الجزائر -محمد عبيدو
فجع الوسط السينمائي الجزائري برحيل المخرج الجزائري المميز فاروق بلوفة، بصمت بعيداً عن بلاده في باريس. في فيلمه الوحيد الكبير الذي حققه ويعتبر من علامات السينما الجزائرية المميزة "نهلة" (1979)، اختار أن يتناول أزمة الهوية والمجتمع الجزائريين، ولكن من خلال الحرب اللبنانية، وتحديداً من خلال صحافي جزائري (يوسف صياح) يجد نفسه أمام أسئلته الخاصة تجاه هذه الحرب التي تورط فيها.
تدور أحداث الفيلم في الأشهر القليلة التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، وما بعدها. وتدور الأحداث حول شخصيتين رئيسيّتين، تشكّلان سوياً مسارين متوازيين يتطوّران طوال مدّة الفيلم، هما: نهلة (ياسمين خلاط)، المغنية الصاعدة بقوّة، والتي نتابع تطوّر حالتها النفسية وأزمتها، التّي أدّت بها إلى فقدان صوتها. والعربي، من خلال الصحافي الجزائري الآتي لتغطية الأحداث الجارية في لبنان، والذي يراقب كمشاهد محايد نسبياً كيفية اشتعال الحرب. الصحافي لم يكن معتادا على واقع الشرق الأوسط، ولم يكن يدري أن هناك تعقيدات كبيرة من الصعوبة بمكان استيعابها بسهولة، فراح يكتشف بعض تشابكاتها. ثمّ بعد تعرّفه على المطربة ما يلبث أن تبدأ قصة حب بينهما.
تخرّج فاروق بلوفة، المولود في عام 1947 في وادي فضة بالقرب من الشلف (الجزائر)، من المعهد التطبيقي للدراسات العليا في باريس بأطروحة عن "نظرية السينما"، تحت إشراف رولان بارت (1970). عند عودته إلى الجزائر، تم منع أول إنتاج رئيسي له، "التمرد" (1973). وخاض أولى تجاربه في مجال السينما الروائية كمساعد ليوسف شاهين في "عودة الابن الضال" (1976).
لكنّه، في عمله الروائي الأول "نهلة"، الذي كتب السيناريو له مع رشيد بو جدرة ،اختار قطيعة جذرية مع الأشكال السردية السائدة في السينما العربية. واستعار من "الموجة الجديدة" الفرنسية روحها المتمردة التي حولت السيناريو المكتوب لحساب أسلوب بصري مبتكر يسعى إلى الإمساك باللحظة الراهنة. عاش فاروق بلوفة بعزلته في باريس لمدة ثلاثين سنة حتى وافته المنية.
نقلا عن "العربي الجديد"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق