ترجمة: محمد عيد إبراهيم
حلم الغيرة
سائراً معكِ وامرأةٍ أخرى
بحديقةٍ مشجّرة، العشبُ هامس
يمشّط بأصابعه صمتَنا المكنونَ
فتنفتحُ الأشجارُ على صفاءٍ خفيفٍ هناك
حيث جلسنا تحت ظلٍّ.
أظنهُ إخلاصُ النورِ أفزَعنا.
تكلّمنا عن الرغبةِ وغَيرَتي،
حوارنا ملبَسٌ واحدٌ محلولٌ
كمفرَشِ النُزهةِ الأبيضِ المطروحِ
مثلَ كتابٍ عن حُسنِ السُلوكِ بالبريّةِ.
"أريني" قلتُ لرفيقتي "أكثرُ ما أشتهيهِ،
نَجمَي صدركِ البنفسجيَين".
فأذعنَت. آه، لا هذهِ الأبياتِ
أو حصافتي، بل الغرام يُشفي نظرتَكِ الجريحةَ.
مصباح الزعرور
يتوهّجُ الزعرورُ شتاءً بغيرِ أوانهِ،
سرطانُ شوكٍ، نورٌ قليلٌ لبشرٍ قليلين،
لا يودّ إلا أن يحفظوا
ذُبالة احترامِ الذاتِ أن تنقرضَ،
فلا يُعميهم سناؤها.
حين تتباهَى أنفاسُكم بالصقيعِ
يأخذ شكلَ طوافِ ديوجينَ
بمصباحهِ، باحثاً عن رجلٍ واحدٍ،
ينتهي بتفحّص ما وراء الزعرور
بتويجاتٍ معلّقةٍ في مستوى العينِ، أمام
لُبّهِ الموصولِ والحجرِ، يرجُفُ
ميسمهُ الدامي، لو اختبرتَه لرَقَّ بيدكَ
ثَقبُه يانعاً يفحصكَ، ثم يسعى.
فنيّة النهار
يوم مناولتهِ السُمَّ
قال سقراطُ لصحبهِ ما كتبَ:
ضعوا خرافاتِ إيسوبَ شِعراً.
وليس هذا من عشقِ سقراطٍ الحكمةَ
ومناصرتهِ حياته المُمتَحنَة.
بل لعلّة حلمٌ لديه.
قيصرُ الآنَ، أو هرقلُ أو قسطنطين
أو أيّ آخرين من ملوكِ شكسبيرَ
ينفجرون في النهايةِ كالسدِّ
حيث تنهمرُ خلفيّاتٌ مبتكَرَة
لتنهضَ ثانيةً أمامَ مشاهدِ الموتِ ـ
فثِقْ بأحلامِها الوثيقةِ.
كادَ يفعلُها سقراطُ. وقد حكا
لصحبهِ الحلمَ الذي ظلّ يستعيدهُ
طيلةَ عمرهِ، كدرسٍ وحيد:
"مارسوا الفن"، كانَ حتى اللحظة
يعني الفلسفةَ دائماً.
أسعدتهُ هباتُ الطبيعةِ
فتمرّسَ منذ بدايتهِ على الطريقِ القويمِ ـ
الشعرُ، قالَ، أو الصيدُ، لياليه دونَ حلم،
خلفياتهُ المنهمرةُ تنهضُ من العمقِ فتمرّ
كنورِ النهارِ من عينِ صنّارةٍ أو ثَقبِ ريشةٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق