الفيلم السينمائي «ابن باديس» للمخرج السوري باسل الخطيب، الذي لخّصفي
مدة ساعتين إلاّ عشر دقائق 51 سنة من حياة ابن باديس، وعاد بالجمهور إلى بداية
القرن الماضي، حيث نقل معيشة الجزائريين خلال تلك الفترة، وكان أوّل عمل درامي
يتناول الحياة الشخصية للعلاّمة المصلح عبد الحميد بن باديس. شاهده الجمهور في 3
عروض خاضة بقسنطينة و العاصمة ووهران وتطرّق
لحياة الشيخ العلاّمة منذ ولادته سنة 1889 إلى غاية وفاته يوم الثلاثاء 16 أفريل
1940، حيث عرّج على بعض المحطات الهامة من حياته .
و يستهل هذا الفيلم
الذي يستغرق 120 دقيقة بمشهد بمدينة قسنطينة العتيقة في ديسمبر 1889 و هو يوم ممطر حيث يعلن
"براح" عن ميلاد عبد الحميد بن باديس عند محمد مصطفى بن مكي العائلة المعروفة و المحترمة
بالمدينة.
و يظهر بعد ذلك بن
باديس عندما حفظ القرآن الكريم في سن ال13
من عمره أمام فرحة والده و المجتمع الذي
كان يرى فيه أنه رجل يصلح لقيادة المجتمع ثم سفره
إلى تونس و دراسته بجامع الزيتونة لسنوات.
و تتعاقب المشاهد
لتحكي عودة بن باديس إلى قسنطينة و احتكاكه "المرير" بمجتمع يعاني من الجهل في ظل الاستعمار و إطلاقه مشروع
إعادة إحياء الأمة ضد محاولة طمس الشخصية
و تقسيم الشعب الجزائري.
و يبرز الفيلم مجهودات
الشيخ عبد الحميد بن باديس في رص صفوف النخبة
الجزائرية لمكافحة العدو المشترك و مساعيه لإنشاء جمعية العلماء
المسلمين الجزائريين و اللقاء الذي جمعه
بمصالي الحاج العام 1936.
كما يبرز الفيلم قوة
الإقناع و الفصاحة التي كان يتميز بها الشيخ بن باديس و التي جعلت منه شخصية كاريزماتية إلى جانب إظهار
بن باديس و هو يتحكم جيدا في لغة موليار و
ذهابه إلى باريس للمطالبة باسترجاع الحقوق المسلوبة للشعب الجزائري و الهوية اللغوية و الدينية و
الثقافية للمجتمع الجزائري.
و في المشاهد الأخيرة
من الفيلم يظهر بن باديس أمام مضايقات الإدارة الفرنسية و محاولاتها تقسيم صفوف جمعية العلماء المسلمين
حيث يقول: "اذهبوا إلى الأوراس و
أعلنوا الحرب".
جاء في تقديم الفيلم : لا يمكنُ
بأيّ حال أن نختصرَ حياةَ العلامة ورائد الحركة الإصلاحية العلمية الجزائرية في
ساعتين من الزّمن، من غير الممكن أيضا أنْ يمنعنا هذا الأمرُ من إنجاز عملٍ
سينمائي عن حياة هذا الرجل، عبد الحميد بن باديس.
في هذا الفيلمِ اعتمدنا صياغة سينمائية جديدة لأفلام السير الذاتية،
فاعتمدنا أساسا على استقراء محيط ابن باديس السياسي والاجتماعي خصوصا، لنضعَ
المشاهدَ في الجوّ الذي يجعله قريبا أكثر من هذه الشخصية وبالشكل الذي يتيح له أن
يدرك حجم المتاعب والصعوبات الكبيرة التي واجهت بن باديس في تحقيق أهدافه وغاياته.
ولأنه على السينما أن تقدّم الإضافة المعرفية والثقافية المرجوّة، فقد
تجنبنا التطرق إلى ما يعرفه الجزائريون عن الرجل، وتحركنا من خلال الفيلم في زوايا
الغرف المظلمة والمهمَلَة غي حياته.. بهذا الشكل يمكن للمشاهد الجزائري أن يحسّ
بشيء مما عاناه الرجل ويلمسَ جزءا من تضحياته الكبيرة.. تلك المحطّات الخاصّة جدّا
ركزنا عليها في هذا العمل السينمائي حتّى تكون تجربة ابن باديس الإنسانية مدرسة
أخرى يتكئُ عليها الفرد الجزائريُّ في تحويل الإنكسارات إلى انتصارات. هذا الفيلم
يقدّم أيضا وقفات جديدة تظهر لأول مرّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق