محمد عبيدو
"نيلسون مانديلا”، الزعيم الجنوب أفريقي سياسي مناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وثوري شغل منصب رئيس جنوب أفريقيا ( 18 جويلية 1918- 5 ديسمبر 2013). وكان أول رئيس ذات بشرة سمراء لجنوب أفريقيا، انتخب في أول انتخابات متعددة وممثلة لكل الأعراق. ركزت حكومته على تفكيك إرث نظام الفصل العنصري.
وقصة حياة نلسون مانديلا من السجن الطويل/ 27 عاماً / إلى الحرية والسلطة بعد 64 عاماً من النضال، لطالما كانت ملهمة للثوار والمناضلين، وشخصيته البسيطة والآسرة سحرت صناع السينما وقدمت بأفلام عديدة نالت الاهتمام والاستحسان هنا وقفة مع ثمانية أفلام قاربت سيرته.
“مسدس مانديلا“: يروي الفيلم الطويل، المنتج بشراكة جزائرية، بريطانية، جنوب إفريقية، أبرز المحطات التي عرفتها مسيرة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا. وفي قالب توثيقي ودرامي اعتمد المخرج جون ايرفن، عن سيناريو أوتس كيرياكيد على شهادات شخصيات عرفت الراحل مانديلا. وتدور أحداث الفيلم حول فارقة حساسة جداً في حياة الزعيم الجنوب الإفريقي وتمثل تحول القائد مانديلا من النضال السلمي إلى الكفاح المسلح.
الأحداث تعود الى عام 1961، مع بداية مانديلا نشاطه السري ليصبح قائداً في كفاحه المسلح، وقبل وقت قليل فقط من إلقاء القبض عليه سنة 1962 توجه مانديلا إلى إثيوبيا للتدريب العسكري ومنحه الإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي مسدساً من طراز مكاروف كهدية.
وخلال عودته إلى بلاده، وبينما كان مانديلا يختبئ في مطبخ بيت ريفي قرب مزرعة كانت معقلاً للمقاومين شمال جوهانسبورغ، حفر في الأرض حفرة ودفن فيها المسدس ملفوفاً ببذلته العسكرية، واعتقل مانديلا وكان يأمل أن يعود إلى المكان نفسه لاسترجاع مسدسه الذي لم يطلق منه رصاصة واحدة، لكنه لم يكن يعلم أن أسره سيستمر 27 عاماً. التصوير جرى في الجزائر، وجنوب إفريقيا، وإثيوبيا وتنزانيا. وجسد بطولة القصة كل من الممثل الجنوب إفريقي تومبسشو ماشا، الذي أدى شخصية مانديلا، والجزائري خالد بن عيسى في دور الشريف بلقاسم، وديسموند دوب تقمص شخصية جوفان مبيكي، ونايك بوران أدى شخصية سيسيل وليامز، وفرانسيس شولر تقمص دور بوب هيبال وغيرهم. والجدير بالذكر أنّ نيلسون مانديلا، الذي تلقى تدريبه العسكري في الجزائر في الستينيات، واستلهم منها الكفاح والنضال.
“انفيكتوس“: كرس المخرج والممثل الأمريكي كلينت ايستوود لمانديلا فيلم “انفيكتوس”، وهو فيلم ينتمي للسينما السياسية لكنه قبل كل شيء، عمل إنساني هائل. ساعتان و15 دقيقة هي مدة فيلم “إنفكتوس” الذي يحكي عبر أحداثه قصة رائعة لتوحيد وطن ممزق عبر الرياضة، فيرسم المخرج كلينت إيستوود بورتريهاً رائعاً وإنسانياً لنيلسون مانديلا، حيث نرى مانديلا يفوز بقلوب البيض بدعمه الفريق الوطني للركبي خلال دورة كأس العالم 1995 التي فازت فيها جنوب إفريقيا. الفيلم يتحدث كثيرًا عن العلاقة بين رئيس الجمهورية وكابتن الفريق (بيينار) – الممثل مات ديمون – الذي يحاول مانديلا أن يبث فيه روح الثقة، ويخبره بقصيدة (إنفكتوس) التي جعلته يتحمل ثلاثة عقود في الزنزانة. ويصل الفيلم ذروته العاطفية عندما يزور (بيينار) الزنزانة الضيقة التي قضى فيها مانديلا أعوام سجنه، والحشية على الأرض التي كان يقضي الساعات جالسًا عليها يقرأ ويتأمل. نسمع القصيدة تتردد طيلة الوقت: “فأنا سيد قدري.. وأنا قبطان سفينة روحي”. وكانت بعض المشاهد مثل ومضات معبرة عن صفحات في ذكريات هذا الوطن، أو تأكيداً لبعض مواقف الزعيم الإفريقي في جمل سينمائية شديدة الحساسية.
مانديلا شخصية نادرة لا يجود بها الزمن إلا كل مائة عام، لكنك تدرك بوضوح أن الزنزانة كان لها فضل كبير في صياغة هذا الرجل. وينتهي الفيلم وأنت تتذكر كلمات القصيدة بصوت مورجان فريمان الرجولي المؤثر:
وأنا في مخالب الظروف المهلكة
لم أجفل أو أصرخ عاليًا..
تحت هراوات القدر
غطت الدماء رأسي..
لكنه لم ينحنِ..
«مانديلا.. مسيرة طويلة نحو الحرية» من بطولة نعومي هاريس التي لعبت دور ويني مانديلا وإدريس إلبا الذي قام بدور مانديلا. ويجسد الفيلم قصة حياة مانديلا ونضاله ضد نظام التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا، وقد تحول مانديلا بعد الإفراج عنه إلى رمز عالمي للنضال، بعد قيادة بلاده خلال مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية والمصالحة بين الأغلبية السوداء والأقلية البيضاء. وتولى مانديلا رئاسة بلاده عام 1994، بعد أربع سنوات من خروجه من السجن. وإن التضحيات التي قدمها مانديلا والشعب الجنوب إفريقي لانتزاع حريته كانت كبيرة. وقال الممثل البريطاني إدريس إلبا «هذه القصة أكبر مني بكثير، وأكبر من أي شخص، وان الجنوب إفريقيين يحبون مانديلا حباً كبيراً، ما يجعل تجسيد شخصيته مسؤولية كبيرة».
وما يميز الفيلم أنه حاول نقل صورة اصلية لكل الأحداث مرتكزا على بحث معمق في محفوظات مركز نلسون مانديلا، وانه عمد الى تصوير الحياة الشخصية والعائلية لمانديلا. وقال مخرج الفيلم، البريطاني جاستن شادويك:”لقد حاولنا ان نفهم البعد الشخصي للرجل، وليس الامور التي يعرفها كل الناس، أردنا أن يتناول الفيلم العائلة والحب والمسامحة”. وإذا كان الفيلم يؤرخ لحياة مانديلا، لكنه أيضا يلقي الضوء على مواطني جنوب إفريقيا، الذين شارك منهم عدد كبير في المشاهد التي تصور أعمال العنف إبان الصدامات العرقية في البلاد. ويقول المخرج “أردنا أن نرسم صورة شاملة حقيقية للناس الذين يظهرون في الفيلم”.
” مانديلا “من إخراج فيليب سابيل أنتج الفيلم خلال عام 1987 أي خلال فترة سجن مانديلا، وهو من بطولة داني جلوفر، وتدور أحداث الفيلم حول مشوار نضال الزعيم نيلسون مانديلا الذي فاز بجائزة نوبل للسلام وثورته ضد العنصرية حتى وصوله لرئاسة جنوب أفريقيا.
“مانديلا ودي كليرك“: قدم فيلم سنة 1997 من إخراج جوزيف سارجنت وبطولة “سيدني بواتيه” و”مايكل كين” تلك العلاقة بين رئيس جنوب أفريقيا السبق فريديريك دي كليرك ومانديلا الذي فاز بالرئاسة عام 1994 وعين خصمه السابق نائبا له. والقرار الذي اتخذه بالإفراج عن نيلسون مانديلا بعد 27 عام من فترة سجنه التي كان من المفترض أن تستمر مدى الحياة.
“وداعا بافانا“: قدم المخرج الدانماركي “بيلي أوغست” بنفس العام فيلمه عن مانديلا بعنوان “وداعا بافانا” الذي يتناول حياة مانديلا من وجهة نظر سجانه الأبيض، حيث قضى الراحل أكثر من 27 سنة، سجينا وأدى شخصية مانديلا الممثل دينيس هايسبرت. وعام 2011 ظهر مانديلا أيضا في هوليوود في فيلم “ويني” الذي يتناول سيرة زوجته السابقة، منذ طفولتها مروراً بحياتها وزواجها من هذا الرجل العظيم وجسد دور مانديلا الممثل تيرانس هوارد وقامت جنيفير هادسون بدور ويني مانديلا.
“ درم ” : ويحضر منديلا في فيلم ” درم ” أي طبل من إخراج زولا ماسيكو من جنوب افريقيا الذس يحكي عن صحفي اسود مناضل يدعى هنري مكسومالو حارب بكتاباته وتحقيقاته من خلال الجريدة اليومية المتعاطفة مع قضايا السود التي كان يعمل بها، وتسمى ” درم ” DRUM حارب نظام التمييز العنصري ، حتى تم اغتياله وإخراسه إلى الأبد، والفيلم يحكي بالفعل عما وقع لهذا الصحفي الأسود من جنوب إفريقيا الذي كان صديقا شخصيا لمانديلا ، ويظهر مانديلا في ذلك الفيلم الذي نعتبره من أجمل الأفلام الإفريقية القوية المبهرة ، المكتملة شكلا وموضوعا.
” فينوس أسود “: فيلم عرض في عام 2010، ويربط معاناة السود في القرن التاسع عشر بكفاح مانديلا من أجل الحرية والمساواة عبر 159 دقيقة وبطريق غير مباشر. ويسرد العمل حكاية امرأة من أفريقيا يجلبها المستعمرون البيض ويعاملونها كشخص غريب وكائن يستحق العرض والدراسة والمشاهدة من دون أي حق لها، ومن دون معاملتها كإنسانة.
الفيلم من تأليف وإخراج المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش ومن بطولة ياهيما توريس، أندري جاكوب، وأوليفر جورميه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق