الأحد، 8 مارس 2015

الروائي والشاعرالمكسيكي خوسيه ايميلو باتشيكو




محمد عبيدوالروائي والشاعر المكسيكي خوسيه ايميلو باتشيكو الحائز على جائزتي "ثربانتس" و"الملكة صوفيا لشعراء إيبيرو أمريكا" في عام 2009، عن عمر ناهز 74 عاماً.. بعد ان انتهى من كتابة عموده الأسبوعي في صحيفة "بروسيسو" المكسيكية عن صديقه الشاعر الراحل خوان خيلمان  يتحرك ليتعثر ببعض كتبه فيسقط على رأسه .
يذكر أن باتشيكو ولد في مكسيكو سيتي في أواخر يونيو 1939، وتتميز أعماله بالواقعية وهي مستوحاة من الحياة اليومية، ويتميز أسلوبه الشعري بنظرة عالمية، فضلاً عن قدرته على الجمع بين أدوات الشعر بمدارسه الكلاسيكية والحديثة.  و يعبر باتشيكو عن ذلك قائلا : “وُلدت في المكسيك عام 1939، ذاك العام الغريب، في شارع غواناخواتو 183، حارة روما. وُلدت يوم الجمعة، الثلاثين من حزيران. وبالتالي، فوفقًا لعلم الفلك أنا مزيج من برجي السرطان والحمل. علم الفلك هو المذهب السحريّ الذي يتميّز به عصرنا. طبعي، إذًا، يعتمد على الحسّ بالنوستالجيا للفردوس المفقود، وهو مقيّد بالأسرة، بالشعور بالأمان، بالماضي وبالتراث. ولكنه، أي طبعي، لا يتمتّع بالصلابة، فلذلك أنا أعاني الحافز بالانعتاق والتجديد والمضيّ قدمًا.” كان واحدا من أهم الكتاب في الأدب المكسيكي في القرن العشرين.
شاعر وكاتب وروائي ومترجم . والده، الذي وصل لرتبة جنرال في الجيش ، نصح ابنه الخجول بدراسة القانون لأنه يضمن له عملا مرموقا  . ومع ذلك، سرعان ما تحول باتشيكو من دراسة الحقوق إلى فقه اللغة في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، حيث بدأ نشاطه وهو طالب في المجلات الثقافية والأدبية المكسيكية , واعترف بعمله في وقت مبكر جدا حيث لاقت كتاباته اهتماما في الساحة الثقافية المكسيكية ,  فمقالاته الأسبوعية لمجلة بروسيسو، والتي ظهرت على مدى عقود عدة، هي واحدة من أفضل الأمثلة على الصحافة الثقافية في أمريكا اللاتينية. وظهر في مقتطفات جنبا إلى جنب مع أعظم شعراء أمريكا اللاتينية. إلى جانب الشعر والنثر برز كمترجم بارع عن اللغة الانكليزية.. وكان باحثا بقسم الدراسات التاريخية في المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ، وهي التجربة التي أسفرت عن منشورات بارزة،وعمل في وقت لاحق استاذا للأدب والشعر في جامعات المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وانكلترا.. وله أسلوب مميز يمزج العاطفة بأسى وقلم حرفي في الكتابة ، شعره ينقل قلقه الميتافيزيقي في صور باهرة وتظهر الكلمات العامية في بعض كتاباته الشعرية التي تطرح قضايا إنسانية للمجتمع وتتميز بتنقية من عناصر الزينة المتطرفة وهو شاعر مواكب للكلمة فتجد أن في بعض الكتابات الحديثة يتناول قضايا مثل مرور الزمن، الحياة أو الموت. ويعتقد أن الشعر هو القدرة الكامنة في كل البشر وأن كتابة الشعر هي لغز، وهو مع ثقافة الكتاب المطبوع ولا يستمتع بالتكنولوجيا خاصة في الشعر وما يدون على الأجهزة الحديثة .

ومن أبرز أعماله  "القلعة في الإبرة" 1962، "عناصر الليل" 1963،.. "لا تسألني كيف يمر الزمن" ، 1978 "منذ ذلك الحين" 1980، "أعمال في البحر" 1983، "نهاية القرن وأشعار أخرى" 1980، "ألبوم حديقة الحيوانات" 1985، "خيانة عظمى" مختارات شعرية 1985، "أنظر إلى الأرض" 1986. و "النوم في النار" وفيه رؤية للعالم في حالة التفكك ، عالما مخربا يوحي بالنهاية، فالمطر -أو الماء- هو عنصر مطهر أما النار فتتغلغل في الليل وكلاهما عنصران يحفزان نشاط الكون. لكن هذا الكون ينتهي بنهاية تلك العناصر، وفي النهاية يتحول كل شيء لغبار،  تعليق الشاعر المكسيكي إفراين هويرتا (1914-1982) على مجموعة باتشيكو،  (عناصر من الليل)، التي نشرت في يناير عام 1963، لا تزال صالحة اليوم، رغم صدور عشرة مجموعات شعرية في وقت لاحق: "قصائد خوسيه إميليو باتشيكو رسم لإثبات الكمال ، والمشاركة العاطفية الداخلية يتضمن هذا الشعر توق، و حماس، بحث عن الالون والأسرار، والسعي من أجل كلمة حق، و العثور على صوته الصحيح " وقد نوّه الروائي البيرواني ماريو بارغاس يوسا، (نوبل في الآداب)، منذ زمن بعيد بشعر باشيكو وبنبوغه المبكّر، وبالمواضيع الجريئة التي كان يتطرّق لها، فضلا عن روحه الاندماجية، ونضجه الإبداعي ومقدرته على التعبير والإبلاغ . كما أشاد يوسا بنظرته الشعرية المشعّة الناصعة لمفارقات الحياة، واسترعى اهتمامه ثراؤه اللغوي والثقافي، حيث تجتمع في شعره عدّة لغات وثقافات.
أعماله السردية الروائية "معارك في الصحراء" 1981، "ستموت بعيداً" 1967، بخلاف عدد من المجموعات القصصية ومنها العزلة القديمة (1963)، ومبدأ اللذة (1972)، وظل ميدوسا وقصص هامشية أخرى (1990) ورواية يموت بعيدا (1967) عمل فيها للتجريب في هياكل جديدة وتقنيات السرد. وتكرر ذكر مواضيع مثل فقدان وتفرد الطفولة والتحرش والاضطهاد والتفتح على العلاقات العاطفية ، وكل جوانب المخفية في الشواغل الاجتماعية والتاريخية للمكسيك.
     
"أنا لا أُحِبُّ وَطني.
مَجدُهُ المُجرَّدُ
يُفْلِتُ مِنّي.
ولكنّي (مع أنّ قولي هذا قد لا يُبشِّر بالخيرِ)
سَأُعطي كُلّ عُمري
مُقابلَ عَشرَةِ أَمْكِنةٍ مِنهُ،
أناسٌ مُعيّنة، موانئ، غابات، صحارى، قلاع،
شظايا هذه المدينة، الكئيبة، العملاقة،
بعض شخصيّاته التاريخيّة،
جباله،
وكذلك ثلاثة من أنهره أو أربعة".
خوسيه إيميليو باتشيكو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق