السينما الفنزويلية من ابرز سينمات امريكا اللاتينية . يدعمها اهتمام فنزويلي رسمي رفيع المستوى بالسينما، وكانت فنزويلا دخلت عالم صناعة السينما بافتتاح مجمع يضم استوديوهات لإنتاج وتصوير الأفلام السينمائية في ضواحي العاصمة كاراكاس بهدف “مقاومة الديكتاتورية الثقافية” التي تمارسها شركات السينما العملاقة في هوليوود الأمريكية.
تعود بدايات السينما الفنزويلية الى عام 1897، حيث قام المصور والصحفي مانويل تروخيو دوران بعرض فيلمين له بواسطة جهاز ال ( بيتاسكوبيو ) ، الذي حصل عليه عبر توماس ألبا اديسون من نيويورك، على مسرح بارات في ماراكايبو . ليتعرف الفنزويليون على هذا الفن الوافد، وفي عام 1909 أنتج فيلم ( كرنفال في كراكاس ) والذي بدات معه مرحلة الرواد الذين ساهموا عبر أعمالهم المنفردة بتأكيد حضور سينمائي جديد في العالم .. تم تصوير أول فيلم روائي أطُلق طويل عليه (سيدة النباتات الكايناس )أو “الشغف و مقتل مارغريتا جوتيري” من قبل إنريكي زيمرمان عام 1916. بعد ثمان أعوام في 1924 تم تصوير فيلم المتسلقة مستوحاة من رواية رومولو جاييجوس، وأول فيلم ناطق (تابوغا) (1937) لرافائيل ربيو . وفي عام 194 , بدات مؤسسة بوليفار الفنزويلية بانتاج أفلام طويلة ضمن خطة بالتعاقد مع ممثلين ومخرجين وفنيين من المكسيك والارجنتين . واعتمدت افلام تلك الفترة على مواضيع ميلودرامية مكررة ، وكان يجب انتظار السبعينيات كي تبدأ الجهود السينمائية الجادة بالتبلور مع مخرجين من امثال كلمنت دلا ثردا ورومان تشالبادو. ونتيجة لجهود السينمائيين الفنزويليين في الثمانينات وقعت جميع قطاعات السينما بالاضافة الى ممثلي القطاع العام على قانون دستوري وعلى انشاء صندوق تنمية السينما كجمعية مدنية غير ربحية لدعم كل نشاط سينمائيوقد أطلق الرئيس تشافيز مجمع يضم استوديوهيْن سماهما ” دل فيلا للتصوير السينمائيّ ” كبداية يأمل المستثمرون أن تطور إنتاج الأفلام المحلية والأمريكية اللاتينية. وفي مراسم الافتتاح صاح:” من أجل فنزويلا، صوّر”، بينما بدأت كاميرات التصوير في العمل وعزفت موسيقا الغيتار التقليدية لتكون خلفية فيلم قيد الإنتاج.
أما أول ما اتنتجه هذه الأستوديوهات الفنزويلية فهو سلسلة عن “فرانسيسكو دي ميراندا” وهو بطل بارز في حرب فنزويلا ضد الاستعمار الإسباني.
و يُتكون النظام السّمعيّ البصريّ المؤسّساتيّ الفنزويلي اليوم من المركز المستقلّ القوميّ للتّصوير السّينمائيّ ( سي إن إيه سي )، الجهاز الحكوميّ المسئول عن تشجيع التّصوير السّينمائيّ، ويتبع له : دل فيلا للتصوير السينمائيّ ( بلدة السّينما ) الذي يولّي الاهتمام لتنشيط إنتاج الفيلم، وموزّع الافلام أمازونيا الذي يعمل على دل فيلا للتصوير السينمائيّ تنويع عرض السينيماتوغرافيك، و السينيماتيك القوميّ الذي يحتفظ بالذّاكرة السّمعيّة البصريّة أثناء عمل الأفلام المعروفة في كلّ أنحاء البلد.
فيلم “الصبي الذي يكذب” (2010) للمخرج مارتي أوغاس. يصوّر العمل رحلة صبي في الثالثة عشرة من عمره يغادر بيته عبر شاطئ فنزويلا، ولكي يتمكّن من العيش، يسرد الأكاذيب على الناس من أجل لفت إثارة اهتمامهم، وتتضّمن أكاذيبه بعض الحقيقة حول ماضيه، إذ تسبّب فيضان طيني، قبل عشر سنوات، في تدمير حياته، فقده الكثير من أقاربهم، ومن بينهم والدته.
اما فيلم فيلم “نظرة إلى البحر” (2011) لـ أندريا ريوسا. فيصوّر العمل التغيّرات التي يعيشها الفرد خلال الزمن والوحدة والحاجة إلى الحب وإعادة اكتشاف الذات، وتجسّدها شخصية روفينو الذي يقرّر بعد موت زوجته، وهو في عامه الواحد والسبعين، العودة إلى قريته؛ حيث التقى مع زوجته للمرّة الأولى، وهناك يسترجع ماضيه، وذكرى صديقه غاسبار، وهو رسّام تكفّل بفتاة يتيمة في الثامنة من عمرها، تُدعى “آنا”. لكن وجود “رافينو” سيتسبّب بتوتّرات بينه وبين صديقه.
فيلم “العودة للوطن” (2013) لـ باتريسيا أورتيغا، يتناول قضيّة النضال ضد العنصرية، ويعالج وقائع حقيقية تعرّضت إليها قبيلة باهيا بورتيتي على الحدود بين كولومبيا وفنزويلا في عام 2004.
حاز عام 2013 فيلم “الشعرالرديء” للمخرجة ماريانا روندون جائزة الصدفة الذهبية في مهرجان سان سباستيان السينمائي الدولي، كما انه كان ضمن قسم سينما العالم المعاصر، في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي..
عرض عام 2014 الفيلم الوثائقي “يوجد أحد هناك”، من إخراج كل من إدواردو بيلوريا دابوين وجيوكندا موتا. هو أول إنتاج سينمائي فنزويلي مستنداً على وقائع حقيقية عن مرض التوحد؛ وكذلك يصبح فيلم “أزرق وليس وردي” لميجيل فيراري أول فيلم فنزويلي يفوز بجائزة غويا لأفضل فيلم ايبرو أمريكي. وفي العام ذاته ترشح فيلم “محررفي القائمة القبل نهائية” لجائزة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية بين 9 أخرون لجوائز أوسكار2014. كما تم عرضه في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي عام 2013 وفي فنزويلا، في نفس يوم إحياء ذكرى ولادة سيمون بوليفار.
عرض فيلم” المسافة الأكثر بعداً” للمخرجة كلاوديا بينتو في أغسطس 2014، الحائز على جائزة أول أفضل فيلم ايبرو أمريكي في الاحتفالية الثانية من جوائز البلاتين عام 2015. تحقق في ذلك العام النجاح السينمائي الأكثر أهمية في تاريخ السينما الفنزويلية، حيث أصبح فيلم لورنزو بيجاس من هناك، الحائز على جائزة أول فيلم، الفيلم الفنزويلي الأول الذي يكون ضمن القسم الرسمي لمهرجان البندقية السينمائي، وفاز بجائزة الاسد الذهبي لافضل فيلم في المهرجان، أصبح أول فيلم من أمريكا اللأتينية و متحدث بالأسبانية في الحصول عليها.
نشهد الآن نّموّ و اشتداد سينما فنزويليّة يتحقّقان في بشكل ملموس . بعد عقد بالكامل بمتوسّط اقل من 5 أفلام تظهر في الصالات، يستحقّ الفنزويليّون برمجةً عروض مستمرّةً و متكرّرةً لسينما قوميّة تعكس هويّة و ثقافة البلد .
محمد عبيدو
من كتاب " السينما في امريكا اللاتينية " اصدار مؤسسة السينما السورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق