الأحد، 9 يوليو 2017

التونسى فريد بوغدير، الفلسطينى ميشيل خليفى ،والجزائرى كريم طرايدية رؤساء لجان تحكيم الدورة العاشرة لمهرجان وهران

محمد عبيدو
اختارت إدارة مهرجان وهران السينمائى الدولي في دورته العاشرة، كلا من المخرج التونسى فريد بوغدير، الفلسطينى ميشيل  خليفى ،والجزائرى  كريم طرايدية لرئاسة لجان تحكيم الفئات الثلاث في المسابقة الرسمية.
ويترأس لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة المخرج التونسي فريد بوغدير، فيما سيكون على رأس لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية رائد السينما الفلسطينية ميشيل خليفي، وفيما يخص الأفلام الروائية القصيرة فسيشرف على لجنة تحكيمها المخرج الجزائري  كريم طرايدية.
ويعتبر فريد بوغدير من أكبر المخرجين في العالم العربي وهو أيضا ناقد ومؤرخ سينمائي، حققت افلامه نجاحا كبيرا خصوصا “عصفور السطح”، “صيف حلق الوادي” ومؤخرا فيلمه “زيزو”.   (ولد بحمام الأنف سنة 1944)  . يبقى أول عمل روائي طويل له "عصفور سطح" (أو الحلفاوين) أشهر الأفلام التونسية في العالم. فريد بوغدير كذلك صحفي بمجلة "جون أفريك" منذ سنة 1971 وأستاذ بجامعة تونس. اشتهر بوغدير كناقد سينمائي، لاسيما بإصداراته عن السينما الإفريقية والعربية، وقد أخرج شريطين وثائقيين طويلين قدّمهما في مهرجان كان السينمائي وهما: كاميرا إفريقية سنة 1983 وكاميرا عربية سنة 1987. فاز "عصفور سطح" بعدة جوائز من بينها التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية سنة 1990. وهو من أفلام السيرة الذاتية، كما أعتبره الكثيرون، أنه يتضمن مشاهد من ذاكرة مؤلفه ومخرجه أثناء طفولته في ذلك الحي الشعبي الشهير بالعاصمة التونسية حيث نشأ وتفتح وعيه وسط شخصياته وبين أسواره وظل يحمل الكثير من ذكرياته بين جوانبه. أن فيلم بوغدير الأول هذا ينتمي لتيار السينما العربية الجديدة التي لا تعتمد على قصة محكمة الأطراف تتصاعد فيها الدراما وصولا إلى الذروة وأن طريقة البناء التي يستخدمها المخرج تعتمد على التداعي الحر الذي يصنع نسيجا شديد الحيوية، يدور حول شخصية محورية لصبي يتطلع إلى ما يحدث حوله من خلال نظرته الشخصية، ولعل الهاجس الجنسي هو أكثر الهواجس التي لم تطارد الصبي وحده، بل تملكت أكثر الشخصيات المحيطة به ويسعى الفيلم من خلال اختيار هذا الجانب المسكوت عنه في ثقافتنا العربية إلى سبر أغوار موضوعات راسخة في المجتمع العربي هي موضوع الجنس والعلاقة مع الأنثى والنظرة الذكورية للمرأة في مجتمع متخلف وقد نجحت كاميرا بوغدير في التسلل لتصوير أكثر المشاهد خصوصية داخل الحمام الشعبي للنساء. أن الحمام هنا هو معادل التحرر والحرية ولأن موضوع الفيلم الرئيسي يدور حول الكبت أو القمع الأبوي الذكوري، فإن البطل الصغير يسعى إلى التحرر من سيطرة الأب في معادل حسي جنسي بمحاولة قطف الثمرة المحرمة.
(الحلفاويين)يثير الاعجاب ليس فقط لتصويره الصادق لمجتمع الكبت الموروث والقهر الاجتماعي والنفسي ونفاق الذات، بل أيضا في سحره الخاص بإيقاعه الموسيقي الموزون، واكتشاف الأماكن الصحيحة واللقطات الشفافة والموسيقى الناعمة، ولهذا يعتبر  أحد أهم الأعمال المهمة في السينما التونسية والعربية عموما التي تتعامل مع التعبير الذاتي للفنان
والحلفاوين هي منطقة شعبية في تونس، وعصفور السطح هو ذلك الصبي الصغير، ابن المخرج بالمناسبة، الذي تتشكل مخيلته عن الجنس الآخر، والعلاقة به عبر تفاصيل الحياة اليومية.
الأحداث طوال الفيلم مقدمات لحفل كبير سيقام في منزل هذا الصبي لختان أخيه الأصغر، والسرد ناعم، ولكنه شديد الجرأة يحاول استكشاف العالم الجنسي لطفل يعبر إلى مرحلة المراهقة في مجتمع تقليدي تتشابك فيه العلاقات بين الرجال والنساء.
إذا تجاوزت صدمة الانتقال فستجد الطفل ينضج وتتشكل مخيلته الجنسية تدريجيا عبر الحكايات والأساطير التي سمعها صغيرا، والمشاهد التي يختلسها أو الكلمات التي تصل إلى أذنيه، وتجارب الطفولة التي تجاهد لتعرف ما وراء الستار، وترتبك أمام تعريفات متنوعة وملتبسة للرجولة وماهيتها، وتبحث عن تأكيد هويتها الجنسية بالتعرف على هوية الطرف الآخر فيتضح الفارق، ويتأكد الاختلاف.
صورة لعالم متشابك من الرغبات والحكايات لا يتعرى جهارا ، ويحب الستر، ويحرص على وجود ستار بين الرجال والنساء مهما كان هذا الستار رقيقا ليحافظ على حدود، غالبا ما تكون مرنة، وقابلة للتجاوز حسب الظروف.
 ثم يقدم بوغدير ثاني فيلم روائي طويل «صيف حلق الوادي» 1996 الذي اشاد من خلاله بواقع التعايش الاجتماعي المتنوع والمتسامح الذي كان سائدا في ضاحية حلق الوادي في ستينات القرن الماضي بين عائلات تونسية كانت تقيم بالضاحية وتنتمي الى ديانات مختلفة مسلمة ويهودية ومسيحية..
ليغيب بعده بوغدير زمننا عن المشهد السينمائي , فيما عدا رئاسته للجان تحكيم  وتكريمات في مهرجانات سينمائية متعددة , قبل ان يعود مع فيلمه الأخير . «زيزو» في 2016  حيث بقيت عدسة بوغدير وفيّة إلى ملامح عامة لم تتبدل بالرغم من مرور السنين واختلاف الزمان والمكان.
ويعد ميشيل خليفي رائد السينما الفلسطينية هو مخرج ومنتج سينمائي فلسطيني يعيش في بلجيكا، ولد ميشيل خليفة في الناصرة عام 1950 لعائلة كادحة، في جيل 14 اضطر لمغادرة المدرسة والعمل في مرأب سيارات للمساعدة في إعالة العائلة . بدأ يهتم في الفن المسرحي أثناء جيل المراهقة وغادر إلى بلجيكا عام 1970 لدراسة المسرح. تخرج عام 1977 من معهد المسرح والسينما في بروكسل. عام 1978 عمل في التلفزيون البلجيكي حيث قام بتصوير بضعة تقارير عن الأراضي الفلسطينية المحتلة. عام 1980 عاد إلى الناصرة لتصوير فيلمه الطويل الأول الذاكرة الخصبة الذي مزج فيه بين الأسلوبين الوثائقي والروائي.  وهو الفيلم التأسيسي لتيار السينما الفلسطينية الجديدة يجاوز خليفي فيه بين نموذجين متباعدين لسيدتين فلسطينيتين حيث تناول واقع المرأة الفلسطينية ونضالها وقدرتها على تحسين ظروفها في مجتمعها الذكوري وذلك على خلفية الوجود الإسرائيلي القاهر الذي يستلب هذا الواقع.
 في عام 1987 أخرج عرس الجليل فيلمه الروائي الطويل الأول. الأول “عرس الجليل” حاز على عدد من الجوائز الدولية منها الصدفة الذهبية في مهرجان سان سبستيان وجائزة الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية “الفيبريسي” في مهرجان كان عام 1987 وجائزة التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج عام 1988. أهم ما يلفت النظر في الفيلم أنه قدّم الحياة الفلسطينية والعلاقات الإنسانية بعيداً عن كليشيهات وأصوات نضالية صاخبة، كمحاولة لإيجاد صيغة جديدة تناقش طبيعة أوضاع العلاقات الإنسانية والاجتماعية في ظِل الاحتلال. في الفيلم يصوّر المخرج عرساً حقيقياً. وهو من حول هذا العرس يبني مشروعاً سينمائياً متكاملاً، في سياق له، للوهلة الأولى، شكل العمل الأرسطي: فأحداث الفيلم تدور في مكان واحد، في يوم واحد، ليس في الفيلم لقطات تراجعية، وحتى حين يتذكر البعض، فإن اللفظ لا الصورة يواكب ذكرياتهم. وهذا الحصر بدلاً من أن يجمد فيلم «عرس الجليل» في سكونية متوقعة، أعطاه قاعدة انطلق منها في لعبة بصرية حاذقة ليرسم من خلال العرس، مسيرة أرض وشعب... والمدهش انه فعل هذا من دون ان يغرق في أسر الفولكلور من ناحية، وفي أسر الخطاب المؤدلج من ناحية ثانية. من هنا بدا «عرس الجليل» عملاً فنياً، بصرياً، في المقام الأول .
 ومن أعماله ايضا: معلول تحتفل بدمارها 1985 قدّم وثائقياً يجد في المكان معبراً إلى التوثيق، عبر تقديم أدوات الحنين والاستعادة التي يمارسها أهالي القرى المدمرة في إصرار على استبقاء المكان. و " نشيد الحجر " 1990 وفيه قدم خليفي صورة عن الانتفاضة الفلسطينية حيث مزج بين الأحداث الفادحة على واقع الأرض وقصة حب شاعرية لامرأة فلسطينية تبحث في علاقتها بحبيبها الذي كان قد اعتقل لأسباب نضالية.
حكاية الجواهر الثلاثة 1994 . و الزواج الممنوع في الأرض المقدسة / 1995 . و  الطريق 181  / 2003 . و يستعرض فيلمه "زنديق " 2009  نهاراً وليلة كافكاويّة طويلة من حياة مخرج تسجيلي فلسطيني (لعب دوره محمّد بكري) من فلسطينيي الداخل المحتل عام 48 يقيم في أوروبا، وقد عاد في زيارة إلى البلد لحضور عزاء شخص من عائلته، وكذلك لتصوير مشاهد من فيلم تسجيلي تصوّر مشاهده بين رام الله والناصرة ومشاهد أخرى قديمة مع مهجّري الـ 48 لا يخبرنا الفيلم متى صوّرت، وفي أيّ سياق، لكنّ خليفي يدمج بينها كمشاهد وثائقية، وبين مشاهد الفيلم الروائية
أما المخرج الجزائر كريم طرايدية فقد اخرج العديد من الأفلام الطويلة، وقبل ذلك درس علم الاجتماع في باريس وانتقل إلى هولندا أين درس السينما والتلفزيون عام 1991 ليصبح بعدها مخرجا ترك بصمته في السينما وقد عمل في المجال السينمائي منذ فترة طويلة وقدم العديد من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة وتم ترشيح فيلمه القصير الأول “دي أونماخت” لجائزة “غولدن كلوب” كما حاز فيلمه الروائي الأول “العروس البولندية” على نفس الجائزة مرتين، وكان من ضمن الأفلام التي تم عرضها في أسبوع النقاد الدوليين في مهرجان كان السينمائي والذي لاقى استحسان كبير من قبل النقاد. وآخر أعماله فيلم "حكايات قريتي" 2016  . تدور أحداث الفيلم في قرية جزائرية أثناء الحرب الجزائرية. بشير طفل يبلغ من العمر عشر سنوات، يحلُم بأن يكون إبناً لشهيد حيث أنه من المفترض أن يتمتع أبناء الشهداء بمستقبل عظيم، لذلك هو على استعداد بالتضحية بوالده الذي هجرهم منذ خمسة أعوام كي يحقق هدفه، وبصديقه فرانسوا الجندي الفرنسي الذي تحول إلى عدو لدولته. وقال طرايدية أن شخصية الطفل "بشير" في الفيلم، هي شخصيته الحقيقية، وأن قصة الفيلم تتحدث عنه وعن كل الأطفال الجزائريين الذين عاشوا هذا الوقت قبل الاستقلال.

وقال كريم: "كنتُ في الثالثة عشر من عمري عندما تحقق الاستقلال، وأصبحت الجزائر حرة، لذا فأنا أحتفظ في مخيلتي بالعديد من المواقف والحكايات عن هذه الفترة، لذا قررت تقديم فيلم أحكي من خلاله عن الإحباطات التي كانت تراودنا قبل الحصول على الاستقلال". وأن فيلمه يناقش التحرر والخروج من حالة الإحباط التى كانت تراود الشعب الجزائرى قبل الاستقلال، وأن «حكايات قريتى» تجربة شخصية مليئة بالإحباطات، وأن المشهد الأخير من الفيلم ليس من خيالى، بل واقعى، وأن اسم "أبو مدين" جاء مع الأحداث، لأنه كان فى ذلك الوقت شخصية غير معروفة، أما الطفل الذى ظهر فى الفيلم يمثل ويعبر عن جميع الأطفال فقدم دور البطولة «بشير» وعائلته المكونة من هلال تفاصيل هذه العائلة الصغيرة التى تمثل الوطنية والثورة الجزائرية، وقال طريدية إن شخصية السيدة التى تطعم الطفل فى الفيلم العسل بيدها موجودة بالفعل، وتفعل هذا بعد قداس الأحد وتطعم الصبية بأيديها. "حكايات قريتي" من بطولة فاطمة بن سعيدان ومالك بيخوشي وموني بوعلام وحسن كشاش وطاهر زاوي.
عن سينما / الحياة الجزائرية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق