الاثنين، 10 مارس 2014

مفترق الطرق .. في سينما الإسبان


عبد الستار اسماعيل - جريدة الثورة السورية
في محاولة منه أي مؤلف هذا الكتاب (السينما الأسبانية ) حيث يقدم محمد عبيدو دراسة شبه مفصلة عن السينما الأسبانية .
من النقاط المهمة التي عني بها الموقع الذي تشغله السينما الأسبانية في ميدان السينما العالمي فحدود تميزها تكمن بهذا العدد القليل من النتاجات والأسماء المعروفة عالمياً,ولا يمكن أن تحيد عن سينما لويس بونويل المعروف عالمياً وكارلوس سارورا وخوان بارديم والمخرجة ببلار ميروا ومؤخراً ظاهرة أفلام بيدرو آلمودوفار والذي حاز فيلمه كل شيء عن أمي على أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2001 وأليخاندرو آمينابار الذي حاز الأوسكار عن فيلمه البحر من الداخل ومن ممثلين وممثلات مثل أنتونيو بانديراس وفرناندو جوميز وفيكتوريا أبريل وكارمن ماورا وبينولوبي كروز وخافيير بارديم .‏
يذهب المؤلف إلى أن السينما الأسبانية قد لعبت دوراً مهماً في تحول أسبانيا إلى الديمقراطية ليس فقط بعد وفاة فرانكو 1975 بل في السنوات السابقة لوفاته, بل أكثر امتداداً إلى سنوات الحرب الباردة 1945 1957 ومعها بدأت تتحول سياسة الانغلاق التي اتبعها نظام فرانكوا أثناء وبعد الحرب الأهلية 1936 1939 إلى الانفتاح على العالم…‏
وقد ظهرت فيما بعد نماذج من الأفلام تحاول تحقيق المعادلة بين التأثر بالواقعية الجديدة الإيطالية والميلودراما الهوليوودية مثل فيلم موت راكب الدراجة للمخرج بارديم ……‏
والسينما الأسبانية لها أسلوبها الخاص في تقديم الرومانسية.. فنحن لا نرى الحبيب طوال الفيلم.. فقط صورته.. لكننا نحس بالحب الرومانسي الذي تفتقده السينما في هذا الزمن..‏
يعود الكاتب إلى تاريخ نشوء السينما الأسبانية ابتداء من عام 1896 فيلم لا يتجاوز الدقيقة .. فيلم تسجيلي أول لحفل زفاف الملك ألفونسو الثالث عشر… وبلغ عدد صالات العرض عام 1914 ) مع انفجار الحرب العالمية الأولى( في المدن الأسبانية حوالي 900 صالة واعتبر هذا العدد في ذلك الوقت كبيراً جداً حيث كانت أسبانيا مثل معظم الدول الأوروبية الأخرى, تستقبل الأفلام وتعرضها من كل بلدان العالم المنتجة للسينما. .. إلى الثلاثينات.. ثم الستينيات…. وحتى 2005 من القرن الحالي حيث فيلم المخرج الأسباني ماتجي (ساعات الضوء) الذي عرض بالمسابقة الرسمية لمهرجان دمشق السينمائي عام 2005يحكي قصة محكوم بثلاث جرائم قتل.. الفيلم مبني على قصة حقيقية, انه صورة آسية لمشهد يعاش في أسبانيا وفي أرجاء عديدة من الأرض, فيلم مكتمل بأدواته الفنية وبمزاوجته الإبداعية بين الشكل التسجيلي والشكل الروائي في القص, بجرأته الواضحة في الطرح وتصوير جميل وتقطيعه الزمني الذي ساهم به مونتاج متمكن, يضاف إلى ذلك أداء تمثيلي محبوك لجميع العاملين بالفيلم.‏
يتناول المؤلف بالتعريف و بالنقد والتحليل لأعمال عدد من المخرجين والممثلين الإسبان إضافة إلى تقديم نبذة عن حياتهم وسيرتهم الذاتية ككارلوس ساورا , و بيدرو آلمودوفار والممثلة كروز ساحرة إسبانية في هوليوود. والممثل أنطونيو بانديراس صاحب قناع زورو , والمخرج أليخاندرو أمينابار وغيرهم .‏
فمثلاً يقول عن بيدرو آلمودفار أن أفلامه تغوص في وحدة وعزلة الكائن المستلب. فعندما فاز بجائزة أوسكار أفضل سيناريو اصلي عن فيلم ( تحدث معها) حرص المخرج الإسباني بيدرو على شكر( كل الذين يسمعون صوتهم من أجل السلام) في إشارة إلى التظاهرات العالمية المناهضة للحرب ولحلف الشر بوش بلير أزنار, وأخرج قصاصة ورق من جيبه على منصة الأوسكار وقال : ( أريد أن أقرا شيئاً, أعرف أن ذلك ممنوع, لكني سأكون مقتضباً ) .‏
وبعدما شكر فريق العمل في الفيلم قال : ( أريد أن اهدي هذه الجائزة إلى كل الذين يسمعون صوتهم, دعماً للسلام واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية والشرعية الدولية, وهي كلها أمور مهمة للعيش, هذه الجائزة لهم ولكم لأنهم شهود على هذه اللحظة الرائعة في حياتي ) .‏
وعن كارلوس ساورا. العاشق الأندلسي الساحر في السينما الأسبانية . فقد وصف المخرج الأسباني كارلوس ساورا ذات مرة بأنه العاشق الأندلس وعالمها الذي ما زال يحمل حنين الروح العربية ربما يكون هذا الوصف صحيحاً, فهذا الفنان الذي ولد عام 1932 كانت ترشح كاميرته بمشاهد أندلسية. وفي فترة قصيرة نسبياً غدا من أهم مخرجي أسبانيا عبر تاريخها, وأحد أبرز مخرجي إسبانية الذين استطاعوا الخروج باقتراحات إبداعية وثقافية أصيلة, بعيداً عن تأثيرات السينما الهوليودية…‏
أفلام ساورا هذه نمط مختلف عما تعودت السينما أن تقدمه, إنها مشغولة بالمساحة الفنية والفكرية والزمنية السابقة للفيلم في حالاته العادية, إذ يرينا كيف نصنع عملاً فنياً. وتشكل لحظة عمل الفيلم هذه أعمق نقطة فيه, ففي حين تأتي البنية التقليدية للأفلام عموماً لترينا النسخة الأخيرة والأجود, تجيء أفلام ساورا لترينا عثرات ما قبل الإنجاز, دهاليزه عذابات المشاركين فيه, خصوصياتهم, هواجسهم الإنسانية والفنية, والطريقة القاسية التي يتشكل فيها العالم على الخشبة, لا تلك التي نشاهده فيها جاهزاً ومكتملاً إلى حد عدم حاجته لأي رتوش .. من أفلامه : (الصعاليك) 1959‏
 ( البكاء من أجل لص ) 1964 ( الصيد ) 1965 الذي نال جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي….. ( الليلة الظلماء) 1988(غويا في بورديوس) 1999 .‏
أما سينما أليخاندرو أمينابار السينماالشعرية التي تحاكي الموت وتقارب نبض الحياة . فيصنف هذا المخرج على أنه واحد من ابرز المخرجين الإسبان الجدد. ) وكأغلب المخرجين الجيدين( يتبع أسلوب صانع الأفلام الذي ) يشمل إلى جانب الإخراج كتابة النص( بالإضافة إلى ذلك ) يقوم ألمنبار بوضع موسيقاه التصويرية بنفسه, ) مشكلاً حالة من الإبداع . من أفلامه( تيسيس( 1996 وفيلم( افتح عينيك) 1997 و (الآخرون) إنتاج 2001.‏
وعن الممثل بانديرياس صاحب الميدالية الذهبية فيشير المؤلف إلى مواقفه الجريئة من الحرب على العراق حينما صرح للصحافة الأسترالية : أنا لست متحمساً لتلك الحرب التي شنت ضد العراق, ولا أفهم ماهي أهدافها, وقد شنت وسائل الإعلام الأمريكية حملة شعواء ضد الأسباني الوسيم بعد أن قال أن العراقيون ليسوا من الهنود الحمر للتعبير عن رأيه في الحملة الأمريكية على العراق ..‏
ومؤكداً أن قيامه بتمثيل فيلم المحارب 13 الذي أدى فيه دور أمير عربي وابن خليفة يذهب إلي أوروبا موفداً من قبل الخليفة ليعلم الأوروبيين قواعد السلوك المتحضر مما مكنه من التعرف على الحضارة العربية والإسلامية عن قرب, وكذلك طبيعتها الجغرافية والتاريخية وعاداتها وتقاليدها التي ترفض الذل والهوان. وكأسباني تعود جذوره إلى مدينة ملقة فقد اختلط بكثير من الزوار والشخصيات العربية.‏
من أولى أعماله ( متاهة العاطفة) 1982 أدخله فيه إلى عالم السينما المخرج الأسباني بيدروا آلمودوفار حين لفته أداؤه ثم تتالت أعماله بعد أن شارك البعض من نجوم هوليود في التمثيل.‏
وأخيراً يتوقف الكاتب عند جوائز ( غويا) السينمائية … فبمرور العقود والقرون أصبح غويا الرسام الإسباني الشهير رمز لأسبانيا وللثقافة الأسبانية وللتاريخ الأسباني, ورمزلما أصبح يسمى بالسينما الانطباعية, وما كان للسينمائيين الإسبان أن يجدوا أسم لجائزتهم القومية أفضل من اسم (جوائز غوي) . وهي تمنح للأفلام التي عرضت خلال العام السابق ويبدأ باختيار 4 أفلام للترشيح لكل جائزة على حده, من بينها يختار الفيلم الفائز حيث توزع في أواخر كانون الثاني أو أوائل شباط وان ظلت تمنح متأخرة بعض الشيء . والجهة التي تمنح جوائز غويا تناظر بالضبط نفس اسم نظيراتها في أمريكا وفرنسا, الأكاديمية الإسبانية لعلوم الفنون السينمائية.‏
الكتاب : السينما الأسبانية.‏
الكاتب : محمد عبيدو.‏
إصدار : 2006‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق