محمد عبيدو
” من اخواننا الجرحى ” هو عنوان الفيلم الروائي الطويل الذي تناول مسار المناضل بالحزب الشيوعي الجزائري المناهض للاستعمار فرناند ايفتون الذي أعدم بالمقصلة سنة 1957 بالجزائر العاصمة ” العمل عرض بدور السينما الفرنسية و تناوله الاعلام الفرنسي باهتمام كبير .
يعد العمل اقتباسا للرواية «عن إخواننا الجرحى» للكاتب الفرنسي جوزيف اندراس الصادر سنة 2016 الذي يتطرق إلى السنوات الأخيرة لحياة فرنان ايفتون ولقائه مع زوجته هيلين ومحاكمته أمام محكمة عسكرية. من عمل روائي الي مسرحية الي فيلم سينمائي هكذا ألهمت قصة ” فرناند ايفتون” المبدعين .. يحكي الفيلم وهو انتاج جزائري فرنسي سيرة المناضل الذي وقف إلى جانب الثورة التحريرية بينما اعتبر في بلده فرنسا خائنا
يعود المخرج ايلي سيسترن بعد تسع سنوات من آخر فيلم روائي طويل له، بهذا الفيلم المستوحى من أحداث حقيقية تأخذنا الي حي سالومبي بالجزائر العاصمة سنة 1956 .هنا ولد فرناند ايفتون من اب فرنسي و ام اسبانية عام 1954 ، في العاصمة الفرنسية: وقع فرناند الفرنسي ، وهيلين البولندية ، في الحب وقرروا العيش في الجزائر العاصمة ، صاحب الثلاثين عاما، دخل الجيش الفرنسي كملازم ، ساءه وفاة احد أصدقائه الفارين من الجيش وكانت منعرجا كبيرا في خيارات ايفتون و تفكيره ، وكشيوعي يلتزم بمطالب استقلال الجزائريين و ينتسب لجبهة التحرير الوطني في عام 1956 .
عمل المناضل الشيوعي المناهض للاستعمار على زرع قنبلة في مصنع للتسبب في قطع الغاز والاحتجاج على النظام الاستعماري الفرنسي، لم يكن الغرض من هذه القنبلة إيذاء أحد ولم تنفجر ، ومع ذلك اعتقل فرناند، وحوكم و اعدم بشكل تعسفي
تم توقيفه في اليوم ذاته ليتم تعذيبه بشدة في قسم الشرطة المركزي في الجزائر العاصمة. وتمت محاكمته أمام محكمة عسكرية أصدرت حكما بالإعدام في حقه بعد 10 أيام من توقيفه. وبعد رفض طلب نقض الحكم، الذي تقدم به الرئيس الفرنسي رني كوتي تم إعدامه بالمقصلة في تاريخ 11 فبراير 1957 في ساحة سجن باربروس. بالمقصلة
جبهة التحرير والدول الشيوعية ادانت إعدامه ووصفته بالمقيت و يعد الأوروبي الوحيد الذي حكم عليه بالإعدام
المخرج ايلي سيستيرن قال عن محتوى فيلمه: ان “ندوب الحرب الجزائرية لا تزال موجودة حتى اليوم”
الممثل الفرنسي فانسون لاكوست ، يتألق في تجسيد دور فرناند إيفيتون. الممثل بتناوب حالاته .. في الحب ، الالم ، الناشط ، السجين قبل أن يتم إعدامه. تلتقطه كاميرا ايلي سيسترن بإدراك متأخر ، وتتابع انعالاته الداخلية وتطورات وعيه، وعلاقته مع شريكة حياته هيلين التي جسدتها بإقناع الممثلة فيكي كريبس من لوكسمبورغ.
فيلم “من اخواننا الجرحى ” يستدعي وقفة مع افلام تطرقت لنضال لعدد من مناضلي اليسار الفرنسي الذين كانوا جزءا من حركة تحرير الجزائر ..
الفيلم الوثائقي “موريس أودان ، الاختفاء” فرنسا | 2010 | 70 دقيقة للمخرج فرانسوا دميرليسك : الجزائر في يونيو 1957 ، ألقي القبض على موريس أودين ، عالم الرياضيات البالغ من العمر 25 عامًا ، من قبل المظليين الفرنسيين. زوجته ، جوزيت ، وأطفاله الثلاثة ، لن يروه مرة أخرى. هذا الفيلم الوثائقي يتقاطع مع شهادات الأنصار الفرنسيين والجزائريين: الناشطون الجزائريون المستقلون والمحامون والمؤرخون والجنود … بناء على بحث المؤرخ بيار فيدال ناكيه ، يمزج بين الوثائق (أرشيف الأفلام والصحف. والكتب والرسومات …) ومشاهد إعادة التشكيل لتتبع سياق هذا الاختفاء وشجب التعذيب والقتل الممارس في الجزائر. جوزيت أودان هي الشخصية الرئيسية والراعي “الأخلاقي” لهذا الفيلم.
غني بالافادات. من جوزيت أودان ، بيير فيدال ناكيه (تمت مقابلته قبل وفاته بفترة وجيزة) ، أو الصحفي هنري علاق ، الذي تعرض للتعذيب واشترك في الزنزانة مع موريس أودان. في كتابه الشهير “السؤال” ، المكتوب في السجن ، يصف علاق إساءة المعاملة التي تعرض لها خلال فترة سجنه ، وبالتالي يكشف لفرنسا عن التعذيب الذي حدث في الجزائر. المحامون أيضا بيير براون وجولز بوركر ، اللذان ساعدا جوزيت أودين اثناء اعتقال زوجها نيكول دريفوس ، المحامي والسياسي الفرنسي روبرت بادنت ، بدعم من الوثائق والمشاهد القصيرة المعاد تمثيلها. بعد أكثر من خمسين عاماً من التحقيق ، أغلقت العدالة الفرنسية القضية دون إدانة الجناة أو حتى الاعتراف بالتعذيب وقتل عالم الرياضيات الشاب.
كما انتج فيلم وثائقي “هنري علاق رجل المسألة” للصحفي كريستوفر كانشيف. فيلم شهادة حول ممارسة التعذيب صاحب كتاب “المسألة” حول ممارسة التعذيب من طرف الجيش الفرنسي خلال حرب التحرير. الشخصية الاستثنائية هنري علاق الذي كشف للرأي العام الفرنسي و الدولي التعذيب الممارس من طرف الجيش الفرنسي ضد المناضلين الجزائريين.. ويقترح هذا الفيلم الجميل مقتطفات من كتاب “المسألة” و تفكير لمؤرخ حول صمت السلطات الاستعمارية حول ممارسة التعذيب مع شهادة هنري علاق.. و حل هنري سالم المدعو علاق الذي ولد في جويلية 1921 بلندن و توفي في جويلية 2013 إلى الجزائر في افريل 1921 لينضم بعد سنه من ذلك إلى الحزب الشيوعي الجزائري الذي كان عضوا في لجنته المركزية إلى غاية حله سنة 1955.ترأس بعد ذلك يومية “ألجي ريبوبليكان” التابعة للحزي الشيوعي الاشتراكي من فيفري 1951 إلى جولية 1955 تاريخ منعه. تم توقيفه يوم 12 جوان 1957 خلال “معركة الجزائر” بمنزل صديقه موريس أودين الذي تم توقيفه يوما قبل ذلك. عذب من طرف الجيش الفرنسي و حكم عليه سنة 1960 من طرف السلطات الفرنسية بعشر سنوات أشغال شاقة بفرنسا ليفر من السجن سنة من بعد ليلتحق بالعاصمة الجزائرية. أعاد تشكيل يومية “ألجي ريبوبليكان” الذي ترأسها إلى غاية منعها سنة 1965.شغل المرحوم هنري علاق صحفيا بيومية لومانيتي من سنة 1966 إلى سنة 1980.
ويعيد المخرج الجزائري، عكاشة تويتة، ضمن فيلمه “عملية مايو”، إلى الذاكرة بطولة المناضل الفرنسي الشيوعي “هنري مايو”، في الثورة الجزائرية . يقدّم عكاشة تويتة، على مدار ساعة وخمس وأربعين دقيقة، قصة التحاق الجندي الفرنسي هنري مايو (جسّد دوره الممثل الفرنسي مارتان بوتار)، بصفوف الثوار الجزائريين سنة 1956، بعد تمرده عن الجيش الفرنسي، بقيامه بتهريب شاحنة عسكرية فرنسية محملة بالأسلحة والذخائر من الثكنة الفرنسية إلى جبال البليدة، حيث أنشأ الحزب الشيوعي الجزائري، فصيلا مسلحا لمقاومة الاستعمار الفرنسي. يضيء الفيلم مشاركة الحزب الشيوعي الجزائري في دعم الثورة الجزائرية عسكريا وسياسيا، من خلال تعبئة الأهالي في المدن والقرى ليثوروا ضد استغلال الاستعمار الفرنسي لأراضهم و نهبه لخيراتها واستعباده لشعبها، كما يعرّج الفيلم على معاناة والدة هنري مايو بعدما أصبح ابنها الذي لم يتجاوز الـ27 عاما ملاحقا من قبل الجيش الفرنسي، والعميل الجزائري الباشاغا بوعلام، الذي يوقع هنري ورفاقه بين أيدي العسكر الفرنسي، الذي يصدر أمرا بإعدامهم شهر جوان من عام 1956.
يمنح المخرج ضمن سيناريو الفيلم الذي اشترك في كتابته عكاشة تويته ونادية شار، مجموعة المناضلين الشيوعيين التي انضم إليها مايو مساحة زمنية كبيرة، من عمر الفيلم، تأكيدا على ضرورة الاعتراف تاريخيا بدور مختلف الحركات والفصائل السياسية والحزبية في تحرير الجزائر، حيث يقدّم عكاشة تويته نموذج الأفلاني موريس لابون، والشيوعي هنري مايو، حرصا على عدم إسقاط أي من الأطياف السياسية من أوراق ثورة التحرير الوطني التي وحدّت كل الجزائريين على قضية الحرية.
المخرج عبد الكريم بهلول اختار سنوات ما بعد تحرير بلاده، وما حملته من تغيّرات عاصفة، مناخاً لفيلمه “اغتيال الشمس” 2003 وهو مأخوذ عن واقعة حقيقية، جرت احداثها في الجزائر في بداية السبعينيات بطلها هو الشاعر والكاتب الجزائري فرنسي الاصل “جاك سيناك” الذي ولد في الجزائر.. وكان “جاك سيناك” واحداً من رجال المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي. وبعد الاستقلال في سنة 2691 رفض “جاك سيناك” مغادرة الجزائر ، واستقر به المقام بها.. ليقدم برنامجاً اذاعياً متميّزاً عن الشعر والشعراء اسمه “اشعار على كل الجبهات” كان يقرأ فيه رسائل شعرية ترد اليه من انحاء البلاد.. وقد اثر “جاك سيناك” في الحركة الادبية والثقافية والفنية في كل انحاء البلاد، كما كان مثلاً اعلى للشباب وأنموذجاً للمثقف الواعي، وقد جمعت الظروف والصدف بينه وبين “حميد” الفتى ذي التسعة عشر ربيعاً، والذي يهوى كتابة الشعر والمسرحيات.. و”بلقاسم” صديقه الذي كان يهوى التمثيل.. وذلك عندما التقيا به للمرة الاولى في اول مهرجان مسرحي في الجزائر… وقد استبعدت السلطات المسرحية لاسباب سياسية …وان كانت الحجة بأنها ناطقة باللغة الفرنسية.. ولم يخفف من معاناة مجموعة الشبان الصغار سوى انحياز “جان سيناك” لهم… وتتوالى الاحداث باغتيال “جان” بعد ان طُرد من عمله.. واتهام”حميد” بمقتله.. وامام المتغيرات الجديدة في الجزائر يصبح هدف بلقاسم السفر بعيداً والهروب من بلاده. وفي مشهد من اروع واجمل المشاهد السينمائية يستقل “بلقاسم” العبارة مغادراً الجزائر، وهو يقسم الا يعود اليها مرةً اخرى بعد ان ذاق فيها هو وصاحبه الاذى… وان كان الاخير قرر الا يهرب وان يعود الى بلدته الصغيرة بين الجبال والوديان.. بينما “ناتالي” صديقة سيناك الممثلة تنهمر دموعها حزناً على فراق هذا البلد الذي أحبته واختارته وطناً لها.. وان كانت قد ادركت الآن انه يسير على حافة الهاوية، ومسكينة اوطاننا عندما يحاولون اغتيال الشمس فيها.. تعمد بهلول اضفاء طابع شعري لإيقاع فيلمه، ليوصل به المناخ النفسي للفيلم، وبمعونة مصور متميّز اخذنا الى عمق المشكلة دون حواجز، عل الرغم من دراماتيكية، إنه فيلم آخاذ، حتى بمسحته الفرنسية رؤية وتقنية.
وقدم المخرج نور الدين زحزاح فيلماً وثائقياً ، حول المفكر والمناضل فرانز فانون بعنوان “ذاكرة المرستان” 2002 رصد المحطات الفكرية والنضالية للمفكر التحرري العابر للأزمنة، والسياقات التي أدّت به إلى أن يصبح واحداً من المناضلين ضدّ التمييز العنصري، ومنها مساهمته الكبيرة في الثورة الجزائرية. هو أيقونة نضال المتعاطفين الأجانب مع الثورة الجزائرية. خدم خلال الحرب العالمية الثانية في الجيش الفرنسي ضد النازيين، وعمل رئيساً لقسم الطبّ النفسي في مستشفى “البليدة ـ جوانفيل” في الجزائر.
في 1955 انضم “فرانز فانون” كطبيب إلى “جبهة التحرير الوطني”، كما عمل محررا في صحيفة “المجاهد” الناطقة باسم الجبهة، وتولى مهمات تنظيمية مباشرة وأخرى دبلوماسية وعسكرية ذات حساسية فائقة. في 1960 صار سفير الحكومة الجزائرية المؤقتة في دولة غانا. توفي فانون سنة 1961 عن عمر يناهز الـ36 بمرض سرطان الدم ودفن في مقبرة مقاتلي الحرية الجزائريين.
محمد عبيدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق