محمد عبيدو
الأرينيه الذي توفي عن 91 عاما كان قد كرم
في الدورة الرابعة والستين من مهرجان برلين السينمائ حيث عرض فيلمه الأخير "حياة رايلي" داخل المسابقة.وقد نال هذا الفيلم جائزة "الدب الفضي لفيلم يفتح آفاقا جديدة في التعبير".خير "حياة رايلي" داخل المسابقة.وقد نال هذا الفيلم جائزة "الدب الفضي لفيلم يفتح آفاقا جديدة في التعبير".
الأرينيه الذي توفي عن 91 عاما كان قد كرم
في الدورة الرابعة والستين من مهرجان برلين السينمائ حيث عرض فيلمه الأخير "حياة رايلي" داخل المسابقة.وقد نال هذا الفيلم جائزة "الدب الفضي لفيلم يفتح آفاقا جديدة في التعبير".خير "حياة رايلي" داخل المسابقة.وقد نال هذا الفيلم جائزة "الدب الفضي لفيلم يفتح آفاقا جديدة في التعبير".
بدأ آلان رينيه «1922» هاويا للسينما.. ثم ناقدا وقد دخل السينما بالصدفة بعد تمرسه في الحقل المسرحي وكان له صداقات قوية مع الفنانين التشكيليين، حيث اخرج أفلاما تسجيلية عنهم.
بعض النقاد يصف إسهامات رينيه السينمائية بأنها الأكثر أهمية من بين الإسهامات المعاصرة، حيث انه تمكن بفضل جلاء الرؤية لديه أن يقدم لزماننا ببعض مبادئ علم الدلالات والرموز وعلم جمال السينما وتطويرا للغوياتها الخاصة.
وآلان رينيه العصامي الذي تعلم السينما بنفسه وانطلاقا من تذوقه وخبراته الخاصة واعتمادا على تجربته في هذا الحقل ومصادره المتعددة والتي أدت به إلى اكتشاف طريقة عمل الذاكرة والأسلوب التي تترابط به الذكريات وإيمانه بأن الإنسان ليس إلا حصيلة لماضيه.
قدم رينيه عددا من الأفلام التسجيلية المهمة أبرزها «ليل وضباب» 1956 و «فان جوخ» 1948 وفي أفلامه الروائية منذ فيلمه الأول «هيروشيما حبيبتي» 1959 السنة الأخيرة في «ماريانباد» 1961 «مورييل» 1963 «الحرب انتهت» 1977.. الخ.
يبدو الإصرار على الماضي وكأنه في الأغلب محو مقصود للإحساس بالحاضر الفعلي عند شخصياته كما أن اعتماده على كتاب ذوي مسحة «أدبية» أمثال دوران وغرييه وديفيد ميرسيه، أضفى على أعماله شيئا من البرود ليس بالضرورة كالتعالي الفكري المفرط.
في «ليل وضباب» يواجه الجمهور في معسكرات الاعتقال الرعب. وفي هذا الفيلم التسجيلي أصر رينيه على تجنب إثارة أي تعبير حي أو درامي للفزع معتمدا في بناء الفيلم على تراكم الوقائع التي تبرز عن الصور وتبع هذا بوجدان العاطفة والاعتماد على التأثير التراكمي الناتج عن العرض الموضوعي للفزع.
فيلمه التالي «هيروشيما حبيبتي» أعطاه مزيدا من الأهمية كسينمائي بارز، وهو أنشودة شاعرية حزينة ليهروشيما وعشوائية ودمار الحرب الذرية التي احتدمت، والفيلم يتابع 24 ساعة من حياة ممثلة فرنسية متزوجة كانت تعمل في هيروشيما فوقعت في حب شاب ياباني.
هذه التجربة أحيت ذكرى تجربة سابقة لها إبان شبابها عندما أحبت جنديا ألمانيا أثناء الاحتلال النازي لفرنسا حيث قتل ذلك الجندي أمام عينيها عند تحرير باريس من الألمان ومن ثم عوقبت بحلق شعرها الأمر الذي دفعها إلى الانزواء.
ثم في فيلمه «مورييل» الذي تطرق فيه للاحتلال وهو من أجرأ الأفلام التي ناقشت المفاهيم الفرنسية تجاه الاستعمار وجرائم الحروب بل هو من أوائل الأفلام التي دعت لضرورة التفكير من جديد ومناقشة الماضي من اجل وعي اكبر بالحاضر.
عام 1965 قدم رينيه فيلمه «انتهت الحرب» عن رواية الكاتب الأسباني جورج سمبرون ويحكي الفيلم مأساة سياسي تعب بعد 25 عاما من النضال السري من اجل إعادة الحكم الديمقراطي إلى أسبانيا لذا فهو يحاول أن يعيش حربه الخاصة دون أن يعلم أنها انتهت وان الشباب هم الذين يقودون هذه الحرب الآن. ويحاول تبعا لذلك أن يتخلص من أعباء ماضيه بالانغماس في تجاربه الخاصة وذكرياته العاطفية.
تعاون رينيه مع الروائي والسينمائي آلان روب غرييه في فيلمه «السنة الماضية في ماريانباد» فأنجز عملا متماسكا للغاية، في حين أن كلا منهما قد تصور العمل بطريقة مختلفة، بل ومتعارضة تقريبا، وأثبتت كلا المؤلفين ربما عبر هذا العمل، حقيقة تعاون أصيل، حيث أن العمل لم يكن منظورا إليه وحسب، بل منجزا، تبعا لسيرورات إبداعية تعانقت معا بنجاح متجدد ولكنه متفرد في كل مرة.
ويرى جيل دولوز في كتابه «الصورة ـ الزمن» أن الفارق بين رينيه وروب غرييه هي في مستوى الزمن، الفارق هو في طبيعة الصورة ـ الزمن فهي تشكيلية في حالة، ومعمارية في الحالة الأخرى، فرينيه تصور فيلم «السنة الماضية في ماريانباد» على منوال سائر أفلامه، على شكل طبقات أو مناطق ماض، بينما رأى غرييه الزمن على شكل أطراف أو حاضر.
فإذا ما أمكن تقاسم الفيلم بين المؤلفين المخرجين، لبدا لنا بأن الرجل اقرب إلى رينيه، والمرأة اقرب إلى روب غرييه، فالرجل في الواقع، يحاول أن يغلف المرأة بطبقات متصلة حيث الحاضر فيها ليس سوى الأشد ضيقا، في حين أن المرأة، مرتابة حينا، متصلبة حينا، مقتنعة تقريبا حينا، تقفز من كتلة ماض إلى كتلة أخرى ولا تتوقف عن اجتياز هوة بين طرفي حاضر، بين حاضرين متزامنين، ومهما يكن من أمر، فإن المؤلفين لا يعودان داخل ميدان الواقعي والمتخيل، وإنما داخل الزمن، داخل ميدان أشد رهبة من الحقيقة والمزيف، من المؤكد، أن الواقعي والمتخيل يواصلان دورتهما، ولكن فقط على أنها القاعدة لشكل أعلى، لم يعد ذلك فقط «الصيرورة اللا متميزة» لصور متميزة، أنها خيارات يتعذر الحسم فيها بين دوائر الماضي، فروق مبهمة بين أطراف الحاضر، مع رينيه وروب غرييه، حدث تفاهم قوي بقدر ما هو قائم على تصورين متعارضين للزمن، كان أحدهما متصادماً مع الآخر، فالتعايش بين طبقات ماض كامن، والتزامن بين السنة حاضر تعطل تحوله، هما العلامتان المباشرتان للزمن بشخصه.
ثم يقدم «رينيه فيلمه «احبك.. احبك» عن الذاكرة والحب والموت، ويتوقف عن الإخراج لمدة ست سنوات ليقدم بعدها فيلمه «ستافيسكي» عن الأزمة الاقتصادية الشهيرة في فرنسا إبان الثلاثينيات وأسبابها والتي لعب الدور الكبير في وقوعها الأفاق الشهير ستافيسكي والذي كان يمكن للحقائق التي معه أن تفضح الكثير من الأمور وتقلب كافة الموازين السياسية والاقتصادية والأخلاقية للمجتمع.
بعدها اخرج رينيه فيلمه «العناية الإلهية» الذي يروي قصة الأيام الأخيرة من حياة روائي عجوز يصدر من خلال رؤاه الكابوسية التي يستمد منها مادة روايته الأخيرة أحكامه على مجتمعه الأرستقراطي وأفراد عائلته بما فيهم ابنه.
في عام 1981 يقدم رينيه فيلمه المميز «عمي الأمريكي» في الفيلم ثلاث حيوات وثلاثة طموحات».
جان ورينيه وجانيت: رجلان وامرأة ينتمون إلى ثلاثة أجيال مختلفة وثلاث بيئات مختلفة، ولدوا في ثلاث بقع مختلفة في فرنسا، بقع مختلفة في أسلوب التفكير ونمط السلوك ودرجة التطور الاقتصادي والموقع الجغرافي، كان من الممكن لحياة كل منهم أن تمضي في طريق مواز لحياة الآخر، طرق متوازية لا تلتقي أبدا، ولكنهم يجدون أنفسهم، ذات يوم، وجها لوجه قدر لهذه الشخصيات الثلاث أن تلتقي، وجها لوجه، في معمل عالم الأحياء الفرنسي الأشهر هنري لا بوريه وعلى شريط السينما في فيلم «عمي الأمريكي» لرينيه.
«قرأت كتب هنري لا بوريه عن السلوك ثم راودتني فكرة ما لبثت أن ذهبت إلى منتج لأحدثه عنها، إن الأفلام والمسرحيات تخلق عادة عن رغبة في تطوير فكرة ونظرية من خلال شخصيات أو حكاية ما، وتساءلت: ألن يكون من المثير أن افعل العكس تماما؟ اعني أن أضع حاجزا فاصلا بين الفكرة والرواية بما يسمح لكل منهما أن توجد وحسب، كما لو كان المرء يلعب بالمرايا أو ينسج خيوطا مختلفة في سجادة.
وما دمت قد التقيت بفكر أصيل ومثير للاهتمام، أفلن يكون ممتعاً أن اجمع في نسق واحد بين تأملات عالم أحياء ذي خبرة خاصة في السلوك البشري وبين صفحات من حياة أو أكثر لأناس عاديين؟ ولنتأمل أي نوع من التفاعل يمكن أن يتحقق بينها.
وهذا ما فعله آلان رينيه في فيلمه «عمي الأمريكي».
ويقدم آلان رينيه في فيلمه «الحب حتى الموت» تأملا ميتافيزيقيا حول الحب والموت أو الحب في الموت أو إذا شئنا الموت في الحب، وصاغ الفيلم في شكل جمل سينمائية تتكسر، دائما، بلقطة ترمي بالمشاهد في سواد أخروي يوحي بالانمحاء والموت.
في الفيلم: رجل وامرأة يعيشان في منزل وسط الغابة، يجمعهما حب عجيب ونادر فالرجل يعاني من عقدة نفسية تولدت فيه نتيجة تجربة سابقة لم يستطع الكشف عن غموضها ولا التحرر منها. ولم يتمكن الطب من تشخيص الأسباب العضوية لمرضه، بل وصل الأمر بأحد الأطباء أثناء أزمته العصابية، إلى إصدار الحكم بموته ونهايته «الموت السريري».
لكن «سيمون» الذي قام بدوره بيراردين لا يلبث أن ينتصب واقفاً وكأن الأمر عادي ولم يجتز الأزمة ولم يتقطع ألما لدرجة يشعر فيها المرء أن «سيمون» أصبح يعيش حياة مزدوجة واحدة يشترك فيها مع «اليزابيث» حبيبته بشكل أساسي ومع «جوديت» و «جيروم» باعتبارهما يمثلان زوجا مختلفا والذي تربطه بهما علاقات صداقة سابقة، وحياته الثانية هي، في الواقع، حياة داخل هاجس الموت، هذان الحضوران من الحياة يتمازجان بقوة سواء في طبيعة عمله باعتباره باحثا في الحفريات الأثرية، أو من خلال تأمله القاسي في الموت واختياره الغريب للأسود والسواد والتجوال في الغابة ليلا «اليزابيث» انخرطت معه في هذه الحياة المركبة وحين أحبته جعلت منه رجل حياتها وموتها في الآن نفسه، لذلك تجدها ترتعب، أيما ارتعاب، حين تحكمه الأزمة النفسية، بل إنها أصبحت مسكونة، هي بدورها، بالموت من خلال خوفها من فراقه لها، أنها وصلت معه إلى أقصى درجات العشق، وبالمقابل عرفت معه معاناة لا مثيل لها.
إن آلان رينيه في هذا الفيلم طرح موضوعات الحب والتواصل والزواج والحياة والانتحار والجنس والخوف من الفراق.
ويذهب في الفيلم من الموت السريري الذي ينبعث منه البطل إلى الموت النهائي الذي يسقط فيه «جدول قليل العمق» يفصل بين الموت الأول والموت الثاني، من موت إلى آخر فإن الداخل المطلق والخارج المطلق هما اللذان يتصلان ببعضهما، داخل، أعمق من كافة طبقات الماضي، وخارج، أكثر بعداً من كافة طبقات الواقع الخارجية.
فيلم رينيه الأحدث " ليس على الفم " انتاج 2003 وهو ميوزيكال سينمائي ممتع مستل من منصة وفضاء المسرح من تمثيل سابين آزيما , أودريتوتو , بيير آرديتي , لامبير ويلسون , وايزابيل نانتي . .. بعد زواجها من في الولايات المتحدة من المدعو ايريك تومسون , تعود جيلبيرت الى باريس وتتزوج من جورج فالندري وهو ثري يعمل في التعدين . ولكن يتم اخفاء خبر الزواج الذي لم يسجل في القنصلية الفرنسية بأمريكا ,بعناية عن هذا الزوج المؤمن بالسعادة الزوجية انطلاقا من كونه الزوج والرجل الاول لامرأته وحدها ارليت بوماياك اخت جيلبريت التي ماتزال عازبة تعرف السر . ولكن بمحض الصدفة يدخل الزوج الاول بعلاقة عمل مع الزوج الثاني القادم من امريكا ويتخذه صديقا . الزوج الاول ايريك يرغب ان تعود له جيلبريت وتتطور الاحداث مع وجود شخصيات اخرى تمنح العمل الغنائي نكهة كوميدية خفيفة لتنتهي الاحداث بزواج تومسون من الاخت العزباء
صاغ آلان رينيه الفيلم في شكل جمل سينمائية تجمع الغناء بالموسيقا بالفضاء المسرحي . ليقدم عملا ممتعا من سينمائي متمرس
بعض النقاد يصف إسهامات رينيه السينمائية بأنها الأكثر أهمية من بين الإسهامات المعاصرة، حيث انه تمكن بفضل جلاء الرؤية لديه أن يقدم لزماننا ببعض مبادئ علم الدلالات والرموز وعلم جمال السينما وتطويرا للغوياتها الخاصة.
وآلان رينيه العصامي الذي تعلم السينما بنفسه وانطلاقا من تذوقه وخبراته الخاصة واعتمادا على تجربته في هذا الحقل ومصادره المتعددة والتي أدت به إلى اكتشاف طريقة عمل الذاكرة والأسلوب التي تترابط به الذكريات وإيمانه بأن الإنسان ليس إلا حصيلة لماضيه.
قدم رينيه عددا من الأفلام التسجيلية المهمة أبرزها «ليل وضباب» 1956 و «فان جوخ» 1948 وفي أفلامه الروائية منذ فيلمه الأول «هيروشيما حبيبتي» 1959 السنة الأخيرة في «ماريانباد» 1961 «مورييل» 1963 «الحرب انتهت» 1977.. الخ.
يبدو الإصرار على الماضي وكأنه في الأغلب محو مقصود للإحساس بالحاضر الفعلي عند شخصياته كما أن اعتماده على كتاب ذوي مسحة «أدبية» أمثال دوران وغرييه وديفيد ميرسيه، أضفى على أعماله شيئا من البرود ليس بالضرورة كالتعالي الفكري المفرط.
في «ليل وضباب» يواجه الجمهور في معسكرات الاعتقال الرعب. وفي هذا الفيلم التسجيلي أصر رينيه على تجنب إثارة أي تعبير حي أو درامي للفزع معتمدا في بناء الفيلم على تراكم الوقائع التي تبرز عن الصور وتبع هذا بوجدان العاطفة والاعتماد على التأثير التراكمي الناتج عن العرض الموضوعي للفزع.
فيلمه التالي «هيروشيما حبيبتي» أعطاه مزيدا من الأهمية كسينمائي بارز، وهو أنشودة شاعرية حزينة ليهروشيما وعشوائية ودمار الحرب الذرية التي احتدمت، والفيلم يتابع 24 ساعة من حياة ممثلة فرنسية متزوجة كانت تعمل في هيروشيما فوقعت في حب شاب ياباني.
هذه التجربة أحيت ذكرى تجربة سابقة لها إبان شبابها عندما أحبت جنديا ألمانيا أثناء الاحتلال النازي لفرنسا حيث قتل ذلك الجندي أمام عينيها عند تحرير باريس من الألمان ومن ثم عوقبت بحلق شعرها الأمر الذي دفعها إلى الانزواء.
ثم في فيلمه «مورييل» الذي تطرق فيه للاحتلال وهو من أجرأ الأفلام التي ناقشت المفاهيم الفرنسية تجاه الاستعمار وجرائم الحروب بل هو من أوائل الأفلام التي دعت لضرورة التفكير من جديد ومناقشة الماضي من اجل وعي اكبر بالحاضر.
عام 1965 قدم رينيه فيلمه «انتهت الحرب» عن رواية الكاتب الأسباني جورج سمبرون ويحكي الفيلم مأساة سياسي تعب بعد 25 عاما من النضال السري من اجل إعادة الحكم الديمقراطي إلى أسبانيا لذا فهو يحاول أن يعيش حربه الخاصة دون أن يعلم أنها انتهت وان الشباب هم الذين يقودون هذه الحرب الآن. ويحاول تبعا لذلك أن يتخلص من أعباء ماضيه بالانغماس في تجاربه الخاصة وذكرياته العاطفية.
تعاون رينيه مع الروائي والسينمائي آلان روب غرييه في فيلمه «السنة الماضية في ماريانباد» فأنجز عملا متماسكا للغاية، في حين أن كلا منهما قد تصور العمل بطريقة مختلفة، بل ومتعارضة تقريبا، وأثبتت كلا المؤلفين ربما عبر هذا العمل، حقيقة تعاون أصيل، حيث أن العمل لم يكن منظورا إليه وحسب، بل منجزا، تبعا لسيرورات إبداعية تعانقت معا بنجاح متجدد ولكنه متفرد في كل مرة.
ويرى جيل دولوز في كتابه «الصورة ـ الزمن» أن الفارق بين رينيه وروب غرييه هي في مستوى الزمن، الفارق هو في طبيعة الصورة ـ الزمن فهي تشكيلية في حالة، ومعمارية في الحالة الأخرى، فرينيه تصور فيلم «السنة الماضية في ماريانباد» على منوال سائر أفلامه، على شكل طبقات أو مناطق ماض، بينما رأى غرييه الزمن على شكل أطراف أو حاضر.
فإذا ما أمكن تقاسم الفيلم بين المؤلفين المخرجين، لبدا لنا بأن الرجل اقرب إلى رينيه، والمرأة اقرب إلى روب غرييه، فالرجل في الواقع، يحاول أن يغلف المرأة بطبقات متصلة حيث الحاضر فيها ليس سوى الأشد ضيقا، في حين أن المرأة، مرتابة حينا، متصلبة حينا، مقتنعة تقريبا حينا، تقفز من كتلة ماض إلى كتلة أخرى ولا تتوقف عن اجتياز هوة بين طرفي حاضر، بين حاضرين متزامنين، ومهما يكن من أمر، فإن المؤلفين لا يعودان داخل ميدان الواقعي والمتخيل، وإنما داخل الزمن، داخل ميدان أشد رهبة من الحقيقة والمزيف، من المؤكد، أن الواقعي والمتخيل يواصلان دورتهما، ولكن فقط على أنها القاعدة لشكل أعلى، لم يعد ذلك فقط «الصيرورة اللا متميزة» لصور متميزة، أنها خيارات يتعذر الحسم فيها بين دوائر الماضي، فروق مبهمة بين أطراف الحاضر، مع رينيه وروب غرييه، حدث تفاهم قوي بقدر ما هو قائم على تصورين متعارضين للزمن، كان أحدهما متصادماً مع الآخر، فالتعايش بين طبقات ماض كامن، والتزامن بين السنة حاضر تعطل تحوله، هما العلامتان المباشرتان للزمن بشخصه.
ثم يقدم «رينيه فيلمه «احبك.. احبك» عن الذاكرة والحب والموت، ويتوقف عن الإخراج لمدة ست سنوات ليقدم بعدها فيلمه «ستافيسكي» عن الأزمة الاقتصادية الشهيرة في فرنسا إبان الثلاثينيات وأسبابها والتي لعب الدور الكبير في وقوعها الأفاق الشهير ستافيسكي والذي كان يمكن للحقائق التي معه أن تفضح الكثير من الأمور وتقلب كافة الموازين السياسية والاقتصادية والأخلاقية للمجتمع.
بعدها اخرج رينيه فيلمه «العناية الإلهية» الذي يروي قصة الأيام الأخيرة من حياة روائي عجوز يصدر من خلال رؤاه الكابوسية التي يستمد منها مادة روايته الأخيرة أحكامه على مجتمعه الأرستقراطي وأفراد عائلته بما فيهم ابنه.
في عام 1981 يقدم رينيه فيلمه المميز «عمي الأمريكي» في الفيلم ثلاث حيوات وثلاثة طموحات».
جان ورينيه وجانيت: رجلان وامرأة ينتمون إلى ثلاثة أجيال مختلفة وثلاث بيئات مختلفة، ولدوا في ثلاث بقع مختلفة في فرنسا، بقع مختلفة في أسلوب التفكير ونمط السلوك ودرجة التطور الاقتصادي والموقع الجغرافي، كان من الممكن لحياة كل منهم أن تمضي في طريق مواز لحياة الآخر، طرق متوازية لا تلتقي أبدا، ولكنهم يجدون أنفسهم، ذات يوم، وجها لوجه قدر لهذه الشخصيات الثلاث أن تلتقي، وجها لوجه، في معمل عالم الأحياء الفرنسي الأشهر هنري لا بوريه وعلى شريط السينما في فيلم «عمي الأمريكي» لرينيه.
«قرأت كتب هنري لا بوريه عن السلوك ثم راودتني فكرة ما لبثت أن ذهبت إلى منتج لأحدثه عنها، إن الأفلام والمسرحيات تخلق عادة عن رغبة في تطوير فكرة ونظرية من خلال شخصيات أو حكاية ما، وتساءلت: ألن يكون من المثير أن افعل العكس تماما؟ اعني أن أضع حاجزا فاصلا بين الفكرة والرواية بما يسمح لكل منهما أن توجد وحسب، كما لو كان المرء يلعب بالمرايا أو ينسج خيوطا مختلفة في سجادة.
وما دمت قد التقيت بفكر أصيل ومثير للاهتمام، أفلن يكون ممتعاً أن اجمع في نسق واحد بين تأملات عالم أحياء ذي خبرة خاصة في السلوك البشري وبين صفحات من حياة أو أكثر لأناس عاديين؟ ولنتأمل أي نوع من التفاعل يمكن أن يتحقق بينها.
وهذا ما فعله آلان رينيه في فيلمه «عمي الأمريكي».
ويقدم آلان رينيه في فيلمه «الحب حتى الموت» تأملا ميتافيزيقيا حول الحب والموت أو الحب في الموت أو إذا شئنا الموت في الحب، وصاغ الفيلم في شكل جمل سينمائية تتكسر، دائما، بلقطة ترمي بالمشاهد في سواد أخروي يوحي بالانمحاء والموت.
في الفيلم: رجل وامرأة يعيشان في منزل وسط الغابة، يجمعهما حب عجيب ونادر فالرجل يعاني من عقدة نفسية تولدت فيه نتيجة تجربة سابقة لم يستطع الكشف عن غموضها ولا التحرر منها. ولم يتمكن الطب من تشخيص الأسباب العضوية لمرضه، بل وصل الأمر بأحد الأطباء أثناء أزمته العصابية، إلى إصدار الحكم بموته ونهايته «الموت السريري».
لكن «سيمون» الذي قام بدوره بيراردين لا يلبث أن ينتصب واقفاً وكأن الأمر عادي ولم يجتز الأزمة ولم يتقطع ألما لدرجة يشعر فيها المرء أن «سيمون» أصبح يعيش حياة مزدوجة واحدة يشترك فيها مع «اليزابيث» حبيبته بشكل أساسي ومع «جوديت» و «جيروم» باعتبارهما يمثلان زوجا مختلفا والذي تربطه بهما علاقات صداقة سابقة، وحياته الثانية هي، في الواقع، حياة داخل هاجس الموت، هذان الحضوران من الحياة يتمازجان بقوة سواء في طبيعة عمله باعتباره باحثا في الحفريات الأثرية، أو من خلال تأمله القاسي في الموت واختياره الغريب للأسود والسواد والتجوال في الغابة ليلا «اليزابيث» انخرطت معه في هذه الحياة المركبة وحين أحبته جعلت منه رجل حياتها وموتها في الآن نفسه، لذلك تجدها ترتعب، أيما ارتعاب، حين تحكمه الأزمة النفسية، بل إنها أصبحت مسكونة، هي بدورها، بالموت من خلال خوفها من فراقه لها، أنها وصلت معه إلى أقصى درجات العشق، وبالمقابل عرفت معه معاناة لا مثيل لها.
إن آلان رينيه في هذا الفيلم طرح موضوعات الحب والتواصل والزواج والحياة والانتحار والجنس والخوف من الفراق.
ويذهب في الفيلم من الموت السريري الذي ينبعث منه البطل إلى الموت النهائي الذي يسقط فيه «جدول قليل العمق» يفصل بين الموت الأول والموت الثاني، من موت إلى آخر فإن الداخل المطلق والخارج المطلق هما اللذان يتصلان ببعضهما، داخل، أعمق من كافة طبقات الماضي، وخارج، أكثر بعداً من كافة طبقات الواقع الخارجية.
فيلم رينيه الأحدث " ليس على الفم " انتاج 2003 وهو ميوزيكال سينمائي ممتع مستل من منصة وفضاء المسرح من تمثيل سابين آزيما , أودريتوتو , بيير آرديتي , لامبير ويلسون , وايزابيل نانتي . .. بعد زواجها من في الولايات المتحدة من المدعو ايريك تومسون , تعود جيلبيرت الى باريس وتتزوج من جورج فالندري وهو ثري يعمل في التعدين . ولكن يتم اخفاء خبر الزواج الذي لم يسجل في القنصلية الفرنسية بأمريكا ,بعناية عن هذا الزوج المؤمن بالسعادة الزوجية انطلاقا من كونه الزوج والرجل الاول لامرأته وحدها ارليت بوماياك اخت جيلبريت التي ماتزال عازبة تعرف السر . ولكن بمحض الصدفة يدخل الزوج الاول بعلاقة عمل مع الزوج الثاني القادم من امريكا ويتخذه صديقا . الزوج الاول ايريك يرغب ان تعود له جيلبريت وتتطور الاحداث مع وجود شخصيات اخرى تمنح العمل الغنائي نكهة كوميدية خفيفة لتنتهي الاحداث بزواج تومسون من الاخت العزباء
صاغ آلان رينيه الفيلم في شكل جمل سينمائية تجمع الغناء بالموسيقا بالفضاء المسرحي . ليقدم عملا ممتعا من سينمائي متمرس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق