*بعدَ المطرْ
ظلّت تمطر أياماً. وكل ما أراد أحدهم أن يخبرَ به الآخر،
بعد أن جرى تمحيصهُ بعناية-
تأجلَ.
وانطوى.
وحُمل بعيداً في حقائبهم.
لقد غادروا.
الآن، تتمشى حلازينُ كبيرةٌ على رخام الباحة،
حاملةً على ظهورها أبراجاً صغيرةً ونواقيسَ،
إنها تتسلّق الأقحوانَ،
إنها تدخل برودةً متأنيةً.
توقفت هيلين لتنظر، وغمغمتْ،
((ترى، هل الحلازينُ سعيدةٌ؟.))
كان الآخرون صامتين.
جرجرَ السؤالُ نفسَهُ بوثوقِ هاديء.
تاركاً خلفهُ خيطَ فضةِ رطباً.
* * **
*شَيء لمْ يُنجز
غيوم على الجبل.
من الملوم؟ما الملوم؟
صامتاً، متعباً، ينظر أمامه
يستدير، ينحني
الصخور في الأسفل،
والطيور في الأعلى
جرّة في النافذة
ونباتاتٌ شوكيةٌ في الوادي.
يداه في الجيب.
ذرائع، ذرائع.القصيدة تتأخر.فارغ.
الكلمة يدل عليها ما تخفي
* * * *
*يَأس بِينلوب
لم يكن السبب أنها لم تعرفه
في ضوء النهار الكابي،
وهو متنكرٌ بأسمالِ الشحاذِ.
لا…
كانت ثمة علائمٌ جليّهٌ:
الندبةُ على صابونة الركبة
الجسدُ المفتولُ
النظرةُ الماكرةُ
كانت خائفةً
تميل، لائذةً بالجدار.
لقد حاولتْ أن تجد لها عذراً ما
أن تجدَ تأخيراً تتفادى به الإجابةَ
كي لا تفضحَ أفكارها.
أمن أجله أضاعت عشرين عاماً
منتظرةً
حالمةً؟
أمن أجل هذا الغريبِ الرثِّ
الملطخِ دماً
المبيضّ اللحية؟
سقطتْ. فاقدةً الكلامَ على كرسي.
حدقتْ في العشاق المذبوحين على أرضية القاعة
كما لو كانت تحدّق في رغباتها الميتةِ.
وقالت:أهلاً…
كانت تحسّ بصوتها قادماً من البعيد
وكأنه صوتُ سواها.
النَّولُ في الزاوية
يُسقط ظلالاً على السقف، كالقفص.
والطيورُ التي نسجها بخيوطٍ حمرٍ برّاقةٍ
بين أوراقٍ خضرٍ،
استحالت، بغتةً، رماديةًو سوداءَ
تطيُر منخفضةً على السماءِ المسطحةِ لمحنتها النهائية.
* * * *
*إِهمَال
يقول:هكذا تألفُ كلَّ شيء.
حتى الشيُء الذي أدهشنا، يوماً
هو الآنَ مبتذلٌ بائخٌ.
ليست الأشياء، وحدها، التي تبهتُ
وإنما عيوننا تبهت أيضا-
إنها الآن تُشيحُ عن الزجاج الملون
عن الأضواءِ الاصطناعية الحادة-
إنها الآن تفضّلُ الممرّاتِ المعتّمَة
أو الأنفاقَ التي لا تتمايز-
إن تماثُلَها هو كالزمن.
وأنت لن تفاجأ إذا هطلَ المطرُ فجراً،
أو دقّت ساعة المدينةِ الثانيةَ عشرةَ ظهراً،
أو أن الساعاتِ التي تنتصبُ خارجةً، لا مباليةً،
وحيدةً، كشيفة في العراءِ- لا تبتلّ.
امرأةٌ مجهولةٌ تتجوّلُ حول المنزل،
شعثاءَ الشعرِ
ترتدي جواربَ نايلون مهملةً
تنحدر على سَاقيها.
* * * *
*منَ الذَّاكِرة
أشعةُ إكس قديمة لرجال مسلولين.
في مظاريف صفرٍ كبيرةٍ بأعلى خزانةِ الملابسِ،
مليئة بالغبار_
ليلة بعد ليلة حين يصفر القطارُ في الضواحي،
ليال بحوامل شموع طوال،
على الأرض تنتثر مربعاتُ ورقٍ صغيرة
كانت تضمُّ مسحوقَ مداواة ِالسعالِ-
حين انسكبَ القدحُ على الملاءاتِ، مدَّ ساقيه خارجاً-
كانت ركبتاه هزيلتين ،وكان الشعرُ جافاً-
كان لديه انتصابٌ-
طرقٌ على الباب
طرقٌ شديدٌ.
غطيناه بسرعة، وركضنا نحو الممر،
وقفنا خلف الباب ،وأنصتنا:
لم يطرقوا ثانيةً.
* * * *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق