الثلاثاء، 10 سبتمبر 2019

فيلم "عرايس الخوف" يفتتح مهرجان قرطاج السينمائي

محمد عبيدو
أعلنت إدارة مهرجان قرطاج السينمائي، عن اختيارها فيلم "عرايس الخوف" للمخرج التونسي النوري بوزيد، ليكون فيلم افتتاح "دورة نجيب عياد"، التي ستنعقد في تونس بين 26 أكتوبر و2 نوفمبر 2019. ويحكي الفيلم الذي يؤدي فيه كل من نور حجري، وعفاف بن محمود، ومهدي حجري أدوار البطولة، قصة الشابتين "زينة" و"دجو"، في رحلة عودتهما من سورية إلى تونس في ديسمبر من عام 2013، ويسلط الضوء على تفاصيل هروبهما من تنظيم "داعش"، إلى مجتمع يرفض أن يغفر لهما ما فعلتاه، لتنتهي حكايتاهما بشكل مختلف. وتصارع "زينة" و"دجو" للبقاء وإعادة بناء الذات، بمساعدة المحامية "نادية" والطبيبة "درة". وتجد "دجو" في كتاباتها ملجأ لبؤسها، في حين تختار "زينة" أن تروي أحزانها للشاب المثلي "إدريس"، لما يتشاركان به من معاناة في محاولة إثبات الوجود. وحاز الفيلم في الدورة 76 لمهرجان البندقية، على الجائزة الخاصة لحقوق الإنسان. 
ويذكر أنّ المخرج النوري بوزيد (ولد في صفاقس بتونس في 1945). درس السينما في بلجيكا من 1968 إلى 1972 قدم موضوعات وطرق مجالات جديدة تماما على السينما العربية, و أول أفلامه الروائية عام 1986 { ريح السد } حاز عنه التانيت الذهبي بقرطاج . والذي لايزال قادرا على إحداث الصدمة وإثارة الجدل، بجرأة موضوعه وحدة نظرته إلى الواقع العربي يعتبره البعض أهم عمل فني عربي ينتقد قهر وسلطة المجتمع الذكوري الأبوي الذي يقدم على محو ذاكرة الأبناء. و يغمس الفيلم موضوعه هذا في خصوصية بيئة محلية أصيلة ، هي بيئة مدينة صفاقس التي ينتمي إليها مخرجه النوري بوزيد . ومن تفاصيل هذه البيئة وعناصرها المكانية ، وكذلك من طبيعة ملامحها الاجتماعية وطقوسها وعاداتها الموروثة ، ينسج بوزيد معالجة موضوع فيلمه ، فيعطيه كينونة اللحم والدم والأعصاب ، وبالتالي صدق الشهادة وقوة تأثير الخطاب . ثم { صفائح من ذهب }عام 1988 و {بزناس } 1992الذي يحكي عن نموذج من الشبان التونسيين الحائرين بين التقاليد وبين الحياة الاستهلاكية , فهذا الشاب " زوفا " يؤجر جسده الفتي للسائحات ويحلم بممارسة الحياة العصرية والسفر  , بينما هو مشدود الى تقاليد العائلة والحي . .
وتطرق نوري بوزيد بفيلمه "عرايس من طين" لموضوع اجتماعي حساس وهو موضوع الاطفال الخدم والخادمات في تونس الذين يأتون من القرى الفقيرة للعمل لدى اصحاب البيوت الغنية في العاصمة . "عرائس الطين" من تمثيل الفنانة هند صبري، أحمد الحفيان، أميمة بن حفصة، ولطفي عبدلي. وهذا الفيلم الجريء يحكي قصة عمران، رجل في الأربعين من عمره، كان يعمل خادماً في أحد المنازل، لكنه أصبح سمساراً في ما بعد يجلب الخادمات من قريته الأصلية المتخصصة في صنع الفخار، وعرائس الطين، من أجل العمل لدى العائلات الموسرة والمستقرة في العاصمة تونس. قطع عمران عهداً على نفسه أن يحمي شرف الفتيات الصغيرات اللواتي يجلبهن إلى العاصمة. وقد ركز المخرج نوري بوزيد على صبيتين كنموذج سيتعرضان لاحقاً إلى هزات نفسية خطرة تكشف عن حياتهما الجحيمية من جهة، مثلما تكشف عن عزلة أو خواء بعض العائلات الثرية في العاصمة. فضة الطفلة التي تصنع عرائس الطين تتعلق بعمران، ولا تريد أن تغادره لأنه الشخص الأول الذي أحاطها ببعض الرعاية والاهتمام. ربح فتاة جميلة، مغرية، تنطوي على أنوثة وحشية، تُدهش مثلُها مثل فضة بالعمارات الشاهقة في تونس، وتسحرها المدينة، وتقع في نهاية المطاف أمام أسر الإغراءات الكثيرة التي تحيطها من كل جانب. وبعد أربعة اشهر تحديداً نكتشف أنها حامل ليتغير مجرى حياتها، كما يوغل عمران في السكر، ويقضي جزءاً كبيراً من وقته في البارات والنوادي الليلية. ذات يوم حاول أن يستغلها، ويقدمها إلى رجل عجوز، تهدمت أسنانه في مقابل التنازل عن إيجار المنزل الذي لا يستطع أن يسدده، فتهرب ربح، ويبدأ البحث عنها هو وفضة التي كانت تتهرب هي الأخرى من منزل الناس الأثرياء. وفي لحظة صفاء تسترجع ربْح ذكرياتها بعد أن تكتشف تونس المدينة الطاحنة التي تتعرض فيها للابتزاز والملاحقات اللاأخلاقية من بعض الشبان. تعود إلى منزل عمران ليجتمع شمل الثلاثة الذين غادروا براءة القرية إلى انفلات المدينة. ومثلما تألقت النجمة الشابة هند صبري في "صمت القصور"، فإنها تكشف عن الأجزاء المخبأة من موهبتها في "عرائس الطين"، بدءاً من رحيلها من القرية، وانتهاءً بوصولها إلى المدينة، حيث تحاول الاندماج في الأجواء الجديدة التي بدت غريبة أول الأمر، لكنها انسجمت معها على رغم الخسارات الكبيرة التي تحملتها في ظل الظروف الطاحنة للمدينة
يتناول بوزيد في فيلمه " بنت فاميليا "،  من إنتاج 1998 , قصة ثلاثة نساء في الثلاثين من عمرهن ذي بيئات مختلفة يقررن أمام مشاكلهن العائلية تغيير نمط حياتهن.
و فاز نوري بوزيد عن فيلمه " آخر فيلم " بالتانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية لسنة 2006. و الاهقار الذهبي بمهرجان وهران بالجزائر.. ويدور حول بهتة، شاب عاطل عن العمل ومولع بالرقص، الذي أراد الخروج من جلباب العائلة الأبوية والقيم الإقطاعية البالية وكان طموحه أن يصبح راقصاً متمتعاً بخصوصيته في المجتمع، الشيء الذي ماتزال ترفضه المجتمعات العربية وتعتبره خروجاً عن المألوف. إلا أن الإحباط الذي نال من بطحا لقى اهتمام إحدى الجماعات الأصولية، التي حاولت بدورها استغلاله وتجنيد بطحا لتحقيق مآربها, ليستسلم للتيار السلفي. بوزيد يرسم صورة لشباب مقموع تتجاذبه الرغبة في الحرية والمخارج العقائدية؛ كما يدعو المخرج إلى إعادة تقييم دور الإسلام في المجتمع التونسي الحديث.
فيلمه «مانمتوش» فقد صور بعد الثورة التونسية بشهرين، وتناول أحداث القصبة الثانية، في خضم الثورة التونسية، تطالب الصديقتان الشابتان زينب وعائشة، بحقوق مساوية لحقوق الرجل في المنزل والعمل وعلاقات الحب. إ ذن ﻧﺤﻦ إزاء ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﺨﺘﺼﺮ ﺑﻔﺘﺎﺗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ ﺳﻘﻮط زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ واﻟﻔﺘﺮة اﻟﺤﺮﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ ﺗﺸﻜﯿﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة، وﻣﺎﺟﺮى ﻓﯿﮫﺎ ﻣﻦ اﻧﻔﻼت، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟﺬي أراد ﺑﻮزﻳﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﺧﻠﻒ اﻟﻨﺺ اﻟﺒﺼﺮي ، ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﺮﻣﺰ إﻟﯿﻪ زﻳﻨﺐ وﻛﺬﻟﻚ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻠﻪ ﺣﻤﺰة اﻷخ،رب اﻟﻌﻤﻞ، اﻷب، اﻟﺨﻄﯿﺒﺔ اﻟﺨﺎﻟﯿﺔ، اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻲ اﻟﺬي ﺿﺮب ﺣﺪ اﻟﻤﻮت. ورغم النهاية المأسوية، تحمل زينب وعائشة الأكورديون، وتلقي عائشة بحجابها بعيداً وتنطلق في أزقة المدينة العتيقة على إيقاع الغناء،نورى كعادته يطرح وجهة نظره ويقول ما يريد دون مواربة أو خوف، فهو طوال الخط ضد الإسلاميين وضد التطرف ، ويرفض المصادرة على الحريات الشخصية. يبدو الفيلم صادما ولكنه فى الوقت نفسه فيلم كاشف للكثير من التحولات والأمور التى تشهدها تونس بعد الثورة
منح وسام الشرف برتبة فارس من قبل وزير الثقافة الفرنسي فريدريك ميتران في حفل أقيم على هامش فعاليات مهرجان كان السينمائي، و أشاد الوزير بسينما بوزيد وقال إنها سينما خاصة ومؤثرة رغم شخصياتها الملاحقة بالعزلة. وتابع "نحن نعرف معركتك من أجل الحرية وتعطشك لها، والجيل الذي دافع بالأمس كما اليوم عن حريته وكرامته يعرف دورك في ذلك".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق