مع الحضور اللافت للفنانين العرب في السينما المصرية ، وتحقيق غالبيتهم نجاحاً جماهيرياً كبيراً، شهدت هذه السينما مشاركة نجوم تمثيل جزائريين وقيام البعض بالبطولة المطلقة او بأدوار رئيسية لعدد من الافلام التي شاركوا فيها بحضورهم اللافت والمتميز، نتوقف هنا عند ثلاثة تجارب فنية تركت بصمة لافتة .
فوزى وولديه إحسان و فؤاد الجزايرلى
عائلة رائدة في الفن السينمائى
فوزى الجزايرلى ، فنان من اصول جزائرية، من جيل الرواد في السينما المصرية ولد في 21 يوليو 1886 م في الاسكندريه وبدأ حياته بالفرقه المسرحية الجزائريه حيث برع في تجسيد شخصية بحبح الكوميدية، كون فرقة مسرحية بالقاهرة فى 1917 مع أبنته إحسان الجزايرلي وابنه فؤاد الجزايرلي وقامت الفرقة بتمثيل فيلم سينمائى باسم مدام لوريتا عام 1919 واستمرت الفرقة في تقديم اعمالها المسرحية في مقهى قريب من مسجد البوصيري وابو العباس في حى الانفوشى وكان الجزايرلى يستعين بالمطربه فاطمة قدري. كان الموسيقار عبدالوهاب يهرب من الكتاب الملحق بجامع سيدى الشعرانى بباب الشعرية، الذى ألحقه به أبوه, لتعلقه بالغناء ويقتفى أثر حفلات كبار شيوخ الغناء فى الموالد والأفراح أمثال الشيخ سلامة حجازي وعبدالحى حلمى وصالح عبد الحى، وبعد ذلك قابل عبدالوهاب الفنان فوزى الجزايرلى الذى وافق على عمله معه كمطرب يغنى بين فصول المسرحيات التى تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة، فكان هذا هو الاكتشاف الأول لعبد الوهاب على يد الجزايرلى، وفى 1939 كان للجزايرلى الفضل فى اكتشاف إسماعيل ياسين سينمائيا عندما اختاره ليشترك فى فيلم «خلف الحبايب» فكان أول ظهور سينمائي لإسماعيل ياسين الذى قام بدور ثان بعد ذلك فى فيلمى «على بابا والأربعين حرامي» و «نور الدين والبحارة الثلاثة» ليبدأ انطلاقته السينمائية, و من أهم اعماله السينمائية: القرش الأبيض (1945) الستات في خطر ( 1942) بحبح في بغداد (1942) الفرسان الثلاثة (1941) الباشمقاول (1940) خلف الحبايب (1939) ليلة في العمر (1937) مبروك (1937) أبو ظريفة (1936) الدكتور فرحات (1935) المعلم بحبح (1935) المندوبان (1934 ) في بلاد توت عنخ آمون (1923) مدام لوريتا (1919). كما واصل الجزايرلى اكتشافه للكثيرين بعد ذلك، إلى أن توفى فى 23 فبراير 1974 م عن عمر يناهز ال 88 وحيدا دون أن يشعر به أحد أو يكرمه أحد
فيما اشتهرت ابنته “إحسان الجزايرلي” (25 جوان 1905-28 سبتمبر 1943) من خلال الأدوار الكوميدية، كانت بدايتها عام 1934 على خشبة المسرح حيث قدمها والدها كفنانة واعدة تسطع في سماء فاطمة رشدي وبهيجة حافظ وعزيزة أمير فهما كانوا قدوه لكل فنان مبتدئ في تلك الفترة، عملت مع والدها كثنائي كوميدي في السينما المصرية جسدا فيه شخصية الزوج بحبح والزوجة أم أحمد. عملا مع المخرج توجو مزراحى بكثرة فى تلك السنوات. كما عملا في مسرح الثلاثينيات الذى أسسه أبوها, تشاركا في 15 عملا سينمائيا من أبرزها فيلم لو كنت غني, والفرسان الثلاثة, ومصنع الزوجات. هي حالة فريدة في السينما الكوميدية, فهي تقوم بدور الزوجة أمام بحبح الذى هو أبوها فى الواقع، مما يعنى أن جسمها قد أضفى عليها سنا أكبر، خفة ظل، وبساطة كأنها لا تقوم بالتمثيل. توفيت بعام 1943 ما دفع والدها لاعتزال الفن عقب وفاتها المبكرة. اما الابن “فؤاد الجزايرلى” (1910 1979) ، المؤلف و الممثل و المخرج و كاتب السيناريوهات, فقد ولد على خشبة المسرح فى احد مدن الصعيد فى 27 ابريل علم 1910 .. كان له نشاط سياسي واضح, اعتقل فى ثورة 19. انضم لحزب مصر الفتاه واعتقل عام 1940 ثم اعتقل للمرة الثانيه عام 1946 ثلاثون شهرا. تزوج فى عام 1940 من ببا عز الدين ثم من هدى سلطان ثم من كاميليا زيجات قصيره ثم تزوج من خارج الوسط الفنى .كبير مخرجين فى اتحاد الإذاعة والتلفزيون. اخرج مسرحيات لفرقة على الكسار ولفرقة ملك. اعتزل التمثيل ولجأ للإخراج والتأليف السينمائي ليخرج 14 فيلم عمل فيها مع على الكسار و يوسف وهبى و نجيب الريحانى. وكان اول اخراج سينمائى له فيلم “خلف الحبايب” عام 1935 ثم معروف الإسكافي ثم “الشاطر حسن” وتضمن فيلم “جحا والسبع بنات” اول مشهد ملون فى السينما المصريه (مشهد استعراضى) من بطولة زوجته آنذاك ببا عزالدين
وردة الجزائرية
الفنانة وردة ، كانت بدايتها الفنية الغناء في الفندق الذي يمتلكه والدها في باريس حتى رشحها المخرج الكبير حلمي رفلة، لبطولة فيلم “ألمظ وعبده الحامولي” عام 1962. جسدت خلال أحداث الفيلم شخصية “ألمظ” أمام الفنان عادل مأمون، الذي جسد شخصية “عبده الحامولي” وكان الفيلم من بطولة “شكري سرحان، نادية الجندي، حسن فايق وتوفيق الدقن، من تأليف الكاتب عبدالحميد جودة السحار. وفي العام التالي 1963 قدمت وردة الجزائرية في السينما فيلم “أميرة العرب” أمام رشدي أباظة وفؤاد المهندس ومحمد عوض ومن تأليف وإخراج نيازي مصطفى، وسرد الفيلم حكاية الأمير محبوب وصديقه يزيد وهما يبحثان في البلاد عن عروس لخاله لها علامة مميزة. يصلان إلى وردستان، وينقذان امرأة يتقاتل عليها اللصوص ولم تكن سوى الأميرة شالية التي جسدت شخصيتها وردة وتستمر الأحداث. وفي عام 1974 تقدم وردة الجزائرية أنجح تجاربها السينمائية بفيلم “حكايتي مع الزمان” مع المخرج الكبير حسن الإمام، وشارك في بطولة الفيلم كل من “رشدي أباظة، يوسف وهبي، سمير صبري، لبلبة” ويعتبر هذا الفيلم بمثابة نضوج لموهبة وردة التمثيلية. بهذا الوقت بدأت الفنانة وردة شاركت في عدد من الأعمال الدرامية التليفزيونية والمسرحيات لتعود مرة أخرى للسينما في عام 1977، بفيلم “أه يا ليل يا زمن” للكاتب الروائي إحسان عبد القدوس، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا. الفيلم من بطولة “رشدي أباظة، عادل أدهم، يوسف شعبان، سميرغانم ويحيي الفخراني في بداية مسيرته الفنية”. كان “ليه يا دنيا” آخر الأفلام السينمائية التي قدمتها الفنانة وردة في عام 1994 أمام كل من محمود ياسين، صلاح السعدني، صابرين ، من تأليف وإخراج هاني لاشين.
سيد علي كويرات :
فيلم “عودة الابن الضال” من إنتاج 1976 للمخرج يوسف شاهين، صور بالجزائر.حيث مثل الفنان سيد علي كويرات رفقة الفنان الكبير محمود المليجي والمغنية ماجدة الرومي “كان عمرها 14 سنة آنذاك”.، وقد لعب شخصية حسونة، ولهذا الدور قصة طريفة، فالسيناريو كان يقول إن شخصية حسونة شخصية عامل مصري وليس من المغرب العربي كما ظهر في الفيلم، ووكلت إلى الممثل المصري محمود الجندي مهمة تعليم كويرات اللهجة المصرية، لكن الجندي فشل فشلاً ذريعاً وعلق على هذا ضاحكاً: أنا كنت اللي هنسى اللهجة المصرية لو كملت معاه. وتم تعديل السيناريو وظهر لنا الفيلم كما نراه. يعتبر الفيلم الذي كتبه صلاح جاهين ويوسف شاهين ذا طابع ملحمي حيث أفضى فيه صلاح جاهين كل مشاعره حيال الثورة وهزيمة 1967 وانتصار 1973. تدور أحداث الفيلم حول علي الذي ترك عائلته وذهب يحقق أحلامه في مصر ولكنه وقع فريسة في يد من يستغل أحلامه في مشاريع وهمية فيدخل السجن، وعندما يخرج منه يجد أخاه (طلبة) قد أخذ في يده موازين السلطة ويتحكم في عمال المصنع. و لكن عليًا بعد مروره بهذه التجربة المريرة لا يستطيع تقديم العون لعمال المصنع برغم اعتمادهم عليه ووعوده لهم. الفيلم يمثل لحرب 1967 على أنها ناتجة عن استغلال رجال الرئيس ومن حوله لأحلامه مما جعلها تنتهي بالهزيمة. كما وضح الفيلم في النهاية أن على الشباب نسيان ما حدث والاستمرار في الحلم وتحقيق هذه الأحلام داخل بلادهم
كما قام الراحل ببطولة فيلم “الأقدار الدامية” لخيري بشارة سنة 1980. وهو إنتاج مشترك مع الجزائر. ولم يحظ هذا الفيلم بأية فرصة للعرض داخل مصر لأسباب عديدة. وحاول خيري بشارة في فيلمه الأول أن يصور وضع مصر عشية حرب ،1948 وذلك من خلال تعرضه للتناقض القائم بين طبقتين إجتماعيتين: الطبقة البورجوازية الحاكمة والمالكة وبين الطبقة العاملة والفلاحين. وقامت نادية لطفي بالبطولة مع أحمد محرز ويحيى شاهين وأحمد زكي. وقد مزج خيري بشارة في هذا الفيلم (الجانب التسجيلي) من خلال متابعته لحرب فلسطين (بالجانب الروائي) من خلال تصويره للوسط البورجوازي الجامد، وتشويه صورته بشكل مبالغ فيه ومقصود، على عكس تصويره لحياة الريف والفلاحين الذي تميز بواقعية شديدة بالغة الدقة.
محمد عبيدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق