الأربعاء، 25 فبراير 2015

"محمد عبيدو".. القصيدة التي تحلّق سينمائياً

دلال عبد الله
السبت 10 تشرين الثاني 2012

يتنقل بين عوالم الشعر والسينما، ليدوّن مشاهداته البصرية عن السينما شعراً، ويسقط على مشاهداته السينمائية شعره، هو الشاعر والناقد "محمد عبيدو" الذي كان لمدونة وطن eSyria بتاريخ 12/10/2012 هذا اللقاء معه:

تكبير الصورة
* كيف ترى العلاقة ما بين الشعر والسينما؟

** يشترك الشّعرُ مع السّينما بالتّصوّر الذهني، والاستعارات والرّموز وهناك ما يوحّد بين أفق التفكير في السينما في علاقتها بالشعر والعكس، حيثُ تتقاطع في مجالات عدة آليات التفكير والتنظير الخاصة بالسينما والشعر عبر إشارات اللغة السينمائية واللغة الشعرية، وكما دخلَ الإيقاع السينمائي والتقطيع والمونتاج المكثف والحالة البصرية في بنية بعض القصائد الحديثة، يُمكن اعتبار عدة أفلام بمثابة إنجازات شعرية، ووجود الشعور الفيلمي ذاته فيه شعر. وربما تجدين في مجموعتي الشعرية الأخيرة "رجل مشحون بالندم" محاولة نسج قصيدة تحلّق سينمائياً، وتتحوّل وثيقة للسلوك البشري في ظروف القهر والعذاب النفسي، حيث نميل للشعر والصورة للتعبير عن موت معاش أو مترقب، في سعيها إلى اكتشاف اللحظات الأجمل في هذه الحياة الواقفة عند الحدّ الفاصل بين الوهم والحقيقة. 

* كتابة الشعر لديك كانت سابقة على السينما، نراكَ تعودُ دوماً إليها فهل تجد نفسك ناقداً سينمائياً أم شاعراً؟

** أجد نفسي بالتشكيل والفوتوغراف والصحافة رغم احترافي للسينما مهنياً, فالفن يشمل الحياة في وحدتها والمبدع "إنسان بالمهنة"، ومن أجل هذه المهنة يحتاج إلى المشاعر ووضوح الرؤيا والخيال والحدس وسعة الاهتمامات.

الشعر هو بداية إحساسي بالوجود على هذه الأرض وبداية العلاقة مع الإبداع, عاش وترعرع مع عالمي الداخلي وفجر فيه الحلم. وأرى النقد السينمائي نوعية خاصة من فنون الإبداع تحتاج إلى دراسات مركبة ومتعددة سواء في السينما كمجال تخصص أو في المجتمع أو في منابع الشعر والجمال وفلسفته بوجه عام, فالنقد هو إنشاء نص موازٍ للنص السينمائي المرئي يغوصُ في مساحات الصور والرموز والدلالات, وحوار مع الأفلام السينمائية 
تكبير الصورة
الناقد السينمائي والشاعر محمد عبيدو
بمخيلة خاصة, حواراً معرفياً لا يبحثُ عن الحلول والقوالب الجاهزة بل يسعى إلى الإسهام في تفهّم السينما كفن وكتكثيف للحظة تاريخية واجتماعية وسياسية، وكفضاء واسع لأسئلة تشغل الفكر العربي.

* ألفت كتاب "السينما في أمريكا اللاتينية" هل لذلك علاقة بتوجّه معظم كتاب ومثقفي جيلك إلى تلك القارة، وتذوق نتاجها جمالياً؟ 

** منذ الصغر هذه القارة جذبتنا عبر تحولاتها الاجتماعية والسياسية وعبر كتابات مبدعيها الكبار "كماركيز، وبورخيس، وأمادو، وغيرهم، ومن هذا التواصل جاءَ كتابي عن سينماها المهمة والقريبة من همومنا العربية, وهو يؤرخ للسينما في القارة الأمريكية ويرصدُ التحوّلات المميزة لصناعة السينما فيها, ويرصدُ تجاربَ مهمّة في سينما هذه الدول ومنها الفيلم التسجيلي.

* لماذا لم تكتب مؤلفاً عن السينما العربية؟

** خلال العقود الثلاثة الماضية كنت بمتابعة نقدية يومية للإنتاج السينمائي العربي، وبعودة لصفحة مدارات سينمائية التي كنت أحررها أسبوعياً لصحيفة البعث خلال السنوات العشر السابقة تجدين انشغالات وهموم السينما العربية حاضرة, وقراءة لنتاج السينمائي العربي المفتوح على شتّى الأسئلة والاحتمالات, مع حرص على البحث عن الجديد الذي بحث عن المعادل السمعي البصري العربي، الذي يحملُ بجماله الغيث للروح ويؤسس خصوصية اللغة السينمائية العربية، فتابعته عبر مهرجانات السينما العربية التي احضرها, أو عبر تواجدي بالجزائر ومتابعتي لسينما المغرب العربي وإيصالها للقارئ في سورية، ولكن لم تجمع هذه الكتابات في كتاب مطبوع وربما لكسل أو قلة تواصل مع دور وجهات الطبع، عموماً أرسلت للنشر مؤخرا كتاب "المخرجات السينمائيات العربيات" والذي يحكي عن إبداعهن خلال مئة عام.

* قمت بتعرية السينما الصهيونية وفضح أساليبها في الترويج لأفكارها، هل نعتبر ذلك من 
تكبير الصورة
غلاف كتاب السينما الصهيونية شاشة التضليل
قبيل إيمانك بفكرة الالتزام؟

** في كتابي "السينما الصهيونية– شاشة للتضليل" تحدثت عن التغلغل الصهيوني في السينما العالمية عبر ملكية شركات السينما العالمية في هوليوود والعلاقة الوثيقة بين هوليوود واليهود، كما تحدثت عن أهم ميادين الإنتاج السينمائي الصهيوني, مع عرض تاريخي لهذه السينما منذ بداياتها وتحليل لـ 300 فيلم صهيوني إنتاجاً أو فكراً.

لا يُمكن فصلُ الكتابات النقدية والإبداعية عن الالتزام بفكر وأسئلة وانشغالات تهمّ الواقع العربي وسبل تغييره وتطويره. بعد صدور كتابي "السينما الصهيونية- شاشة للتضليل" عام 2004 سألني احد الزملاء في حوار صحفي حوله, عن علامات الاستفهام عن غياب السينما العربية؟ وكيف تُواجه شاشة التضليل؟ وأجبته: هذا السؤال عليك أن تحيله إلى المتحكمين بالشأن السياسي والثقافي العربي، فعلى المؤسسات العربية المعنية مثلاً أن تعرف ما يفعله الأعداء في المساهمة في تحطيم وتشويه شخصيتنا لدى العالم، وهي لا تفعل ذلك، الأهم أن تكون أكثر جدية في إنتاج صورتنا الحقيقية الخاصة بنا ووضعها أمام صورة الأعداء النمطية المنتجة عنا.

* ما المكان الذي يوقظُ في "محمد عبيدو" الشعر، ليكتب شعراً؟

** كتابة الشعر ليست محكومة فقط بمكان, بل هي تمجيد للأمكنة الخاصة وللحب والزمن والموت والحرية, ولهذا الكون الفسيح المفتوح على تأويلات عدّة، الحياة في عبثيتها وفوضاها وقسوتها وتعهرها وجمالها الغامض فأن تكتب يعني أن تبث الورق أسرار قلبك وتطلق نفسك لذلك الشلال الذي يتدفق في الذاكرة, حاملاً بين مياهه تفاصيل أمكنة عشتها وقسمات وجوه أحببتها, وغدت مثل مرايا راحلة تعكس آخر ملامح الوطن.

تقول عنه الشاعرة والصحفية "عناية جابر": «محمد عبيدو يمتلك مشاهد قاسية بجمالها ويقينها العنيد، على الرغم 

تكبير الصورة
غلاف كتاب السينما في أمريكا اللاتينية
من اللغة الذائبة الرقيقة. ثمة هذا التبادل في الأدوار بين الصورة أو المشهد وبين اللغة المعبّرة عنها».

جدير بالذكر أن الشاعر والناقد "محمد عبيدو" من مدينة "سلمية"- محافظة حماة. يعمل بالكتابة الصحفية والنقدية السينمائية منذ عام 1983 في صحف سورية، وعربية، وله عدة كتب مطبوعة:

- شعر: "وقت يشبه الماء" 1987 - دار الشيخ

- "الغياب ظلك الآخر" 1992

- "تمارين العزلة" 1998- اتحاد الكتاب العرب

- "ارتباكات الغيم" 2004- وزارة الثقافة دمشق

- "رجل مشحون بالندم" - شعر - وزارة الثقافة- دمشق 2012

- دراسة : "السينما الصهيونية" 2004 دار كنعان- دمشق

- " السينما الاسبانية"- 2006- دمشق

- " السينما في امريكا اللاتينية"- 2009- مؤسسة السينما ووزارة الثقافة دمشق.http://www.esyria.sy/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق