الجمعة، 9 ديسمبر 2022

ثقافة الصورة السينمائية في المدرسة

 

 محمد عبيدو

“لماذا يُعد تدريس السينما أمرا مهمّا؟” .. من عاصر العصر الذهبي للسينما الجزائرية يتذكر كيف كانت قاعات السينما يتجاوز عددها 342 قاعة، بالإضافة لعروض في الهواء الطلق بالمناطق النائية، الصادم في الأمر هو أن عدد القاعات التي بقيت تشتغل حاليا هو 80 قاعة فقط، وليس الامر فقط جزائريا ..

 من الضروري إحياء رغبة التفاعل مع الأفلام، ولن يحدث ذلك إلا بغرس هذا الحب في الصغر، في طور الدراسة.. ومن هنا الحديث على تلقين السينما في المدارس بدءا من الابتدائي إلى غاية المرحلة الجامعية.. الرؤية البصرية السينمائية في خضم التكوين التربوي. وحسب تعبير الباحث حميد اتباتو في دراسته “السينما والتربية ” فالفيلم كيف ما كان نوعه “يضيف إلى المتلّقي أثرا ما ينضاف إلى التراكم العام الذي يحصل لدى الفرد في مشوار حياته، مما يجعل من تاريخ المشاهدة الخاصة عاملا أساسيا في بناء ملامح الهوية الخاصة في بعض أوجه السلوك، أو اللباس، أو طريقة تنظيم الحياة، أو التفكير، أو ممارسة العلاقات الاجتماعية، أو غيرها من مناحي الحياة الشخصية، خاصة أن السينما، كتعبير فني، تمكّنت من أن تجد لها مكانا هاما في مجالنا الحالي”.

فقد تكفّلت الصورة في جل أشكالها في تقريب فضائي السينما والمدرسة، في خلق آليات توصيل المعرفة والتحصيل عبر السينما خصوصا في الدول الغربية. لكن في بلداننا الأمر ما يزال لم يعرف طريقه إلى التحقق الفعلي.

وهنا يمكن التوجه لوزارة التربية بشأن اقتراح حصة للتربية البصرية ولثقافة الصورة وتعليم مبادئ السينما بالمدارس لتكون التجربة الأولى من نوعها في تاريخ المدارس الجزائرية. كي يتمّ توظيف الفن السابع في مجال التعليم مع التفكير بشكل فعّال في جعل السينما تأخذ السينما موقعها في الخطاب التربوي ويكون مشروع ترسيخ ورشات تعليم مبادئ اللغة السينمائية وخطاب الصورة بالمؤسسات التربوية وبالتعاون مع وزارة الثقافة والمراكز الوطنية للسينما.

وأيضا التنسيق بين الجهات الرسمية ووزارتي التعليم والثقافة ومنظمات المجتمع المدني من أجل تطوير مبادرات “السينما والتعليم” التي تهتم بالتواصل مع طلبة المدارس، في قسم خاص يجمع بين السينما والتعليم مرتبط بمجال المدرسة كمنطلق وكفضاء مساهم. ودمج الوسائل السمعية البصرية في المنظومة التربوية. ويمكن التعاون مع جهات أو مؤسسات غربية تعمل على استخدام السينما في المراحل التعليمية، وبجلب مختصين لتقديم محاضرة نموذجية أو ورشة عمل وخبير لتدريب المدرسين.

والعمل على برنامج “التعليم بالصورة”، في مشروع تدعمه مدارس عامة وخاصة. ويكون موجها لطلبة المدارس من أعمار مختلفة ليشاهدوا أفلاما لا تهدف فقط لإشباع شغفهم بالسينما ولكنها تعلمهم قيمة الحوار والتفكير النقدي. تحويل السينما التربوية، من خلال ملامسة الجانب الفني للتربية كأفق منفتح على التجدّد والتنوع، إلى وسيلة معرفية وثقافية وفنية، أهم الوسائل الحديثة للتعليم. ويمكن للصورة والتربية أن تتلاقحا لخلق وتطوير ثقافة بصرية، الأمر الذي قد يجعلنا أمام مسار آخر تنتقل فيه الصورة من فضاء الاستمتاع إلى موضوع للفهم والتفكير والتأويل.

حيث يظلّ للفن جزءا مهما من وجودنا، والفنون البصرية (كما سائر الفنون) هي مجال ممتاز لبناء مهارات التفكير النقدي وتوظيفها ومن أجل استنبات الجوهر الإنساني لدى الطفل. فكرة السينما التعليمية، التي تدخل طابع التجديد والابتعاد عن التلقين في توصيل المعلومة للطالب، وخاصة ونحن في عصر التقنيات السمعية والبصرية وعالم ثورة المعلومات والاتصالات.

وهنا يبدو مهما التوجّه إلى المعلمين لإيجاد السبل لدمج السينما وباقي الفنون الفن في موادهم الأساسية، والبحث عن العلاقة بين الفيلم السينمائي والفنون الأخرى كالرواية والمسرح والتشكيل والرسم والموسيقى . واستخدام الحوافز الإبداعية لطلابهم لإيجاد أهداف جديدة لتفسير المحتوى الدراسي وإعمال التفكير النقدي حوله، هذا الدمج يمكن استخدامه في أي مادة دراسية، وهنا سيتم تقدير الفن ليس كشيء مستقل ولكن كجزء من ثقافة المدرسة، يجب أن يتمّ تقدير الفن كجزء من دراسة المواد الأساسية كما هو مهم كمادة مستقلة أيضا، وبالإضافة لكون الفن مثريا لحياة الطلاب وشخصياتهم، يمكن أن يساعدهم على الانخراط في المقررات الدراسية.

وتمثل الأعمال الفنية والسينمائية معين لا ينضب أمام الطلاب للتأمل وإدراك التفصيلات وبناء العلاقات والتحليل البصري والمفاهيمي، لا أن يبقوا مستهلكين للصور وللمعلومات دون توجيه وتربية حقيقية، ويساعد ذلك على تكوين ثقافة علمية سليمة ومنفتحة وحسّ سليم بالجمال، وبناء رؤية أكثر عمقا للموضوعات والمفاهيم والأفكار في مجال التعلم. وهنا دعوة أن يأخذ النادي السينمائي المدرسي مكانه بالعروض الدورية والحوار والنقاش حول الأفلام.

ولا يتوقّف العمل هنا عند حدود التأمل، بل يجب أن يقوم الطلاب بناء على المناقشات التي دارت في الصف بالعمل على مشروعهم الفني الخاص، في السينما أو بمجالات الإبداع الأخرى…

ويعدّ التدريس باستخدام “مشاريع الفيديو” أحد أشكال التدريس المعتمد على عروض الطلاب المدعومة بالوسائط المتعدّدة، ويقوم مبدأ عمله على أن يختار كل طالب أو مجموعة من الطلاب مفهوما أو موضوعا ما من موضوعات التعلّم، وجمع المعلومات حول المفهوم وتحليل هذه المعلومات وتفنيدها وتنظميها بالشكل الملائم، ثم تحويل هذه المعلومات إلى وسائط متعدّدة وفقا لسيناريو محكم ومكثف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق