الاثنين، 27 مارس 2017

عبد اللطيف كشيش سينما صادمة

بعد سعفة "كان" الذهبية الأولى التي حازها لخضر حامينا عن فيلمه وقائع سنوات الجمر، أتى المخرج الفرنسي، من أصل تونسي
عبد اللطيف كشيش بعد نحو أربعة عقود ليحصل اسم عربي على السعفة الثانية في تاريخ المهرجان في دورته السادسة والستين بفيلمه "حياة أديل" الذي أنتج وصور في فرنسا وبشخصيات فرنسية. وهو مقتبس من القصة المصورة "الأزرق لون ساخن" للفنانة جولي ماروه، لكن الفيلم كان بمثابة الصفعة، فمنذ سنوات عديدة لم تضاهه قصة حب أخرى قوة وجمالا. هو فيلم بخلفية غربية عن موضوع غربي مثير وجدلي، مخرجه يقارب التفاصيل الخاصة للحدث المعيش لصناعة سينما مواكبة للقضايا المطروحة... "إنها قصة حب رائعة، كل منا يرى نفسه فيها" هكذا وصفه المخرج ستيفن سبيلبرغ رئيس لجنة تحكيم مهرجان "كان".
عبد اللطيف كشيش مخرج وممثل وكاتب سيناريو، ولد في 7 ديسمبر 1960 بمدينة تونس، ثم ارتحل مع والديه إلى مدينة نيس بفرنسا وهو في السادسة من عمره، درس الفن الدرامي في معهد الفنون الدرامية وعمل ممثلًا مسرحيًا وسينمائيًا منذ بداية عام 1978، عام 1984 ظهر في فيلم "شاي بالنعناع" للمخرج عبد الكريم بهلول، وفي عام 1994 فاز بجائزتين تقديرًا لأدائه في فيلم "بزناس" للمخرج النوري بوزيد، وفي عام 2000 أخرج أول أفلامه الطويلة تحت اسم "خطأ فولتير".

سعى كشيش إلى إبراز صورة جديدة عن الأحياء الشعبية الفرنسية عبر فيلمه الثاني (الزوغان) 2004، وهو الفيلم الذي حصل على جائزة "سيزار" لأفضل فيلم وأفضل سيناريو أصلي. تروي قصته علاقة حب بين مراهقين في حي واحد. فكريمو، ذو الشخصية المنغلقة، يدور في الحي لا يلوي على شيء، محاط بأصدقائه، ولا يجد إلا طريقة واحدة ليعلن عن حبه لصديقته في الفصل ليديا (ليديا، الصبية المرحة المليئة بالحياة) وهي القيام بدور آرلوكان في إحدى مسرحياته ماريفو "Marivaux". هذه العلاقة الغرامية يقدمها لنا عبد اللطيف كشيش في تلقائيتها المغلفة بعنف لغوي وبذاءة، هي النمط اللغوي الوحيد الذي يتقنه شباب أحياء الضواحي.. شتائم تخفي في طياتها الكثير من مشاعر المحبة والصداقة والأخوة والتضامن، وتخفي في الوقت نفسه خفراً لا حدَّ له. هذا الأسلوب في التعامل هو الطاغي على أغلب مشاهد الفيلم التي تعالج تلك الأواصر التي تربط الشبان بعضهم ببعض، الأواصر الخفية التي يعبرون عنها بعنف لغوي ولا يخفي من حقيقة الأمر شيئاً. وقد عمل المخرج على تجريد هذا النمط اللغوي العنيف في الاتصال من الهالة المحيطة به ومن كل ما التصق به من سلبيات، وبالتالي اختار مسرحية ماريفو "لعبة الحب والقدر" لما تحمله من معان لتبليغ خطابه ذاك. فالمسرحية يتدرب على عرضها تلامذة الفصل، وليديا من بينهم. والمسرحية أيضاً تحكي عن المشاعر الإنسانية بكل تعقيداتها وتشعباتها، وعن حق كل الطبقات الاجتماعية في البعد الإنساني. إن اختيار المخرج لهذا العرض المسرحي كان من أكثر إيجابيات الفيلم، إذ أبرز عبره البعد الإنساني لشريحة اجتماعية (أو مجموعة من الأفراد) لها نمط اتصالي خاص بها، ولطالما عانت من قلة التمثيل الذي تحظى به في القطاع السمعي البصري الفرنسي. والفيلم بالتالي انعكاس جديد لرؤية لم نعهدها لهذه الأقلية التي تطالب بحقها في الاختلاف. اختلاف نلمسه طيلة عرض الفيلم، لكنه في حقيقة الأمر اختلاف شكلي ما دام المضمون واحداً.. ثم قدم كشيش فيلم "كسكسي بالسمك" (2007) الذي نجح في نسج تفاصيل كفاح عائلة تونسية مهاجرة إلى فرنسا.  وفي فيلمه "سر القمح" 2014  يجد السيد سليمان صعوبة بالغة في التكيف مع عمله كلما كبر في السن، وفي الوقت نفسه يرغم نفسه على قضاء المزيد من الوقت مع عائلته، على الرغم من كافة الخلافات، على الرغم من حقيقة كونه مطلقًا، وعندما ينتابه طوال الوقت الشعور بالفشل واللاجدوى، يفكر جديًا في افتتاح مطعمه الخاص، وعندما لا يجد ما يكفي من الدعم الذاتي لمشروعه، تعاونه أسرته وتشجعه على إتمام المشروع.
محمد عبيدو
نشرت بالجزائر نيوز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق