افتتحت
أول أمس بدار الثقافة “هواري بومدين” بسطيف، الطبعة الأولى لأيام سطيف
السينمائية بمشاركة 15 فيلما قصيرا ووثائقيا. هذه التظاهرة المنظمة لأول
مرة بالتنسيق مع جمعية الشباب الثقافية المحلية ودار الثقافة هواري بومدين،
تشكل حسب مدير الثقافة السيد إدريس بوديبة منعرجا “هاما” للحركة الثقافية
بهذه الولاية لاسترجاع مكانتها الثقافية الحقيقية خاصة في ميدان السينما،
وذلك لما تتيحه هذه الأيام من فرص لعرض آخر الأعمال السينمائية الطويلة
والقصيرة أو حتى الأفلام الوثائقية.
عرض
في الافتتاح فيلم “حسان بلكيرد.. صانع جيل المستقبل” لمخرجه إدريس قديدح،
وإنتاج “أقلام فيزيون”، وهو عبارة عن إعادة رسم لحياة حسان بلكيرد الشهيد،
العالم، الأديب الموسيقي والمسرحي الذي عاش ومات من أجل القضية الوطنية،
دافع عن الجزائر باللسان والقلم، حيث ألف عدة مسرحيات واعتبر باب المسرح
بسطيف، ندد من خلاله بالأوضاع المزرية التي كان يعيش الجزائريون في ظلها،
أسس أول فوج للكشافة الإسلامية، كما تعرض لقمع وحشي من المستعمر الفرنسي
الذي اختطفه ذات يوم من سنة 1957 ولم يتم العثور على رفاته لغاية اليوم،
ويروي أهم محطات الشهيد وأبرز رفقائه على غرار العلامة الشيخ عبد الحميد بن
باديس والبشير الإبراهيمي والعربي التبسي وغيرهم من الرجال الذين صنعوا
مجد الوطن.
كما
عرض فيلم قصير من 13 دقيقة بعنوان “فاطمة حشايشي” للمخرجة الفرنسية ماري
أونج بواييه، يحكي قصة امرأة تنحدر من مدينة قصر الأبطال جنوب ولاية سطيف،
وتغني الصراوي، وهو فن غنائي من تراث المنطقة وتتميز به منطقة الهضاب
العليا. بالإضافة إلى بورتريهات بخمس دقائق حول كل من المخرج أحمد زير
والراحل عبد الرحمان بوقرموح.
شارك
في هذه التظاهرة مخرجون ومنتجون وكتاب سيناريو، إضافة إلى وجوه فنية
معروفة محليا ووطنيا تم تكريمها على غرار الفنان القدير أحمد بن عيسى،
المخرج أحمد الزير، جمال حازورلي وخضرة بودهان. وتتبع عروض الأفلام
مباشرة، بنقاشات مفتوحة بين الجمهور والمختصين في عالم السينما.
الأيام
السينمائية السطايفية كانت فرصة لتكريم روح السينمائي عبد الرحمان
بوقرموح، مخرج فيلم “كحلة وبيضاء” الذي أنتج سنة 1980 من بطولة احمد بن
عيسى - قاسي القسنطيني - شافية بوذراع - سيد احمد أقومي، وهو فيلم يروي
أيام عائلات سطايفية ومدى تعلّقها بفريقها نادي وفاق سطيف، ويعالج خصال
الشجاعة والكرم والأمل التي يتحلى بها الشباب الجزائري الذي يسعى من أجل
تحسين ظروفه المعيشية اليومية رغم قلة الوسائل. يروي الفيلم قصة الشاب ربيع
الذي اضطر إلى النشاط خارج أوقات الدراسة لتوفير بعض المال لشراء كرسي
متحرك لأخته المصابة بشلل على مستوى اليدين والرجلين. ومن أجل ذلك انطلق
الشاب ربيع في البيع والشراء والاقتراض إلى أن حل ذلك اليوم الذي قدم فيه
هديته إلى أخته الصغرى بحضور كل أفراد عائلته التي لم تكف من قبل عن توبيخه
على تصرفاته. كما عمت الفرحة في أوساط سكان المدينة لدى تلقيهم الخبر
السار واطلاعهم على كرم ربيع الذي هو الأخ الأصغر للمهاجم النجم لفريق
“كحلة و بيضا” الذي اشترط مشاركته في نهائيات كأس الجزائر مقابل التكفل
الطبي بأخته في الخارج...ويحيي هذا العمل روح التضامن الشعبي وكذا شجاعة
وحيوية الشباب آنذاك المستعد لمواجهة كل التضحيات والاستمتاع بالانتصارات.
وتم تكريم زوجة الفقيد وذلك بحضور ممثلين شاركوا فيه ولا يزالون على قيد
الحياة مثل ناديا جريرار ومصطفى مخلوف.
الأفلام القصيرةالمعروضة في الأيام تسلط الضوء على جوانب عديدة من
إشكاليات الواقع الجزائري، وتميزت عموماً بطرح قضايا تحرر المرأة، الحب،
الهجرة غير الشرعية، الفقر.... هنا وقفة مع عدد منها:
الفيلم
السينمائي القصير “قراقوز” للمخرج عبد النور زحزاح، الحائز على 17 جائزة
سينمائية فاز بعدة جوائز دولية، بمهرجان ميلانو للسينما الإفريقية
والآسيوية واللاتينية، والجائزة الخاصة للجنة التحكيم في تطوان المغربية،
مدته 24 دقيقة، وتتلخص حكايته في أب يشتغل على ترقيص دمى “القراقوز”، ويجوب
برفقة ولده بعض القرى الجزائرية، ومن هنا تنطلق الأحداث التي تأخذ منحًى
آخر، فيواجه جملة من العقبات في طريقه إلى أحد الأرياف لإدخال السعادة على
قلوب الأطفال.
والفيلم
السينمائي القصير “العابر الأخير” في سبع دقائق، لمؤنس خمار، تمثيل: محمد
بوشايب، خالد بن عيسى، مليك بلباي، لندة سلام، أحمد بن عيسى، العربي زاكال.
وقوف في محطة العبور من الحياة إلى الموت في جولة الأحلام الوردية للشاب
المنتحر(محمد بوشايب)، والتي كما في أحلام اليقظة تمكن من تحقيقها كلها دون
قيود أو شروط مهما كان نوعها، فهو لم يحرم نفسه من تقبيل حبيبته ولا
الوقوف على خشبة المسرح وسط تصفيق وهتافات المعجبين...وغيرها من الأحلام
التي لم يتمكن من تحقيقها في حياته البائسة.يقترب رؤوف ديليا في فيلمه “يوم
في الجزائر”، من أحلام الشباب العاصمي، مقترحا فكرة كوميدية تنتقل ما بين
الحلم والواقع، إذ ينهض “حكيم” صباحا، ويذهب إلى مؤسسته التي يُديرها
مستخدما “الميترو”، وفي المساء يزور والديه ويدعوهما إلى شقته، ويقترح
عليهما عطلة في أوروبا، لكنه حين يفيق من النوم في اليوم التالي، يصطدم
بواقع آخر، مختلف تماما عن أحلامه، ويكتشف أن ميترو الجزائر ما زال ورشة
مفتوحة إلى أجل غير معلوم، ما يضطره للاستنجاد بالحلم مرة أخرى.وفي فيلمه
“الجزيرة”، يتناول أمين سيدي بومدين موضوع الهجرة المعاكسة من دول محيطة
للعاصمة الجزائرية، التي ظهرت كملجأ للنازحين إليها. فمن خلال رجل يرتدي
زيّاً غريباً ويتحرك بريبة وحذر، يعاين بومدين في فيلمه القصير هذا الواقع،
حيث تكون المدينة ساكنة خلال التحرك المريب لهذا الشخص، في رحلة تتبعه
لصور تصف ملامح المدينة وهي أشبه بخريطة، ولكن الزمان والمكان لم يكونا
حاضرين في المكان نظراً لطبيعة الطرح.. ونال الفيلم، جائزة أفضل فيلم عربي
في مهرجان أبوظبي السينمائي وجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان وهران.
فيما
يتطرق فيلم “الأيام السابقة” لكريم موساوي في 47 دقيقة لقصة مراهقين من حي
عاصمي، تدور أطوارها في بداية التسعينيات، حيث يحاولان، في ظل “القواعد
الاجتماعية المقيدة والمطبقة منذ زمن طويل، التوفيق بين طموحاتهما وهذه
القوانين التي فرضها المجتمع”. وتستمر الأيام إلى غاية 17 مارس الجاري.
يسرد
فيلم “خويا”، في مدة لا تتجاوز الـ15 دقيقة للمخرج الشاب المغترب بفرنسا
يانيس كوسيم، قصة يمينة ونبيلة وإيمان، ثلاث أخوات يتعرضن للضرب من قبل
أخوهن تقريبا كل يوم على مرأى ومسمع أمهن التي لا تتدخل لمنع المأساة التي
يعيشهما أولادها.
أما
فيلم “اسكتوا” للمخرج خالد بن عيسى يروي حكاية منشط إذاعي شاب “قام بدوره
الفنان هشام مصباح” ينشط حصة ذات استماع كبير ليلاً وينام نهاراً، ليحاول
النوم في الوقت الذي بدأت تستيقظ فيه المدينة. ولما كان يسكن حياً شعبياً
فيه الكثير من الضجيج والجلبة أصبح الشاب المنشط لا يعرف النوم ولا يمكنه
بالتالي الاستراحة من عمل الليل، إذ يحول الضجيج حلمه إلى كابوس، وتتحول
المدينة إلى فوضى غريبة ومصح للمجانين.
وجـــــــــوه:
عبد الرحمان بوقرموح:
بدأ عبد الرحمان بوقرموح - الذي يعد من مؤسسي المركز الجزائري للسينما في
1963- حياته الفنية في بداية الستينيات كمساعد مخرج بعد دراسات بمعهد
السينما “ايداك” بباريس (فرنسا). أنجز العديد من الأعمال الفنية في أواخر
الستينيات من أفلام قصيرة وأشرطة وثائقية كما عمل مع المخرج محمد لخضر
حمينة كمساعد مخرج في فيلم “وقائع سنين الجمر” الذي فاز بالسعفة الذهبية في
دورة 1975 من مهرجان “كان”. ويعد بوقرموح من رواد الفيلم الأمازيغي
الطويل، حيث قام بإخراج أول فيلم بالأمازيغية “الربوة المنسية” سنة 1996
المقتبس عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب الكبير مولود معمري. وتحصل هذا
الفيلم على جائزة الزيتونة الذهبية في الدورة الـ 12 لمهرجان الفيلم
الأمازيغي في 2012. وقد أنجز أيضا خلال مسيرته الفنية أفلاما طويلة أخرى
منها “عصافيرالصيف” 1978سنة و«كحلة وبيضاء” في 1980 المهدى لأنصار فريق
وفاق سطيف و«صراخ الصخر (1986)”.
أحمد زير:
من السينمائيين المستقلين القلائل الذين تخصصوا في سينما الهواة التي
تركّز على الفيلم القصير. ولم يشأ الاتجاه نحو الفيلم الطويل، لأنّه لا
يرغب في احتراف السينما. وظلّ وفيا، رغم مساره الطويل لمدينته العلمة، التي
استوحى من أناسها وتاريخها النضالي كثيرا من الأفكار التي، جعلته ينتج
أكثر من 45 فيلما قصيرا، ونال في عديد المهرجانات التي شارك فيها، أكثر من
35 جائزة. مثلما كان له حضور في النقد السينمائي، وعضوية لجان التحكيم. من
بين أفلامه: الحلم، الوهم، كويكول، معالم، ما قبل التاريخ، التغيير كاملا،
غيوم الخريف، فجر، أنفومانيا، أه يا قلب، مساء، وهران، من أكون، الدراجة،
حرّاقة، العلمة..
مبعوث الجزائر نيوز إلى سطيف: محمد عبيدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق