قدّم المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار بعد بلوغه 74 عاماً أوّل فيلم روائي طويل له باللغة الإنكليزية، ضمن مهرجان فينيسيا السينمائي، الاثنين.
وتدور قصة فيلم "ذا روم نكست دور" الذي يتنافس على جائزة الأسد الذهبي، حول إنغريد (جوليان مور)، وهي روائية قلقة بشأن نهاية حياتها، ومارثا (تيلدا سوينتون)، وهي صديقة طفولتها ومراسلة حرب سابقة اعتادت تحدي الموت وتعيش وحيدة في شقتها الفارهة في نيويورك.
وتحيل مشاهد استذكارية في الفيلم إلى مراحل سابقة من حياة مارثا: ابنتها التي لم تتسنّ لها تربيتها بسبب انشغالها بالعمل، والتي لم تتحدث معها أبداً عن والدها البيولوجي، والعلاقات العاطفية الفاشلة في حياة هذه المرأة التي تتمتع بشخصية قوية وحرة لكنها تعاني من الوحدة.
وتتجدد الصداقة بين المرأتين في خضم معركة مارثا ضد مرض سرطاني في مراحله النهائية. وفي ظل رفضها الخضوع لعلاج جديد غير مضمون النتائج، تقرّر مارثا إنهاء حياتها عن طريق تناول عقار اشترته بشكل غير قانوني عبر الإنترنت.
وتطلب من إنغريد أن ترافقها في لحظاتها الأخيرة، عبر الانتقال معها إلى منزل فخم مستأجر في الريف، والنزول في "الغرفة المجاورة" (وهي ترجمة اسم الفيلم "The Room Next Door").
وتبقى إنغريد قريبة على الدوام من صديقتها، لكنها لا تعطيها العقار الذي تنوي مارثا تناوله بمفردها، في إحدى الليالي، خلف بابها المغلق. وقد وعدتها بأن أحداً لن يعرف شيئاً عن الاتفاق بينهما. لكن إنغريد تضع ثقتها في رجل، يؤدي دوره جون تورتورو، وكان شريك الاثنتين في مرحلة سابقة.
"عالم يحتضر"
ولا يشبه فيلم بيدرو ألمودوفار الجديد الأعمال الصاخبة والاستفزازية في بدايات المخرج الإسباني الشهير، كما أنه بعيد عن الأعمال المشحونة بالعواطف التي قدمها مثل "أوْل أباوت ماي ماذر" أو "توك تو هير".
كذلك يبتعد المخرج في فيلمه الجديد عن السيرة الذاتية "باين أند غلوري" الصادر سنة 2019، مقدماً عملاً زاخراً بالميلودراما، من دون إحداث ثورة في طريقة مقاربة موضوع القتل الرحيم، الذي يتم تناوله بانتظام في السينما.
وطعّم المخرج فيلمه الجديد ببعض اللمسات السياسية والاجتماعية، مضمّناً إياه تشبيهاً بين نهاية الحياة والكارثة المناخية في العالم حالياً.
وقال بيدور ألمودوفار الذي يتطرق في أعماله بشكل متزايد إلى مسائل العجز والخوف من الموت، خلال مؤتمر صحافي في "فينيسيا" إن "الفيلم يدور حول امرأة تحتضر في عالم يحتضر بدوره على الأرجح".
أضاف: "لقد ولدت في منطقة لا مانشا، حيث توجد ثقافة عميقة حول الموت (...) أشعر بأنني قريب جداً من شخصية جوليان (مور)، لا أستطيع قبول أنّ كائناً حياً يجب أن يموت. الموت في كل مكان لكنه أمر لم أفهمه أبداً. أبلغ 74 عاماً وكل يوم يمر ينقص من عمري".
بيدرو ألمودوفار يحقّق حلم "هوليوود"
ولطالما دغدغ مشروع تصوير فيلم في الولايات المتحدة، باللغة الإنكليزية، مخيلة المخرج الإسباني الذي يشكل بلا منازع أبرز السينمائيين في بلاده، وأحد أهم الأسماء في السينما الأوروبية.
بعد محاولات فاشلة في هوليوود، اختار بيدرو ألمودوفار تصوير فيلمه على الساحل الشرقي الأميركي، في نيويورك، المدينة التي فتحت أبواب الولايات المتحدة أمامه عندما بدأ مشواره في الثمانينات.
وطرح ألمودوفار في عام 2020 أوّل فيلم متوسط الطول باللغة الإنكليزية، بعنوان "ذا هيومن فويس"، استناداً إلى رواية لجان كوكتو، من بطولة تيلدا سوينتون أيضاً. بعد ثلاث سنوات، كرر التجربة مع فيلم أقصر بعنوان "سترينج واي أوف لايف"، وهو عمل عن المثلية الجنسية من بطولة إيثان هوك وبيدرو باسكال.
في فيلم "ذا روم نكست دور"، اعتمد ألمودوفار مجدداً على المؤلف ألبرتو إغليسياس في الموسيقى التصويرية، كما تعاون مع علامات تجارية كبرى في أزياء الممثلات.
وكان المخرج قد قال في حديث مع وكالة فرانس برس في يونيو/حزيران الماضي إن "كل شخصية يجب أن ترتدي ملابس معينة. بهذه الطريقة، يتم التعبير عن الكثير من المشاعر".
(فرانس برس)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق