تركت عرب لطفي وطنها لبنان وجاءت إلى مصر تدرس السينما وتعيش وتتزوج.. وحينما أتيح لها أن تخرج فيلمها الأول، عادت إلى بلدتها (صيدا) التى كان الصهاينة قد اجتاحوها 1978 ودمروا المخيمات الفلسطينية.
أفلامها التسجيلية الخمسة التى صورت بين لبنان والأردن ومصر (بورسعيد والاسماعيلية) تتشابك فيها الذاكرة مع التاريخ ومع الهوية الوطنية والثقافية وتعبر عن رؤية خاصة لمخرجتها عرب لطفي التى تقول عن أول تجربة سينمائية لها فيلمى الأول (بوابة الفوفا) تشكل كمشروع بعد الاجتياح الإسرائيلى لجنوب لبنان 1978، كانت تجربة عنيفة جدا هي احتلال مدينتي.. ما كان له وقع شديد على نفسي.. الشعور بفقدان الأماكن والأصدقاء الذين قتلوا.. تكتشف فجأة أن هناك أشياء كثيرة هامة يمكن أن تختفي.. منطقة ذاكرتي المشتبكة مع تاريخ المدينة في محاولة للحفاظ عليها ضد النسيان من خلال مشاعر وشخصيات حميمة وتفاصيل تشكل الفيلم فى سياق هذا.
كنت أريد أن أضع في أول الفيلم جزءا من قصيدة لمحمود درويش يقول فيها (لصوص المدافن لم يتركوا للمؤرخين شيئا يدل عليهم).. فقد سرق الصهاينة القبور والآثار، إحساسي أنهم حاولوا انتزاع ذاكرتنا حتى التي تحت التراب. ولهذا كانت أول لقطة صورناها صلاة العيد وزيارة مقابر الشهداء، لكنني بدأت الفيلم بمشهد الاجتياح.
صورنا بكاميرا سينما 16 فيلماً، كان معي حسن نعماني وهو مصور لبنانى ويتميز بإحساس سينمائي عال وقدرة كبيرة على التحرك، وكان عنده خبرة في فترة الحرب في التصوير التسجيلي وعين حساسة للمواقع، وكان معنا أيضا مهندس صوت.. كل الشخصيات التي صورناها كنت أعرفها فهي إذن محاولة تصوير ذاكرتي في مدينتي، معهم كلهم في مناطق حميمة مشتركة.. كنت أريد أن أصور أماكن كنت أعرفها وكنت أخشى أن أخسرها، ومباشرة أستعيد العلاقة معهم ولهذا حمل الفيلم شحنة خاصة من مشاعري.
فيلمها التسجيلى الثانى عن الفدائيات الفلسطينيات. كان في منطقة الذاكرة ولكن بنوع آخر، فهو عن نساء من جيل السبعينيات من الفدائيات الفلسطينيات، حيث شكلن جزءا من وجداني، فاهتمت بالتوثيق لتجربتهن الإنسانية فهو ليس عن العمليات الفدائية التي قمن بها بقدر ما هو يجيب عن ما هو السياق الإنساني الذي أوصلهن إلى خوض هذه التجربة، انتماءاتهن أو قل عالمهن. وقد صورناه عام 1992 وعرض عام 1993.
أفلامها في مصر، فيلم (سبع ليالي وصبحية).. عن بورسعيد.. تقول عنه: لفتتني في احتفالات أهل (مدينة بورسعيد) بعيد شم النسيم فكرة آلة السمسمية وأن الناس الذين يصنعونها، إنها منطقة اكتشاف لمزاج مدينة، وكيف يرى ناسها تاريخهم هنا ذاكرة المزاج وذاكرة السياسة وذاكرة العواطف.. وذاكرة على كل المستويات، دخلت السمسمية هذه لقراءة تاريخ مدينة بورسعيد. الاحتلال والمقاومة والشعر الشعبي.. استخدمت أغنية (سبع ليالي وصبحية) كعنوان، هي أغنية عن سبعة أيام المقاومة عام 1956 وهي أيضا عن خلق الدنيا في سبعة أيام وهي عن المدينة
التي ولدت كمدينة عالمية خلال هذه الأيام السبعة.. تشكلت السياسة مع مزاج المدينة عبرت عنها الأغنية.
تقول عرب: اكتشفت أثناء عملي فى هذا الفيلم "السمسمية" أن هناك في مدينة الإسماعيلية وغيرها مجتمعا مصريا من أصول سودانية بإيقاعه وآلاته.. شغلتني فكرة مسارات الأفارقة من السودان وغيره فى مصر، وكيف دخلت إيقاعات إفريقية نسيج الموسيقى المصرية، هذه الجماعات الإفريقية امتزجت مع أهل مصر وأثرت في شبابها.
في فيلم.. (الفرح المصري) اشتغلت على فكرة أنه من خلال الأفراح في مصر تبدو تعددية ثقافية بين الصعيد ومناطقه والنوبة وجدت أنواعا ثرية من الموسيقى والاحتفاليات.. ودهش كثيرون لوجودها فهي سمات مناطق. هذه الأفلام الثلاثة هي نوع من التنقيب في الذاكرة والمزاج الشعبي والرقص.
محمد عبيدو
نشرت بالجزائر نيوز
بورتريه : ولدت في صيدا الواقعة بجنوب لبنان في عام 1953، واستقر بها المقام في العاصمة المصرية القاهرة منذ عام 1981، ر، ثم انتقلت لدراسة المونتاج في المعهد العالي للسينما، وعملت بعد التخرج كمخرجة مساعدة ومونتيرة و صحفيه ، استقرت بعد ذلك في العمل كمخرجة وكاتبة و مدرسة اخراج سينمائي باﻹضافة إلى عملها في مجال الصحافة، كما تولت إدارة مركز (معًا) المتخصص في دراسات المرأة والذي شاركت في تأسيسه في عام 1992.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق