بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 13 مايو 2025

الشاعرة والكاتبة الإيرانية المنتحرة شيوا أراسطوئي : هيا نضع نقطة النهاية

 


شاعرة أخرى تنتحر . 

في يوم الأربعاء 7مايو 2025 الموافق

لذكرى ميلادها، اتخذت الكاتبة والشاعرة الإيرانية شيوا أراسطوئي، البالغة من العمر أربعة وستين عامًا، قرارًا بإنهاء حياتها

لقد نجحت في وضع حد لما وصفته بالمسعى العقيم المسمى بالوجود، وفي الإعلان عن نفورها العميق من هذا الهواء الثقيل الذي يرزح تحته الشعراء.

يبدو أن شيوا أدركت أن طاقتها على الاحتمال قد نفدت أمام العذاب الذي تراه ملازمًا لامرأة تكتب في هذا الكوكب الذي حوله الساسة وصناع الحروب إلى مستنقع.

وُلدت شيوا أرسطوئي في طهران في 7 مايو 1961، لتصبح واحدة من أبرز الأصوات النسائية في الأدب الإيراني الحديث. حملت في كتاباتها وجع الأنثى وأحلامها، وواجهت العالم بلغة تمزج بين الإحساس العميق والواقعية الناقدة. منذ بداياتها الأدبية، التي تزامنت مع سنوات الحرب الإيرانية العراقية.

في تسعينيات القرن الماضي، تمايزت عن جيلها من الكاتبات بابتعادها عن الرومانسية المألوفة، واقترابها من قضايا الهوية والمرأة والواقع الاجتماعي الإيراني، بزاوية نقدية نسوية، عارية من الزيف ومُحمّلة بالصدق والمرارة.

من بين أبرز أعمالها، تبرز رواية “بيبي شهرزاد”، التي فتحت نافذة نادرة على العوالم الداخلية للمرأة الإيرانية، في مجتمع يُخضع الأنثى لثقل التقليد والرقابة. كما أصدرت مجموعة قصصية بعنوان “جئت لأشرب الشاي مع ابنتي”،

أما في الشعر، فقد تجلت بعمق في ديوانها “ضائع”، الصادر عام 1994، حيث سلّطت الضوء على التجربة الأنثوية تحت وطأة القمع الاجتماعي والوجداني.

لم تكن أرسطوئي مجرد كاتبة، بل كانت معلمة أجيال، إذ درّست فن السرد القصصي في جامعة طهران للفنون، وأسهمت في تشكيل الوعي الأدبي لدى كثير من الكتاب والكاتبات. كما شاركت في أعمال سينمائية قصيرة وقدمت استشارات فنية، لتثبت حضورها في المشهد الثقافي الإيراني بشكل متعدد الأوجه.


رسالتها الأخيرة، التي يُقال إنها تركتها، كانت موجعة، ومختصرة كأنها تنهيدة:


“لا أريدك أن تتبرعمي من النافذة

أنتِ زهرة! صغيرة وجميلة

سرعان ما تذبل،

هيا نضع نقطة النهاية”.


برحيل شيوا أرسطوئي، خسر الأدب الإيراني صوتًا نادرًا. لكنها بقيت في كتبها، في صدى كلماتها، في نساءٍ يقرأنها الآن ويشعرن أنهن لسن وحدهن.

****

كتبتُ هذا النص في 2017 وكان وقتها طيف آن ساكستون يسيطرُ على حياتي. 


____


إنه أغسطس

شهر التبخر والضوء ونبيذ القصائد

الساعة الثالثة تعلن

 شيخوخة النهار

وأنا لم أغادر غرفتي بعد


تؤويني الغرف أكثر من المنازل

المنزل فضفاض وموحش

لمن اعتاد العيش داخل جسده

بل داخل قلبه

 أمضيت النهار في سماع الشعر

 حتى استحال قلبي ثمرة،

 من شدة نضجها، لم تعد قابلة للّمس...


يا لفرط العوالم التي يحشرها الشعر

 في غرفة!

الشعر، هذا الحزن العابر للقارات

والسنوات...

الشعر 

ذاك الذي يحول غرفة صغيرة 

إلى كوكب بنفسجي

ويأخذ الموت في حضنه

ويهدهد له كي يهدأ


مهلاً عليّ أيها الشعر

لقد نضجتُ كثيرا

بإمكانك أن تنام داخل رأسي الآن 

نضجتُ أيّتها الغرفة الرحم 

نضجتُ أيها الجسد الرحم 

أنا ثقيلة كثمرة في آخر مراحل النضج

كل ما بي يشدني للارض

وكل ما بي يطفو أيضاً

لا أحاول أن أفهم هذه الإزدواجية 

ولا أن أفهم لماذا انتحر شعرائي المفضلين

ولا كيف ماتت رائحة الحب المتقد 

في حبالهم الصوتية!

أبكي...

من فرط الراحة ربما 


لم يعد الحزن يبكيني 

هو مؤقت ككل شيء

لون واحد يكسو خلفية حياتي

لون الراحة

راحة من أمضى عمره في التشرد

ووجد نفسه صدفة على باب الدار.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق