مومباي (الهند) - يعد “حكاية كيرلا” من بين مجموعة أفلام تثير القلق من أن بوليوود تبث دعاية ثقافية بهدف حشد الدعم للحزب الحاكم في الهند قبيل الانتخابات.
ويشير المقطع الترويجي للفيلم الذي يتصدر شباك التذاكر في الهند إلى أن العمل يصور “فتيات بريئات… يتم الاتجار بهن من أجل الإرهاب”، بينما يؤكد أنه “مستلهم من العديد من القصص الحقيقية”.
أحكام مسبقة
الفيلم يستند إلى نظريات "الحب والجهاد" التي تتهم رجالا مسلمين بالسعي لجذب الهندوسيات
الفيلم الذي يروي قصة خيالية عن امرأة هندوسية اعتنقت الإسلام وتطرفت حل في المرتبة الثانية من جهة الإيرادات عام 2023.
وقد اتهمه نقاد، شأنه في ذلك شأن غيره من الأفلام الصادرة مؤخرا، ببث الأكاذيب وإثارة الانقسامات بوسائل من بينها شيطنة الأقلية المسلمة، وذلك لأسباب سياسية بالأساس، إذ تأتي هذه الأعمال قبيل الانتخابات الوطنية المقررة العام المقبل.
وقال مخرجه سوديبتو سين ردا على سؤال بشأن ميوله السياسية “أقترح على جميع الأحزاب السياسية الاستفادة من فيلمي. استخدموه لتحقيق مكاسب سياسية”.
وتعرف أكبر دولة ديمقراطية في العالم بتاريخها الطويل في الرقابة على الأفلام لكن النقاد يشيرون إلى أن القطاع ينتج بشكل متزايد أفلاما تتشارك الأيديولوجيا ذاتها مع حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية.
وتملك السينما جاذبية خاصة بالنسبة إلى الهنود وتعد بالتالي وسيلة لا مثيل لها في قدرتها على الوصول إلى العامة، بحسب الصحافي والكاتب نيلانجان موكوبادياي.
وفي عهد مودي استخدمت الأفلام بشكل متزايد لنشر رسائل مثيرة للانقسامات وتعزز الأفكار المسبقة المعروفة لدى القادة السياسيين، وفق موكوبادياي.
وأضاف “تقوم هذه الأفلام بالأمر ذاته: نقل الكراهية إلى الناس، لخلق أحكام مسبقة ضد الأقليات الدينية”.
الأفلام تستخدم بشكل متزايد لنشر رسائل مثيرة للانقسامات وتعزز الأفكار المسبقة المعروفة لدى القادة السياسيين
تزامن صدور فيلم “حكاية كيرلا” في مايو مع الانتخابات في ولاية كارناتاكا الجنوبية التي سخر لها حزب مودي “بهاراتيا جاناتا” (حزب الشعب) كل إمكانياته وأدت إلى اندلاع اشتباكات بالحجارة في ولاية ماهاراشترا المجاورة أسفرت عن سقوط قتيل.
دعم مودي الفيلم خلال تجمع انتخابي متهما حزب “المؤتمر” المعارض بـ”تأييد التوجهات الإرهابية”.
ويرى البعض أن الفيلم قليل الكلفة يستند إلى نظريات “الحب والجهاد” التي تتهم رجالا مسلمين بالسعي لجذب الهندوسيات.
وتراجع منتجو الفيلم عن مزاعم باطلة صدرت عنهم سابقا تفيد بأن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) جند 32 ألف امرأة هندوسية ومسيحية من كيرلا ذات التنوع الديني.
ونظم أعضاء حزب مودي عروضا مجانية للفيلم الذي قال المتحدث باسمه غوبال كريسنا أغاروال إنها تمثل “وسيلة اتصال” وليست سياسية رسمية.
وأضاف “كيف توصل أفكارك؟ كيف توصل حياة وقصة زعيمك وإنجازاته؟ هذه هي طريقتنا. يقوم أشخاص من الحزب بالأمر من منطلق فردي”.
وفي مسعى لتشجيع المشاهدين، خفضت حكومتا ولايتين بقيادة بهاراتيا جاناتا الضرائب على التذاكر.
السينما تملك جاذبية خاصة بالنسبة إلى الهنود وتعد بالتالي وسيلة لا مثيل لها في قدرتها على التأثير في العامة
ويرى المخرج أن فيلمه “ضرب على وتر حساس” في الهند التي تضم شريحة من المسلمين تعد من بين الأكبر في العالم (حوالي 14 في المئة من إجمالي سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة).
وقال “أؤمن بقوة الحقيقة، الحقيقة التي نقلناها في الفيلم. هذا ما يريد الناس مشاهدته”.
ويعد فيلم سين واحدا من بين عدة أفلام بدأت تبتعد عن الأسلوب التقليدي المتبع في بوليوود والقائم على الرقص والغناء.
وركزت مجموعة أفلام صدرت مؤخرا على الجيش لتروي قصصا قومية عن أعمال بطولية قام بها جنود وعناصر شرطة، من الهندوس عادة، في مواجهة أعداء من خارج الهند وداخلها.
ودافع المخرج المخضرم سودير ميشرا عن التوجه الجديد قائلا “لطالما استخدمت السينما كأداة دعائية، ألا تقوم هوليوود بذلك؟”، مشيرا على وجه الخصوص إلى سلسلة “رامبو” للنجم الأميركي سيلفستر ستالون.
وأضاف “أعتقد بكل تأكيد أن بوليوود تتعرض لهجوم”
قبيل آخر انتخابات وطنية في 2019، رحب مودي بحفاوة بنجوم بوليوود الذين نشروا صورهم معه على وسائل التواصل الاجتماعي وحظيت بآلاف المشاهدات. وذكرت تقارير إعلامية أنهم ناقشوا “بناء الأمة”.
وصدر فيلم “رئيس وزراء بالصدفة”، وهو عبارة عن سيرة ذاتية لسلف مودي وخصمه مانموهان سينغ، قبل شهور فقط من الانتخابات، علما بأن مفوضية الانتخابات أجلت صدور فيلم “رئيس الوزراء ناريندرا مودي”، القائم على تبجيل الزعيم الهندي القومي، إلى ما بعد الاقتراع.
وأكد مخرج الأفلام الوثائقية سانجاي كاك أن هذه الأفلام “تبدو مروضة نسبيا الآن”.
وأضاف أن “الأفلام الجديدة مؤدلجة بشدة وتنشر وجهة نظر المجموعة الحاكمة اليمينية والقومية الهندوسية والمعادية للمسلمين”.
وتشمل أبرز الأفلام الصادرة مؤخرا “ملفات كشمير” (2022) الذي يروي تفاصيل مروعة عن هروب مئات آلاف الهندوس من المقاتلين المسلمين في شطر إقليم كشمير الخاضع للهند خلال العامين 1989 – 1990.
في الأثناء يروي فيلم “غودرا” المقبل أحداث حريق القطار عام 2002 الذي أسفر عن مقتل 59 حاجا هندوسيا وأثار أعمال شغب طائفية دامية في غوجارات، فيما يشير المقطع الترويجي له إلى أن أعمال العنف كانت “مؤامرة” متعمدة.
في الوقت ذاته نفذت الحكومة حملة أمنية ضد معارضيها شملت حظر وثائقي أعدته “بي بي سي” عن دور مودي في أعمال العنف في غوجارات.
ووصفت تغطية “بي بي سي” بأنها “دعاية معادية وهراء مناهض للهند”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق