محمد عبيدو : كان الظهور القوي للمخرجة
الأكثر جدلاً في السينما المصرية في الثمانينات وهي إيناس الدغيدي (10 مارس 1953
-) دخلت إيناس الدغيدي المجال السينمائي مصادفة حين التحقت بالمعهد العالي للسينما
في القاهرة ولم تتوقع حينها أن تجتاز الاختبارات المؤهلة، إذ كان للمعهد شروط
صارمة ولا يقبل إلا أعداداً قليلة من الطلاب. وحين التحقت به فعلياً وتدريجياً،
استهواها العمل الفني والإخراج خلال دراستها وتخرجت العام 1975 لتشق طريقها في
الوسط السينمائي وعملت لفترة كمساعد مخرج لمجموعة من أهم المخرجين في السينما
المصرية مثل صلاح أبو سيف، حسن الإمام، بركات، كمال الشيخ وأشرف فهمي ، ما أصقل
موهبتها وأكسبها الخبرة.. بدايات الدغيدي مع الإخراج كانت من خلال فيلم «عفواً
أيها القانون» (عام 1985) وبفيلمها الأول حققت لنفسها مكانة فى صناعة السينما
المصرية وحتى الصحافة الأجنبية كتبوا عنها " مخرجة لها طلة هوليودية) ولم تحظ
أفلامها بالنقد المستحق . وتوالت الأعمال : التحدي 1989. امرأة واحدة لاتكفى 1990. القاتلة 1991. قضية سميحة بدران 1989. زمن الممنوع 1987. استاكوزا 1996و «لحم رخيص» تدور أحداثه عن تجارة الجسد في الأرياف المصرية حيث تتواجد
إخلاص وتوحيده و نجفه الفتيات الثلاث بنات القرية الواحدة بالظروف الصعبة
المتشابهة اللاتي يتقدمن للمعلم مبروك ليبحث لهن عن فرصة عمل أو زواج فيزوج نجفه
لشيخ عربي يجعلها خادمة لزوجاته بينما تتزوج إخلاص شابًا خليجيًا يتركها بعد أن
تحمل منه بينما تعمل توحيده خادمة في أحد الأماكن سرعان ما تتركه.. وعلى رغم بداية
إيناس الدغيدي القوية، إلا أنها أصبحت تستسلم لقوانين السوق السينمائي وتعمل على
زيادة المشاهد الإباحية في أفلامها، من خلال معالجة سطحية لقضايا مهمة، ويتضح هذا
الاستنتاج في أفلام مثل «دانتيللا»، «كلام الليل» تمثيل: يسرا، جالا فهمي، أشرف عبد الباقي . رمت
الظروف المعيشية الصعبة بأمينة التي تركها حبيبها بحثا عن المال في دول الخليج ،
وجعلتها تعمل لدى امرأة تدعى كوكيتا التي تستغل منزلها لملذات السياسيين النافذين
في الدولة. للوصول الى المال والتسهيلات والاستثناءات عبر اقصر واضمن طريق وهو
الجسد والجمال .. وفي الفيلا الفاخرة لهما، يتم تصوير كل ما تقوم به احداهن مع اي
رجل بواسطة كاميرا فيديو بيد اخرى ، فقد وعت الشابتان الايجابيات الاجتماعية
والنفسية للارشفة المصورة لزبائن الجسد وحرصتا عليه باستمرار . في هذه الأثناء،
يوكل شاب في الشرطة، عبد الباسط، للإيقاع بكوكيتا. ولذلك يتنكر عبد الباسط للعمل
كسائق لديها. فيتم التعاون بين أمينة و الشرطي لكشف كوكيتا بعد أن عملت على هدم
حياة أمينة وحرمانها من الزواج بمن تحب .، ثم قدمت " الوردة الحمرا "
2000، حول قصة حب تنشأ بين أحد رجال العصابات وبين زوجة رئيس العصابة، وتتوالى
أحداث فيلم الوردة الحمرا حيث ينشب الصراع بين رئيس العصابة وبين مساعده وذراعه
الأيمن الذي طالما اعتمد عليه في أعماله المشبوهة، ومن خلال أحداث فيلم الوردة
الحمرا ينتحر رئيس العصابة بعد أن تيقن من أن زوجته تحب رجله الأول، ويكمل
العاشقان حياتهما بعد موت رئيس العصابة. "مذكرات مراهقة" 2001 ،قصته حول
"جميلة"، ابنة أحد رجال الأعمال، تتخيل صورة مثالية لفتى أحلامها على
انه انتونيو الذي احب ملكة مصر كليوبترا متخيلة ايضا انها هي تلك الملكة، يتصادف
وتلتقى به أثناء رحلة مدرسية للأقصر، أنه رؤوف صديق نانسى زميلتها فى المدرسة. تقع
جميلة أسيرة لقصة حب رومانسية تسلم فيه جسدها لحبيبها الذي يعدها بالزواج، لكن
نانسى التى تحقد على قصة الحب الناجحة لجميلة، تسعى مع صديقها هيثم الراغب فى جسد
جميلة ويتم تصوير اللقاء الجنسى بين جميلة ورءوف. يسافر رءوف إلى الخارج لعلاج
والدته، يحاول هيثم إبتزاز جميلة، عندما ترفض، يقوم هيثم بالتشهير بجميلة ويرسل
لناظرة المدرسة شريط الفيديو المسجل عليه اللقاء الجنسي. تدبر نانسي موعدا للقاء
جميلة، إلا أنها تجد هيثم فيقوم بشد وثاقها والاعتداء عليها، يصل رءوف لنيقذها
وينقلها إلى المستشفى. بعد أن يتم إجهاضها، يطلبها الزواج، إلا أنها ترفض وترحل هى
وأسرتها إلى الخارج. و"الباحثات عن الحرية" 2004. يطرح الفيلم قصص لبعض
النساء العربيات اللائي يعشن بعيدا عن أوطانهن، من خلال ثلاث حكايات تعكس بعدا
إنسانيا، ولكل امرأة منهن قصة مختلفة ولكن هذه القصص تنصب جميعها في قالب واحد وهو
البحث عن الحرية في مجتمع آخر.
داليا البحيري تجسد دور فنانة تشكيلية
تعاني من غيرة زوجها بسبب نجاحها وتفوقها عليه حيث أنه يعمل في نفس المجال، وتضطر
للسفر الي فرنسا في محاولة لاثبات ذاتها ونبوغها في مجالها وتترك مع زوجها طفلها
وهناك تتعرف علي مهندس مصري وترتبط معه بقصة حب كبيرة وتعيش حائرة بين حريتها
وحبها الجديد وبين العودة الي وطنها. الفيلم عن قصة لهدى الزين . وعن اختيارها
للمثلات من جنسيات متعددة تقول إيناس الدغيدي: كنت أريد أن أكون
واقعية جداً لأن قصص الفيلم مكتوبة في فرنسا، والثلاث فتيات يمثلن العالم العربي ،
فرغبت في أن تكون كل ممثلة موجودة في بلدها، الفتاة المغربية تظل في المغرب وتتحدث
اللهجة المغربية ، وكذلك الفتاة المصرية ، وكذلك الفتاة اللبنانية التي تعاني
نفسيا من آثار الحرب ، وأعتقد أن هذا التنوع أضفى حلاوة على الفيلم، فالواقعية مع
التنويعة المختلفة من الفتيات الثلاث والأضواء والبلاد أضفت على الفيلم بعدا جميلا
، ومن وقتها اتجه صناع السينما المصرية إلى إحضار الفنانين العرب والعمل معهم ،
وأنا على يقين بوجود ممثلين عرب على درجة كبيرة من الموهبة والاحترافية لكن لا
يوجد لديهم صناعة سينما.
تظل هى المخرجة المصرية المثيرة للجدل
كلما ظهرت فى مكان، ليس فقط عبر الأفكار التى تقدمها فى أفلامها أو اللقاءات
الإعلامية، ولكن ايضا من خلال الاحاديث التى تدلى بها وعلى رغم الاختلاف حول
القيمة الفنية لأعمال إيناس الدغيدي فستظل بجرأتها وآرائها حالة خاصة بين المخرجات
في السينما العربية، وهو ما جعل المتطرفين يضعونها على قائمة الاغتيالات، ويكفي
أنها قدمت مجموعة كبيرة من الأعمال الجريئة في ظل سيادة التطرف في المجتمع المصري.
ومن اخر
افلامها " ما تيجي نرقص " 2006 يحكي
عن امرأة ملت من حياتها وفجأة اكتشفت أن الرقص هو الشيئ الذي قد يساعدها على تخطي
هذه المحنة وتشترك في مسابقة لرقص "الفالس"، ولكنها لم تخبر زوجها
بالأمر.. و " مجنون أميرة " 2009 . حول شاب عربي يقع في حب الأميرة
ديانا ويحبها حب جنوني .
خاضت إيناس الدغيدي تجربة التمثيل في
بداية مشوارها الفني، بظهورها في فيلم "أفواه وأرانب عام 1977، من خلال
تقديمها دور خطيبة محمود ياسين، والتي تغار عليه من خادمته سيدة الشاشة العربية
فاتن حمامة، والتي يتركها خطيبها من أجل الأخيرة.
واضح أن نموذج المخرجة إيناس الدغيدي،
تلك المرأة المثيرة للجدل صاحبة الشخصية القوية، أصبح بمثابة «البعبع» الذي يخيف
منتجي السينما المصرية، والدليل على ذلك هو أن الدغيدي ومن خلال شركتها الانتاجية
«فايف ستارز» أصبحت هي المنتجة لكل أفلامها.
نالت ايناس الدغيدي العديد من الجوائز
والتكريمات داخل مصر وخارجها منها : جائزة العمل الأول من الجمعية المصرية لفن
السينما العام 1985. شهادة تقدير من مجلس نقابة المهن السينمائية العام 1986.
جائزة تقدير من الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما العام 1989. جائزة من
المهرجان القومي الحادي عشر للفنون المصرية.
أحسن إخراج من مهرجان الإسكندرية
السينمائي الثالث عشر العام 1997. شهادة تقدير من مهرجان بيونغ يانغ السينمائي و
أحسن إخراج عن فيلم دانتيلا العام 1998. أفضل فيلم من مهرجان القاهرة السينمائي
العام 2001. أفضل فيلم من مهرجان القاهرة السينمائي العام 2004.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق