علاقة حوار واكتشاف وبحث عن الجديد في إطار الإبداع فهناك رابط بالنسبة لي بين الشعر والعمل في النقد السينمائي لأن أي عمل سواء أكان سينمائياً أم شعرياً أم تشكيلياً فإن أسمى ما فيه شاعريته فلابد من وجود تشكيل ما في أي جنس من هذه الأجناس.
وقال إن النقد السينمائي هو رغبة في تواصل من نوع آخر له علاقة بالثقافة والهواية وطرح أسس أخرى تضاف إلى ماقدمه الآخر على أن تخرج من المهنية وتدخل في الإبداع لأن السينما لها دور أيضاً وهذا الدور يلتقي أحياناً مع الشعر، وسبب اندفاعي هو علاقتي بالسينما منذ طفولتي مما أضاف إلى ثقافتي أشياء كثيرة فالمبدع والمثقف يجب أن يبحث عن الاكتشاف وأن يحقق شيئاً لذاته ليس فقط بالشعر وإنما في أمور أخرى يستطيع من خلالها تقديم رؤاه ومنظوماته فهذا الأمر الذي دفعني للعلاقة مع السينما التي بت أكتشفها أكثر كلما تعمقت بقراءة المقالات والكتب واطلعت على السينما العالمية الأخرى فاشتغلت على نقد سينما أميركا اللاتينية والسينما الإسبانية واشتغلت على السينما الصهيونية التي رأيت من واجبي أن أسلط الضوء على مكنوناتها كثيراً، ونشرت كل هذه الدراسات النقدية حيث تناولت 300 فيلم كشفت من خلالها ما تفعله الصهيونية لتشويه صورة العرب.
وختم عبيدو: أنا أجد نفسي بالشعر أكثر من السينما لأنني أبحث بالمهمل والمتروك والمهجور وأحاول أن ألتقط هذه الأشياء لأصنع منها مفرداتي حتى أتمكن من الوصول إلى مساءلة كل ما يمكن أن يؤدي إلى الإنسانية الكبرى فالشعر أقصى درجات التواصل مع الإنسان. 
عن جريدة النهضة / سانا 
 رقم العدد : 594 / 01/08/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق