الثلاثاء، 7 مايو 2024

كيف تناولت السينما الجزائرية مجازر 8 ماي 1945 ؟



 محمد عبيدو 

حضرت موضوعات حرب التحرير الوطنية في السينما الجزائرية منذ الاستقلال بأعمالها الروائية والوثائقية، كاشفة احداث التاريخ وتضحيات الشعب الجزائري في سبيل الحرية والاستقلال، ومن بين هذه الاحداث مجازر 8 ماي 1945 التي ارتكبتها قوات الاحتلال الفرنسي ضد الشعب الجزائري، وشملت معظم أرجاء الجزائر ومن أهم المناطق هي سطيف والمسيلة وقالمة وخراطة وسوق أهراس، ونتج عن هذه المجازر قتل أكثر من 45,000 جزائري، وهزت بعنفها ودمويتها وقسوتها العالم  .

من بين هذه الاعمال المنتجة نذكر ملحمة “وقائع سنوات الجمر” لمحمد لخضر حمينة سنة 1975 (الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي) الذي تدور أحداثه حول وقائع تاريخ الجزائر النضالي، والذي غطته مساحات الدماء الحمراء، من أجل نيل الاستقلال والحرية، والنظم التي تمارس القمع وتجهض حقوق الإنسان أينما كان. كما صور الفيلم الحياة القبلية في جبال الجزائر، والتي كانت تعيش على حياة التنقل في الصحراء والرعي، ثم لم تلبث أن تحولت الصحراء إلى ساحة للقتال والجهاد المستميت من أجل نيل الحرية المضرجة بالدماء، ويغلب على الفيلم روح التراجيديا، حيث سادت فيه مناظر البؤس والألم والمجازر الدموية لمئات من المواطنين. وحضرت أيضا في أفلام أخرى مثل فيلم “زهرة اللوتس” للمخرج الراحل عمار العسكري 1999.

تطرق المخرج رشيد بوشارب لموضوع مجازر8 ماي 1945 في فيلمه “أنديجان” (2008) كما حضرت بقوة في فيلمه التالي “خارجون عن القانون” (2010) الذي تدور أحداث قصته بين 1945 و1962 حيث تبرز قصة ثلاثة إخوة جزائريين تعرضت أسرتهم إلى الإبادة الجماعية خلال مجازر 8 ماي 1945، فقرروا التنقل إلى فرنسا للدفاع عن القضية الوطنية وكشف الجريمة أمام العالم. وخصص المخرج مساحة كبيرة من زمن الفيلم لمجازر 8 ماي الأسود. تعرض الفيلم لدى نزوله لحملة واسعة من طرف اليمين الفرنسي خاصة، الذي شن حملة اضطهادية واسعة عليه في بعض الصحف الفرنسية، ونزلت بعض القوى اليمينية إلى الشارع في مظاهرات ضد عرض الفيلم أمام صالة عرض مهرجان كان، رفضا لمحتواه التاريخي، وأعتبروه “مهينا لفرنسا”.

واختار المخرج جعفر قاسم الذي اشتهر بأعماله التلفزيونية الكوميدية دخول السينما من خلال موضوع تاريخي عن مجازر 8 ماي 1945 الدامية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري وهي المرة الأولى التي تعالج فيها هذه المرحلة دراميا.

واعتمد المخرج في فيلم “هليوبوليس”، وهو الاسم القديم لمدينة قالمة مقاربة جديدة في تناول الموضوع بطريقة انسانية تعطي نظرة مغايرة لبعض الأمور منها الصورة المعروفة عن القياد والاعيان لدى الجزائريين وتدور إحداث الفيلم حول عائلة زناتي احد اعيان وأغنياء المنطقة.


وتناولت السينما التسجيلية الحدث في عدد من الأفلام حيث تناول المخرج مهدي العلوي هذه الواقعة في فيلم وثائقي بعنوان “مجازر سطيف ، ذات 8 ماي 1945” اضافة الى وثائقي المخرج الفرنسي الملتزم بالثورة الجزائرية رونيه فوتيه “دم شهر ماي يزرع نوفمبر” (1982 )


وأيضا، يقدم الفيلم التسجيلي “8 مايو 1945 الآخر- أصول حرب الجزائر” للمخرجة ياسمينة عدي مجموعة من الشهادات الحية ممن عاشوا أحداث ومجازر الثامن من مايو 1945 في كل من قسنطينة، سطيف وقالمة. وعمدت المخرجة ياسمينة عدي في فلمها المنتج عام  2008  لتحقيق عملها الوثائقي النادر إلى تقديم شهادات من الطرفين الجزائري والفرنسي على حد سواء لأنها كما أشارت “لا تريد أن تضع القضية في بعدها ندا للند بين الطرفين وإنما الكشف بموضوعية عن حقيقة ما حدث”.


ومن بين الشهادات واحدة للمؤرخ الفرنسي باسكال بلانشار الذي قدم في شهادته الظروف الدولية لمجازر الـ8 من مايو 1945 وأهم محطاتها ومعداتها العسكرية والجيواستراتيجية.


وتطرح شهادات حية لمجموعة من المناضلين الجزائريين المنخرطين في صفوف الحركة الوطنية وأحزابها، كحزب الشعب الجزائري وحركة أحباب البيان والحرية وجمعية العلماء المسلمين، حقائق حول الأجواء التي سبقت اندلاع شرارة الـ8 من مايو 1945 في سطيف.


وكشفت شهادات مصطفاي (عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الجزائري) أنه وفي غمار التحضير لاحتفالات انتصار الحلفاء على النازية في 8 مايو 1945 بسطيف اقترح عليه المناضل سعيد عمراني نموذجا أوليا للعلم الوطني الذي اعتمد رمزا للجزائر خلال الاحتفالات إلى جانب الشعارات المرتفعة المنادية بالحرية.


وأكد مصطفاي على أن الشرارة الأولى للمواجهات بين الجزائريين والجيش والمستعمرين الفرنسيين كانت أمام مقهى “باريس” وسط مدينة سطيف حيث تم إطلاق النار على الطفل سعال بوزيد الذي خطف العلم الوطني ليطوف به ويسقط شهيدا.


ومن هنا بدأت المواجهات، كما يوقف المشاهد بعد إنصاته العميق لشهادات كل من المناضلين محمد شريف، حميد عصيد، عيسى شراقة، لحسن بخوش، العياشي خرباش، ساسي بن حملة، سعيد عليق مسعود هرفم، يلس عبد الله، عبد المجيد شهاب، محمد فنيدس، عمار يدهوش، زهرة أمقراني، حميد بلزازن على حقائق مرعبة حول الجريمة التي ذهب ضحيتها أبرياء جزائريون عزل منها إطلاق النار العشوائي على المتظاهرين والسكان (الأهالي) دون تمييز.


كما أشارت الشهادات الفرنسية ومنها لروجيه دويني وهنرييت بيتون إلى تجاوزات القضاء والشرطة الفرنسيين ضد الجزائريين رغم أن مواجهات 8 مايو 1945 أدت إلى سقوط 28 فرنسيا، وكيف حاول الجيش الفرنسي في حركة تمويه وبأمر من الجنرال هنري مارتن استدراج كل سكان مناطق سطيف وقالمة وخراطة الذين يفوق عددهم 15 ألفا إلى منطقة ميلبو البحرية وايهامهم بأن حركة الانتفاضة والمظاهرات توقفت وبأن الجزائريين لا يشكلون خطرا على المستعمرين ولتطمين الدوائر الفرنسية بالسيطرة على الوضع.


وهو ما تبرزه الصور النادرة للاحتفال حيث يبدو الجزائريون رافعين أيديهم ورافعين السلاح بدون ذخيرة ومحاطين بقوافل من الجنود السينغاليين.


كما أثار الفيلم الوثائقي حقيقة التعتيم الإعلامي على هذه المجازر وانعكاساتها، اذ كشف المراسل الأمريكي لندروم بولينغ شهادته الحية أنه تلقى صعوبات للحصول على معلومات من الجانب الفرنسي حول حقيقة ما حدث في ذلك اليوم الدموي بسطيف حيث شوهدت القرى تحترق والمنازل تدمر.


تطرق الفيلم، لإضراب الطلبة في 19 ماي 1956 وتضحيات النخبة الجزائرية المثقفة والمتعلمة. لم يكن إضراب ال 19 ماي البداية، كما أنه لم يكن النهاية، لكنه كان محطة قوية ورسالة بالغة لكل العالم أن الجزائر لم ولن تكون فرنسية، سارعت الطبقة المتعلمة والمثقفة من طلاب الجامعات والثانويات الى هجر مقاعد الدراسة بشكل جماعي وفردي والتحقت بجيش وجبهة التحرير الوطني في الميدان .


محمد عبيدو

الاثنين، 6 مايو 2024

فيلم Io Capitano للمخرج ماتيو جاروني الفائز الأكبر بجوائز السينما الإيطالية

 


كان فيلم ماتيو جاروني الدرامي عن اللاجئين "إيو كابيتانو"، الذي رشح لجائزة الأوسكار هذا العام عن إيطاليا في فئة أفضل فيلم دولي، هو الفائز الأكبر في جوائز ديفيد دي دوناتيلو لعام 2024، التي تعادل جوائز الأوسكار في إيطاليا، حيث فاز بجائزة أفضل فيلم ومخرج لجاروني.

كما حصل Io Capitano على جوائز أفضل تصوير سينمائي ومونتاج وصوت ومؤثرات بصرية.

وفاز فيلم "لا يزال هناك غدًا" للمخرجة باولا كورتيليسي، وهو فيلم درامي نسائي بالأبيض والأسود والذي أصبح الأكثر ربحًا في إيطاليا العام الماضي، بجائزة كورتيليسي دوناتيلو لأفضل ممثلة، وأول ظهور لها في الإخراج، والسيناريو الأصلي للسيناريو الذي شاركت في كتابته مع فوريو. أندريوتي وجوليا كاليندا.

وقالت وهي تقبل تكريمها كممثلة: "أريد أن أشكر أولئك الذين أعطوني الفرصة لكتابة هذا الدور كما أردته".

فيلم كورتيليسي، وهو عمل درامي عن امرأة تعرضت للإساءة في روما ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذي تمكن من الجمع بين الدراما الاجتماعية الجادة مع الكوميديا، وحقق أيضًا نجاحًا تجاريًا ضخمًا في إيطاليا، متفوقًا على باربي في شباك التذاكر المحلي ( كسب نحو 40 مليون دولار) وأصبح ظاهرة ثقافية، مما أثار جدلاً جديداً في إيطاليا حول العنف المنزلي وقتل النساء.

وذهبت جائزة أفضل ممثل إلى ممثل آخر تحول إلى مخرج، وهو ميشيل ريوندينو، الذي فاز بجائزة دوناتيلو عن لعبه دور البطولة في أول فيلم له كمخرج، Palazzina Laf، وهو فيلم درامي عن التنمر في مكان العمل. وحصل النجم المشارك إليو جيرمانو على جائزة أفضل ممثل مساعد.

وحصل فيلم "المخطوف" للمخرج ماركو بيلوتشيو، وهو فيلم درامي عن قصة حقيقية لصبي يهودي أُخذ من عائلته وأجبر على التحول إلى الكاثوليكية، على جائزة دوناتيلو لأفضل سيناريو مقتبس عن سيناريو شارك في كتابته بيلوتشيو وسوزانا نيكياريللي، وكان الفائز الأكبر. في الفئات الفنية، وحصل على جوائز في تصميم الإنتاج، وتصميم الأزياء، والمكياج، والشعر.

أما جائزة دوناتيلو لأفضل فيلم دولي فذهبت إلى فيلم Anatomy of a Fall للمخرجة جوستين تريت الحائز على جائزة الأوسكار.

أقيم حفل توزيع جوائز ديفيد دي دوناتيلو التاسع والستين يوم أمس الجمعة 3 مايو في استوديوهات Cinecittà الأسطورية في روما.


رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عامًا



توفي صباح اليوم الأحد، الممثل البريطاني برنارد هيل، الذي اشتهر بدور الملك ثيودن في ثلاثية "سيد الخواتم" والكابتن إدوارد سميث في فيلم "تيتانيك"، عن عمر ناهز 79 عامًا.

ولد برنارد هيل عام 1944 في بلاكلي بمانشستر، بدأ مسيرته الفنية في السبعينيات من خلال عدد من الأفلام والمسلسلات البريطانية، ثم برز هيل بدور الرقيب بوتنام في فيلم “غاندي” من إخراج ريتشارد أتينبورو.

وفي عام 1997، لعب هيل دور الكابتن سميث في فيلم "تيتانيك" للمخرج جيمس كاميرون، والذي فاز بـ 11 جائزة أوسكار. 

ثم انضم إلى سلسلة أفلام "Lord of the Rings" للمخرج بيتر جاكسون بدور الملك ثيودن، حيث ظهر في فيلم "The Two Towers" عام 2002 و"The Return of the King" عام 2003، والذي حصل أيضًا على 11 جائزة أوسكار.



الجمعة، 3 مايو 2024

الجائزة الكبرى لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي للفيلم الإسباني “ماتريا”



محمد عبيدو 

توج الفيلم الروائي الطويل “ماتريا” للمخرج الإسباني ألفارو جاجو بالجائزة الكبرى “الغزالة الذهبية” لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي في طبعته الرابعة التي اختتمت سهرة الثلاثاء إلى الأربعاء في قاعة المسرح الجهوي عز الدين مجوبي.

يتناول هذا الفيلم الذي أنتج سنة 2023 حالات انسانية من خلال امرأة في قرية صيد في غاليسيا تعيش ظروفا اجتماعية صعبة للغاية وتقاوم تكافح من أجل تدبر أمرها من خلال العمل الجاد و القاسي هنا وهناك من أجل لقمة العيش وضمان مستقبل أفضل لابنتها. مع استعداد ابنتها البالغة من العمر 18 عامًا للوقوف على قدميها، تبدأ رامونا في التشكيك في حياتها حتى هذه اللحظة.

يعكس الفيلم صورة قوية للمرأة الصامدة في وجه الظروف الصعبة وهو الدور الذي أدته الممثلة  ماريا فاسكيز التي توجت في فيلم “ماتريا” بجائزة “أحسن ممثلة” في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي في طبعته الرابعة .


وجاءت جائزة الغزال الذهبي لأفضل مخرج للكرواتي أندريه كوروفليف عن “فندق بولا”. بالنسبة لمسابقة الفيلم القصير، قررت لجنة تحكيمها أن تمنح تنويهين، الأول للفيلم الإسباني “السينما شيء رائع” للمخرج دافيد فرنانديز: السينما مليئة بالقواعد السخيفة. يذكر أحدهم أن بطل الرواية يجد دائمًا مكانًا لوقوف السيارات في المرة الأولى. سوف يمر الأب وأبناؤه برحلة ملحمية من أجل الوصول إلى شركة ابن أخيهم في الوقت المحدد. والثاني للفيلم الكرواتي “الواقع الحقيقي للقتال” للمخرج أندريا سلافيتشيك: بين مشاكل المدرسة، ودراما الفتيات اللئيمة، والكلمات الجذابة، والسيارة الزرقاء الغامضة، تحكي لنا المراهقة لينا، التي تكون أحيانًا مشتتة الانتباه أو متقطعة، القصة الحقيقية وراء القتال الكبير.

وفاز بجائزة لجنة التحكيم الفيلم القبرصي “ليلة أعمال شغب” للمخرج أندريا شيتانيس : خلال أعمال شغب في شوارع قبرص، يحاول رجل من أصل عربي العثور على مأوى داخل منزل عائلة قبرصية. ومع ذلك، سرعان ما يدرك أن حياته ربما تكون أكثر عرضة للخطر داخل المنزل، وليس في الخارج في الشوارع مع مثيري الشغب. يستكشف الفيلم الصعوبات التي يتعين على اللاجئ التغلب عليها، والحزن الذي يمكن أن يفرق الأسرة، ولكن قبل كل شيء، يركز الفيلم على قوة حب الأم، وتوج الفيلم الفلسطيني “سوكرانية 59” للمخرج عبد الله الخظيب بالجائزة الكبرى في ألمانيا، تجد عائشة وزوجها جمال وابنهما سمير، وهم لاجئون سوريون، أنفسهم مقيمين في مساكن توفرها المؤسسات العامة. في أحد الأيام، تصل ماريا وصوفيا، أم وابنتها اللتان فرتا من الحرب في أوكرانيا. تضطر العائلتان إلى العيش معًا على الرغم من اختلاف أسلوب حياتهما والتجارب التي مروا بها في المنفى.. فيما نال جائزة لجنة التحكيم الفيلم القصير “ليلة من أعمال الشغب”

ونال جائزة “أحسن دور رجالي” الممثل الفلسطيني صالح بكري عن دوره في الفيلم الفلسطيني “الأستاذ” للمخرجة فرح النابلسي، و يتناول الفيلم الذي تم تصوير في الضفة الغربية بفلسطين، ويرصده قصصاً إنسانية من واقع مأساوي فلسطيني على مدار ساعة و55 دقيقة، قصة “باسم” (صالح بكري) أستاذ فلسطينيّ يكافح للتوفيق بين التزامه بالمقاومة السياسية التي تهدد حياته، يكافح للتّعامل مع تجربة شخصيّة مؤلمة بعد حادث مأساويّ اودى بحياة بابنه وانفصاله عن زوجته . تأخذ حياته منعطفًا غير متوقّع عندما يشكّل ارتباطًا عميقًا مع آدم، أحد طلّابه، حيث ينقله للإقامة عنده و يسكنه غرفة ابنه الذي استشهد عندما أسره الاحتلال ويزوده بالكتب ، إثر هدم بيته، المجاور لبيته، وقتل مستوطنون حاولوا إحراق أشجار زيتون، أخاه الأكبر، يعقوب ، في حين ينمّي أيضًا علاقة رومانسية جديدة غير متوقّعة مع إحدى المتطوعات في المدرسة العاملة الاجتماعيّة البريطانيّة “ليزا” (إيموجين بوتس). في الوقت نفسه، يسعى محامٍ أمريكيّ وزوجته إلى عودة ابنهما، وهو جنديّ إسرائيليّ محتجز لدى مجموعة مقاومة فلسطينيّة يُحضره رفاقُ الأستاذ، لإخفائه في بيته، يكتشف أمره آدم، فينقذ الأستاذَ في تفتيشٍ أوّل لجيش الاحتلال، حث يبادر من نفسه إلى أخذ الأسير وإخفائه في مكان قريب ثم تنقذه زميلته، التي تغدو شاهدة على ما يجري، في تفتيش ثانٍ للمخابرات.. يثير مطلب المجموعة لتبادل الأسرى توتّرات مع السّلطات، ممّا يزيد من حدّة البحث عن الجنديّ، ويوقع حيّ “باسم” و”آدم” في حالة من الاضطراب. تنسج المخرجة، فرح النّابلسي، هذه القصص المتباينة والمترابطة في آنٍ، في دراما مشوّقة تتميّز بالتّعاطف والأحداث غير المتوقّعة والاستفزازات المتواصلة، الّتي ترتكز على أداء صالح بكري القويّ..

وعادت جائزة “أحسن سيناريو” في فئة الأفلام الروائية الطويلة للفيلم التركي “روزينانت”، للمخرج باران غوندوزالب ويشارك في بطولته إيلي إردونميز، فاتح سونميز، فيما نال جائزة لجنة التحكيم لهذه الطبعة فيلم “فرانز فانون” للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح :  في عام 1953، تولى الدكتور فرانز فانون من المارتينيك منصبه كرئيس الأطباء في عيادة الطب النفسي في البليدة، الجزائر. يهيمن الطب النفسي الاستعماري العنصري على الحياة اليومية في العيادة. يتم إيواء الفرنسيين بشكل منفصل عن المسلمين، والظروف في الوحدة الإسلامية صادمة: يتم تقييد المرضى وتهدئتهم رغماً عنهم. يقدم فانون نهجًا جديدًا يتضمن مناقشات جماعية ومسؤوليات أكبر لطاقم التمريض. أنشأ صحيفة للمريضى، ومقهى، وموقعًا لملعب كرة قدم، وساعد في ترميم المسجد. وهو يدعم بشكل متزايد حركة المقاومة الجزائرية السرية.

في فئة الأفلام الوثائقية، نال جائزة “أحسن فيلم وثائقي” الفيلم الإيطالي “سارورة” للمخرج نيكولا زمبيلي: على أبواب صحراء النقب، يحارب شباب فلسطينيون الاحتلال العسكري الإسرائيلي محاولين استعادة الأراضي المسروقة من عائلاتهم.. وذهبت جائزة لجنة التحكيم للفيلم الفلسطيني “باي باي طبريا” للمخرجة لينا سويلم، تصور حياة والدتها (الممثلة الفلسطينية هيام عباس) وجذورها في فلسطين. الفيلم الوثائقي “يفتح آلام الماضي” ليعكس الخيارات الحياتية الصعبة التي تواجهها هيام عباس ونساء من عائلتها، متخذا نقطة البداية من النكبة الفلسطينية عام 1948 وما رافقها من تهجير ونفي وقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي. وقامت لجنة التحكيم بمنح تنويه خاص للفيلم التونسي “عقرب مجنونة” للمخرج أكرم منصر يتابع الفيلم قصص مجموعة من النساء في مدينة وذرف بالجنوب التونسي و نضالهن للحفاظ على صنعة الأجداد المتمثلة في السجاد التقليدي (المرقوم)..

وتم إدراج في الطبعة الرابعة لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي جائزة الجمهور تحمل اسم المخرج الراحل “عمار العسكري” الخاصة بتصويت الطلبة على أفلام جزائرية تم عرضها بالمدرسة العليا للتسيير بعنابة أنتجت في إطار ستينية عيد الاستقلال و التي نالها الفيلم الجزائري “الطيارة الصفراء” للمخرجة هاجر سباطة. الفيلم يروي قصة جميلة الفتاة الجزائرية التي فقدت أخاها في الفترة ما بين 1956 و1957، أي خلال حرب الجزائر، وتسعى للانتقام من مقتله . وتعلم جميلة بخبر وفاة شقيقها من قبل نقيب فرنسي وتسعى للانتقام لكنها تقع في حيرة من أمرها هل تنتقم لشقيقها الذي قتل من طرف الفرنسيين أم تنتقم لوطنها المحتل. كما تم الكشف عن الفائزين بمنحة الصناعة السينماتوغرافية، التي خصصت للمشاريع الإبداعية، وعادت في قسم مشروع الكتابة للمخرجة سيرين عشير عن مشروعها “أصوات”، بينما عادت جائزة أحسن مشروع للمخرج أسامة بلحسين عن عمله “7 كيلومتر”.

ورغم الخيارات الفنية الجيدة وعناوين العروض السينمائية اللافتة التي عاشتها مدينة عنابة على مدار ستة أيام (24-30 أفريل) في الطبعة الرابعة للمهرجان، وضمت 70 فيلما أنتجوا بين سنتي 2022 و2024  بمشاركة 18 بلدا متوسطيا، من بينها عروض خاصة بالسينما الفلسطينية، و أخرى بالمرأة والسينما المتوسطية، ومع الرغبة بالتجاوز والخروج من الاداء الضعيف الي ميز الطبعتين الثانية والثالثة، إلا ان لغطا كثيرا دار حول المهرجان في وسائل الاعلام وبصفحات التواصل الاجتماعي ربما بسبب غياب نقاد وإعلاميين متخصصين، وانعكاس ذلك على التغطية الاعلامية للصحفيين اللذين تمت دعوتهم لحضور المهرجان ولم تصل منهم مقالات نقدية للأفلام او الندوات او حوارات مع اعضاء لجان التحكيم التي ضمت اسما بارزا في السينما العالمية وهو المخرج التركي نوري بليج جيلان، بل كانوا منشغلين على ما يبدو بأخبار مؤثري تيك توك استضافهم المهرجان كضيوف شرف او بالتقاط صور سيلفي.

وظهرت ايضا تساؤلات حول غياب اسماء سينمائية كبيرة تم الاعلان عنها رسميا ولكن لم تحضر، وأيضا غياب السينمائيين الفلسطينيين في وقت القضية الفلسطينية هي الحدث الاهم الي يشغل ويحرك وجدان العالم.

كما يحسب ايجابا للنقاشات التي اثارها انعقاد المهرجان، دعوة الجهات المعنية كوزارة الثقافة والبلديات لترميم صالات السينما المغلقة او انشاء صالات جديدة في مدينة ليس بها سوى صالة واحدة ناشطة هي صالة “السينماتيك”، مما اضطر المهرجان لعرض افلامه في مسرح عنابة الجهوي . ويبقى موضوع الصالات السينمائية جزء اساسيا من الانشغالات والحوارات حول قضايا وإشكالات الواقع السينماتوغرافي بالجزائر ودعوات النهوض به .


الاثنين، 29 أبريل 2024

مع عيد العمال : 10 أفلام قاربت سينمائيا قضاياهم


 محمد عبيدو  


قدمت السينما العديد من الأفلام التي ركزت على هموم العمال ومتاعب البسطاء وسلطت الضوء على كفاح العمال وتناول حياتهم ومشاكلهم التي يتعرضون لها. وتشير التأريخات الى انه كان للعمال نصيب في أولى اللقطات التي صوَّرتها السينما، فى يوم 28 ديسمبر 1895، عندما عرض الأخوان لوميير أول “مشهد تصويري متحرك” يظهر فيه خروج العمال من أحد مصانع مدينة ليون الفرنسية في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً، للاستمتاع بفترة الاستراحة وتناول الطعام.هنا وقفة مع أفلام عربية واجنبية تطرقت لأحوال العمال ومشاكلهم واحلامهم :


فيلم “المدرعة بوتمكين” (١٩٢٥) للمخرج السوفييتي سيرغي أيزنشتاين، الفيلم يؤرخ الثورة العمالية في مدينة (سان بطرسبرج) عام 1905، يروي الفيلم قصّة مأخوذة بشكل أمين عن أحداث واقعية، وتبدأ أحداثه في احتجاج عمال السفينة المدرعة بوتمكين على الأوضاع المزرية، الأمر الذي يجعلهم عرضة للعقاب من الضباط، حينها يثور العمال ضد الضباط ويسيطروا على السفينة، مع عصيانهم أوامر الضبّاط الذين سينفّذون مجزرة بالأهالي، في مشهد ملحميّ على الدرج. وعند عودتهم يستقبلهم ثلاثة الآف من أهل سان بطرسبرج بالتحية والترحاب.


فيلم “العصور الحديثة” : (1936) قدم فيه شارلي شابلن رؤية متعاطفة مع العامل وساخرة من رأس المال الساعي لتشييئه وجعله برغي في ماكنة العمل. تدور أحداث الفيلم حول شخصية (المُشرَّد)، والذي يفشل هذه المرة في أن يكون عاملًا بخط التجميع في أحد المصانع، حيث يصيبه التوتر لفرط سيطرة الآلة على كل شيء بالمصنع، وخاصة بعد أن يجرب عليه مدير المصنع آلة الإطعام الجديدة التي اختُرِعت لتوفر الوقت الضائع في استراحة الغذاء، فيصيب الآلة عطل وتأخذ في ضرب شارلي في وجهه حتى يفقد الوعي. مما يدفعه للعودة إلى الشارع مجددًا، وخوض الكثير من الصعاب في طريقه، وبعد أن تزول عن شارلي نوبة العصاب يأتيه نبأ الإضراب ويخرج كل عمال المصنع إلى الشارع. وفي الشارع يقع علم أحمر من عربة للنقل ويسرع شارلي لالتقاط العلم يريد إعادته للعربة.وبمجرد ما أن يمسكه بيده حتى يعتقد العمال أنه يدعو لمظاهرة في حين أنه لا يقصد ذلك أبدًا، وتحتشد الجماهير وراءه سائرة في مظاهرة حقيقية، ويراه رجال الشرطة ويعتقدون أنه قائد المظاهرة ويلقون القبض عليه. وعندما يخرج من السجن يقابل بطريقه فتاة شريدة مطلوبة للعدالة، فيحاولان معاً مواجهة العالم القاسي من حولهما .


فيلم عناقيد الغضب : (1940) عن الرواية الشهيرة للكاتب جون شتاينبك ينقل الفيلم حياة عائلة في فترة الكساد الكبير، الفيلم شديد الجدية ويناقش مشكلة كبيرة وهي خسارة العائلات لمصدر دخلها سواء كان أرض أو عمل في فترات الأزمات الاقتصادية من خلال عائلة  جود التي تضطر للرحيل عن مدينتها لتتشرد بحثًا عن لقمة العيش.الفيلم إخراج جون فورد، وتمثيل؛ هنري فوندا، جين دارويل، جون كارادين.


فيلم “نورما راي” : (1979)  إخراج مارتن ريت، وبناء على قصة حقيقية ، الفيلم يتبع نورما راي ويبستر ، أم شابة وحيدة وعاملة في أحد مصانع النسيج لديها القليل من التعليم الرسمي في ولاية كارولينا الشمالية توافق على تشجيع رفقائها من عمال المصنع في سبيل تشكيل نقابة لهم بعد أن تتعرض صحتها وصحة زملائها للخطر بسبب ظروف العمل السيئة رغم الصعوبات التي تواجههم في سبيل ذلك. الفيلم تمثيل؛ سالي فيلد، بو بريدجز، رون ليبمان.


 فيلم “أنا دانيال بليك ” :  (2016) يحاول المخرج البريطاني كين لوتش في هذا الفيلم كما في أفلامه كلها الانتصار للذين يعيشون على هامش المجتمع وعرض صورة المظلومين اجتماعيا والمنسيين في المجتمع . النجار دانيال بلايك، وهو يقارب التاسعة والستين من عمره ، هو مثال النجّار الصادق البسيط الذي يحب العمل ومساعدة الآخرين. وعاش غالبية حياته في نيوكاسل، يضطر إلى الانقطاع عن العمل بعد أزمة قلبية فيسعى بشدة للحصول على إعانة من الدولة للمرة الأولى في حياته ، فنتبعه في مواجهة متاهات نظام عبثي مبهم من وكالات العمل إلى هيئات الخدمات الاجتماعية، وسط مساءلات تشبه التحقيق الأمني حول صحته وورشات إعادة الإدماج المهني. ، ليعرف الإذلال أمام منظومة اقتصادية تحتقرّ أساليبه التقليدية وترمي به في خانة المهمّشين وهذه الإجراءات تقسو على الرجل المنهك فهي إجبارية والتخلف عنها يهدد بقطع المنح التي يقتات منها. وفي رحلته عبر ماكينة الإدارة الجهنمية، يلقى بطل الفيلم بعض السند عند إحدى جاراته السود، وهي امرأة تربي طفليها بمفردها، وكلاهما ضحيتان لنفس النوع من الظلم. تحاول هي اﻷخرى الحصول على سكن ملائم بعيدًا عن الغرفة الضيقة التي تعيش فيها مع أبنائها في لندن.


فيلم سيزار تشافيز : (2014) يقدم سيرة ذاتيه للمناضل العمالي سيزار تشافيز الذي عمل على تغيير وجه العالم لتحقيق حقوق العمال والدفاع عنها، وبين صراعه ليعيل أسرته ويكون أب وزوج جيد، وبين واجباته المهنية والعمالية تدور أحداث الفيلم الهامة.الفيلم إخراج دييغو لونا، و تمثيل؛ مايكل بينيا ، أمريكا فيريرا ، روزاريو داوسون.


فيلم العامل: (1943) ، إخراج أحمد كامل مرسي وبطولة حسين صدقي وفاطمة رشدي  قصته حول أحمد عامل شاب متحمس يدافع عن حقوق ذويه لدى أصحاب المصانع وشركات الإنتاج، تتضمن رحلته النضالية في هذا المضمار علاقة حب تربطه بجارته هنية التي تؤمن به وبقضيته، يتكبد هذا العامل الكثير من المتاعب والمآزق، كأن يتآمر عليه صاحب المصنع، ويحاول الإيقاع به وتلويث سمعته أمام العمال المؤمنين به والواقفين خلفه عن طريق غانية، إلا أن عفته ونزاهته تحولان دون ذلك. تتبدل الأحوال ويصبح أحمد – الذي نصبته العمال زعيمًا – صاحبًا لعماله وذا نفوذ ولا يتوانى عن مواصلة رسالته ومدافعته عن حقوق العمال، فأقام لهم مؤسسات وشركات لا يجدون فيها إلا الإنصاف وتقدير جهودهم وقد تم ذلك بتحريضه للعمال على الإضراب عن العمل، حتى تتم تلبية مطالبهم ويخضع أصحاب المصانع أخيرًا.


فيلم الأسطى حسن : (1952) يتناول قصة الأسطى “حسن” العامل في ورشة خراطة الحديد، وهو شخص ناقم على عيشته ولديه طفل من زوجته التي تحبه، إلا أنه يتعرف على إحدى سيدات المجتمع الراقي فتعجب به وتأخذه من حياته وورشته على أمل أنه يصير رجل أعمال ولكن في النهاية يعود الأسطى حسن إلى ورشته وزوجته، والفيلم بطولة فريد شوقي، هدى سلطان، ثريا سالم، زوزو ماضي، وإخراج صلاح أبو سيف.


فيلم باب الحديد: (1958) ، يتناول جانبًا من حياة العمال في القطارات وبائعي الجرائد من خلال (قناوي) بائع جرائد صعيدي غير متزن عقليًا ويعمل في محطة قطار القاهرة، يهيم حبًا وولهًا بـ(هنومة) بائعة زجاجات المياه الغازية، لكنها تحب (أبو سريع) الذي يعمل هو اﻵخر في المحطة ويخططان معًا للزواج، وهو ما يصيب (قناوي) باﻹحباط لعدم قدرته على كسب قلبها، وهو ما يدفعه للإقدام على فعل أحمق وجنوني. من هذه الدراما البسيطة والواضحة، شقّ المخرج يوسف شاهين ثقوباً ليرينا مشاكل أكبر تعصف بالمجتمع المصري: الفقر المدقع، الأجر الرخيص للعمال، الاستغلال، الخوف الرأسمالي من النقابات، رفض أي ثقافة أجنبية، اضطهاد المرأة في مجتمع ذكوري يعاديها. تحوّلت سكة الحديد ومحيطها إلى نموذج مصغّر عن وجهٍ من وجوه المجتمع المصري.


فيلم “أطفال الريح” : (1980) إخراج الجزائري إبراهيم تساكي، يقارب فيه عمالة الأطفال ويتضمن ثلاث قصص هي (علبة في الصحراء) حول أطفال سيدي يعقوب الذين يجمعون النفايات القصديرية لصنع آلات مجهرية ، ثم (جمال في بلاد الصور) حول مغامرات طفل مطرود من المدرسة يبيع ورد الرمال ، ثم (بيض مسلوق) حول طفل يبيع بيضاً مسلوقاً في الحانات ، ويلقي الأضواء على خيبة أمله إزاء أبيه بائع الألعاب ، ثم الممثل الذي أصبح نجمه المفضل وبطل أحلامه ، ويصدم فيه الطفل حين يقابله في حانة فيراه عربيداً ، غارقاً في طوفان الحياة . والصورة الجميلة تتحطم حين يلتقيه في حانة بإحدى الأمسيات ويكتشف وجهه الحقيقي وما يعانيه من تمزق وتشتت. الفيلم نظرة قاسية لواقع الصبي بمواجهة الناس والأحداث في الحياة، وهو ينتهي بانهياره حين رؤيته لأبيه وهو يلهو بطريقة طفولية بالدمى التي لها شكل الفئران .






الأحد، 28 أبريل 2024

فيلم جديد يوثق شجاعة الأفغانيات في محادثات مع طالبان

 

يبدأ الفيلم الوثائقي الجديد "حافة السلام الحادة" بمشهد مروع، إذ تظهر فوزية كوفي النائبة السابقة بالبرلمان الأفغاني، والناشطة في مجال حقوق المرأة، وهي على سرير بمستشفى، حيث كانت تتعافى، بعد أن نجت من محاولة اغتيال في أغسطس 2020.

فقد تعرضت كوفي خلال سفرها إلى كابول مع ابنتها لكمين نصبه مسلحون مجهولون أطلقوا النار على سيارتها.

وتقول كوفي في الفيلم الوثائقي: "ظنوا أنني أصبت برصاصة في رأسي ولقيت حتفي".

وشهد أمس السبت، العرض العالمي الأول للفيلم في


مهرجان الأفلام الوثائقية الكندي هوت دوكس، الذي يستمر حتى الخامس من مايو.

ويقدم الفيلم، الذي أخرجته رويا سادات ومدته 95 دقيقة، شهادة على شجاعة القائدات الأفغانيات اللاتي يواصلن الدعوة إلى التغيير، منذ أن سيطرت حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، وقيدت بشكل كبير حريات المرأة وحقوقها.

وقالت سادات لرويترز: "إنها مأساة، ولكن في الوقت نفسه يمكنكم رؤية قوة المرأة وجمال هذا البلد، عندما تشارك النساء".

وظلت عزيمة كوفي ثابتة حتى بعد الهجوم، الذي لم يكن الأول الذي تتعرض له.

وكانت شخصية رئيسية بين مفاوضات أخريات مثل فاطمة جيلاني وحبيبة سرابي وشريفة زورماتي، اللاتي شاركن في محادثات بين الأفغان في الدوحة عاصمة قطر، بهدف التوصل إلى اتفاق سلام مع طالبان.

ويغطي الفيلم الوثائقي المفاوضات التي باءت بالفشل من وجهة نظر النساء في فريق التفاوض الأفغاني.

وبمجرد جلوسها على طاولة المفاوضات، أدركت كوفي أن طالبان تعتبر نفسها منتصرة بالفعل.

وقالت في مقابلة: "عندما وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة، أعلن أنه سيسحب قواته من أفغانستان مهما يكن، دون شروط، وكان ذلك بمثابة دفعة لمعنويات طالبان".

وتواصل كوفي، التي تعيش الآن في الخارج، جهودها من المملكة المتحدة من خلال العمل مع هيئات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، للضغط على صناع السياسات للاعتراف بمحنة المرأة الأفغانية في ظل حكم طالبان.

وقالت: "من المؤلم أن غالبية هذه الدول تعتقد أنه يجب علينا التأثير على وجهات نظر طالبان وتغييرها"، مضيفة أنها لم تتغير على الإطلاق منذ أن استعادت السلطة.

أما جيلاني فقد قالت لرويترز إن فريق التفاوض لم يرغب قط في بقاء الجنود الأمريكيين أو قوات حلف شمال الأطلسي في البلاد إلى الأبد، لكنه توقع انسحاباً أكثر سلاسة وتسوية سياسية.

وتقول المفاوضة الأخرى سرابي في ختام الفيلم: "يعتقد بعض الغربيين أنهم وحدهم من أعطوا الحرية للمرأة الأفغانية، وأنها لم تكن تستطيع أن تفعل أي شيء بنفسها، وهذا ليس صحيحاً".


بينيلوبي كروز تفكر في الوقوف وراء الكاميرا كمخرجة


إنها "قصة سندريلا" حقيقية: على الأريكة الحمراء في غرفة المعيشة بمنزل والديها المتواضع في ضاحية ألكوبينداس بمدريد، كانت تشاهد الصغيرة بينيلوبي كروز في ثمانينيات القرن الماضي بعض الأفلام الروائية ما يصل إلى 15 مرة، ومن هنا بدأت أحلام اليقظة تداعب خيالها. والآن أصبحت الإسبانية - إلى جانب زوجها الممثل خافيير بارديم /55 عاماً/ والممثل والمخرج أنطونيو بانديراس /63 عاماً/، أكبر نجمة سينمائية في بلدها - وأيضاً أيقونة عالمية.

قالت كروز مؤخراً لمجلة الأزياء "إيلي" في عددها الصادر في مارس الماضي: "كانت هذه الأريكة مهمة جداً بالنسبة لي، كانت بمثابة نافذة على العالم.. لقد


ساعدتني على أن أجرؤ على الحلم". وعلى الرغم من أنها حققت كل شيء على الصعيدين المهني والشخصي، لا يزال لدى كروز - التي تحتفل ببلوغها 50 عاماً في 28 أبريل الجاري - الكثير من الأحلام والأمنيات التي تسعى لتحقيقها.

ترغب كروز - الحائزة على جائزة الأوسكار والأم لطفيها من بارديم ليو /13 عاماً/ ولونا /10 أعوام/ - في الإخراج، حسبما كشفت في تصريحات لمحطة "آر تي في إي" التلفزيونية. وهذا ما باحت به أيضاً لمعلمها المخرج الإسباني الشهير بيدرو ألمودوفار في بداية مشوارها الفني، والذي أوصاها بعدم الانتظار طويلاً. 

قالت كروز: "لكنني أخبرته أنني سأنتظر على الأقل حتى أبلغ الخمسين من عمري، وربما هذا سيحدث الآن".

لدى كروز أيضاً أمنية خاصة للغاية في عيد ميلادها الخمسين، حيث اعترفت لـ "إيلي" بأنها تريد حقا أن تكون "سعيدة" وخالية من الهموم تماماً في مرحلة ما من عمرها، وقالت: "أعتقد أنني شخص سعيد للغاية، ولكنني أيضاً شخص شديد التوتر والقلق. هناك أشياء - بغض النظر عن مقدار العلاج الذي أقوم به - لا تزال موجودة. أنا وهمومي. ولا أعرف إلى أي مدى يمكن تحسين ذلك".

تخشى ابنة ميكانيكي السيارات ومصففة الشعر - من بين أمور أخرى - من قيادة السيارات، ولا تحب الحفلات الكبيرة والصاخبة التي تعج بكثير من الناس. ومع كل فيلم جديد تخشى أن "تُطرد في الأيام الأولى من العمل"، حسبما كشفت مؤخراً لمحطة "آر تي في إي"، مضيفة أنها مضطربة و"مفرطة الحساسية في كل شيء: بصريا، وتجاه الأصوات، ومشاعر الناس".

ومع ذلك فإن هذه الاضطرابات والمخاوف لم تضر بمسيرة راقصة الباليه المُدرَّبة، والتي أصبح الطلب عليها أكثر من أي وقت مضى كعارضة أزياء. 

وفقاً لقاعدة بيانات الأفلام "IMDb"، عملت كروز ممثلة في حوالي 90 مشروعاً، من بينها "صحاري" و"فانيلا سكاي" و"قراصنة الكاريبي: في بحار غريبة" و"الجنس والمدينة 2" و"فيراي".

نالت حساسيتها وطبيعيتها - وقبل كل شيء قدرتها على أداء أدوار شديدة التنوع - ثناء كبار نجوم السينما العالمية مثل جولييت بينوش وريدلي سكوت وكيرا نايتلي. وصفت كيت بلانشيت الثنائي كروز/ألمودوفار بأنه "أسطوري".

وإلى جانب جائزة الأوسكار فازت "بي" - كما يُطلَق عليها في إسبانيا - أيضاً بجائزة البافتا وجائزة جويا وجائزة الفيلم الأوروبي، وغيرها. لكن هذا لا يفرق معها، حيث قالت: "إذا نظرت إلى الوراء لأرى ما حققته أو عدد الجوائز التي فزت بها، فلن يساعدني ذلك على أن أكون سعيدة أو على الاستمرار في الازدهار".

كان الصعود سريعا للغاية: تركت كروز المدرسة في سن الخامسة عشرة بعد أن اكتسبت أول شهرة ضئيلة كعارضة أزياء وخلال ظهور في فيديو موسيقي. في سن السابعة عشرة أصبحت رمزا للإغراء في بلدها عبر دورها في فيلم "خامون خامون"، والذي التقت فيه بارديم.

وجاءت انطلاقتها نحو العالمية مع دور راهبة حامل مصابة بالإيدز في فيلم للمخرج ألمودوفار "كل شيء عن أمي" (1999)، والذي مهد طريقها إلى الولايات المتحدة. وفي هوليوود أثارت في البداية ضجة بعلاقات رومانسية مع توم كروز وماثيو ماكونهي، لكن بعد الفيلم الكوميدي الرومانسي للمخرج وودي آلن "فيكي كريستينا برشلونة"، الذي جعلها أول ممثلة إسبانية تفوز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة عام 2009، أصبحت نجمة عالمية.

لا تزال كروز تتلقى دروساً منتظمة في التمثيل في مدريد مع أحد معلميها الأوائل، خوان كارلوس كورازا. كما أنها منخرطة في أنشطة اجتماعية: في أوائل العشرينات من عمرها أمضت كروز بعض الوقت في الهند للعمل في منظمة "الأم تريزا"، وكانت تعمل - من بين أمور أخرى - في مجال مكافحة العنف ضد المرأة وتظهر أيضا في أفلام منخفضة الميزانية تندد بالظلم الاجتماعي، وكان آخرها في الفيلم الإسباني "على الهامش" عام 2022، والذي يدور حول عمليات إخلاء قسري ومهاجرين.

وبعد الزواج من بارديم عام 2010، استمر كلاهما في البداية في العيش في لوس أنجلوس، ولكن في مرحلة ما عاد الزوجان إلى مدريد، حيث لا يزالان يعيشان حتى اليوم. وفي كل من الولايات المتحدة وإسبانيا تمكن الزوجان من البقاء خاليين من الفضائح في تلك الصناعة الصعبة وقاما بحماية حياتهما الخاصة إلى حد كبير. وكشفت كروز لـ"إيلي" أنها تسافر أحيانا إلى لوس أنجلوس للعمل ليوم واحد ثم تعود إلى بلدها حتى لا تهمل طفليها. قالت كروز: "إنهما أولويتي المطلقة اليوم".



فيلم بنجلاديشي ينال جائزة لجنة التحكيم الخاصة في «موسكو السينمائي الـ 46»



فاز الفيلم البنغلاديشي "نيرفانا" بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان موسكو السينمائي. خبر فوز الفيلم بالجائزة نقله المخرج نفسه من روسيا عبر صفحاته على السوشيال ميديا.

وقال مخرج الفيلم آصف إسلام لبروثوم ألو إنه لم يصدق أذنيه بعد سماع إعلان الجائزة. وما زال يرتجف والجائزة بين يديه.

وتابع آصف: "هذا أحد أعظم إنجازات حياتي. من بين آلاف الأفلام من جميع أنحاء العالم، وصل 11 فيلمًا فقط إلى الاختيار الرسمي. من بين 11 فيلمًا، حصل فيلمنا على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

"لقد أذهلت بعد الإعلان عن اسم فيلمنا. كنت لا أزال في حالة ذهول بعد حصولي على الجائزة. وحتى الآن أنا أرتجف وأشعر بالذهول. وأضاف: "لقد منحنا هذا الإنجاز الكثير".

بدأ مهرجان موسكو السينمائي في 19 أبريل، وكان يوم الجمعة 26 أبريل هو الختام. وحضر المخرج آصف إسلام الحفل طوال الوقت من البداية وحتى النهاية.

وقال: اليوم كان حفل الختام. لم أكن أعتقد أنني سأحصل على الجائزة. سأكون في روسيا لبضع ساعات فقط. وسأكون في بنجلاديش غدًا.

ذهبت جائزة أفضل فيلم إلى "العار" وهو إنتاج مشترك بين المكسيك وقطر. وفاز خوان رامون لوبيز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم Shame.  وتم اختيار فيلم "Lee" كأفضل فيلم ضمن فئة العرض الأول في روسيا.



السبت، 27 أبريل 2024

الورشات التكوينية السينمائية تكوين نظري وتطبيقي لمتربصين في ثمانية ولايات جزائرية



تحت رعايةٍ من وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة "صُورية مُولوجي"، نظم المركز الجزائري للسينما بدايةً من يوم 5 جانفي  وإلى غاية 22 جوان 2023 ، بالتنسيق مع المركز الجزائري لتطوير السينما و مديريات الثقافة والفنون، جولات وعروض سينمائية في العديد من ولايات الوطن، مترافقة مع ورشات تكوينية سينمائية حول السيناريو وإدارة الصورة والتركيب وتقنيات الصوت والتمثيل والإحراج، و استفاد خلالها متربصون من تكوين نظري وتطبيقي يقدم مفاتيح لمبادئ تعلم السينما، ومحاضرات لنقاد ومخرجين وأساتذة مختصين في الفن السينمائي، وذلك على مستوى قاعات السينماتيك. وشملت الجولات ثمانية ولايات هي وهران وباتنة وتيزي وزو وقسنطينة وبجاية وعنابة وتندوف والجزائر العاصمة 



1 . ولاية وهران :

تفاعل واسع من 200 مشارك بالورشات التكوينية السينمائية التي انطلقت يوم 5 جانفي واستمرت الى 9 من الشهر نفسه في وهران ..حيث كانت النقاشات موسعة ومهمة - من طرف محبي السينما وطلاب جامعيين مختصين بالفنون والإعلام المشاركين بالورشات - حول افكار الكتابة الدرامية بين المؤطر فتحي كافي ومشاركي ورشة السيناريو في قاعة سينماتيك وهران.. كما توزعت ورشتي التمثيل التي اطرها الممثل سليمان دريس في مديرية الثقافة؛ وإدارة الممثل التي أطرها المخرج عادل بو وشمة في قصر الثقافة .. وتكاملت الفعاليات مع ورشة الاخراج التي أطرها المخرج عبد الباقي صلاي وورشة ادارة الصورة تأطير محفوظ ايهاب وورشة الصوت لزعبوبي حسين بقسم الاعلام في الجامعة. كما رافق الورشات محاضرة للدكتورة عتيقة عز الدين حول المونتاج السينمائي  ومحاضرة بعنوان : "القصبة"من الفضاء الكرتوني في السينما الكولونيالية الى فضاء القيم في السينما الجزائرية  للدكتورة انوال طامر بقاعة سينماتيك وهران .


2 . ولاية باتنة :

انطلقت يوم الاحد 19 فبراير في ولاية باتنة ورشات تكوينية موجهة للمهتمين المبتدئين بمجال السينما، و دامت إلى غاية يوم الخميس 23 فبراير، وشارك فيها 120 متربصا، و ذلك تحت إدارة وإشراف أساتذة ومختصين في المجال من خريجي المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي بصري على غرار المخرج فتحي كافي الذي نشط ورشة حول كتابة السيناريو والمعالجة الدرامية، والأستاذة انصاف بولكرطوس التي نشطت ورشة فن التمثيل، بالإضافة إلى إيهاب محفوظ والذي نشط ورشة في فن إدارة الصورة وتركيب الفيديو، وايمن سعد ورشة ادارة الممثل ، والمخرج السينمائي يوسف بن تيس الذي نشط ورشة حول الإخراج، كما نشط خليفة علي مهندس الصوت ورشة حول التقاط الصوت ومعالجته التقنية.

كما سطر المركز الجزائري للسينما  بالمناسبة سلسلة من المحاضرات على مستوى قاعة السينماتيك وهي :

* من الرواية الى الفيلم (قراءة في التحولات ) الدكتور جلال خشاب استاذ بقسم الفنون جامعة سوق اهراس.

* الهوية في السينما الجزائرية (المحلية - المهجر) الدكتورة حرايز العلجة أستاذ محاضر جامعة باتنة قسم الفنون .

* السينما في صناعة التوجهات الأيديولوجية الدكتور بولعباس عبد الرحمان استاذ بقسم الفنون باتنة .

3 . ولاية تيزي وزو :

 جرت بين  5 و 9 مارس في ولاية تيزي وزو الجولة الثالثة من الورشات التكوينية الموجهة للمهتمين المبتدئين بمجال السينما ، والتي استفاد خلالها 120 متربصا من تكوين نظري وتطبيقي يقدم مفاتيح لمبادئ تعلم السينما، بتأطير من المركز الجزائري للسينما وبالتنسيق مع المركز الجزائري لتطوير السينما ومديرية الثقافة والفنون لولاية تيزي وزو والجامعة والمدرسة الجهوية للفنون الجميلة .

برنامج الورشات فتح المجال أمام المهتمين بالفن السابع عبر ورشات في مختلف مجالات السينما على غرار السيناريو والمعالجة الدرامية للأفلام اطرها السيناريست والمخرج يانيس كوسيم، وإدارة الصورة اطرها مدير التصوير حمودي لعقون، والتقاط الصوت ومعالجته التقنية اطرها مهندس الصوت كمال ميكسار، والتمثيل اطرها دريس سليمان وإدارة الممثل اطرها سمير الحكيم، والديكور اطرها بلعيد جودان، كما سطر المركز الجزائري للسينما  بالمناسبة سلسلة من المحاضرات : "تاريخ وجماليات السينما الجزائرية" للدكتورة لطيفة لافر، و حول صناعة الأفلام نشطها يزيد عرب، وحول "الخيال الأمازيغي والسينما الوثائقية" نشطها المخرج بلقاسم حجاج .





 4 . ولاية قسنطينة :

احتضنت ولاية قسنطينة بداية من يوم السبت 18 و الى غاية 22 مارس، الجولة الرابعة للورشات التكوينية الخاصة بالفن السابع،استفاد منها 100 متربصا، وأطرها اساتذة ومختصون على غرار فتحي كافي الذي اطر ورشة السيناريو والمعالجة الدرامية للأفلام بالإضافة إلى ورشة التقاط الصوت ومعالجته التقنية التي نشطها علي خليفة ، فيما اشرف عدلان بخوش على ورشة إعداد الممثل، بالإضافة إلى ورشتي التمثيل التي ادارها الفنان سيف الدين بن دار، وورشة مساعد مخرج وأدارها طارق مخناش، وورشة الصورة تحت إدارة ايهاب محفوظ، فيما اشرف المخرج علي عيساوي على ورشة الإخراج، مع سلسلة من المحاضرات التي نشطها مختصون في السينما و أساتذة أكاديميون على غرار الدكتور جلال خشاب والمخرجين علي عيساوي ، ومحمد حازورلي .

5. ولاية بجاية :

الورشات التكوينية الخاصة بالسينما بولاية بجاية التي اقيمت بين 2 و 5 ماي تمزج بين النظري والتطبيقي، وتقام تحت إشراف وتأطير أساتذة ومختصين في المجال، والذين عملوا على نقل خبرتهم للمشاركين من خلال تسليطهم الضوء على الجوانب الفنية والتقنية المرتبطة بالسينما، ويتعلق الأمر بورشة “الاخراج” التي يشرف عليها محمد يرقي، وورشة “التمثيل” التي اطّرها خريج المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي بصري الممثل ايدير بن عيبوش، إلى جانب ورشة كتابة السيناريو التي اطرها طاهر بوكلة، وورشة خاصة بـ “الإخراج وعلاقة إدارة الممثل بالكاميرا” التي اشرف عليها المخرج كريم طرايدية، إضافة إلى ورشة “تقنيات التقاط الصوت” التي اشرف عليها كمال ميكسار.

وكما جرت العادة نظّمت على هامش الورشات التكوينية عدة لقاءات ومحاضرات متعلقة بالسينما على غرار مداخلة حول “تاريخ وجمالية السينما الجزائرية” من إلقاء لطيفة لافر.

6 . ولاية عنابة 

احتضنت ولاية عنابة خلال الفترة الممتدة من 05 الى 08 جوان ، الجولة السابعة للورشات التكوينية الخاصة بالسينما التي نظمها المركز الجزائري للسينما والمركز الجزائري لتطوير السينما بالتنسيق مع مديرية الثقافة والفنون لولاية عنابة. تحت اشراف اساتذة ومختصين في المجال والذين سيعملون على نقل خبرتهم للمشاركين من خلال سلسلة من الورشات التكوينية التي تمزج بين الدروس النظرية والتطبيقية ،حيث اشرف المخرج علي عيساوي على ورشة الاخراج ،كما اطر الممثل محفوظ بركان ورشة التمثيل ، فيما اشرف اسماعيل سوفيط على ورشة كتابة السيناريو والأستاذ كمال ميكسار على ورشة تقنيات التقاط الصوت ،واستفاد هواة الفن السابع في ولاية عنابة من ورشات تكوينية في مجال التقاط الصورة تحت اشراف الاستاذ لونيس فري، فيما اشرف ملياني الهاشمي على ورشة التركيب.

وسطر المركز الجزائري للسينما بالموازاة مع الورشات التكوينية برنامجا خاصا بالمحاضرات لمختصين وأساتذة جامعيين على غرار ليليا سعيدون من جامعة باجي مختار بعنابة والتي تناولت موضوع "تاريخ السينما الجزائرية.. قراءة في الإشكاليات والمواضيع"، فيما تطرق الاستاذ دكاني لطفي في محاضرته الى "التجربة السينمائية الجزائرية من السياقات إلى الجماليات".






7 . ولاية تندوف

كان هواة الفن السابع بولاية تندوف على موعد مع التكوين في المجال، حيث سطر المركز الجزائري للسينما برنامجا خاصا لذلك، من خلال ادراج ورشات تكوينية سينمائية لفائدة شباب الولاية تجمع بين الجوانب النظرية والتطبيقية ،على غرار ورشة كتابة السيناريو والمعالجة الدرامية للأفلام التي اشرف عليها السيناريست فتحي كافي، وورشة التقاط الصوت ومعالجته التقنية في السينما تحت تأطير كمال ميكسار ، بالاضافة الى ورشة التمثيل وإدارة الممثل التي نشطها بلة بومدين، فيما اشرف مدير التصوير لونيس فري على ورشة التصوير، والمخرج علي عيساوي على ورشة الاخراج، والياس بوخموشة على ورشة مساعد الاخراج، فيما اطر المونتير ملياني الهاشمي ورشة خاصة بالمونتاج، والمنتج والمخرج محمد محمدي ورشة خاصة بإدارة انتاج الفيلم المستقل، و نشط المنتج محمد شبوب ورشة الانتاج السينمائي.

وتوزعت النشاطات المبرمجة في التظاهرة على مستوى مختلف الفضاءات بولاية تندوف على غرار دار الثقافة، والإقامة الجامعية ودور الشباب، كما برمجت سلسلة من المحاضرات حول تاريخ وجماليات السينما الافريقية بدول الساحل والسينما الصحراوية حيث القت الدكتورة انوال طامر من جامعة وهران محاضرة بعنوان ” الذات ،الآخر وفضاء الصحراء الجزائرية مقاربة سوسيوتاويلية لفيلم profession :reporter(1975) ، فيما قدم الناقد السينمائي محمد عبيدو محاضرة بعنوان : السينما الإفريقية السوداء في دول الساحل ، ونشطت الدكتورة حنان تواتي من جامعة الجزائر محاضرة حول "المرأة في سينما الصحراء الغربية"، فيما القى الدكتور الياس بوخموشة من جامعة بلعباس محاضرة بعنوان "تصوير الصحراء..رمز القلق الوجودي على صفحات الفراغ الجغرافي"

8  . ولاية الجزائر العاصمة

 استقبلت العاصمة في الفترة الممتدة من 19 إلى 22 جوان ، الجولة الثامنة من الورشات التكوينية الخاصة بالصناعة السينماتوغرافية، التي نظمت من قبل المركز الجزائري للسينماتوغرافيا بالتنسيق مع المركز الجزائري لتطوير السينما، و المسرح الوطني الجزائري ، والمعهد العالي لمهن العرض والسمعي البصري.

الورشات التكوينية الخاصة بالسينما التي اطّرها أساتذة ومختصون، من ورشة السيناريو والمعالجة الدرامية للأفلام التي اطرها السينارست اسماعيل سوفيت، بالإضافة إلى ورشة التقاط الصوت ومعالجته التقنية التي نشطها مهندس الصوت كمال مكسر، وورشة تركيب الفيلم التي اطرها المونتير الهاشمي ملياني، فيما اشرف على ورشة التمثيل سيف الدين بن دار.

وتضمّن النشاط أيضا الورشة التكوينية في الصورة تحت إدارة مدير التصوير فري لوناس، فيما اشرف المخرج يحيى مزاحم على ورشة الإخراج والمخرج فؤاد عيمور على ورشة مساعد المخرج . وكما جرت العادة رافق برنامج الورشات التكوينية سلسلة من المحاضرات واللقاءات الفكرية التي تتناولت في مجملها مختلف الجوانب المتعلقة بالسينما، ومن برمجة المركز الجزائري للسينما وتنشيط مختصين في الفن السابع وأساتذة أكاديميين من بينهم المخرج والأكاديمي الياس بوخموشة، والأكاديمية حنان تواتي. 

الورشات التكوينية واللقاءات الأكاديمية توزعت على عدة فضاءات بالجزائر العاصمة على غرار قاعة السينماتيك بشارع العربي بن مهيدي، المسرح الوطني الجزائري بساحة بورسعيد بالقصبة، والمعهد العالي لمهن العرض والسمعي البصري ببرج الكيفان.



الخميس، 25 أبريل 2024

من الارشيف:السينمائيون التونسيون روائيو تونس ومؤرخوها هشام رستم: انا من سينما ملص وابو زيد

 


حاوره محمد عبيدو 

جريدة السفير 

التاريخ: 1998-12-24

رقم العدد:8183

الممثل التونسي هشام رستم يعتبر أحد أهم الأسماء المشاركة بصياغة فضاءات الإبداع التونسي، سواء في المسرح عبر فرقته المسرحية التي قدمت اعمالا عديدة في باريس وتونس، او في السينما حيث كان القاسم المشترك، عبر عمله كممثل في غالبية أفلام الموجة الجديدة التونسية.. حول أعماله وقضايا السينما التونسية كان هذا الحوار مع الفنان »هشام رستم« الذي تحدث عن تجربته قائلا: أنا واحد من الممثلين التونسيين الذين عاشوا عدة مراحل: المرحلة الاولى هي في التأسيس مع المسرح المدرسي والمخرج المرحوم علي بن عياد. ومن ثم ذهبت الى مرحلة ثانية وهي 25 سنة هجرة. الى الشمال. وخلالها شاركت بأعمال وأدوار متعددة كمخرج وكمدير فرقة مسرحية بباريس. لكن هذه الهجرة لم تكن دائمة، بل كنت أعود لتونس وأقدم الاعمال التي أخرجتها وأنتجتها وقدمتها في أوروبا. الجمهور التونسي عرفني منذ الستينات ولكن بفضل انطلاقة السينما التونسية الجديدة في الثمانينات، والتي ابتدأت بفيلم »صفايح من ذهب« لنوري بوزيد، الذي قمت بدور البطولة فيه، ومنه انطلقت في مرحلة ثالثة وهي مشاركتي بأهم الأعمال السينمائية بتونس، وهي »صمت القصور« لمفيدة التلاتلي، و»مجنون ليلى« للطيب الوحيشي، و»خريف 86« لرشيد فرشيو، و»السنونو لا يموت في القدس« لرضا الباهي و»السيدة« لمحمد زرن، وهناك فيلم خرج من معامل التحميض واسمه »عرس القمر« للطيب الوحيشي. وسأشارك بفيلم »الناعورة« الذي يعمل لإنجازه عبد اللطيف بن عمار. ورغم مشاركاتي السينمائية، سواء بأدوار البطولة او المساهمة فان عملي يتركز كثيرا على المسرح كمخرج. وذلك لان لي نظرة خاصة وأحب ان أوصلها للجمهور. وأرى انه في تونس تتماثل السينما والمسرح بتقديم الفن الجيد، فالمسرح التونسي مشهور بنفس درجة السينما التونسية وابتدأت الفرق المسرحية التونسية تتحول في الوطن العربي، وخصوصا بيروت. لا سينما بل أفلام تونسية { كيف تقيم السينما التونسية الجديدة، وأنت المشارك في معظم أعمالها؟ في بعض الاحيان أرى صعوبة بالكلام على سينما تونسية، لانه لا توجد سينما تونسية بل توجد أفلام تونسية، لان السينما ترتكز على صناعة وتقاليد قديمة وتاريخ. السينما التونسية عمرها 30 سنة، والأب الروحي للسينما التونسية ما زال حيا وموجودا، وهو عمار خليفي الذي أنجز أول فيلم تونسي. ولكن هناك موجة جديدة في السينما التونسية وهي ليست موجة تونسية فقط، وانما موجة سينمائية عربية فيها نوري بوزيد وفيها محمد ملص وأسامة محمد ومحمد خان وبرهان علوية وغيرهم. يجب ان أتكلم على سينما عربية وأفلام تونسية وأفلام سورية وأفلام لبنانية.. السينما في بلداننا العربية ظاهرة حديثة، ومن ثم كادت السينما المصرية ان تكون المنبع والاساس، ولكن في تونس ومنذ الصورة الاولى على الشاشة تم الابتعاد عن تقليد السينما المصرية، والسينمائيون السوريون والتونسيون واللبنانيون والمصريون ضمن هذه الموجة الجديدة، ليسوا مرتبطين بالسينما العربية المصرية، بل بخلق سينما جديدة منذ البداية. وأنا أنتمي كممثل وكفنان وكمثقف الى سينما محمد ملص وسينما نوري بوزيد اكثر مما أنتمي الى سينمائيين تقليديين آخرين. ومشاركتي في الافلام التونسية هي في أغلب الاحيان مشاركة فكرية ونضالية اكثر من كونها مشاركة فنية. السينما لديها دور هام في التاريخ والمستقبل بالنسبة للاجيال القادمة. وأنا أرى كل هذه الافلام الجديدة هامة لأنها تكتب تاريخنا. ليس هناك من كتب تاريخنا، وما يفعله السينمائيون هو كتابة تاريخ بلادنا، ليس لدينا في تونس أدباء مثل نجيب محفوظ او طه حسين. السينمائيون التونسيون هم الذين يكتبون الرواية والتاريخ. { ضمن تنوع أدوارك السينمائية والمسرحية، كيف تتعامل مع الشخصية التي تقدمها؟ يوجد تنوع في الافلام، وتنوع في الأدوار، ولكني لا أفقد شخصيتي كممثل.. ان دوري في الأفلام هو تقمص شخصيات واقعية لأنني أظن ان كل الشخصيات في الافلام يكون منبعها هو المجتمع الذي نعيش فيه. فتكون في جسمك وروحك، وتكون هي لقطة من كل هذه الشخصيات.. وفي تفكيري وبدني وروحي جزء من يوسف سلطان ومن أمين.. وكل الأدوار التي أديتها ولكن المشكلة هي كيف تجد هذه اللقطات الصغيرة وتكبرها وتجعلها تأخذ شخصيتها. { إلى أي درجة تحد ظروف الواقع وبالأخص الرقابة من حرية المبدع السينمائي؟ تتخذ الرقابة في الوطن العربي اشكالا متنوعة ومختلفة قد تكون مباشرة وغير مباشرة، غير ان أخطر أشكالها برأيي هي الرقابة المباشرة التي تحد من حرية المبدع السينمائي في الاقتراب من النقد السياسي والاجتماعي وهي حاضرة دوما ليس فقط أثناء إنجاز الفيلم بل حاضرة انطلاقا من تصور الفيلم حتى صناعته وهي تتحول هنا لدى المبدع السينمائي الى رقابة ذاتية تنعكس في أغلب الاحيان سلبا على الإبداع السينمائي. حاوره: محمد عبيدو


 من الأرشيف الكامل جريدة "السفير"


"بنات ألفة" و"رحلة 404″ أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام المرأة

 


أسدل مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة الستار على فعاليات دورته الثامنة اليوم، بإعلان لجان تحكيم المهرجان عن قائمة الأفلام الفائزة بجوائز هذا العام، حيث شهدت الدورة عرض 76 فيلما من 36 دولة.

وأعلنت إدارة المهرجان في بيان صحفي الخميس 25 أبريل/نيسان 2024 أن لجنة تحكيم الأفلام الطويلة قررت منح جائزة أفضل فيلم لـ"بنات ألفة"، وهو من سيناريو وإخراج كوثر بن هنية وإنتاج مشترك بين 4 دول هي فرنسا وتونس وألمانيا والسعودية.

وحصدت جائزة أفضل إخراج المخرجة سارة سوما عن الفيلم الألماني "أرتور وديانا"، في حين ذهبت جائزة أفضل سيناريو للمخرجة والكاتبة كوثر بن هنية عن فيلم "بنات ألفة"، وجائزة أفضل تمثيل لبيانكا ديلبرافو وديلفين أسعد وسافيرا موسبرغ بطلات فيلم "الجنة تحترق" وهو إنتاج مشترك بين 4 دول هي السويد والدانمارك وفنلندا وإيطاليا، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الفيلم المصري "رسائل الشيخ دراز" سيناريو وإخراج ماغي مرجان.

ومنحت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة تنويها خاصا للفيلم المصري "شي جابي" وهو سيناريو وإخراج إسلام كمال، وذهبت جائزة لجنة التحكيم للفيلم الإسباني "كولورادو" من إخراج ساندرا غايغو وبيلار غوميث، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرجة داليا نمليش عن الفيلم اللبناني "بتتذكري"، وفاز بجائزة أفضل فيلم "مبعوثة الإله" سيناريو وإخراج أمينة ماماني عبدولاي، وهو إنتاج مشترك بين النيجر وبوركينا فاسو ورواندا.

كما حصد جائزة أفضل فيلم مصري الفيلم "رحلة 404" من إخراج هاني خليفة، وسيناريو محمد رجاء، وتصوير فوزي درويش، وبطولة منى زكي، ومحمد فراج، ومحمد ممدوح، وشيرين رضا، ومحمد علاء، وحسن العدل، وإنتاج محمد حفظي وشاهيناز العقاد.

وقررت إدارة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة منح جائزة خاصة لأفضل فيلم مصري يسهم في الترويج للسياحة المصرية، ويكشف عن جمال الأماكن السياحية والأثرية في مصر، ووسط الأفلام المصرية التي أنتجت مؤخرا ذهبت الجائزة للفيلم المصري "مقسوم".


وذهبت جائزة الاتحاد الأوروبي مناصفة بين الفيلم المصري "رسائل الشيخ دراز" سيناريو وإخراج ماغي مرجان، و"بنات ألفة".

ومنحت لجنة تحكيم أفلام ذات أثر جائزة أفضل فيلم لفيلم "قلتلك" إخراج ملك الصياد وهو إنتاج مصري أميركي ألماني، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم فيلم "نور عيني" إخراج مهند دياب، وهو إنتاج مشترك بين مصر وهولندا، ومنحت لجنة التحكيم جائزة أفضل فكرة لفيلم "نهار داخلي" إخراج رفيق جوزيف.

وفاز بالجائزة الأولى في مسابقة أفلام الورش فيلم "بعث" تأليف وإخراج محمد ربيع، وفاز بالجائزة الثانية فيلم "العجلة" تأليف وإخراج صفاء متولي، وفاز بالجائزة الثالثة فيلم "تعيش أنت" تأليف وإخراج محمود حمدي.

ومنحت اللجنة تنويها خاصا لفيلم "الغناية" إخراج رندا ضياء وفيلم "سيرة الدروب" إخراج عمرو مصطفى، وفيلم "نور العزلة" تأليف وإخراج مريم عبد الغفار كما منحت تنويها خاصا للممثل خالد عطاالله عن أدائه في أفلام الورش.


الأربعاء، 24 أبريل 2024

موسيقى الافلام حركة ومكان وصمت


 

 محمد عبيدو


موسيقى الأفلام حركة ومكان وصمت *** قبل الحديث عن ارتباط الموسيقى بالفيلم، لا بد من الاشارة الى الدور الهام الذي لعبته الموسيقى وما زالت تلعبه في الفن المسرحي قبل اكتشاف السينما.. فان ارتباط الموسيقى بالقصة بدأ في المسرح، ففي المسرحيات يكون للموسيقى وظائفها الفنية. لكل فن من هذه الفنون (المسرح، الاوبرا، البالية) جانب مسيطر ففي المسرح يعتبر الجانب المسيطر ما يجري على خشبة المسرح، وفي الاوبرا تظهر الموسيقى هي الاقوى من حيث الاهمية، وفي الباليه يلعب الايماء والرقص الدور البارز. اما في الفيلم فيكون الشيء المرئي، اي الصورة هو الاقوى، ودور الموسيقى هنا أقل أهمية، ولكنها تكون مع الصورة وحدة أقوى بكثير من الفنون الاخرى سابقة الذكر. وان علاقة الصورة بالموسيقى علاقة (عضوية)، انها علاقة ذات نمط ديالكتيكي، فهما معا يشكلان الكمال للعمل. فعندما تعطي الصورة مضمونا واحدا معينا ومحددا، تعطي الموسيقى الاساس العام. الصورة تفصل وتحدد والموسيقى تعمم وتعطي نوعيات تعبيرية عامة او ميزات عامة، وبذلك توسع من امكانات تأثير الصورة: وهنا يكمن جوهر التأثير المشترك للصورة والموسيقى حيث تكمل احداهما الأخرى. وفي كتاب »جماليات موسيقى الافلام« الصادر عن وزارة الثقافة بسوريا من تأليف صوفيا ليسا وترجمة غازي منافيخي، في هذا الكتاب دراسة تاريخية وتحليلية عن العلاقة التي تربط بين أهم الفنون القديمة (الموسيقى) وأهم الفنون الجديدة (السينما). الحركة من خلال الموسيقى تبدأ صوفيا ليسا كتابها بلمحة تاريخية عن موسىقى الافلام، فمنذ العروض الاولى للافلام قبل مئة عام أخذت الموسيقى طريقها لمصاحبة العروض السينمائية، غير ان هذه العلاقة لم تأخذ شكلا واضحا الا في العشرينات في نهاية الفترة الصامتة، حيث قام عدد من كبار المؤلفين الموسيقيين بوضع ألحان خاصة بالافلام، بينما كان دور العازفين او الاسطوانات التي ترافق العروض هامشيا، وكان من أهم أهدافه تغطية الضجيج الذي تصدره آلات العرض آنذاك. ومن تأثير الموسيقى في السينما ظهرت وبشكل مبكر أعمال سينمائية حاولت ان تترجم أعمالا موسيقية مميزة الى رؤية سينمائية.. وعند السؤال: ما هو اتجاه تطور الموسيقى في الفيلم؟ تجيب الباحثة بأن الموسيقى في الفيلم الناطق تتناول المهام الدرامية الهامة متوغلة في أعماق العمل. وقد تكون عابرة في بعض التجسيدات العامة والمعقدة لمجالات الفيلم... وعن التطابق بين الفيلم والموسيقى تقول بأن الموسيقى مطابقة او غير مطابقة في ما يخص الجزئيات المرئية بمعنى التواصل بالعمل الى التلقائية في تجسيد الحدث. او أشكال هذه التلقائية عديدة فهي تقدم مسار العمل.. كما وتتطور موسيقى الفيلم بذاتها كأسلوب مؤثر للروابط بين الفيلم والموسيقى، فهي تنمو حيث الكم وتتباين سويتها من حيث الجودة الا انها دائمة الالتصاق والارتباط بدرامية العمل. وبرأي المؤلفة فهنالك اختلافات اساسية بين موسيقى الافلام وموسيقى الاوبرا، ففي الاوبرا يكون »تصنيف الموسيقى حيال باقي العناصر ثابتا ومتساويا، بينما تتطلب في الفيلم تبدلا دائما حيال اللقطات وحيال المضمون والشرح، فمن الواضح أن الموسيقى ضمن الصورة لها تأثيرها المختلف عن الموسيقى خارج إطار الصورة. ففي الحالة الاولى تعمل الموسيقى كدعامة شبيهة بتلك التي تتحقق من خلال الصورة والمؤثرات الصوتية. وفي الحالة الثانية تعمل الموسيقى من أجل مساعدة المشاهد السينمائي على شرح وتوضيح الصورة المقدمة«. وتخلص المؤلفة الى ان توسع المجال المرئي في الفيلم يمهد لاستمرارية موسيقى الافلام، فالتغيير السريع لمضمون المشاهد يتطلب (بل يجبر) على التغيير الموازي لها في الموسيقى سواء في وقع خصائصها او وظيفتها والآلات المستخدمة في العزف او حتى في اسلوبية الموسيقى ذاتها، وفوق كل هذا يشترط في التغيير بأن تكون الموسيقى ذات ظاهرية سماعية تكون بديلا للمؤثرات الطبيعية او الكلام.. بمعنى ان تكون ذات خاصية متعددة. وحول خصوصية المكان السينمائي ومعايشته تذكر المؤلفة ان »الفيلم يوافق رؤيتنا للمكان الذي تقدم فيه الاشياء التي لم نرها بعد او لن نتمكن من رؤيتها بدونه، انه يوافق معارفنا حيث يعرض لنا منظور الاشياء اليومية، انه يوافق احساسنا بالمكان؟ بديناميكية حياتنا اليومية عن طريق إصرار الكاميرا في حقل الرؤية على تأثير معين. ان للحركة من خلال الموسيقى ومن خلال المكان الذي يمنحنا الحس التصويري، اسلوبية مختلفة، انها ذات طبيعة ذاتية وضعية لانه لا وجود لمكان موضوعي تكون فيه الحركة مع الموسيقى، تلك التي يشعر بها المستمع لدى سماعه نغمة لعمل ما. صحيح ان منبع اللحن مقيد بواقعية المكان وان حركة الاجواء السمعية لا علاقة لها بالحركة التي تمنحنا الحس عبر الزمن الذي تستغرقه النغمة.. ان حركة الأجواء السمعية تأتينا باللاشعور، انها تحدد سبب ومنشأ النغمة، ومع ذلك فهنالك بعض الآثار الذاتية للمكان على الظواهر الموسيقية، وهو ما يسمى بجو الاستماع. ان الزمن الخاص بالتجسيد المرئي وكذلك خصوصية التصور التي يتصف بها الفيلم، وبخاصة ما تضمنه إياه الموسيقى وما يخلق هذان العنصران من التأثير انما يتخذ عنصر الزمن دورا فيهما. أزمنة الموسيقى والزمن المعروض للحدث لا يعادل الزمن الذي نعايشه في الفيلم، فالزمن المعروض في الفيلم يمكن القول بأنه مقطع معين عبر الزمن الموضوعي، ويقوم المشاهد بإتمام المقطع الذي لم يعرض له. ان مجريات احداث الفيلم هي بمثابة نثر للزمن من الموضوعي، والزمن المحسوب والذي يختلف حسب موضوع القصة ومفهوم المخرج. وتميز المؤلفة ثلاثة أنواع من الزمن في العمل الموسيقي وفي العمل السينمائي: 1 الزمن الموضوعي الذي تجري فيه احداث العمل. 2 الزمن النفسي الذي تتم فيه مشاهدة ومعايشة العمل. 3 الزمن الخاص الذي يتخذه العمل الموسيقي او السينمائي ضمن إطاره المحدد. ان خصوصية التصور في الفيلم الصامت ذات علاقة بالموسيقى، فهي تلعب دورا تصويريا أهم مما تلعبه في الفيلم الناطق، وترى المؤلفة انه في الفيلم الصامت كان للموسيقى دوران أساسيان: »الاول: كونها عنصر تأثير جمالي ذا نمط خاص، والثاني كونها وسيلة مساعدة ذات ارتباط ظاهري بالصورة، وهو الدور الاكثر أهمية من الدور الاول، ذلك لانه اصبح الاساس في الارتباط بين الموسيقى والفيلم«. كثيرا ما يحدث ان يكون للموسيقى دور اضافي في إضفاء الملامح والصفات العامة للعرض من خلال اسلوبية الموسيقى بحد ذاتها ومن خلال الاغاني التي تتضمنها. والموسيقى »من خلال دورها الطبيعي يمكن استخدامها في مختلف الاحوال الهزلية، كما يمكن للموسيقى، في الصورة ان تمارس مهمة درامية مركزية عندما تكون صلة وثيقة بالصورة والبيئة التي تمثلها، كأن تسمع الموسيقى لدى حدوث امر ما، وتتكرر بعد ذلك لتصبح رمزا ينذر بحدوث ما يشبه ذلك الحدث، وفي نفس الاجواء، مما يسهم الى حد بعيد ايضا في تطوير الحدث بحد ذاته«. والاغنية في الفيلم السينمائي تراها المؤلفة شكلا من اشكال الموسيقى ذات الاستقلالية في التعبير من خلال أجوائها وأشكالها التعبيرية »انها تقرب الاجواء الحميمة المختلفة في الفيلم من خلال اختيار شكل العرض فيها وفق المضمون«. ان السكون من العناصر المكونة للفيلم، والسكون عبارة عن مجال تتحرك فيه الأشياء المصورة، وفي الموسيقى يمكن للسكون ان تكون له وظائف هامة حيث يسهم في شكل البناء الخاص للموسيقى، كما يسهم في تصعيد جو التوتر والحماس والانفعالات النفسية، وكذلك في الحلول الدرامية وللسكون في الفيلم مهام شبيهة بهذا، وانما في مجالات اوسع. موسيقى الصمت شارلي شابلن تحدث عن دور السكون والصمت في الوصول الى أقوى التعابير، كما تحدث العديد من الباحثين والمفكرين السينمائيين عن هذا الدور في الفيلم الناطق، وتذكر المؤلفة قولا للباحث السينمائي (بيلا بالاش) جاء فيه: في الفيلم توجد آلاف النغمات غير انه لا توجد سوى فترة صمت واحدة، فهي الظاهرة السمعية ذات الاهمية القصوى، وكما ان الصمت مرتبط بما قيل قبل، كذلك في الفيلم فهو مرتبط دائما بالصور والظواهر المرئية في المشهد الذي سبق فترة السكون انها الخاصية السينمائية، ان تقدم خاصية التصور من خلال الحركات، وما السكون الا حركة ساكنة لخصائص التصور حيث تتوقف ظاهرة السمع، وبطبيعة الحال يجب ان يكون هذا السكون محسوبا له كي يكون عاملا دراميا مؤثر. كما تؤكد المؤلفة ان الصمت اعتبر من العناصر التي تسهم في بناء الفيلم، فالصمت »يمكن ان يكون وسيلة لتطويل الامزجة والاجواء حيث تقوم الصورة بالتعليق على الصمت، وبذات الوقت يمكن للصمت ان يقدم تعليقا وصفيا للصورة«. الموسيقى كرمز تختلف عن الموسيقى المصورة او المعبرة او التي ترسم أمرا ما. انها تحقق دور الرمز وذلك عندما تلمح من خلال النغمات او الضربات الى أمر ما لا تتمكن الصورة من الاشارة اليه بشكل كامل. وحول ذلك تقول المؤلفة: »ان الموسيقى من خلال دورها كرمز تتشابك مع دراما الفيلم. وهي تعمق المقولة الفنية للمشاهد، كما وتتمم الشكل وتسهم في تمييزه وتوضح الاحوال المعقدة من خلال رمزها لكل ظاهرة«. ان توظيف الموسيقى بشكل عام، يتحدد من خلال مضمون ومواصفات الصورة التي تقوم الموسيقى بتغطيتها او مرافقتها، وبطبيعة الحال فللمؤلف وللمخرج حرية الاختيار. ومؤلفة الكتاب ترى ان البناء الموسيقي لمقطع ما في اي فيلم تؤثر عليه عوامل مختلفة موجودة في الصورة وتقوم الموسيقى بتعميقها وتوسيعها. والاختيار هو عنصر يخضع للاسلوب الشخصي، هذا الاسلوب الذي يميز كل فيلم عن سواه، ففي الفيلم الروائي جرت العادة على توظيف الموسيقى بأسلوب محدد من خلال الموضوع نفسه، وفي أفلام التحليل النفسي تهيمن على التوظيف الموسيقي خلفية المعاناة، وفي أفلام الاوبرا يكون جو الاغنية سائدا، وفي أفلام الرسوم المتحركة هنالك التطابق مع تصوير التفاصيل، وفي الافلام الكوميدية تدخل الموسيقى بدورها الطبيعي في المقدمة، واما في الافلام التجريبية فتسيطر الموسيقى الالكترونية... وأفلام الواقعية الجديدة الايطالية جاءت من غير موسيقى تقريبا، فقد صورت كل الاجزاء فيها من خلال المؤثرات.

محمد عبيدو


 من أرشيف جريدة "السفير"

  

طبيعة الشعر

 


( ترجمة عيسى العاكوب، راجعه محمد عبيدو)

المؤلف: ريد هربرت


الشعر الذي ينساب من الروح الى الروح سيظل أبدا راية خفاقة بالدم واضطرام نبض القلب، وإيقاع الجسد والكون. فالعالم بلا شعر أقل احتمالا وأقل انسانية، صحيح ان التقنية الحديثة والتطور التكنولوجي قد قصرا المسافات بين البشر، ولكن من الواضح ايضا ان الجدران بين القلوب قد تدعمت بشكل مخيف، ورفعت الأسوار بين الانسان والحقائق المصيرية حول سير الأرض والبشر إلى خرابهم.. ويبقى الشعراء مع حلمهم بإعادة تأسيس الأرض وتأثيثها من جديد واستعادة اللهب المنطفئ وإطلاق المتخيَّل من عقاله لتشكيل الحياة، قادرين على الدوام، بواسطة الشعر، على ترميم شروخ الحقيقة المتصدعة، وينتشلون وردة المعنى من بين الخراب. وكتاب »طبيعة الشعر« الصادر حديثا عن وزارة الثقافة السورية لمؤلفه هربرت ريد ومترجمه د. عيسى العاكوب، يدور حول سؤال الشعر وماهيته، فمؤلفه فيلسوف وأحد أعلام النقد الفني والجمالي الانجليزي في القرن العشرين ويعرف أكثر من غيره ان الجواب عن ماهية الشعر ممتنع.. ولكنه يعرف أيضا ان البشرية لا تطرح حقا على بساط البحث إلا المشكلات التي تتحداها.. الكتاب عبارة عن ثماني مقالات مرتبة كلاسيكيا بالمعنى التعليمي، فتصنيف الكتاب للقضايا منطقي: الأداء الشعري طبيعة الشعر بنية القصيدة التجربة الشعرية ودور كل من الأسطورة والحلم في احداثها، ويطرح المسألة التي طالما أربك الجواب عنها الشعراء وشراحهم عن »الغموض في الشعر«. وعن منهجيته في هذا الكتاب يذكر هربرت ريد في المقدمة: »ليس لزاما ان يكون المزاج العلمي لعصرنا ذلك المزاج الذي يحتاج الفنان والناقد بوصفه ممثلا للفنان الى ان يتصالح معه، ولقد كان الفن والعلم دائما منهجين مستقلين لاكتشاف الحقيقة وتقديمها، لكن ما ان أرسيت قواعد دائرة من دوائر العلم يكون العقل موضوعها حتى ظهر الى الوجود وضع جديد لأن العالم لم يستطع لأمد طويل ان يسير بهذا الحقل من دون ان يكون على صلة ومن دون ان يلتزم بالتكيف بتلك النتاجات التي أبدعها عقل البشرية، هذه التي ندعوها أعمالا فنية، يعني هذا ان علم النفس يصطدم مباشرة بحمى الناقد الأدبي، يغير عليه وينتهبه ويتركه مخزنا من الأحكام القبلية اللاشعورية. لقد كانت مناقشتي لتأكيد انه في هذه الحالة ينبغي على الناقد ان يثأر وينتزع من علم النفس امضى اسلحته وقد استدرجت شيئا فشيئا نحو نمط نفسي من النقد الأدبي لأنني قد استيقنت من ان علم النفس وخاصة منهج التحليل النفسي في مقدوره ان يقدم تفسيرات لعدد من الإشكالات التي تتصل بشخصية الشاعر وتقنية الشعر وتقدير جماليات القصيدة«. لكنه يعود ليؤكد في نهاية مقدمته انه لم يجعل المنهج النفسي في النقد المنهج الوحيد وإنما أراد فقط إبراز أهميته والتدليل على انه على هدى منه ينبغي ان تتقدم معظم أحكامنا الأدبية نحو محكمة التنقيح. ويدرس في أولى مقالاته شخصية الشاعر التي على أساس طبيعتها ينهض شكله الشعري وذلك بدراسة الطبيعة الذاتية للشخصية الفعل الذي تؤديه في عملية الكتابة ما ينبغي ان ندعوه باختصار الوظيفة الإبداعية للشخصية، وعن ذلك يقول: »ليس في استطاعتنا ان نؤمل بالوصول الى تحديد للشخصية دونما تعد منا الى حد ما، وأحسب ان النقد لا ينبغي ان يشغل نفسه بالعمل الفني في ذاته فقط وإنما أيضا بعملية الكتابة وبالحال العقلية للكاتب، وهو يتلقى الإلهام أقصد الى ان النقد لا ينبغي ان يشغل نفسه بالعمل الفني بعد خلقه فحسب وإنما أيضا بمنتج العمل ونشاطه العقلي وبأدواته«. وبعد اقتباس طويل لأقوال فرويد حول الواعي وقبل الواعي أو غير الواعي المكبوت يقول: »تصاغ الموهبة في العزلة، أما الشخصية الخلقية فتصاغ في تيار العالم« والشخصية الخلقية ينبغي ان توضع مقابل الشخصية الموهبة التي هي القاسم المشترك لوجداننا وعواطفنا، والحق ان تلكم المعارضة هي ما أريد ان اؤكده، وحين مضيت الى أبعد من ذلك فذهبت الى ان الشعر كله بما فيه الدوافع العاطفية والحماسية جميعا، نتاج الشخصية ولذلك كتبت في شخصية خلقية«. ويذكر هربرت ريد ان بروست كان منشغلا جدا بمشكلة الشخصية وأعطى اهتماما كبيرا للمدى الذي تعول فيه الشخصية على الذاكرة وخاصة على ذاكرة الأحاسيس، على ان ثمة تذييلا مشهورا يقع في منتصف أثر بروست الملحمي الطويل بالضبط تقريبا، وهو يشكل مفتاحا لفلسفة المؤلف في الفن والحياة جملة.. وقد روى بروست بصراحة كيف تأتي في لحظة انهيار بدني كامل ان يرى بفعل عملية تذكر غريزي الصورة الحية لجدته وأنه في هذه اللحظة فقط وغب دفنها بأكثر من سنة غدا مدركاً انها متوفاة، وهذا ما يجعل بروست يتساءل عن مسألة »في أية لحظة نقدر قيمة طبيعتنا الروحية تكون القيمة الكلية لها خيالية تقريبا، وعلى الرغم من قائمة الجرد الطويلة لكنوزها فإن أياً من هذه الكنوز لا يمكن ان يحول الى نقد في بعض الاحيان سواء أكنا ندرس الكنوز الفعلية ام كنوز الخيال«. ضد الشعر الصرف ويلاحظ هربرت ريد اتفاق تحليل بروست بقوة مع تحليل فرويد وأن ظاهرات العقل في قسميه الواعي واللاواعي وحتى حالات ما قبل الوعي للكبت والرقابة هي التي يصفها بروست بكلمات ليست بعيدة عن المفردات العلمية للتحليل النفسي. وفي مقالة عن الأداء الشعري يحاول المؤلف ان يدحض نظرية الشعر الصرف، وطبيعي ان الكلمات صوتها، وحتى مظهرها المجرد، هي كل شيء بالنسبة الى الشاعر. فالاحساس بالكلمات له تداعيات تحمل العقل وراء الصوت الى صورة مرئية وفكرة مجردة، والشاعر حتى حين يغدو واعيا للكلمات في عملية التأليف يشعر بها وهي تصبغ وعيه ليس فقط بالصوت بل باللون والضوء والقوة ايضا، ولنقل باختصار انها تصبغه بالمعنى، ولا يعتمد الشعر على جرس الكلمات فحسب وإنما على ترجيعاتها العقلية أيضا. إن شيئا واحدا في المناقشة الأزلية حول الإيقاع يقيني ثابت، وهو ان الشعر تاريخيا وإبداعيا يكتسب شكله من حيث هو تسلسل إيقاعي بعيدا عن أي تفكيك الى تفعيلات وأوزان، يأتي الشاعر أولاً ثم يأتي بعده العروضي«. ويلاحظ المؤلف ان ثمة اختلافا بين القصيدة القصيرة والقصيدة الطويلة، لكنه ليس اختلافا بين الطول بقدر ما هو اختلاف في الجوهر، ويرى ان الاختلاف يعتمد على مسألة الغنائية »فنحن غالبا ما ندعو القصيدة القصيرة قصيدة غنائية وتعني هذه أساسا قصيدة قصيرة الى القدر الذي يكفي لأنه تعد للموسيقى وتغني ابتغاء امتاع سريع، وان بالإمكان من وجهة نظر الشاعر ان تحدد القصيدة الغنائية بوصفها القصيدة التي تجسد موقفا عاطفيا مفردا او بسيطا، القصيدة التي تعبر مباشرة عن حال ذهنية مسترسلة او إلهام. أما القصيدة الطويلة، وسيأتي هذا نتيجة طبيعية، فهي القصيدة التي توحد من خلال البراعة عددا او كثيرا من مثل هذه الأمزجة العاطفية على الرغم من ان البراعة ههنا قد تنطوي على فكرة مهيمنة مفردة يمكن ان تكون نفسها وحدة عاطفية«. فالشعر الميتافيزيقي عند المؤلف »ريد« مجرد لأنه على غرار الميتافيزيقيا يتعامل مع المفاهيم، لكنه من حيث هو شعر ليس أقل انفعالية من الشعر الغنائي ويشير الى عدد من التصورات الخاطئة ومنها ان الشعر الميتافيزيقي او التعليمي نظم للميتافيزيقا او العلم في اسلوب شعري. ان الشاعر نتاج عصره، فإنه لم يظهر الى الوجود تحت ضغط اجماعية محددة بل الراجح انه يقف داخل محيطه ويتشرب المشهد الذي يحيط به، وان الصلب في هذا المعنى بمثابة موجهة الصوت الجيدة للفكر على غرار اية حال اكثر ايجابية للمجتمع، وأيا كانت درجة تفاهة حياتنا الاجتماعية فإنه لا تزال ثمة قلة ذكية ذات نشاط كبير ومآثر حقيقية، أشير خاصة الى الفيزيائيين المعاصرين الذين يبدو عملهم قادرا على تقديم نظام كامل للفكر والصور المجازية معد للإخصاب في عقل الشاعر.. ويرى ان العلم قد أقام مقدارا كبيرا من الظاهرات لكن هذه الظاهرات تظل مفتقرة الى الترابط وهي تحتاج الى وحدة تركيبية. وقد تعمل الفلسفة الميتافيزيقية في وجهة واحدة لإقامة هذه الوحدة، ولعل الشعر الميتافيزيقي العامل في وجهة مغايرة يستطيع وليس هذا ادعاءً ان يبلغ الغاية نفسها. دفاعاً عن الغموض ويدافع المؤلف عن الغموض في الشعر معتبرا إياه الصدى الداخلي للمعنى، وأنه لا يمكن ان يُعد الغموض في الشعر صفة سلبية او إخفاقا في تحقيق حال من الوضوح التام ليس غير انه قيمة ايجابية لكنه فوق ذلك مجموعة كاملة من مثل هذه القيم.. ينبغي ان يخترع الشاعر الكلمات وأن يبدع الصور ابتغاء ان يظل وفيا لشكل اللغة الداخلية، وينبغي ان يبتدع وذلكم مبعث تسمية الشاعر مبدعا.. ويرى ان من الخطأ ان نسأل الشاعر ان يشرح، فلا يمكن لهذه الوحدة الانفعالية التي هي مبرر وجود كل قصيدة ان تقاس بأدوات عقلية وإلا فإنه سيكون من الأسهل التعبير عنها نثرا. وحول الاسطورة والحلم يذكر اننا نلاحظ في الوقت نفسه انه كلما أوغل العلم في غموض الحياة عاد ليكون عالما اسطوريا »اذ ان الأساطير التي عفا عليها الزمان هي الآن تنبعث من جديد ويأتي حين تعود فيه الآلهة والأبطال القدماء جميعا، هؤلاء الذين جمعوا إليهم الناس وأشبعوا رغبة عقولهم لقرون عديدة ويستأنفون وظائفهم الرمزية«. ان شيئا من البحث سيكشف رموز الحياة والموت في كل ناحية منا منظومة في نسيج تاريخنا وأساطيرنا في شعرنا ورسمنا وفي أحلامنا وكلامنا.. ويمكن ان تهيمن هذه الرموز في نقاط دقيقة على الحياة الشخصية جميعا، وسيكون ممكنا فقط إثبات مثل هذه الفرضية في أية حال عادية بوساطة التحليل النفسي. وثمة دائما حالات محددة ليست عادية، ثمة خاصة حال الشاعر يختلف عن أي نقال للمعرفة، وهو عالم بقدر ما يفيد العالم من الكلمات اي ان الشاعر إنسان يبدع أساطيره الخاصة به. ويصل الى خلاصة ان الاسطورة بالمعنى الصريح هي الصورة التي تصنع القصيدة وتعمل طاقتها الأسطورية الفعالة بوصفها مادة بين الجزئيات المنطوقة المعطلة، وتتكشف تماما كتلك الجزئيات التي تغطي الصورة في غلالة من الكلمات اكثر تألقا. ولهذا السبب صار ينظر الى الشعر بوضوح اكثر منه في أي وقت مضى بوصفه وسيطا بين الحلم والحقيقة، وان الخيال هو القوة التي نستطيع بواسطتها ان نلم بالشروط المتناقضة لتجربتنا، ومن ثم نأتي بأوسع التعارضات داخل بؤرة واحدة وتحت ضياء يجمعها في كل التحام في تكامل محسوس ومشكل هو العمل الفني، تلك الأعجوبة التي هي البينة الوحيدة في حوزتنا لأدوات شمولية وسرمدية يحظى بها الشعر في حياتنا اليومية. محمد عبيدو


 من أرشيف  جريدة "السفير"