الخميس، 31 أغسطس 2023

مهرجان لبناني يسعى لإيصال فن السينما إلى مناطق ريفية




بيروت - تستعد منطقتان في أطراف لبنان تواجهان تحديات مشتركة بيئية واجتماعية واقتصادية لاستضافة مهرجان يسعى لإيصال السينما إلى القرى الريفية وطرح المواضيع التي تمس المجتمع والبيئة فيها، بحسب المنظمين. وينطلق الخميس في بلدة القبيات في محافظة عكار بشمال لبنان مهرجان "ريف" الذي يستمر إلى الرابع من سبتمبر المقبل. والجديد هذه السنة أن أنشطة المهرجان الذي بلغ عامه الخامس تنتقل للمرة الأولى إلى منطقة الهرمل في شمال شرق لبنان من 8 إلى 10 سبتمبر.


وتتمحور الأفلام التي تُعرض في الشق السينمائي من المهرجان، والأنشطة التي يتضمنها برنامجه البيئي على عنوان "التحولات" الذي تحمله هذه الدورة. وشرحت مديرته التنفيذية جنى وهبه لوكالة فرانس برس أنه "يتناول التحولات بعناوينها الكبرى، كتلك الحاصلة على صعيد البيئة والجيولوجيا والمجتمع والإنسان".


ويضم برنامج المهرجان الذي تشارك في تنظيمه جمعية "أفلامنا" نحو 32 شريطاً تتفاوت مدتها، وتقام فيه مسابقتان أولاهما للأعمال القصيرة ولا تقتصر هذه السنة على اللبناني منها بل تضم أخرى عربية، والثانية للأفلام المتوسطة. ويتولى "سفراء ريف"، وهم مجموعة شباب محليين، اختيار أفضل فيلم متوسط الطول، في حين تسمّي لجنة من المحترفين الفائز في مسابقة الأفلام القصيرة.


وكانت القبيات التي يبلغ عدد سكانها 15 ألفاً تضم صالة سينما يتيمة في ساحتها “إلا أنها أقفلت مع بداية الحرب” اللبنانية (1975 – 1990)، بحسب رئيس المهرجان، رئيس “مجلس البيئة” في القبيات المشارك في التنظيم أنطوان ضاهر. وتُعرض أفلام المهرجان تالياً في معمل الحرير الأثري.


أما الهرمل التي يبلغ عدد سكانها نحو 40 ألفاً فلم تكن يوماً تضم أيّ صالة سينما، وتقام عروض الأفلام فيها في مركزين خُصِصا لهذا الغرض، أحدهما مركز “منتدى التراث والثقافة” المشارك في التنظيم. وقالت منسقة المهرجان في الهرمل خزامى الجوهري “هدفنا تقديم ما يفيد المنطقة وينمّيها وتكريس تأثير السينما على (…) المجتمع المحلي”.

وتوقّع ضاهر والجوهري أن يساهم المهرجان في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية في منطقتيهما. وقال ضاهر إن “الحجوزات في الفنادق والمطاعم والمقاهي تزداد خلال المهرجان، وكذلك الإقبال على المحال التجارية، ويعرض الأهالي منتجاتهم وتنشط وسائل النقل”.


وتحضر المخرجة الفلسطينية – الأميركية جمانة مناع لمواكبة عرض فيلمها “اليد الخضراء”. ويكتشف جمهور المهرجان أفلاماً قصيرة أنتجتها نساء من عكار نتيجة ورشة عمل أدارتها المخرجة المصرية أمل رمسيس، بالإضافة إلى أفلام رسوم متحركة أعدّها شباب من الهرمل.


ويشكّل المهرجان فرصة للسينمائيين “للقاء جمهور مختلف موجود في الأرياف” بحسب وهبه. وأشارت وهبه إلى أن جمهور المهرجان يزداد سنة بعد أخرى، و”بات موعداً ينتظره أهالي المنطقة والجوار”، على قول ضاهر. واعتبرت وهبه أن المهرجان “يردّ الناس إلى مكان يُشبههم بعيداً عن انشغالاتهم ومن ضوضاء المدينة، ويُعيدهم إلى الطبيعة (…) والتقاليد وإلى التلاقي مع الآخر”.


وإلى جانب عروض الأفلام، يضم المهرجان نشاطات بيئية ورياضية ومحاضرات، وعرضاً لأزياء مصنوعة من مواد معاد تدويرها. وتعتبر السينما في لبنان من قبل العديد من المؤرخين واحدة من أقدم الصناعات السينمائية في العالم العربي إلى جانب مصر، ويمكن وصفها بأنها سينما وطنية. ووجدت السينما في لبنان منذ العشرينات، وأنتجت أكثر من 500 فيلم في البلد.


لكن النهضة الحقيقية للسينما اللبنانية والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم، وفق المؤرخين، بدأت مع بداية الحرب الأهلية مع سينما مارون بغدادي وبرهان علوية وغيرهما. ومن أبرز أفلام هذه المرحلة أعمال اجتماعية وذاتية لبنانية الجوهر والشكل وعربية التوجه أحيانا، ومن أبرزها “كفر قاسم” و”بيروت يا بيروت” لنادين لبكي. وهذه المرحلة متواصلة حتى اليوم وإن بصعوبات إنتاجية كبيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق