بسيط ، عميق ،حقيقي، حزين وهادئ قاس على شعور عارم بالخسارة، والهباء، مأهول بالظلال و ببشر يرومون الحياة وهم ماضون إلى الهاوية . هو فيلم "الزائر" Visitor الأمريكي من إنتاج عام 2008، كتبه وأخرجه توماس ماكارثي من بطولة ريتشارد جاكينز، هيام عباس، هاز سليمان،دانيا جريرا. يتناول الفيلم قضايا تتعلق بالهوية والهجرة وتقاطع الثقافات في نيويورك ما بعد أحداث الحادي عشر من ايلول -سبتمبر.
كثير من الفن والإبداع يلقي بظلاله على فيلم " الزائر " الدراما الانسانية المليئة بالجمال رغم كل الخراب والالم والظلم والانكسار . وقوته هي انه يوقظ مشاعر عميقة وقوية توصل الى افكار خطيرة حول ما حدث ؟ وحول الوضع المروع الذي يعيشه الاجانب في الولايات المتحدة .
يروي الفيلم قصة والتر فيل (ريتشارد جينكينز) أستاذ جامعي يعيش عزلته واكتئابه وقطيعته مع العالم وما يدور حوله في ولاية كونيتيكت, حيث يدرس موضوعة الاقتصاد العالمي لطلابه طوال خمسة عشر عاما , نشر عدة كتب ويدعي أنه يعمل على انهاء آخر ولكنه في الواقع لايعمل على أي شيء . وقد فقد منذ عشرين سنة (تاريخ موت زوجته) لذة التعليم والعمل الأكاديمي، ولكنه يتظاهر باستمرار بأنه صاحب مشاغل كثيرة. انيق في ملبسه ومهذب مع الجميع , ولكن بتحفظ وببعد وبعزلة . يحاول كسر رتابة حياته بتعلم العزف على البيانو الآلة التي كانت تعزف عليها باحتراف زوجته المتوفية التي كانت عازفة بيانو شهيرة ، ولكنه يفشل باستمرار. وذات يوم يكلف بحضور مؤتمر في مدينة نيويورك، يتطلب منه الأمر العودة الى شقته هناك والتي تركها شاغرة لوقت طويل ,وعندما يصل لشقته هناك يفاجأ بأنها مسكونه من قبل مهاجرين غير شرعيين هما طارق خليل ( هاز سليمان ) من سوريا وزينب ( دانيا جريرا ) فتاة سنغالية تصنع مجوهرات تقليدية وتبيعها على بسطة في الشارع، وهنا تكون حياته قد تغيرت . يستأنس الأستاذ العجوز في سكناه معهم فيطلب منهم البقاء في ضيافته. من الواضح ان والتر يبحث عن بعض الإثارة في حياته و حيث تلقي حياته الصديقين إشعاعا من الأمل على حياة والتر المتوقفة . يقوم طارق الفنان الموهوب بتعليم والتر العزف على طبله الأفريقي وتبنى بينهما علاقة صداقة طيبة. فيقترب من ثقافتهم ومزاجهم أكثر من خلال تعلمه الطبلة،يتعامل طارق بتلقائية ودفء وود مباشر مع والتر , لكن صديقته زينب تظل حذرة ومتحفظة وخائفة و لسبب وجيه كما سنعرف لاحقا وهو انها وطارق قد انتهت فترة السماح القانونية لهما للبقاء في هذا البلد . ما يحدث لاحقا , يدعو للحزن والألم ويلتقط عبره المخرج كل ذلك القلق ، العنف ، رهاب الآخر الموجودة في الولايات المتحدة . تلقي الشرطة القبض على طارق وتقوم بتحويله لمركز احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين، ويصبح والتر مشاركا الى اقصى حد في علاقة متنامية مع طارق ووالدته الارملة منى ( هيام عباس ) . يقوم والتر بكل باستطاعته لتحرير طارق دون جدوى و لينتهي بالغضب والعجز . تقوم والدة طارق الأرملة منى، والتي تسكن ميشيغن، بزيارة نيويورك للبقاء بجوار ابنها في محنته فيتقرب منها والتر وتأنس روح الوحيدة لروح الارملة المتألمة . يتم ترحيل طارق بشكل مفاجىء إلى سوريا مما يصيب والتر بصدمة كبيرة وتضطر والدته للحاق به. يبقى والتر وحيداً لا يأنس وحدته إلا طبلة طارق وذكرياتهم السعيدة. يقدم ريتشارد جاكينز هنا احد واقوى وأهم أدواره السينمائية عبر تكثيفه المشاعر ودخوله في جوانية الشخصية وأعماقها
لا يحتوي الزائر على أي نوع من الإبهار التقني السينمائي في زمن أصبحت فيه الأفلام تصنع عن طريق الكمبيوتر وتخلق واقعاً افتراضياً لا وجود له في الحقيقة، لكن الحقيقة أنه استطاع أن يحصل على كل هذا الاهتمام لأنه تخلى عن أية بهلوانيات سينمائية، ليصل إلى البلاغة في السينما التي تعتمد على الاقتصاد في التعبير .وعلى سبر غور الشخصيات . جعلك في النهاية تذوب تماماً في هذا العالم السينمائي الخاص ، حيث المخرج يلعب في مساحة العلاقات الإنسانية التي تتشكل على خلفية مأساة مشتركة أو ماض تتشابك خيوطه، والحكاية هنا . وينقل عبر الفيلم احساسا واضحا من عدم الحساسية والعسف الأعمى لنظام الهجرة في الولايات المتحدة و ويتناول قضايا الهجرة بقوة ولكن ليس بطريقة وعظيه .
ما يثير الفضول في هذا الفيلم هو انه مع استرجاع احداث الفيلم من وقت لآخر يبقى الفيلم مدهشا طوال الوقت . الفيلم هو حكاية مهاجرين وإعادة استكشاف للنفس في ذات الوقت. وهو يميل إلى ان يكون عاطفيا أكثر من كونه سياسيا، وربما يكون هذا الفيلم هو الفيلم المستقل الأكثر انسانية لهذه الفترة .
عرض الفيلم في مهرجان تورنتو وفي مهرجان سندانس ومهرجان موسكو حيث فاز بطل الفيلم ريتشارد جاكينز بجائزة أفضل ممثل، و أعلن عن ترشيحه لنيل جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره في فيلم "الزائر".
الزائر :
إخراج وكتابة توماس ماكارثي
بطولة : ريتشارد جاكينز , هيام عباس , هاز سليمان , دانيا جريرا
مدة الفيلم 103 دقيقة
كثير من الفن والإبداع يلقي بظلاله على فيلم " الزائر " الدراما الانسانية المليئة بالجمال رغم كل الخراب والالم والظلم والانكسار . وقوته هي انه يوقظ مشاعر عميقة وقوية توصل الى افكار خطيرة حول ما حدث ؟ وحول الوضع المروع الذي يعيشه الاجانب في الولايات المتحدة .
يروي الفيلم قصة والتر فيل (ريتشارد جينكينز) أستاذ جامعي يعيش عزلته واكتئابه وقطيعته مع العالم وما يدور حوله في ولاية كونيتيكت, حيث يدرس موضوعة الاقتصاد العالمي لطلابه طوال خمسة عشر عاما , نشر عدة كتب ويدعي أنه يعمل على انهاء آخر ولكنه في الواقع لايعمل على أي شيء . وقد فقد منذ عشرين سنة (تاريخ موت زوجته) لذة التعليم والعمل الأكاديمي، ولكنه يتظاهر باستمرار بأنه صاحب مشاغل كثيرة. انيق في ملبسه ومهذب مع الجميع , ولكن بتحفظ وببعد وبعزلة . يحاول كسر رتابة حياته بتعلم العزف على البيانو الآلة التي كانت تعزف عليها باحتراف زوجته المتوفية التي كانت عازفة بيانو شهيرة ، ولكنه يفشل باستمرار. وذات يوم يكلف بحضور مؤتمر في مدينة نيويورك، يتطلب منه الأمر العودة الى شقته هناك والتي تركها شاغرة لوقت طويل ,وعندما يصل لشقته هناك يفاجأ بأنها مسكونه من قبل مهاجرين غير شرعيين هما طارق خليل ( هاز سليمان ) من سوريا وزينب ( دانيا جريرا ) فتاة سنغالية تصنع مجوهرات تقليدية وتبيعها على بسطة في الشارع، وهنا تكون حياته قد تغيرت . يستأنس الأستاذ العجوز في سكناه معهم فيطلب منهم البقاء في ضيافته. من الواضح ان والتر يبحث عن بعض الإثارة في حياته و حيث تلقي حياته الصديقين إشعاعا من الأمل على حياة والتر المتوقفة . يقوم طارق الفنان الموهوب بتعليم والتر العزف على طبله الأفريقي وتبنى بينهما علاقة صداقة طيبة. فيقترب من ثقافتهم ومزاجهم أكثر من خلال تعلمه الطبلة،يتعامل طارق بتلقائية ودفء وود مباشر مع والتر , لكن صديقته زينب تظل حذرة ومتحفظة وخائفة و لسبب وجيه كما سنعرف لاحقا وهو انها وطارق قد انتهت فترة السماح القانونية لهما للبقاء في هذا البلد . ما يحدث لاحقا , يدعو للحزن والألم ويلتقط عبره المخرج كل ذلك القلق ، العنف ، رهاب الآخر الموجودة في الولايات المتحدة . تلقي الشرطة القبض على طارق وتقوم بتحويله لمركز احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين، ويصبح والتر مشاركا الى اقصى حد في علاقة متنامية مع طارق ووالدته الارملة منى ( هيام عباس ) . يقوم والتر بكل باستطاعته لتحرير طارق دون جدوى و لينتهي بالغضب والعجز . تقوم والدة طارق الأرملة منى، والتي تسكن ميشيغن، بزيارة نيويورك للبقاء بجوار ابنها في محنته فيتقرب منها والتر وتأنس روح الوحيدة لروح الارملة المتألمة . يتم ترحيل طارق بشكل مفاجىء إلى سوريا مما يصيب والتر بصدمة كبيرة وتضطر والدته للحاق به. يبقى والتر وحيداً لا يأنس وحدته إلا طبلة طارق وذكرياتهم السعيدة. يقدم ريتشارد جاكينز هنا احد واقوى وأهم أدواره السينمائية عبر تكثيفه المشاعر ودخوله في جوانية الشخصية وأعماقها
لا يحتوي الزائر على أي نوع من الإبهار التقني السينمائي في زمن أصبحت فيه الأفلام تصنع عن طريق الكمبيوتر وتخلق واقعاً افتراضياً لا وجود له في الحقيقة، لكن الحقيقة أنه استطاع أن يحصل على كل هذا الاهتمام لأنه تخلى عن أية بهلوانيات سينمائية، ليصل إلى البلاغة في السينما التي تعتمد على الاقتصاد في التعبير .وعلى سبر غور الشخصيات . جعلك في النهاية تذوب تماماً في هذا العالم السينمائي الخاص ، حيث المخرج يلعب في مساحة العلاقات الإنسانية التي تتشكل على خلفية مأساة مشتركة أو ماض تتشابك خيوطه، والحكاية هنا . وينقل عبر الفيلم احساسا واضحا من عدم الحساسية والعسف الأعمى لنظام الهجرة في الولايات المتحدة و ويتناول قضايا الهجرة بقوة ولكن ليس بطريقة وعظيه .
ما يثير الفضول في هذا الفيلم هو انه مع استرجاع احداث الفيلم من وقت لآخر يبقى الفيلم مدهشا طوال الوقت . الفيلم هو حكاية مهاجرين وإعادة استكشاف للنفس في ذات الوقت. وهو يميل إلى ان يكون عاطفيا أكثر من كونه سياسيا، وربما يكون هذا الفيلم هو الفيلم المستقل الأكثر انسانية لهذه الفترة .
عرض الفيلم في مهرجان تورنتو وفي مهرجان سندانس ومهرجان موسكو حيث فاز بطل الفيلم ريتشارد جاكينز بجائزة أفضل ممثل، و أعلن عن ترشيحه لنيل جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره في فيلم "الزائر".
الزائر :
إخراج وكتابة توماس ماكارثي
بطولة : ريتشارد جاكينز , هيام عباس , هاز سليمان , دانيا جريرا
مدة الفيلم 103 دقيقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق