الخميس، 1 ديسمبر 2022

ملصقات الأفلام الجزائرية ثروة وتاريخ فني



محمد عبيدو

الملصق الإعلاني او كما هو معروف بالإنكليزية - البوستر - وفي الفرنسية - الأفيش - هو عمل فني بحد ذاته، وفي الوقت نفسه أداة اتصال مرسومة، يسهم في تقريب الفنون التشكيلية الى جماهير واسعة من المتلقين. قبل كل شيء آخر على الفنان المصمم ان يحمل في لوحة غير متحركة عدداً لا يحصى من الأحداث المسجلة على مئات الأمتار من الشريط السينمائي للفيلم سابقاً، وبهذا تعتمد مهمة الفنان مصمم الملصق الإعلاني على تقديم معلومات عن الممثلين والمخرج وغيرهم... اما اليوم فإن طموح الفنانين هو تقريب جو الفيلم العام الذي سيراه المشاهد آجلاً ام عاجلاً.

إن قدرة التعبير والطرافة والاستعارة وعمليات "الكولاج" او العناصر الأخرى المستخدمة يجب ان تكون مؤثرة إلى درجة ان تلفت نظر الشخص المار وتثير لديه الاهتمام.

والألوان أيضا تتحكم في صنع الملصق وجذب المشاهد. فالألوان والرسوم يجب ان تكون مرتبطة بالكلام وترتيب الأسماء المحببة للجمهور وخصوصاً النجوم، ومن عوالم جذب الجمهور مكان وضع الملصق في الشارع. وعليه اسم الفيلم الذي يجذب الناس او ينفرهم.

ان الملصق الإعلاني السينمائي الناجح هو أهم وسائل الدعاية الفيلمية وأقربها الى الجمهور قبل مشاهدة الفيلم، والملصق يمكن ان يعطينا الفكرة العـامة للفيلم والمعلومات الأخـرى كأسماء الممثلين والمخـرج والمنتج وجنسية الفيلم وتاريخ إنتاجه. فالملصق السينمائي إغواء للمشاهد من خلال لمسة جمالية تحاول جذبه ضمن الترتيب التشكيلي لعنوان الفيلم وأسماء الفنانين النجوم في لوحة تشكيـلية كاملة.

كتب الكثير عن الملصق السينمائي وعن امتلاكه (أو عدم امتلاكه) لمفردات فنية خاصة وسمة إبداعية منفصلة عن الفيلم الذي يروّج له. وتطورت ملصقات الأفلام، وتبدلت طرق تصميها وإنتاجها، تبعا لتغير الموضة والأذواق، فتصاميم الفنانين في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، كانت ملونة، بصورة مدهشة، وكأنها تعكس الحل الذي يمكن أن تقدمه السينما لأزمات الناس. وفي العقود الأخيرة حلت الصور الفوتغرافية، محل الأعمال الفنية اليدوية، إلى درجة أنه لم يعد من المقبول أن يمثل الملصق المصنوع يدوياً الأفلام الحديثة. أما اليوم مع رواج ثقافة (الغرافيك ديزاين) ماتت الملصقات اليدوية القديمة وباتت أقرب إلى الكائنات المتخفية.وهذا بلا شك نال من جودة الملصق الفنية. 







مع مرور الزمن ستغدو الملصقات السينمائية القديمة ثروة ثقافية فنية يتم عرضها في المناسبات والتظاهرات الثقافية والفنية والسينمائي.. تلك الملصقات القديمة التي لم يعد لها وجود سوى في السينماتيك لتراجع دور العرض السينمائي في العاصمة الجزائر وبقية الولايات باتت أشبه بمشاهد حنين إلى زمن غابر، حاملة في طياتها أشارات إلى تحولات طرأت على عالم السينما والصورة والرسم والمجتمع وصالات السينما الحديثة.. بل تدل على التحول في السينما المنزلية التي أزاحت هالة الصالة وعتمتها وطقوسها المعروفة.

العودة لهذه الملصقات تشبه العودة للقبض على لحظات من الزمن الجميل.. هي ملصقات سينمائية قديمة كانت تعلق على واجهات دور السينما في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات على مداخل دور السينما.. لتشكل أول أداة لنشوء علاقة بين المشاهد والشريط السينمائي، و بطاقة دخول المشاهد إلى الصالة قبل شباك التذاكر.

وتعكس الملصقات السينمائية غالباً الصورة التي يريدها المنتج. بعض المنتـجـين يلجـأون الى جـذب الجمهور بطـريـقـة تعتمد على مخاطبة البواطن الغريزية لدى عامة المشاهدين. وهناك ملصقات تغلب عليها الأناقة البعيدة من الابتـذال والسخـف، مما ساعد على تطور تجربة الملصق السينمائي في  الجزائر، وساعد على ذلك إتاحة الفرصة للمخرجين ليقيموا تعاوناً حراً مع المصممين، في سبيل تقديم "ملصق" خارج الاعتبارات التجارية التسويقـيـة السائدة.

حيث من المهم وجود اهتمام بالملصق الإعـلاني السـينمائي كنوع مهم من الإبداع الفني، لتشهد الأعمال المنتجة على غنى الشخصية الفنية لمؤلفها، وتتمثل بالاستخدام البارع للتكوينـات التشكيلية والتي تمزج بين الرمز والإشارة البصرية. وكثيراً ما يعتمد الملصق السينمائي على لقطة فوتوغرافية تتضمن عناصر الحدث والإثارة، وذلك بما تحمله من شحنة عالية من الانفعالات والدلالات. وأذكر مثلاً من ملصقات الأفلام الجزائرية صورة ابطال الفيلم الثلاثة يمشون باتجاه الكاميرا مع شكلهم الطريف ونظرتهم التائهة في ملصـق "مسخرة" لالياس سالم. وصورة البطل هائما في الصحراء في ملصق فيلم "التائب". وبورتريه مقرب لوجه بطل فيلم " العقيد لطفي " في ملصق الفيلم , وصورة الطفل مع قفص العصافير في ملصق فيلم " قداش تحبني " لفاطمة زعموم.

وقد يعتمد على اللوحة التشكيلية وقدرتها على التعبير والخيال كما في ملصق فيلم "ريح الاوراس" الذي ضم لوحة لصورة النجمة " كلتوم " وفي الاسفل لوحة بانورامية لحالات يعيشها اهل القرية , وايضا لوحة مرسومة لمجموعة من الناس بمسيرة تحدي في ملصق فيلم " وقائع سنين الجمر" للمخرج محمد الأخضر حمينة . كما نرى صورة مرسومة بشكل كاريكاتوري لبطل الفيلم يتكلم بالهاتف وبجانبه قريبه القصير في ملصق فيلم " عمر قتلتو الرجلة " لمرزاق علواش ،كما يدخل الرسم الكاريكاتوري مع صورة لرويشد في الفيلم الكوميدي حسان تاكسي للمخرج محمد سليم رياض، ولوحة لظلال البشر مع الصحراء في فيلم "العرق الاسود"لسيد علي مازيف .



  

وقد يعتمد الملصق على التزاوج بين اللوحة والصورة الفوتوغرافية كما في ملصق "معركة الجزائر " وصورة اهالي القرية  مجتمعين في ملصق "البئر".

وتنقسم الملصقات إلى نوعين من حيث الحجم ،الأول ينشر في لوحات كبيرة موحدة القياس غالبا ما تكون 300×240، وهو قطعة واحدة غالبا، أما النوع الثاني 90×120 سم ويعلق على أبواب السينما وفي الشوارع ويكون تصميمه مختلفا تماما عن الملصق الأكبر .





























 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق