الاثنين، 10 مارس 2014

مهرجانات 7 : اضوء على مهرجــــان تاغيت للفيلم القصير

تاغيت ( الجزائر ): محمد عبيدو
على بعد 960 كيلو متراً جنوبي غرب العاصمة الجزائرية توجد مدينة (تاغيت) بولاية بشار لؤلؤة الصحراء الجزائرية كما يسميها الجميع وهي قطعة مترامية الاطراف على مساحة 8040 كيلو متراً من الرمال الذهبية وتصبح مدينة (تاغيت) في شهر كانون الاول من كل عام قبلة السياح والزوار من الجزائر وخارجها، في هذه المدينة الصحراوية جرى مهرجان التاغيت الذهبي للفيلم القصير بدورته الثانية اواخر الشهر الماضي، الذي تشرف عليه مؤسسة الفنك الذهبي وهو اسم حيوان صحراوي شهير في الجزائر.
وقد حصد الفيلم الجزائري سكتوا للمخرج الشاب خالد بن عيسى جائزتي افضل فيلم عن المسابقة الدولية وجائزة الكاميرا الذهبية الخاصة بالافلام الجزائرية ، حيث قدم وببراعة كبيرة صورة واقعية للمجتمع الجزائري من خلال مزجه بين الفكاهة والجدية حيث يروي حكاية منشط اذاعي شاب (قام بدوره الفنان هشام مصباح ) ينشط حصة ذات استماع كبير ليلا وينام بالنهار، ليحاول النوم في الوقت الذي بدأت تستيقظ فيه المدينة ولما كان يسكن حياً شعبياً فيه الكثير من الضجيج والجلبة اصبح الشاب المنشط لا يعرف النوم ولا يمكنه بالتالي الاسترجاع من عمل الليل ، فيحول ضجيجها حلمه الى كابوس ، وتتحول المدينة الى فوضى غريبة ومصح للمجانين.
«سكتوا» : فيلم مشغول بتمكن وذكاء من المخرج الجزائري خالد بن عيسى واما جائزة احسن اداء نسوي فقد منحت الى المغربية اسماء الحضرمي لمصداقية دورها الذي جعلته في خدمة الاخراج المحكم للفيلم في فيلم « المرأة الشابة والمعلم» للمخرج محمد نظيف وتؤدي فيه اسماء دور امرأة فقدت زوجها في البحر وهو يحاول ان يعبر البحر بهجرة سرية، احمد شاب في العقد الثاني من العمر ، المرض فرقه عن حبيبة عمره ليقرر على اثرها مغادرة القرية والتوجه الى منطقة اخرى بالمغرب في محاولة لنسيان حب صديقته العالق في قلبه ، ويعمل مدرساً بمدرسة القرية غير ان حالته تزداد تأزماً بعد التقائه بشابة فقدت هي الاخرى حبيبها غرقاً وهو يحاول الالتحاق بالضفة الاخرى… وجائزة افضل اداء رجالي للراقص التعبيري الفرنسي او غليان دي كلوزو في فيلم او اس للمخرجة الفرنسية ماري فناري لأنه ادرك كيف يجمع بين مختلف الاليات الضرورية للأداء من حركية الجسد الى التعبير بملامح الوجه.
وكانت حيثيات منح جائزة افضل سيناريو التي نالها الفيلم الاردني المشهد للمخرجين رفقي عساف وحازم البيطار، لأنه ادرك كيف يحافظ على مصداقية نظرته رغم حداثتها فيما يخص مسألة سياسية حادة وفي الفيلم ينتفي الحوار الانساني والسياسي بين الفلسطينيين واسرائيل باستثناء علاقة من طرف واحد تلخصها عدسة بندقية في يد جندي يراقب هدفاً فلسطينياً محتملاً ويؤمن بأن كل مسلح هو «ارهابي» الا اذا كان اسرائيلياً.. بينما كان فيلم التونسي رضا تليلي قد نال جائزة افضل اخراج لبصمته الخاصة في كتابته السينمائية ولانه نجح بشجاعة ووعي كيف يجسد لنا المناخ الضاغط على مصير الفرد، وفيه نرى رجلاً يكتشف انه ميت بحسب شهادة وفاة الحالة المدنية، وهو في رحلة بحث عن ما يؤكد حياته او وفاته .
وقد نوهت لجنة التحكيم بخمسة افلام هي: كيكة بالكريمة للمخرج المصري احمد مجدي لقوته الانسانية، وصورته الشاعرية، والفيلم الجزائري قوليلي للمخرجة صابرينا ضراوي لشجاعة المخرجة والجرأة التي تناولت بها موضوعها سواء في جانبه التقني الذي اشتغلت عليه المخرجة الشابة بشكل جميل وملفت للنظر مستعملة لقطتين دون انقطاع وأخرى مقربة جداً اعطت العمل حيوية وعمقاً الى جانب الديكور الذي اولته ايضاً عناية كبيرة بتفاصيل متناهية لكن اهمية العمل برزت ايضاً من ناحية المضمون بطرحها لموضوع راهن غاصت من خلاله في حديث عن الحب والجنس بين صديقتين تختلفان كثيراً عن بعضهما في وجهات النظر بقدر ما تتشابهان… امرأة مشتتة متناقضة محافظة، وامرأة تدعو للتحرر والحب ولا تقضي ايامها وحيدة في انتظار من يدق بابها ليطلب يدها. وفيلم تهليلة لطفل للمخرج الصربي ميلوس بوشيك لتحكمه في اللغة السينمائية وعمق رسالته الانسانية والفيلم الاماراتي بنت النوخذة للمخرج خالد المحمود لشاعرية السرد ورهافة نظرة الطفل لطقوس الدفن وفي الفيلم يمتزج الواقع المؤثر بلحمة فانتازية تكمل رؤيته من خلال قصة طفل يعيش لحظات موت جدته وتغسيلها في الوقت الذي يتذكر فيه كيف كانت جدته تحدثه لتكوّن لديه ذلك التصور الخيالي المعتمد على اسطورة شعبية تجاه البحر الغامض. والفيلم البلجيكي انتهت الكوميديا للمخرجين جون جوليا كوليت وأوليفي تولي لاستعداداته السينمائية المتكاملة.
وكانت لجنة تحكيم المسابقة الدولية تكونت من المخرجة التونسية سلمى بكار رئيساً والمخرجة الايرانية ايتن مولتو سراي عضو لجنة التحكيم والمخرج الهندي ريتشي محتا عضو لجنة التحكيم ومن جزر القمر المخرج محمد سعيد امة عضو لجنة التحكيم والناقد الجزائري مولود ميموني عضو لجنة التحكيم بينما تكونت لجنة تحكيم الافلام الجزائرية من علال يحياوي رئيساً وعضوية كل من المخرج المغربي داود اولاد السيد والناقد والصحفي الجزائري نبيل حاجي، حيث نوهت بافلام قوليلي لصابرينا ضراوي وبأفلام الرسوم المتحركة المنفذة من قبل مخرجين جزائريين شباب اشتركوا بها في مسابقة الافلام الجزائرية.
يذكر ان المهرجان يتعانق فيه سحر المكان وسحر السينما ومتعة المشاهدة الجديدة والمغايرة حيث عرضت الأفلام في خيمة كبيرة وافترش المشاهدون الأرض لمتابعة الأفلام المعروضة، وقد افتتح من طرف كاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال الشاعر عز الدين ميهوبي الذي توقع «نجاح المهرجان وأخذه مستقبلاً بعداً دولياً إذا استمر بهذه الاحترافية والعمل المنظم والتنسيق المتكامل».
وتضمن مهرجان الفيلم القصير، اختيار عدة أفلام للمسابقة الدولية التي فتحت للأفلام المنجزة بين عامي 2007 و2008 وبانوراما للفيلم الوطني ومحاضرات ونقاشات وورشات وأنشطة موازية، وقد عرض 26 فيلماً سينمائياً قصيراً فيما تابع الجمهور أفلاماً أخرى في إطار ركن بانوراما سينما المهرجان.
وعلى هامش المنافسة الرسمية، تم عرض فيلم قصير بعنوان جيللو للايطالية ماري كنالي تكريماً لصانع فيلم معركة الجزائر الذي اخرجه في الستينيات من القرن الماضي الايطالي جيل بونتيكورفو والذي عرف بصداقته لثورة التحرير الجزائرية، وهو ما دفعه الى حمل الكاميرا وتصوير احداث الثورة في الجبال وفي القصبة في 1966، ونال بفضل «معركة الجزائر» الجائزة الكبرى بمهرجان فينيسيا الايطالي وحضرت العرض الجزائري زوجته التي تأثرت بالحضور الجماهيري المتميز ، وكذا تنظيم «قعدات» شارك فيها مختصون في الفن السابع حول العديد من المحاور السينمائية من بينها «عندما يلبس الضوء الإحساس» مع مدير التصوير الجزائري علال يحياوي و «عندما يصبح الإطار وسيلة سيكولوجية» و« العلاقة بين المخرج والممثل» مع المخرج المغربي داوود ولاد اسياد كما شهدت خيمة التاغيت عرض الفيلم الهندي آمال للمخرج ريشي مهتا والفيلم الجزائري مسخرة للمخرج الياس سالم في إطار العروض السينمائية الخاصة لهذه الدورة لابراز تجربة المخرجين الشباب الذين اخرجوا العديد من الأفلام القصيرة، وعندما انتقلوا للفيلم الطويل حققوا نجاحات باهرة بالمهرجانات وقالت المخرجة ياسمين شويخ المدير الفني للمهرجان ان مدينة تاغيت ستقوم حالياً بإنشاء قاعة سينمائية تتسع لحوالي 350 مقعداً لتخدم المهرجان واهالي تاغيت، وهي تعد احدى الثمار المبكرة لهذا المهرجان الوليد واضافة جديدة للقاعات السينمائية الجزائرية التي تتعرض لخطر الاغلاق والاندثار، كما يقوم المهرجان وعبر موقعه الالكتروني الرسمي بإنشاء قاعدة بيانات لخدمة صناعة الافلام الروائية القصيرة في كل مكان. ومن الافلام التي عرضت بالمهرجان الفيلم التونسي «ليلة عيد» اخراج اشرف لعمار وتدوم مدته 8 دقائق و 32 ثانية حاول من خلالها الممثلان جمال المداني والهادي بوكراع ان يجسدا خوف الانسان من الموت ودو غمائية وضبابية النظرة المشوهة للدين يبرز شيخا «الهادي بوكراع» الذي لم يسبق له التعامل مع الكاميرا يصلي وعلامات الوهن والتعب بادية عليه يدعو الله ان يريحه من هذه الدنيا ويلحقه بزوجته الراحلة وسرعان ما يستجيب الله لدعواه ويرسل اليه ملك الموت لأخذ روحه عندها يتشبث بالحياة فالعجوز الذي أنهى صلاته في فجر يوم العيد يتمدد في فراشه ويغرق في النوم وفجأة توقظه أصوات غريبة يظنها هلوسات لكن الحوار بين الرغبة في الحياة وحتمية الموت تبرز لنا هشاشة الكائن البشري، ويتوسل للملك ان يتركه يعيش وهو يقول «إذا العيد اتركني أضحي بشاتي»، ليكتشف ملك الموت الذي جسده المخرج في صورة بشرية انه أخطأ في الشخص والتوقيت وان عليه المغادرة إلى بغداد قبل الفجر ليقبض روحاً هناك وسرعان ما يختفي الملك، ليعلن صوت المذياع: «تم فجر اليوم تنفيذ حكم الاعدام في الرئيس..» دون اتمام الجملة تاركاً المجال مفتوحاً لتأويلات مختلفة.
والفيلم التونسي «اسكات» للمخرجة فاتن حفناوي، يحكي عن صحفية مهاجرة ومصور حرب، ترجع الصحفية إلى بلادها بعد سبع سنوات غربة اثر اعتزالها عالم الصحافة بعد معايشتها لحرب فلسطين والعراق، لتلتقي بالمصور ويحكي كل منهما للآخر المشاكل التي صادفتهما في مشوارهما المهني.
والفيلم الجزائري «كالنحلة» للمخرج مؤنس خمار وبطلته نحلة محصورة في شقة مغلقة النوافذ تبحث عن مخرج صوب الازهار لتتناول غذاءها، ولم يظهر سكان الشقة بشكل مباشر، وهو خال من أي حديث سوى من طنين النحلة المسكينة فنسمع نشرة أخبار عن حل أزمة الغذاء عام 2011 ليكون الرد عليها بطريقة ساخرة جداً بصوت من احد سكان الشقة النائمين وخبر آخر عن حرب امريكا في العراق والأزمة العالمية المالية في الثلاثينيات، وكلها أخبار لا تستحق تعليقاً سوى ذات الصوت الذي ينهي الفيلم.
والفيلم المصري «هوس العمق» لأسامة العبد عن قصة فنانة تشكيلية شابة تعرض اعمالها لأول مرة لكنها تصطدم بكلمة يلقيها في وجهها احد النقاد الكبار في الفن التشكيلي قائلاً:« عملك فيه فطرة لكن ينقصك العمق » لتصطدم الفتاة وتبدأ رحلة مهووسة بحثاً عن العمق ليس فقط في اعمالها الفنية بل في حياتها وشخصيتها ووجودها وما يدور حولها لينتهي بها المطاف للانتحار. والفيلم المصري (فيولينا) لسوزان عباس ويدور حول شخصية الموسيقي ميشيل المصري احد ابرز عازفي الكمان في مصر ومؤلف موسيقى تصويرية للعديد من الاعمال التلفزيونية ،منها مسلسلات ليالي الحلمية، مين اللي ما يحبش فاطمة، والحاج متولي …
والفيلم الجزائري « الشك» للمخرج عمار سي فوضيل الذي تدور احداثه حول احمد الذي يقتله الشك بعدما تركته زوجته دون اي سابق انذار ، حيث تركت له رسالة في المنزل تخبره فيها بأنها تفارقه ولا تريد ابداً الرجوع اليه بعد ان ضاقت به ذرعاً ليبقى طيف مريم يحوم بين ارجاء المنزل وتزداد معاناة احمد امام تأنيب الضمير وعدم معرفة فيما اذا كان فعلاً قد قتل زوجته ام لا…


قطعة كعكة بالكريمة قد تسعد الفتاة غير ان صديقها المعدم لايملك النقود لتلبية طلب رفيقته ولحسن الصدف يخرج عند مدخل الطريق الرئيسي فيلتقي بعامل نظافة ليقدم له قطعة كيك بالكريمة حتى يثير سعادة صديقته المسكينة. ومن سورية شارك نضال حسن بفيلمه /حكاية كل يوم/ عن علاقة بين رجلين وامرأة احدهما الزوج والاخر العشيق، وجود سعيد بفيلمه /وداعاً/ وهو تحية حب سينمائية للمخرجين الراحلين بيرغمان وانطونيوني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق