توفي الممثل الفرنسي آلان ديلون عن عمر ناهز 88 عاما، حسبما أعلن أبناؤه الثلاثة صباح الأحد في بيان صحفي مشترك لوكالة الأنباء الفرنسية.
وجاء في البيان: "يشعر آلان فابيان وأنوشكا وأنتوني، وكذلك (كلبه) لوبو، بحزن شديد وهم يعلنون رحيل والدهم. لقد توفي بسلام في منزله في دوشي، محاطا بأطفاله الثلاثة وعائلته (...) التي تطلب منكم احترام خصوصيته، في لحظة الحداد المؤلمة هذه". وأوضحوا أن الممثل توفي "في الساعات الأولى من الليل".
وكان آخر ظهور علني له ، في صيف 2021، بجنازة رفيقه الممثل جان بول بلموندو.
مراهقة صعبة
عاش "أيقونة السينما الفرنسية" على حد وصف مجلة "فواسي" مراهقة صعبة إثر انفصال والديه عن بعضهما البعض بعد طفولة عادية بجانب أبيه مدير قاعة سينما وأمه مساعدة في صيدلية. لكن فراقهما أثر عليه كثيرا. كما أنه انقطع مبكرا عن الدراسة، واختار الانخراط في الجندية الفرنسية في سنوات الخمسينيات، حيث شارك إلى جانب قوات بلاده في حرب الصين والهند.
يتذكر هذه المرحلة بانتشاء لأنه يعتبر أنه تعلم الكثير من الجيش. "تعلمت الالتزام والاحترام... والعديد من الأشياء"، حسبما قال ديلون في إحدى تصريحاته، وهو انتشاء ممزوج بالحزن أيضا، لأنه فقد الكثير من أصدقائه في هذه الحرب.
اغنية لداليدا والان ديلون
ويعترف ديلون أنه أتى للسينما عن طريق الصدفة، إذ لم يدرس يوما في أي معهد من معاهد الفن. والنساء كن بالنسبة له المحفز الأساسي للنجاح في الأدوار السينمائية التي كان يؤديها. ويشير ديلون بهذا الشأن إلى أن "النساء هن من نادين علي للسينما، وكنت أريد أن أرى في عيونهن أنني الأكثر وسامة والأكبر قامة والأقوى سينمائيا".
التقى ديلون مع مكتشف المواهب الأميركي الشهير هنري ويلسون واجتاز معه اختبار التمثيل بنجاح لكنه لم يذهب إلى هوليوود، بل فضل البقاء في فرنسا التي حقق فيها نجاحاً واسعاً في فيلم "نون الأرجواني" في العام ذاته، إذ قدم فيه دوراً نفسياً مركباً.
مسيرة سينمائية حافلة
وبزغ نجم ديلون في فيلمين للمخرج الإيطالي لوكينو فيسكونتي، وهما فيلم (روكو أند هيز براذرز) "روكو وإخوته" إنتاج 1960 وفيلم (ذا ليبارد) "النمر" إنتاج 1963. ولعب دور البطولة إلى جانب الممثل الفرنسي المخضرم جان جابين في فيلم (ميلودي أون سو-سول) "أي رقم يمكنه الفوز" إنتاج 1963 ومن إخراج هنري فيرنوي.
وحقق نجاحا باهرا في فيلم (لو ساموراي) "الابن الروحي" إنتاج 1967 من إخراج جان بيير ميلفيل. ولم يتضمن دور القاتل المأجور الفيلسوف إلا النزر اليسير من الحوار وكثيرا من المشاهد الفردية التي أبدع فيها ديلون.
وأصبح ديلون نجما في فرنسا وحظي بالإعجاب الشديد من الرجال والنساء في اليابان، إلا أنه لم ينجح بالقدر نفسه في هوليوود على الرغم من تمثيله مع عمالقة السينما الأمريكية مثل بيرت لانكاستر.
عام 1969، أدى دور البطولة في واحد من أفضل أفلامه The Swimming Pool، مع الممثلة الألمانية رومي شنايدر، وقد صرّح مراراً أن شنايدر كانت "حب حياته".
كما حقق نجاحاً ساحقاً في فيلم "بورسالينو" عام 1970. كما نجح في أفلام المغامرات مثل فيلم "التوليب الأسود" 1964 وفيلم زورو 1975.
وفضلاً عن الانتشار الجماهيري الذي يعود أساساً إلى جاذبية ديلون والكاريزما القوية التي يتمتع بها، فإنه انتزع ترحيب النقاد خصوصاً إثر أدائه في فيلمي "السيد كلاين" 1976 و"سوان يحب" 1984.
وعلى الرغم من تصويره نحو مئة فيلم، إلا أن ديلون لم يحصد خلال مسيرته الفنية إلا جائزة سيزار واحدة فقط في عام 1985 عن فيلم "قصتنا" للمخرج برتران بلييه، كما حصل على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان في عام 2019، وهو آخر ظهور علني للنجم الفرنسي.
اسم ديلون في ردهات المحاكم
تدهورت صحة ديلون منذ إصابته بسكتة دماغية في 2019، وكان نادرا ما يغادر منزله في منطقة فال دو لوار. وتصدر عناوين الأخبار في صيف 2023 عندما رفع أبناؤه الثلاثة دعوى ضد المعاونة المنزلية للنجم هيرومي رولان، التي يُقال أحيانا إنها شريكته، متهمين إياها بـ"استغلال ضعف" والدهم.
ثم اندلع نزاع عائلي بين أبناء ديلون وصل إلى أروقة القضاء وتناولته وسائل الإعلام، على خلفية الحالة الصحية للنجم الذي كان يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية.
وفي أيار/مايو 2019، عاد إلى السجادة الحمراء ضمن مهرجان كان السينمائي ليتسلم سعفة ذهبية فخرية. وقال حينها نجم "بيربل مون" (1960) الذي حقق بفضله نجومية عالمية و"روكو أند هيز براذرز" (1960) و"ذي ليبورد" (1963) و"ذي سويمينغ بول" (1969)، "إنه يشبه لتكريم بعد الوفاة، لكنه تم وأنا على قيد الحياة".
وأشاد العديد من النقاد السينمائيين ووسائل الإعلام بهذا التكريم، حيث اعتبروه مستحق بالنظر لما قدمه بطل فيلم "الشمس المتوهجة" للسينما الفرنسية والعالمية على السواء، لا سيما وأنه لم يسبق له أن توج بالسعفة الذهبية بهذا المهرجان ذات الصيت العالمي.
لكن هذا التكريم أثار جملة من الانتقادات من قبل الجمعيات الحقوقية، التي كانت تعتبره غير أهل لنيل هذه الجائزة، بسبب مجموعة من المواقف له عبر عنها علنيا عبر وسائل الإعلام سواء حول المرأة أو بخصوص المهاجرين، كما أنه أعلن دعمه في حملة انتخابية سابقة لحزب "التجمع الوطني" (الجبهة الوطنية سابقا)، المحسوب على اليمين المتطرف. وبعيدا عن هذه المواقف، يبقى ديلون أحد عمالقة السينما الفرنسية.
وكالات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق