سوزوكي سوزومي
نظرا لأنني كثيرة التردد على حي شيبويا بطوكيو منذ زمن طويل – أولاً عندما كنت طالبة في المرحلة الثانوية ومن ثم عندما أصبحت طالبة جامعية وأخيراً كموظفة – لطالما نظرت إلى عالم الجنس التجاري باعتباره شيئاً يدار بشكل وثيق مع العالم الذي عشت وعملت فيه. يبدو أن كل شيء معد بشكل يناسب الشابات لأن يصبحن مشاركات في عملية التسويق التجاري للجنس بدون قطع صلاتهن بالمدرسة أو العائلة أو الحيد عن المسار التقليدي الذي يقود نحو الدخول للجامعة أو الحصول على وظيفة محترمة في إحدى الشركات.
كانت القيمة التجارية لفتيات المدارس الثانوية مرتفعة بشكل خاص، وكنت أعرف بعض زميلاتي في المدرسة اللواتي استفدن من هذه الحقيقة. وقد اقتصر انخراط بعضهن في علاقات اجتماعية مع موظفين ذكور بعد انقضاء أعمالهم في تناول الطعام واحتساء الشراب والغناء في الكاراوكي على نفقة رفقائهن الذكور. وقلة منهن ذهبن أبعد من ذلك بكثير لكسب مزيد من الأموال عن طريق خلع ملابسهن الداخلية للغرباء من الجانب المقابل لمرآة ذات وجهين ومن ثم بيعها. وهؤلاء الفتيات كن يدركن قيمتهن التجارية وسعين لاستغلالها بدون أن يتم وصمهنّ بأنهن منحرفات اجتماعياً، وبالتالي فقد رسمنّ خطّاً فاصلاً طبقاً لذلك.
وعلى النقيض من ذلك، فبينما تعمل الممثلات الإباحيات أيضا في عالم قريب من عالمي، يبدو أنهن قد اجتزن الخط الذي لا رجعة فيه. عندما كنت طالبة دراسات عليا كنت مفتونة بما يبدو أنه انخراط واضح وجلي بعملية التسويق التجاري للجنس. وهذا ما دفعني لأن أختار مجال أبحاثي الميدانية عن مواضيع متعلقة بممثلات الأفلام الإباحية – وهو الوصف الذي يطلق على النجمات الإباحيات في اليابان – وأن أنشر أبحاثي على شكل كتاب بعنوان ”دراسة اجتماعية عن النجمات الإباحيات“.
عندما تتحدث ممثلات الأفلام الإباحية عن أنفسهن فإنهن يتكلمن بوضوح بشكل يدعو للدهشة. فهن يُجبن بهدوء على أسئلة شخصية من جميع الأشكال ويروين قصصهن الشخصية بسلاسة وبلاغة وذلك في الأفلام التي يتكسبن منها رزقهن، بالإضافة إلى المجلات ووسائل إعلام أخرى.
وإلى حد كبير فإن هذه مهارة يكتسبنها بشكل تلقائي. وبينما العمل الأساسي لفنانة الأفلام الإباحية هو تأدية أدوار جنسية أمام الكاميرا لتقديم إثارة جنسية لمشاهديها فإن عملها يتضمن أيضاً أنشطة ترويجية مثل المقابلات مع مجلات وغيرها من الفعاليات التي تستوجب ظهورها. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على ممثلة الأفلام الإباحية أن تتودد لشركات الإنتاج وأن تنخرط مع مخرجين وآخرين في مقابلات عمل والمشاركة في اجتماعات تخطيط وإنتاج متنوعة. وفي كتابي ”دراسة اجتماعية عن النجمات الإباحيات“ أوضحت كيف أن هذا الجانب من العمل – إلى جانب التجارب والصعوبات التي تواجهنها عندما تصبحن ”مخضرمات“ في مجال هذه الصناعة – يساعد في جعل ممثلات الأفلام الإباحية أقوياء. وفي تلك الاجتماعات والمقابلات يطلب من الفنانة باستمرار وصف شخصيتها والخلفية التي جاءت منها ومناقشة ما تحبه وما تكرهه وشرح أسباب تحولها إلى فنانة إباحية. وخلال تلك العملية، تطور الفنانة الإباحية شخصية روائية مميزة تمضي قدما بها، وتصبح قادرة على رسم صورة لنفسها باعتبارها شخصا ذا كبرياء اختار هذه المهنة بمحض إرادته. قد لا تكون قد بدأت مشوارها المهني بهذا السلوك، ولكنها أيضا لم تختلقه بأسلوب ساخر ومحسوب. وفي الأغلب فإن هذا السلوك نشأ تلقائيا كنتيجة للطريقة التي تدار بها هذه الصناعة.