محمد عبيدو
قدمت السينما العديد من الأفلام التي ركزت على هموم العمال ومتاعب البسطاء وسلطت الضوء على كفاح العمال وتناول حياتهم ومشاكلهم التي يتعرضون لها. وتشير التأريخات الى انه كان للعمال نصيب في أولى اللقطات التي صوَّرتها السينما، فى يوم 28 ديسمبر 1895، عندما عرض الأخوان لوميير أول “مشهد تصويري متحرك” يظهر فيه خروج العمال من أحد مصانع مدينة ليون الفرنسية في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً، للاستمتاع بفترة الاستراحة وتناول الطعام.هنا وقفة مع أفلام عربية واجنبية تطرقت لأحوال العمال ومشاكلهم واحلامهم :
فيلم “المدرعة بوتمكين” (١٩٢٥) للمخرج السوفييتي سيرغي أيزنشتاين، الفيلم يؤرخ الثورة العمالية في مدينة (سان بطرسبرج) عام 1905، يروي الفيلم قصّة مأخوذة بشكل أمين عن أحداث واقعية، وتبدأ أحداثه في احتجاج عمال السفينة المدرعة بوتمكين على الأوضاع المزرية، الأمر الذي يجعلهم عرضة للعقاب من الضباط، حينها يثور العمال ضد الضباط ويسيطروا على السفينة، مع عصيانهم أوامر الضبّاط الذين سينفّذون مجزرة بالأهالي، في مشهد ملحميّ على الدرج. وعند عودتهم يستقبلهم ثلاثة الآف من أهل سان بطرسبرج بالتحية والترحاب.
فيلم “العصور الحديثة” : (1936) قدم فيه شارلي شابلن رؤية متعاطفة مع العامل وساخرة من رأس المال الساعي لتشييئه وجعله برغي في ماكنة العمل. تدور أحداث الفيلم حول شخصية (المُشرَّد)، والذي يفشل هذه المرة في أن يكون عاملًا بخط التجميع في أحد المصانع، حيث يصيبه التوتر لفرط سيطرة الآلة على كل شيء بالمصنع، وخاصة بعد أن يجرب عليه مدير المصنع آلة الإطعام الجديدة التي اختُرِعت لتوفر الوقت الضائع في استراحة الغذاء، فيصيب الآلة عطل وتأخذ في ضرب شارلي في وجهه حتى يفقد الوعي. مما يدفعه للعودة إلى الشارع مجددًا، وخوض الكثير من الصعاب في طريقه، وبعد أن تزول عن شارلي نوبة العصاب يأتيه نبأ الإضراب ويخرج كل عمال المصنع إلى الشارع. وفي الشارع يقع علم أحمر من عربة للنقل ويسرع شارلي لالتقاط العلم يريد إعادته للعربة.وبمجرد ما أن يمسكه بيده حتى يعتقد العمال أنه يدعو لمظاهرة في حين أنه لا يقصد ذلك أبدًا، وتحتشد الجماهير وراءه سائرة في مظاهرة حقيقية، ويراه رجال الشرطة ويعتقدون أنه قائد المظاهرة ويلقون القبض عليه. وعندما يخرج من السجن يقابل بطريقه فتاة شريدة مطلوبة للعدالة، فيحاولان معاً مواجهة العالم القاسي من حولهما .
فيلم عناقيد الغضب : (1940) عن الرواية الشهيرة للكاتب جون شتاينبك ينقل الفيلم حياة عائلة في فترة الكساد الكبير، الفيلم شديد الجدية ويناقش مشكلة كبيرة وهي خسارة العائلات لمصدر دخلها سواء كان أرض أو عمل في فترات الأزمات الاقتصادية من خلال عائلة جود التي تضطر للرحيل عن مدينتها لتتشرد بحثًا عن لقمة العيش.الفيلم إخراج جون فورد، وتمثيل؛ هنري فوندا، جين دارويل، جون كارادين.
فيلم “نورما راي” : (1979) إخراج مارتن ريت، وبناء على قصة حقيقية ، الفيلم يتبع نورما راي ويبستر ، أم شابة وحيدة وعاملة في أحد مصانع النسيج لديها القليل من التعليم الرسمي في ولاية كارولينا الشمالية توافق على تشجيع رفقائها من عمال المصنع في سبيل تشكيل نقابة لهم بعد أن تتعرض صحتها وصحة زملائها للخطر بسبب ظروف العمل السيئة رغم الصعوبات التي تواجههم في سبيل ذلك. الفيلم تمثيل؛ سالي فيلد، بو بريدجز، رون ليبمان.
فيلم “أنا دانيال بليك ” : (2016) يحاول المخرج البريطاني كين لوتش في هذا الفيلم كما في أفلامه كلها الانتصار للذين يعيشون على هامش المجتمع وعرض صورة المظلومين اجتماعيا والمنسيين في المجتمع . النجار دانيال بلايك، وهو يقارب التاسعة والستين من عمره ، هو مثال النجّار الصادق البسيط الذي يحب العمل ومساعدة الآخرين. وعاش غالبية حياته في نيوكاسل، يضطر إلى الانقطاع عن العمل بعد أزمة قلبية فيسعى بشدة للحصول على إعانة من الدولة للمرة الأولى في حياته ، فنتبعه في مواجهة متاهات نظام عبثي مبهم من وكالات العمل إلى هيئات الخدمات الاجتماعية، وسط مساءلات تشبه التحقيق الأمني حول صحته وورشات إعادة الإدماج المهني. ، ليعرف الإذلال أمام منظومة اقتصادية تحتقرّ أساليبه التقليدية وترمي به في خانة المهمّشين وهذه الإجراءات تقسو على الرجل المنهك فهي إجبارية والتخلف عنها يهدد بقطع المنح التي يقتات منها. وفي رحلته عبر ماكينة الإدارة الجهنمية، يلقى بطل الفيلم بعض السند عند إحدى جاراته السود، وهي امرأة تربي طفليها بمفردها، وكلاهما ضحيتان لنفس النوع من الظلم. تحاول هي اﻷخرى الحصول على سكن ملائم بعيدًا عن الغرفة الضيقة التي تعيش فيها مع أبنائها في لندن.
فيلم سيزار تشافيز : (2014) يقدم سيرة ذاتيه للمناضل العمالي سيزار تشافيز الذي عمل على تغيير وجه العالم لتحقيق حقوق العمال والدفاع عنها، وبين صراعه ليعيل أسرته ويكون أب وزوج جيد، وبين واجباته المهنية والعمالية تدور أحداث الفيلم الهامة.الفيلم إخراج دييغو لونا، و تمثيل؛ مايكل بينيا ، أمريكا فيريرا ، روزاريو داوسون.
فيلم العامل: (1943) ، إخراج أحمد كامل مرسي وبطولة حسين صدقي وفاطمة رشدي قصته حول أحمد عامل شاب متحمس يدافع عن حقوق ذويه لدى أصحاب المصانع وشركات الإنتاج، تتضمن رحلته النضالية في هذا المضمار علاقة حب تربطه بجارته هنية التي تؤمن به وبقضيته، يتكبد هذا العامل الكثير من المتاعب والمآزق، كأن يتآمر عليه صاحب المصنع، ويحاول الإيقاع به وتلويث سمعته أمام العمال المؤمنين به والواقفين خلفه عن طريق غانية، إلا أن عفته ونزاهته تحولان دون ذلك. تتبدل الأحوال ويصبح أحمد – الذي نصبته العمال زعيمًا – صاحبًا لعماله وذا نفوذ ولا يتوانى عن مواصلة رسالته ومدافعته عن حقوق العمال، فأقام لهم مؤسسات وشركات لا يجدون فيها إلا الإنصاف وتقدير جهودهم وقد تم ذلك بتحريضه للعمال على الإضراب عن العمل، حتى تتم تلبية مطالبهم ويخضع أصحاب المصانع أخيرًا.
فيلم الأسطى حسن : (1952) يتناول قصة الأسطى “حسن” العامل في ورشة خراطة الحديد، وهو شخص ناقم على عيشته ولديه طفل من زوجته التي تحبه، إلا أنه يتعرف على إحدى سيدات المجتمع الراقي فتعجب به وتأخذه من حياته وورشته على أمل أنه يصير رجل أعمال ولكن في النهاية يعود الأسطى حسن إلى ورشته وزوجته، والفيلم بطولة فريد شوقي، هدى سلطان، ثريا سالم، زوزو ماضي، وإخراج صلاح أبو سيف.
فيلم باب الحديد: (1958) ، يتناول جانبًا من حياة العمال في القطارات وبائعي الجرائد من خلال (قناوي) بائع جرائد صعيدي غير متزن عقليًا ويعمل في محطة قطار القاهرة، يهيم حبًا وولهًا بـ(هنومة) بائعة زجاجات المياه الغازية، لكنها تحب (أبو سريع) الذي يعمل هو اﻵخر في المحطة ويخططان معًا للزواج، وهو ما يصيب (قناوي) باﻹحباط لعدم قدرته على كسب قلبها، وهو ما يدفعه للإقدام على فعل أحمق وجنوني. من هذه الدراما البسيطة والواضحة، شقّ المخرج يوسف شاهين ثقوباً ليرينا مشاكل أكبر تعصف بالمجتمع المصري: الفقر المدقع، الأجر الرخيص للعمال، الاستغلال، الخوف الرأسمالي من النقابات، رفض أي ثقافة أجنبية، اضطهاد المرأة في مجتمع ذكوري يعاديها. تحوّلت سكة الحديد ومحيطها إلى نموذج مصغّر عن وجهٍ من وجوه المجتمع المصري.
فيلم “أطفال الريح” : (1980) إخراج الجزائري إبراهيم تساكي، يقارب فيه عمالة الأطفال ويتضمن ثلاث قصص هي (علبة في الصحراء) حول أطفال سيدي يعقوب الذين يجمعون النفايات القصديرية لصنع آلات مجهرية ، ثم (جمال في بلاد الصور) حول مغامرات طفل مطرود من المدرسة يبيع ورد الرمال ، ثم (بيض مسلوق) حول طفل يبيع بيضاً مسلوقاً في الحانات ، ويلقي الأضواء على خيبة أمله إزاء أبيه بائع الألعاب ، ثم الممثل الذي أصبح نجمه المفضل وبطل أحلامه ، ويصدم فيه الطفل حين يقابله في حانة فيراه عربيداً ، غارقاً في طوفان الحياة . والصورة الجميلة تتحطم حين يلتقيه في حانة بإحدى الأمسيات ويكتشف وجهه الحقيقي وما يعانيه من تمزق وتشتت. الفيلم نظرة قاسية لواقع الصبي بمواجهة الناس والأحداث في الحياة، وهو ينتهي بانهياره حين رؤيته لأبيه وهو يلهو بطريقة طفولية بالدمى التي لها شكل الفئران .