إرتبط
الفيلم القصير في أذهاننا بقلة الإمكانيات وبداية التجربة الإخراجية ثم
العبور عبره كمحطة للوصول إلى الفيلم الطويل، وبما أن الفيلم القصير أقل
شهرة في مجال التوزيع الكلاسيكي، استفاد الفيلم القصير من اهتمام كما
استفاد من مواقع مخصصة له على الأنترنت.. إنه لمن المهم ذكر أن بعض المراكز
السنيمائية ببعض البلدان ساهمت بشدة في تنمية هذا النوع من السينما،
ونجد أن هذه الأفلام بدأت تأخذ مكانتها في السينما الحديثة وخصص لها بعض
المهرجانات المختصة ومنها مهرجان وجدة للفيلم المغاربي الروائي القصير،
الذي التقت “الجزائر نيوز” مديره خالد اسلي في الجزائر العاصمة، وهو رئيس
جمعية سيني المغرب السينمائية، كما أنه مخرج أنجز عدة أفلام قصيرة من بينها
“الخوا”، الذي يحكي قصة تعايش الشعبين المغربي والجزائري على الحدود
بالرغم من إغلاق الشريط الحدودي بين البلدين، ويطرح انعكاساته على المحيط
الاجتماعي الذي تربطه علاقات أخوية وأسرية بين عائلات جزائرية ومغربية عبر
قصة علاقة صداقة وقرابة بين طفلين (عمر وعبد العالي)، اللذان يصران على
التنقل بين المغرب والجزائر مع عدم الاعتراف بالحواجز. وفيلم “هدر” وهو
فيلم يعالج ظاهرة الهدر بالارتباط مع ظواهر أخرى مرتبطة بها، كظاهرة تشغيل
الأطفال وظاهرة اغتصاب الفتيات وظاهرة العنف ضد النساء، هذه كلها ظواهر
مرتبطة ومتشابكة تؤدي في آخر المطاف إلى الهدر المدرسي بمعنى الانقطاع
المبكر عن الدراسة.
هل الفيلم القصير هو عتبة للفيلم الطويل؟
الفيلم
القصير هو مختبر سينمائي يتم فيه تجريب تقنيات وطرق سردية ابتكارية وغالبا
ما يصوره شباب وهو يشكل البدايات لهم، فمثلا في المغرب حتى تأخذ بطاقة
مخرج لابد من المرور على 3 أفلام قصيرة، والفيلم القصير لديه نكهة خاصة
التي تمتاز بالصورة التي تعكس رؤية وعوالم مخرجه في لقطات مركزة ويأخذ
مساحة أكبر لدى الجمهور.
ما الذي يميزه من حيث النوع الإبداعي عن الفيلم الطويل؟
بالنسبة
للتمويل تكون ميزانية الفيلم غالبا متواضعة ويمكن انجازه من لا شيء
أحيانا. فهو لا يحتاج إلى انتاج ضخم بل يحتاج إلى فكرة وتصور، في حين
الفيلم الطويل لانتاج ضخم وميزانية كبيرة وحتى بالنسبة لطاقم العمل يمكن
الاعتماد على الشباب والهواة.
دائما قبل المرور على الانتاج يجب الولوج إلى الفكرة، وكلما كانت الفكرة طريفة ونادرة كلما حالفها حظ النجاح. بالنسبة للفيلم الطويل توجد مجموعة أفكار وقصة يجب معالجتها بنسق درامي مدخل وحبكة ونهاية. لكن بالفيلم القصير هل من فكرة طريفة ومبتكرة يمكنك تصوير فيلم يحقق النشوة لدى المشاهد؟ وكيف يتم تمويل الأفلام القصيرة لديكم؟
التمويل
لدينا يكون غالبا عن طريق المركز السينمائي المغربي ويصل الدعم إلى حدود
ستة آلاف أورو، وحتى بعد انجاز الفيلم يمكن التحصل على الدعم. وهناك حلول
كإقامة شراكات فنية مع عدد من القنوات التلفزيونية لشراء الأفلام وهي تحقق
العرض في تلك القنوات، بالإضافة إلى توفير دعم الإنتاج.
ما الذي يجذبك لعمل فيلم سينمائي؟
الفكرة أولا تجذبني ويجب أن تكون طريفة وغير متداولة ولم يتم التطرق إليها
من قبل. زيادة على الفكرة يمكن الاعتماد على الممثلين وليس ضروريا أن
يكونوا كلهم محترفين. الفيلم القصير غالبا ما يعتمد على شباب لديهم الحماس
والرغبة بقول شيء والنجاح، في الوقت الذي يعتمد فيه الفيلم الطويل على
محترفين وبحاجة لأموال للانتاج.
مع طبعاته الثلاثة السابقة، ما الذي ميّز مهرجان وجدة للفيلم المغاربي الروائي القصير؟
وجدة
بالنسبة لخارطة المغرب العربي مع تلمسان تقعان في وسطه، ووجدة تمتلك البعد
المغاربي الذي يعطيها الشرعية التاريخية في إقامة مهرجان مغاربي، ولا يمكن
الحديث عنها كمدينة إلا بالارتباط بالسياق المغاربي، وهذا ما دفعنا
لإقامة المهرجان، حيث أنه نجح عندنا أكثر من أي مهرجان آخر في خلق هوية
فنية تشق طرقها نحو أفق الانفتاح على الآخر، المغاربي والعالمي، ربما لموقع
المهرجان بالإضافة إلى الثقافة المتنوعة التي يختلط فيها موسيقى الراي
التي تميز الغرب الجزائري بأنواع الإبداع الأخرى. إن المهرجان استطاع أن
يخلق لنفسه مكانة بحكم تميزه وبعده المغاربي وعمقه الثقافي والأسماء
الوازنة التي تحضر دوراته، وهو الآن في دورته الرابعة يحظى بتقدير النقاد
والمهتمين.
بدأنا
مهرجانا فنيا ولكننا وجدنا أنفسنا بخضم السياسة ولقينا بعض الإلحاح من طرف
الإخوة، على أن يحقق الفن ما عجزت عن تحقيقه السياسة. الوحدة المغاربية
بالنسبة للفنانين ليست شكلا يوجد صداقة وتفاهم وتبادل خبرات واشتراك في
ورشات وتكوينات. وأي نجاح للمهرجان لا يمكن أن ننسبه لنا فقط بقدر دعم
الاخوة المبدعين بجميع البلدان المغاربية، وكان شعار الدورة الماضية
“السينما جسر من أجل بناء جمالي” وهو يحتاج لقراءات عديدة ونتمنى أن يحذو
السياسيون حذو المثقفين ويعملوا على بناء أواصر المحبة بين كل أقطار المغرب
العربي.
حوار: محمد عبيدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق