في فيلم " ولادة" للمخرج البريطاني جوناثان غلايزر : ماذا تفعل امرأة أحبت حتي النخاع. وأخلصت الي مالا نهاية. ووهبت كيانها كله الي زوج يتركها فجأة ويرحل.. يسقط ميتا بينما يمارس رياضة الجري في حديقة سنترال بارك في نيويورك؟؟
وماذا تفعل هذه المرأة نفسها بعد عشر سنوات من الحزن العميق. والوفاء العظيم لذكري الراحل العزيز عندما يظهر لها و"فجأة أيضا" . صبي في العاشرة من عمره يحمل نفس اسم زوجها "شون" ويصر علي انه هو ذلك الزوج الذي تجسدت روحه لحظة الموت في جسده لحظة ميلاده.. فالزوج مات في نفس لحظة ميلاد هذا الطفل "شون".
كانت الأرملة "آن" قد قررت بعد هذه السنوات العشر ان تتزوج من الرجل الذي ظل يقنعها بالزواج ثانية. واثناء حفل اعلان خطوبتها علي الآخر المثابر الذي انتظرها وتحمل حزنها يظهر هذا الصبي الغريب "شون" ويقلب حياتها رأسا علي عقب ويكاد يخرب علاقتها بخطيبها الجديد.
تدخل في صراع نفسي رهيب، فهي من جهة تشعر بالفقد والوحشة، وتعشق زوجها الأول عشقاً لا حدود له، وتتمنى العودة له الآن وحالاً، ومن جهة أخرى هي تحب زوجها الجديد، وفي ذات الوقت لا تثق بدعاوى الطفل الصغير.. ووسط هذا الصراع النفسي تجلى إبداع "نيكول كيدمان".. والجميل في الفيلم أن المخرج بدا حراً طليقاً في طريقة تعبيره عن حقيقة الهم والألم الذي يعتصر الزوجة، فهو استخدم كثيراً اللقطات الطويلة التي تفسح مجالاً للتأمل، كما كثف من استخدام الموسيقى الصاخبة التي تشرح حجم الاضطراب الذي يموج داخلها.. ومن ذلك مشهد المسرح، ذلك المشهد الرائع، الذي كان عبارة عن لقطة طويلة مثبتة تماماً على وجه "نيكول"، وطوال أكثر من دقيقتين، لا نرى سوى انفعالاتها، فمرة تبتسم، ومرة تبدو مرعوبة، كل ذلك والكاميرا ثابتة، ولا يتحرك في الصورة سوى تعابيرها الآسرة التي تشرح حجم معاناتها.. ويرافق ذلك مقطوعة موسيقية مفزعة للموسيقار الألماني "فاجنر"..
ان نظرات آن الرقيقة الهشة المحبطة تقول اشياء كثيرة جدا في مشهد الفيلم الاخير.. بعد ان اتضح ان الطفل "شون" مضطرب نفسيا. وانه حصل علي المعلومات التي لعبت برأس "آن" وجعلها تصدقه من خطاباتها للزوج ولكنه في النهاية يستعيد توازنه بعد العلاج وربما أحب زميلة له في نفس عمره كما لوح الفيلم في احدي مشاهده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق