السبت، 15 فبراير 2020

مخرجتان عربيتان في لجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائي

محمد عبيدو

أعلنت إدارة “مهرجان برلين السينمائي الدولي” عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة الجديدة للمهرجان.
وضمت القائمة مخرجتين عربيتين هما الفلسطينية آن ماري جاسر، والمصرية هالة سميرة لطفي. وبحسب القوائم التي نشرها الموقع الرسمي للمهرجان، لم يصل أي فيلم عربي إلى الترشيحات النهائية لدورة هذا العام.
هالة لطفي : ولدت سنة 1973 . درست الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة وتخرجت عام 1995 ثم درست الإخراج في المعهد العالي للسينما حيث تخرجت بتقدير امتياز سنة 1999. كتبت النقد السينمائي لمدة عام. عملت مساعدة للإخراج في ثلاثة أفلام سينمائية طويلة في السوق التجاري قبل أن تقرر أنه ليس المجال الذي تنتمي إليه. أخرجت ثلاثة أفلام تسجيلية متتالية («نموذج تهاني» و «صور من الماء والتراب» و «عن الشعور بالبرودة») فحصلت كلها على جوائز. فيلم هالة لطفي التسجيلي المميز والجريء، «عن الشعور بالبرودة» في الفيلم عناوين فرعية اتت متسلسلة خلال السرد وهي: عن الرجال الذين لم تنلهم، أريد عريساً، علامات لليأس، والاستسلام أفضل من المقاومة• تحدد العناوين الموضوع القادم، وتعبر في الوقت نفسه عن رأي لم يخلُ من سخرية لها مذاق مُروفي الفيلم تستعرض هالة لطفي رؤية تسعة نماذج نسائية لمفاهيم الزواج والحب والاخلاق والمجتمع والتحقق الشخصي والاجتماعي. فبعض البنات حققن نجاحا في مجالات بارزة كالكتابة السينمائية أو الصحافة ولكنهن يشعرن بالبرودة والوحدة مع تقدم السن وقسوة انتظار شريك الحياة. وتختلف نماذج شخصياتهن تدور الكاميرا عليهن واحدة بعد الأخرى دورات عدة، في كل دورة تُبدي كل منهن رأيها أو تحكي عن حياتها في المرحلة نفسها، بحيث تمثل كل دورة بانوراما متعددة الألوان لآرائهن عن الموضوع نفسه، ولا تكون الدورة عليهن كاملة في كل مرة، حتى لا يصاب السرد بالآلية، كما أن تفاوت الاجابات لجهة أهمية الدلالة فرض على المخرجة إسقاط ما هو أقل أهمية . يحسب لهالة لطفي حقا شجاعتها في التعاطي مع هذه الموضوعات المحجوبة ونجاحها في الحصول على هذا القدر الكبير من البوح النسوي الجريء في مجتمع يتجه نحو الانعزال والتطرف. مهمة المخرج عسيرة حقا في هكذا افلام؛ ان تحتفظ المقابلات بنفس النفس الصادق لفيلم صوّر فترات قد تطول هو شيء صعب حقا وقد لايتحقق دائما.  شهادات البنات صارخة وصادقة تلامس الالم الداخلي تميزت بالجرأة في الاعتراف بمشاعرهن المؤلمة . جرأة غير معهودة في ثقافتنا العربية التي تميل الى التستر والاخفاء، وترى في الاعتراف عاراً. تعترف إحداهن بأنها تحب تلفونه وتنتظره، على رغم أنه غدر بها وتخلّى عنهاوعندما طلب الحبيب الزواج عرفيًا من إحداهن رفضت ووضعت شروطها ولما انسحب أمام شروطها الصعبة، تعترف بأنها شعرت بالغيظ، ويبدو على ملامحها الشعور بالخيبة، وتعترف إحداهن بأنها اصبحت تكره كل الرجال، بينما تعترف اخرى من دون حرج أنها تتخيل أصابع الرجل وهي تلامس جسدها من سمت الرأس حتى القدمين في لياليها الباردة.ويبلغ الشعور بالألم أقصاه لدى إحداهن عندما تتذكر حفلة زفاف واحدة من معارفها تصغرها سناً وكانت تراها طفلة وتسأل في مرارة لماذا تتزوج الطفلة وتظل هي محرومة من الزواج؟. كل النماذج التي اختارتها المخرجة كانت لهن علاقات حب، لكنها لم تستمر طويلاً، فعشن حياة العزوبية، والتوحد الجسدي الذي تفضّه لمسات الرجال. من هنا لا نجد أية غرابة حينما تفصح المرأة عن حاجتها للذهاب إلى " الحلاق أو مصفف الشعر " لكي تشعر بأصابع الرجل وهي تتخلل طيات شعرها. وتقول احداهن انها بلغت الثلاثين ولم تتزوج. وتضيف وهي تضحك أن سن الثلاثين كان يعني لها شيئا مختلفا وهي صغيرة اذ كانت تظن أنها حين تصل الى الثلاثين ستكون بالضرورة قد مرت بتجربة زواج وطلاق ثم زواج ثان .
في 2004، أخرجت سبعة أفلام تلفزيونية وثائقية لحساب قناة الجزيرة ضمن سلسلة «عرب أمريكا اللاتينية» منها «ضائع في كوستاريكا». منذ 2006 تطوعت لتصوير مواد توثيقية لصالح جمعيات رقابة مدنية أبرزها حركة شايفينكم التي أخرجت لها فيلماً عن بيع مخازن «عمر أفندي». عام 2008، كتبت سيناريو فيلم «الجلطة» وبدأت التصوير 2010، واستؤنف بعد الثورة مع تغيير الاسم إلى «الخروج للنهار» , حصل على جائزة أفضل فيلم طويل في ختام فعاليات الدورة السادسة لمهرجان وهران للفيلم العربي ، وجائزة أفضل مخرج في مسابقة آفاق جديدة بمهرجان أبوظبي السينمائي 2012، وجائزة التانيت البرونزي أيام قرطاج 2012،. دور أحداثه حول فتاة في منتصف الثلاثينات من عمرها، لم تتزوج وتعيش مع أمها التي تعمل ممرضة، وأبيها القعيد الذي لم يعد يدرك ما حوله بعد إصابته بجلطة في المخ. وتمكث الفتاة، التي لا تعمل، في المنزل للعناية بالأب، وتتضح العلاقات بين أفراد الأسرة الفقيرة التي تقطن أحد أحياء القاهرة الشعبية من خلال عدد من الأفعال الرتيبة المتكررة ببطء، مثل إطعام الأب المريض والعناية به. تكشف لحظات القصة عن الصراع الذي تعيشه سعاد وحياتها اليومية بتقلباتها وبحلوها ومرها. ويسلط الفيلم الضوء على مشاكلها في التعبير عن مشاعرها وأحلامها في ظل عدم زواجها، وكيف أن في داخلها ثورة مكبوتة تعبر عنها بأغنيات وصوت أم كلثوم .
آن ماري جاسر : شاعرة ومخرجة فلسطينية  من مواليد (1974) حاصلة على ماجستير في السينما من جامعة كولومبيا، تعمل في السينما المستقلة منذ عام 1994. كتبت وأنتجت عددا من الأفلام الحائزة على جوائز من بينها بعض الفتات للطيور ، وتاريخ ما بعد أوسلو.
فيلمها "كأننا عشرون مستحيلا" حصل على أكثر من 15 جائزة في المهرجانات الدولية، من بينها أفضل فيلم قصير في المهرجان الدولي بالم سبرينغز للأفلام القصيرة، ومهرجان شيكاغو السينمائي الدولي ، ومعهد العالم العربي، ومهرجان مانهايم هايدلبرغ – السينمائي  ، وفيه تحكي عن حادثة يتعرض لها فريق عمل سينمائي لشباب من الاراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948، واخرين من الضفة الغربية وابان ذهابهم في باص لتصوير احد المشاهد يتعرضون لمتاعب شتى نتيجة لممارسات الاحتلال الاسرائيلي وخصوصا على نقاط التفتيش العسكرية التي يضعها الاحتلال لاعاقة مرور الناس، وما تشكله من تعكير لحياة الناس هناك، ولدى محاولة فريق التصوير اختصار احدى نقاط التفتيش واستبدالها بطريق اخرى التفافية يتفاجأون ايضا بنقطة تفتيش اخرى اقيمت بصورة مفاجئة ويجري ايقاف باص طاقم فريق العمل، والتحقيق معهم عن سبب دخولهم الى المناطق الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال، لكن الفتاة التي تقود طاقم التصوير هي من حملة الجنسية الاميركية، مما يضعها في موقف محايد عن الاجراءات القمعية التي تمارسها قوات الاحتلال ضد باقي افراد الطاقم وخصوصا اولئك سكان الضفة الغربية. ، تخلط في هذا الفيلم بين الواقع والخيال فتتداخل الأحداث حتى يصعب التفريق بين التسجيلي والروائي.
و (لما شفتك) صدر في عام 2012، ويحكي قصة الفدائيين الفلسطينين واللاجئين في الأردن في أواخر ستينيات القرن العشرين. تدور أحداث الفيلم الذي حضره حشد كبير من أبناء المخيم الذين يعيشون في الشتات كباقي المهجرين في العام 1948، والمثقفين والمهتمين، عن اللاجئين الفلسطينيين عام 1967 عبر قصة طارق وهو طفل في العاشرة من عمره يرفض اللجوء ويحلم بالعودة إلى بيته وسريره ومدرسته في قريته بيت نوبا قرب الرملة التي نزح منها مع والدته، وكما يشترك اللاجئون الفلسطينيون في المعاناة وفقدان الأرض والبيت والأحبّة، لكن حياة اللجوء تختلف من فلسطيني لآخر، ويكبر الحلم بالعودة لدى البعض فيما تستمر الحياة لدى البعض الآخر. فاز بجوائز في مهرجان أبوظبي السينمائي و مهرجان الفيلم العربي للسينما في وهران، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان قرطاج السينمائي وكان أول عمل لها هو "ملح هذا البحر"، وقد رشح لجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية ضمن الاوسكار. وهويدخل في نطاق الكوميديا السوداء التي تتحدّث عن حق العودة ولكن بطريقة غير مباشرة وبأسلوب أخاذ وساحر. تُطوَّع أحداث الفيلم التي يُفترض أن تكون درامية في خدمة غرض واحد، ألا وهو الوصول إلى بحر يافا، ولمس ثريّا (سهير حماد) لحجارة بيت جدها الذي تقطنه مستوطنة إسرائيلية تقبل في البداية استضافتها، ومن ثم تنفجر ثريّا في وجهها فتتصل بالشرطة الإسرائيلية. بنية فيلم جاسر وثائقية بامتياز. بطلة فيلمها مثلها، أميركية تزور فلسطين في ملاحقة مشروعة لذكرياتها وحكايا جدها، وما يرافق ذلك من بحثٍ عن جذورها وعن كل الأمكنة التي حدثها عنها جدّها، بما في ذلك رصيده المصرفي الذي تركه عند تهجيره. المستوى الروائي في الفيلم سيتطلب من المخرجة أن توقع ثريّا في حب عماد (صالح بكري)، ومن ثم سطوهما على بنك في رام الله وخروجهما بقدرة قادر منها إلى القدس، يتمازج حنين ثريّا مع حنين عماد، هي تزور بيت جدها في يافا، وهو أيضاً يزور أطلال قريته «الدواينة». فالبنت ذات اللكنة الأميركية (ثريا) تصر على الوضوح والذهاب لرام الله من أجل متابعة مبلغ من المال هو الوسيلة الوحيدة للعودة واستعادة بعض الحقوق ورؤية الواقع عن كثب. وتكتشف العائدة بأن الواقع لئيم وغريب(غروتسكي ) وأن من قابلتهم من الفلسطينيين بشر عاديون يكادون يتحولون إلى مواطنين يعانون من (العادية جداً) في ظل سلطة وطنية فلسطينية عاجزة وسائب الأمن في أراضيها. هؤلاء المواطنون العاديون ، يرغب بعضهم للهجرة والبحث عن عيش كريم بعيداً عن قرف الاحتلال الإسرائيلي .
ووقع الاختيار على فيلم «واجب» للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر لتمثيل فلسطين رسمياً عن فئة «أفضل فيلم أجنبي» في الدورة التسعين من احتفال توزيع جوائز «أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة» في 2018 .
للمرّة الأولى وضمن أجواء من الكوميديا السوداء، يجمع الشريط الممثل محمد بكري (1953) بابنه صالح بكري (1977) في قصّة تدور حول الصراع بين آمال وأحلام الآباء والأبناء، من خلال حكاية مهندس شاب يعود من روما إلى الناصرة للمساعدة في تحضيرات زفاف أخته، لتظهر أبعاد نفسية واجتماعية وسياسية لواقع معقّد. تدور أحداث هذا العمل المؤثر حول العلاقة المضطربة بين أب وابنه. وعلى مدار يوم واحد فقط في حياة الأب «أبو شادي» وابنه «شادي»، نكتشف تفاصيل وخبايا هذه العلاقة. مع اقتراب موعد زفاف أخت شادي والذي سينعقد خلال شهر، يصل الابن من محل إقامته في روما، حيث يعمل مهندساً، إلى فلسطين ليساعد والده على تسليم دعوات الزفاف يدوياً كما تقتضي التقاليد. بمرور الساعات التي يقضيها الأب مع ابنه خلال تسليم الدعوات، تبرز الخلافات التي أبعدتهما عن بعضهما البعض وتسلط الضوء على تناقض الحياة التي يعيشها الأب وابنه وما تتسم به من هشاشة وتعقيدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق